الجمعة، 28 أكتوبر 2022

وصايا...!

وصايا...!

خواطر صعلوك


في ديوان النثر العربي نجد وصية من أمامة بنت الحارث، فصيحة من فصيحات العرب، لها وصية تعد من أفضل ما قيل في موضوعها، أوصت بها ابنتها «أم إياس» لما تزوجها ملك كندة الحارث بن عمرو.

فقدمت لابنتها والتي هي مقبلة على الزواج، وصية وضحت فيها أن النساء للرجال خُلقن، ولهن خلق الرجال، وأن «الزوجة» خرجت من بيت أبيها وجوه الذي عاشت فيه إلى بيتٍ آخر لم تعرفه وبيئة جديدة عليها وقرين لم تألفه وله طباع مختلفة.

وأن على الزوجة الحديثة أن تعلم أن زوجها أصبح عليها رقيباً... وأن أفضل علاقة هي أن تكون له «أمَة» لكي يكون لها «عبداً».

ويجب على الزوجة أن تحذر من أن يجد الزوج منها «قبيح» الرائحة، والكحل أحسن الحُسن، والماء أطيب الطيب «النظافة الشخصية».

ولا تفشي له سراً، ولا تعصي له أمراً.

واحذري الفرح أمامه إذا كان حزيناً، والاكتئاب أمامه إذا كان فرحاً.

وكوني أشد ما تكونين له إعظاماً، يكن أشد ما يكون لك إكراماً، وأشد ما تكونين له موافقة، يكن أطول ما تكونين له مرافِقة.

واعلمي أنك لا تصلين إلى ما تحبين حتى تُؤثري رضاه على رضاك، وهواه على هواك في ما أحببتِ أو كرهتِ.

عزيزي القارئ، بعيداً عن الاتفاق أو الاختلاف حول مضمون هذه الوصية المكتوبة من أكثر من ألف سنة، وبعيداً عن أن هذا الطرح قد يجعل إحدى النسويات «تردح لي عشرة بلدي» بسبب عرض مثل هذه الوصية في 2022م، وبعيداً عن قناعتي الشخصية حول صحة أو عدم صحة مثل هذه المفاهيم المكتوبة في وصية أمامة بنت الحارث لابنتها، وهل من الممكن أن انصح فيها ابنتي من عدمه... 

ولكن ما يمكن أن نتفق عليها جميعاً بعيداً عن كل «البعديات» السابقة، هو أنه ينبغي للأم أن توصي ابنتها قبل أن تتزوج، وأن تُعلمها كيفية إدارة بيتها.

كذلك علينا أن نتفق أن الوصايا التي على شاكلة:

- كثيراً ما كانت أمي تقول: إن المرأة الذكية يجب ألا تخبر زوجها بأنها تملك بعض المال.

- كثيراً ما كان أبي يقول: إن الرجل الذكي هو الذي يخفي عن زوجته كم يمتلك من المال.

هذه الوصايا بالإضافة إلى وصايا أخرى مثل «قصقصي جناحيه وخليه على الحديدة لكي لا يتزوج غيرك» أو «لا تحتكين بأمه وخواته وخلج بعيد عنهم» أو وصايا أكثر انحدراً ودونية مثل «امنعي العيال من زيارة أعمامهم وعماتهم»!

هذه الوصايا تأخذ الجميع إلى جدار وأفق مسدود.

في فترة ما كانت إحصائيات الطلاق مبنية في أهم أسبابها على تدخل الأم في حياة الزوجين، ولكن أيضاً وعلى الجانب الآخر من هذه النسب والإحصائيات، تقع معظمها بسبب عدم تدخل الأم والأهل من أجل التوعية والاحتواء. 

وكل ما لم يُذكر فيه اسم الله...أبتر.

Moh1alatwan@

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق