في مثل هذا اليوم: وفاة الأديب الطبيب المفكّر العبقري د. مصطفى محمود
وكانت سهرة الإثنين، عندما تلتفّ الأُسَر حول التليفزيون، الساعة التاسعة مساءً، وصوت الناي الحزين يدغدغُ المشاعر، ويهدهدُ القلوب، ويجلس الجميع وكأن على رؤوسهم الطير،
لا كلام..
لا حركة..
الصمتُ هو السيّد..
حتى يطلّ الدكتور مصطفى محمود: (أهلا بيكم)
(مصطفى كمال محمود حسين محفوظ)
الميلاد: 27 ديسمبر 1921م، شبين الكوم، المنوفية (مصر).
الوفاة: 31 أكتوبر 2009م، القاهرة.
– ينتهي نسبه إلى (علي زين العابدين)..فهو من الأشراف الذين ينتهي نسبهم للنبي (صلى الله عليه وسلم)
– درسَ الطب وتخرّجَ عام 1953م، وتخصَّص في الأمراض الصدرية، ولكنه تفرّغَ للكتابة والبحث عام 1960م.
– ألَّفَ 89 كتابًا، منها الكتب العلمية والدينية والفلسفية والاجتماعية والسياسية، إضافة إلى الحكايات والمسرحيات وقصص الرحلات، ويتميز أسلوبه بالجاذبية مع العمق والبساطة.
– قـدّمَ الدكتور مصطفى محمود 400 حلقة من برنامجه التليفزيوني الشهير (العلم والإيمان)، وأنشأ عام 1979م، مسجده في القاهرة المعروف بـ “مسجد مصطفى محمود”.. ويتبع له ثلاثة مراكز طبية تهتم بعلاج ذوي الدخل المحدود، ويقصدها الكثير من أبناء مصر، نظرًا لـ(سُمعتها) الطبية الرائعة، بالإضافة إلى القوافل الطبية التي تجوب جميع أنحاء مصر.
– كانت العُزلة المبكرة للعبقري مصطفى محمود، سببًا رئيسًا في تميّزه العقلي عن أقرانه، فقد كان مختلفا في كل شيء، سابقا لجيله وزمانه، مُحبًا للعلوم، عاشقا للقراءة.
– بدأ حياته متفوّقـًا في الدراسة، حتى ضربه مدرس اللغة العربية؛ فغضب وانقطع عن الدراسة مدة 3 سنوات، إلى أن انتقل هذا المدرس إلى مدرسة أخرى، فعاد مصطفى محمود لمتابعة الدراسة.
– في منزل والده أنشأ معملاً صغيرًا يصنع فيه الصابون والمبيدات الحشرية ليقتل بها الحشرات، ثم يقوم بتشريحها، وحين التحق بكلية الطب اشتُهر بـ”المشرحجي”، نظرًا لوقوفه طوال اليوم أمام أجساد الموتى، طارحًا التساؤلات حول سر الحياة والموت، وما بعدهما.
– كان صديقــًا شخصيًا للرئيس السادات، ومن المقـرّبين جدا للرئيس الراحل الذي كان يثق فيه بشدة ويطلعه على أدق أسراره التي كان يخفيها عن الجميع بلا استثناء، وكان هذا (يضايق) حاشية الرئيس ورجال السياسة في القصر.. ومات الدكتور مصطفى محمود ولم يذكر كلمة واحدة عن حواراته وجلساته مع السادات، بل لن تجد صورا تجمعهما،
ولم يحزن الدكتور مصطفى محمود على أحدٍ مثلما حزنَ على الرئيس السادات، وكان السادات قد عرض عليه الوزارة كثيرا، ولكنه كان يرفض بإصرار.
– عندما سأله الموسيقار “محمد عبد الوهاب” في موضوع الدين والفن، قال له: (ليس من الطبيعي أن يقابل الفنان ربه بمجموعة أغاني،، ولاعب الكرة هيقابل ربنا يقوله: أنا جايلك بشويّة إجوان.. يجب أن يلاقي كل منّا اللهَ عز وجل بأعمال أخرى تكون في ميزانه عند الحساب).. فبكَى محمد عبد الوهاب، عندما سمع هذا الكلام، لذلك كان حريصا في أواخر أيامه على الإكثار من الابتهالات الدينية، رغبةً في عمل شيء يقربه من الله.
– كانت الزيارات لمنزل الدكتور مصطفى محمود لا تنقطع طيلة الليل والنهار، أجانب، وعرب، وفنانون، وبسطاء الناس،، وأسلمَ على يديه المئات من جميع أنحاء العالم.
– كان يرى أن الإيمان بالله هو الحل الأمثل لكل شيء، ولذا كانت مقولاته الخالدة:
1- كُن كما أنت، وستهديك نفسك إلى الصراط.
2- العلم والإيمان هما وجه الإنسان الكامل.
3- هناك حل، وهناك مَخرَج؛ طالما هناك إيمان.
4- مركبك إلى الله هي سجادة صلاتك، بقعة الأمان الوحيدة في هذه الأرض.
5- فليعكف كلٌ منّا على نفسه، يروّضها، ويربّيها، ويزكّيها، ويكافحها، فذلك هو الجهاد الأكبر الذي صنع الفرد المؤمن.
6- الصلاة الإسلامية هي رمز لهذه الوحدة التي لا تتجزأ بين الروح والجسد، الروح تخشع، واللسان يسبّح، والجسد يركع.
7- لو كانت الأشياء المادية أهم من المعنوية؛ لمَا دُفنَ الجسد في الأرض، وصعدت الروح إلى السماء.
8- الكراهية تُكلّف أكثر من الحُب، لأنها إحساس غير طبيعي، إحساس عكسي، مثل حركة الأجسام ضد جاذبية الأرض، تحتاج إلى قوة إضافية، وتستهلك وقودا أكثر.
– تُوُفيَ الدكتور مصطفى محمود في الساعة السابعة والنصف من صباح السبت 31 أكتوبر 2009م، الموافق 12 ذو القعدة 1430هـ، بعد رحلة علاج استمرت عدة شهور عن عُمرٍ ناهز 88 عامًا، وقد تم تشييع الجنازة من مسجده بالمهندسين، ولم يزره أي أحد من المشاهير، أو المسؤولين في فترة مرضه، أو حتى حضور جنازته، ولم تتحدث عنه وسائل الإعلام، وذلك بسبب مقالاته عن اليهود التي تسببت في أزمة بين إسرائيل ونظام مبارك، وتم منع الدكتور مصطفى محمود من الكتابة في الأهرام.
————–
المصدر:
موسوعة (شموسٌ خلفَ غيوم التأريخ – الجزء الأول – يسري الخطيب)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق