الثلاثاء، 18 أكتوبر 2022

المماليك النصيرية، لعبة الحظ أم ثمن الخيانة ؟


 المماليك النصيرية، لعبة الحظ أم ثمن الخيانة ؟


أحمد إسماعيل – روما

كلما  مرّ ذكر انقلاب  حافظ  بتاريخ ١٦/١٠/١٩٧٠، ومن ثم  ابتلاؤنا بتوارث  هذه  العائلة الطفيلية على حكم سوريا ، مرورً بمذبحة حماة ١٩٨٢،  وصولاً إلى حرب الإبادة الممنهجة ضد أهل السنة  التي  بدأت بشكل  محدود  خفي  منذ  ربيع ١٩٦٣ في  حماة  أيضَا  حتى ظهورها  بشكل علني في حماة  ١٩٨٢ ودرعا وحمص في  ٢٠١١ أثناء  ثورات  الربيع العربي .

أكاتب الكلمات ؛من مواليد ١٩٦٥ ربما  لم أبدأ  بفهم  الواقع   وتحليلله  إلا  بعد عام ١٩٧٨  ،حيث كنت شديد الإنصات لما يطرحه الكبارمن حوارات ونقاشات ، في زمن لم تكن فيه القنوات الفضائية المتعددة منتشرة بعد ، والأمر يقتصر على الإعلام الحكومي الموجه وبعض المحطات الموجهة للمنطقة العربية .

مازال عالقًا في ذهني ذلك الحوار الذي جرى بين عمي (الناصري عقائديًا وليس تنظيميًا ) وأبي العامل البسيط غير المتحزب وربما كان يميل  حسب  نشأته  إلى حزب الشعب، يتلخص الحوار بالسردية التالية ؛ كان أبي وعمي في المساء يستمعان إلى  الإذاعة السورية التي كانت تصب لجام غضبها على أنور السادات وزيارته للقدس  وكامب ديفيد  ١٩٧٨ ثم التطبيع١٩٧٩، بأقوى الكلام الإنشائي العروبي الحماسي الناقد،  ومما علق في ذاكرتي من عصارة النقاش آنذاك ، التفات والدي  نحو عمي  قائلا :  يعني هو – قصد  حافظ –  أحسن  منه هو الذي سلم الجولان في ١٩٦٧ مع عبد الحليم خدام، أليس  هو من خان السادات في ١٩٧٣ ؟  التفت عمي نحو أبي مجيبًا : نعم وهو من زعم حماية  الفلسطينين في لبنان وقتلهم في مخيم تل الزعتر في  بيروت،  وسبق له أن  منعهم منعًا باتًا من النضال من  جبهة  الجولان.

ولعدم إطالة السرد التاريخي أنصح و أؤكد  بل أرجو من  كل قارئ  بخاصة الشباب الذين لم يعاصروا تلك الحقبة بالاستماع إلى مقاطع الفيديو الموجودة في (يوتيوب)  إلى خطب  أنور السادات – الذي يعدّ بدوره وريث الثورة ،ووريث الناصرية والشريك الأساسي  في حرب تشرين  – كيف تحدث عن حافظ  وحكى عن كيفية  تحويل  حافظ  الجيش إلى جيش طائفي لحمايته  وحماية طائفته،  وكذلك سماع أو قراءة  الكثير من المصادر عن  كيفية  غدر وتآمر  حافظ  على قادة  بل مؤسسي حزب البعث الأوائل  ، ميشيل عفلق الذي هرب إلى العراق في ١٩٦٦ وصلاح الدين البيطار الذي هرب إلى فرنسا وتم اغتياله هناك في عام١٩٨٩  وأكرم الحوراني الذي هرب إلى الأردن ،  حتى أنه يتوجب علينا  ان نذكر  ما فعله مع رفيقه وابن طائفته  صلاح جديد الذي دام اعتقاله ثلاثة وعشرون عاما حتى وفاته .

لماذا اختيرت هذه الفئة لحكم سورية ؟

بعد هذا المدخل ثمة سؤال، من وراء هذه  المافيا الأسدية، النصيرية، البعثية، العلوية ،الشيعية ،الفسادية،الإجرامية، اللصوصية،الخيانية ؟

بطبيعة الحال ليست  سوريا تلك الدولة الكبيرة والفاعلة عالميًا ، على خلاف مصر وحجمها وثقلها العالمي الذي ما فتئت تفقده منذ عام  ١٩٥٢ إلى أيام السيسي الحالية .

بيد انه دائما في زحمة الأحداث  يطالعني  خاطر لكتابة مقال بسيط تجول أفكاره في مخيلتي منذ شبابي حتى اليوم،  منذ كنت في أرض الوطن وأنا اليوم  خارجه، لا شك أنني مولع بالتاريخ وقصصه، محاولًا تحليل تشابكاته ومساره بطريقتي البسيطة وأدواتي المعرفية المتواضعة ، ثم استخلص منه العصارة التي غالبًا ما  تأتي متأخرة جداً وبكل أسف .

لقد سمع أكثرنا بالمماليك البحرية (الترك ) والمماليك البرجية (الشركس ) في أعقاب الدولة الأيوبية . و أنا هنا لست بصدد مناقشة الأصول العرقية  للقادة  منهم أو الأفراد  ودورهم التاريخي في السلطة والحكم  ، لكن للاستعانة من أنموذجهم  الذي اتبعوه ما فيه مقاربة لعنوان  مقالتي هذه .

كذلك مما لا شك فيه، أنّه عبر العصور التاريخية  المتعاقبة كانت ثمة إشكاليات عديدة بين طبقات المجتمع في  الأنظمة الاقتصادية  المختلفة ،وحتى ضمن مجموعة رجال الدين ذاتهم ، كذلك بين ماعرف  بالنبلاء والعوام  ،هذه التقسيمات الطبقية الذي كسرت  كثيرًا  من حدودها ما تسمى الثورة الفرنسية   ١٧٨٩ وما تبعها من أفكار الحريات الفردية (المنادى  بها حقيقة أو دجلا ً)لا يهم .

بطبيعة الحال؛ أنا أتحفظ على كثير من الأداءات اللاحقة  لتلك الثورة المذكورة ، فكيف لثورة أتت إلى قلب الأوضاع الاجتماعية والسياسية بالكامل ، يفترض منها التقدم  نحو الأفضل  لا أن تتوجه مثلا  لاحتلال مصر بعد أقل من تسع سنوات من قيامها وتفكر باستعمار  الجزائر في ١٨٠٨ وتحتلها بالفعل في ١٨٣٠،هذا التعليق فقط من أجل إنعاش ذاكرة  ماكرون .

من المسلم به ومن الصعوبة بمكان أن تختزل قرنين ونيف من الزمان في مقال قصير  وفي بضع صفحات . فلنقفز بسرعة إلى سقوط الدولة ،أو الإمبراطورية،أو  الخلافة العثمانية ووصول الكماليين العلمانيين إلى حكم تركيا وما تبعه من تشرذمات جغرافية وفكرية وقومية جرت فوق  أراضي تلك الإمبراطورية حتى أنها  أثرت في مجرى الحربين العالميتين.

ما يهمني هنا هو تسليط الضوء على ما يوضح مقالتي هذه ، فإذا  علمنا  أن سقوط الدولة العثمانية في سوريا في أواخر  عام ١٩١٨ وتأسيس الأمير فيصل بن الشريف حسين الهاشمي  للمملكة السورية العربية التي لم   تعمر سوى عاما ونصف،  تبعها احتلال القوات الفرنسية دمشق وبسط نفوذها بالقوة والنار إلى نهايات الحرب العالمية الثانية .

من الملفت للنظر  في  الفترة الممتدة بين سقوط العثمانيين وخروج المستعمرين الفرنسيين الذي خرجوا وربما عادوا والحلفاء معهم  وأمريكا  بصور أخرى من الاستعمار غير المباشر ،   ساد نوع من الحريات سواء في الصحف المحلية أو المناهج المدرسية أوالهيئات  البرلمانية في فترة ما بين الحربين وانتعشت  الذاكرة القومية لدى جميع شعوب كوكب الأرض ، مما كان لهذا الانتعاش العفوي أو الموجه كبير الأثر في نشوف الحربين الكونيتين.

 المصادر التاريخية تتحدث عن  تشكيل المستعمر الفرنسي منذ وصوله( لفيلق سوريا) المعتمد على الأقليات (شركس، علويين، كرد، دروز )  هذا الفيلق الذي شكل نواة جيش الشرق ومن ثم الجيش العربي السوري بعد الاستقلال ، يراجع بهذا الشأن كتاب ((فلاحو سوريا)) لمؤلفه الأستاذ  حنا بطاطو الفلسطيني.

مايهمنا في هذه العجالة  كيف انخرط سكان جبال اللاذقية وباستقطاب فرنسي فيما سمي جيش الشرق إلى حد مطالبتهم المستعمر الفرنسي فيما  بعدم مغادرة سوريا في نهاية المطاف.

مافيا تحت مسمى اللجنة العسكرية السرّية

 حافظ  من مواليد  ١٩٣٠ بمعنى أن  عمره كان  خمسة عشر عامًا عند خروج الفرنسيين من سوريا ، وحين توحد حزب  البعث الاشتراكي مع الحزب العربي الاشتراكي في ١٩٤٧ كان عمره سبعة عشر عامًا ، وحين قامت  ثورة الضباط على الملكية في مصر كان عمره اثنين وعشرين عامًا – سنة قيده في الكلية العسكرية في حمص ثم انتقل إلى الكلية الجوية في حلب ثم  أوفد لدورة عسكرية في مصر ثم دورة أخرى  في الاتحاد السوفياتي – وحين العدوان الثلاثي  كان عمره ستة وعشرين عامًا ،وحين الوحدة مع مصر كان عمره ثمانية وعشرين عامًا وحين الانفصال عن مصر كان عمره  واحدًا وثلاثين عامًا .

منذ عام  ١٩٦٠ بدأ حافظ  بتشكيل لجنة سرية عسكرية لحزب البعث بزعم عدم تأييده حل الحزب بحسب شرط عبد الناصر آنذاك لقيام الوحدة ،الجدير بالذكر أن هذه اللجنة السرية العسكرية الخماسية لتي بدأت سرا في القاهرة  كانت مؤلفة من حافظ الأسد (علوي) صلاح جديد( علوي) أحمد المير( درزي) ومحمد عمران (علوي) ، وعبد الكريم الجندي من السلمية  ،يرجى مراجعة تاريخ تشكيل هذا اللجنة اعتبارا من ١٩٦٠ في القاهرة وبداية خراب سوريا بأيدي حافظ الأسد الذي انقلب مع لجنته على الحياة البرلمانية في سوريا عام  ١٩٦٣  والذي انقلب على مؤسسي البعث عفل والبيطار وأكرم الحوراني  ١٩٦٦ والذي انقلب على رفاقه في هذه اللجنة الذين تخلص منهم واحدا تلو الآخر،   إما بالاعتقال المؤبد  او بالنفي أو بالقتل  لتخلو له الساحة مع بعض صبيان  البعث والضباط الموالين له من طائفته ،  ليقود انقلاب ١٩٧٠ ويضع  جميع السطات في سوريا بيده ممهدا لحكم شمولي و حقبة دكتاتورية  منذ عام ١٩٧٠ وحتى يومنا هذا ، حيث تم توريث سوريا  لابنه المجرم   بشار،يراجع في هذا الشأن كتاب (الصفعة ) للدكتور سامي الجندي .

نعود إلى كارثة  نكسة ١٩٦٧ حيث كان حافظ وزيرا للدفاع وقائدا  للقوات الجوية وعمره ٣٧ عاما ، كيف ذلك ؟ اظن لقد مات أكثر من يستطيع إجابتك عن هذا السؤال وأهمهم:

  • صلاح جديد وكبار ضباط أهل السنة في تلك المرحلة وأعضاء بقية الأحزاب من قوميين سوريين وشيوعيين وناصريين وإخوان

بالمناسبة انتظر حافظ  ليتجاوز عمره ٤٠  عاما  في عام ١٩٧٠ليستلم  زمام السلطة باعتبار دستور ١٩٥٠ يشترط أن يكون عمررئيس الجمهورية أربعين عامًا ،أما لجهة توريث بشار فقد عدل الدستور بجلسة برلمانية  مدتها نصف ساعة بجهود البعثي السني عبد الحليم خدام  لتفصيله  على مقاس عمر  بشار الشؤوم ٣٢ سنة آذناك في عاما ٢٠٠٠!

هل هي الصدفة أم الخبث والتآمر أم أي يد خفية مدت لهذا المجرم الخائن ؟*

– يراجع في هذا الشأن البرقية رقم ٢١٨ تاريخ ٢٨/٤/١٩٦٥من الخارجية البريطانية حول زيارة اللواء حافظ الأسد إلى بريطانيا-

-كذلك يراجع آلية الترفيعات والترقيات الاستثنائية الممنوعة للضباط بعد انقلاب ١٩٦٣،حيث كان حافظ مطولا من الجيش برتبة نقيب ، ليعاد إلى الجيش ممنوعات رتبة مقدم وفي العام التالي يتجاوز ثلاث رتب ويمنح رتبة لواء !! انظر إلى ترقية بشار لمتابعة الهازل.

-حضور مادلين البرايت رئيسة الحكومة البريطانية في عام ٢٠٠٠ للتعزية بوفاة حافظ – حافظ  أسد  ظاهريا معاد عتيد  للغرب من الطراز الأول – وإنفرادها ببشار نصف ساعة لتجهيز مخطط توريثه حكم سوريا.

لا نريد الغوص أكثر  في قصة بيع الجولان لإسرائيل مقابل الوصول للسلطة في ١٩٧٠، رغم خسارة حافظ حرب   ١٩٦٧ لما كان  وزيرا للدفاع  ونائبا للقائد العام للجيش والقوات المسلحة ،فالقصة معروفة وتناولتها  الكثير من المصادر العربية منها والأجنبية .

أجد هنا مما لا بأس فيه  أن نعود قليلا إلى الوراء ونحلل جزئيات  مما يسمى ثورة   ١٩٥٢في مصر وأوضاع مصر قبل وبعد الثورة ونقول : ما هو معروف للجميع  وواضح للعيان  أنه   كانت ثمة تجاذبات  طبقية بين الطبقات الاجتماعية في المجتمعين المصري والسوري محورها طبيعة العلاقة  بين ملاك الأراضي والمزارعين،  وكذلك لحد ما  بين  سكان المدن وسكان الارياف، وأعتقد أن الظرف الداخلي في سوريا  أيضا ساعد  حافظ  بالوصول إلى حكم سوريا فهو ضابط  أقلوي طائفي قادم من ريف اللاذقية وغالبية ضباط وأفراد الجيش من الأرياف ، بالإضافة إلى سيادة الأفكار الناصرية الاشتراكية  المرتبطة بالأفكار القومية العروبية  في تلك الحقبة.

كما يتحتم علينا التعريج على ما جرى في حرب تشرين /أكتوبر ١٩٧٣ ، قائلين وبعد الترحم على روح كل شهيد  سقط  فيها ، إن الأخوة  المصريين قاتلوا   بشرف  وحرروا  ٥٠ متر عمق  تقريبا  ،أما تخاذل  حافظ ، الذي قبض الأموال والمعدات من العراق ومن دول الخليج  يشهد عليه الأخوة العراقيون والمغاربة   ضباطا وأفرادا   حينما  أعطى ضباط حافظ الأوامر للجند بالانسحاب والتراجع الكيفي بعد أن وصلوا بحيرة طبريا على الحدود الفلسطسينية وشربوا من مائها . إن حافظ  كباطني معتاد  على الاظهار والإبطان  وتغيير لون جلده  كالثعبان ، خاصة أن له تجربة سابقة  في البيع والشراء في حرب الأيام الستة١٩٦٧.

أن رواية النظام السوري بخصوص قرار وقف إطلاق  النار ١٩٧٣، تختلف عن الرواية العراقية وعن الرواية المصرية وعن رواية كيسنجر، مع أن حافظ وإن كان  يدير مطبخه الاستشاري هم الروس وقتئذ،  لاشك وانه كان على تواصل غير مباشر  مع كيسنجر عبر حكمت الشهابي .

.هل أدركت أيها القارئ حتى اللحظة لماذا حافظ وبشار مدللين شرقا وغربا وليس هناك من قوة عالمية ترغب بإزاحة بشار عن رئاسة العصابة حتى اليوم ؟!

دخل حافظ للبنان  إلى لبنان قي ١٩٧٥ ،بغية تصفية التواجد الفلسطيني على أراضي لبنان ؟ تذكر المصادر دخوله  بحجة حماية الفلسطينيين من المسيحيين، فقتلهم وشردهم وهجرهم ،ثم أوكلت  له  مهمة قتل المسيحيين وتهجيرهم ففعل ونفذ  ، أما  علاقته مع إيران و  الشيعة فتحالفه  قديم ومتين  كما سنوضح لاحقا .

حين   نعرج على تؤاطئه مع إيران منذ  بداية ١٩٨٠ ضد عروبة العراق الشقيق وعلى مدى سنوات الحرب الثمانية وحتى ما بعدها وإلى اليوم.،نرى الغريب والعجيب،كيف لشخص يرفع راية القومية والعروبة أن يكون متعاونا مع الفرس ؟!

قد يقول قائل :ألم يقاتل إسرائيل حين إجتياحها جنوبي لبنان١٩٨٢  )عملية السلام للجليل ) نحن في هذا الأمر  لنا وجهة نظر أخرى مفادها : أن هذا العميل موظف مطيع لمن جلبه إلى السلطة، مهمته تصفية الفلسطينيين والقضية الفلسطينية وقادتها ،والمساهمة في تدمير المنطقة ،من خلال مقارعة العراق ومؤآزرة التمدد الفارسي الشيعي.

 وبعودة مبسطة للتواريخ نوضح  الآتي :

١٩٧٦- سمحت أميركا بدخول القوات السورية إلى لبنان .

-١٩٧٩ هبوط الخميني طهران بواسطة طائرة فرنسية قادم من باريس  معلنا قيام دولة إسلامية (نذكر هنا أن الشاه  كان من أكثر المطيعين لأميركا والغرب ومع ذلك سمحوا بتمرير هذا السيناريو والذي أعتبره أنا  بداية تهديم المنطقة،  يراجع أيضا دور حافظ  بنقل السلاح للأقراد المعارضين في إيران قبل مجيء الخميني   )

-٦ .تشرين الأول .١٩٨١ مقتل أنور السادات، المنسوب للملازم أول خالد الاسلامبولي المحسوب على الجهاد الإسلامي  .

-مجزرة حماة الثانية ٢.شباط ١٩٨٢. ولمدة شهر كامل، بقيادة وتنفيذ رفعت شقيق حافظ الأسد ،نركز في هذا المقال فقط  على مجزرة حماة نظرًا لضخامة حجمها وعظمة ضحاياها مع عدم نسيان ما تعرضت له  حلب وجسر الشغور وباقي المدن السنية السورية.

– مجزرة الطيران السوري  بسقوط   ٩ طائرة سورية في أوائل ايام الاجتياح الإسرائيلي لجنوب لبنان  في الشهر السادس  ١٩٨٢)لاتنسى مازالت آنذاك رياح الحرب الباردة تهب شرقًا وغربًا .

–  السرطان الأسدي يأكل بعضه

 شباط ١٩٨٤ محاولة رفعت الانقلاب على شقيقه حافظ ، بعد أن اعتبر نفسه هو من حمى النظام في حماة وسواها ، لكن في هذه الأثناء أصبحت  جميع القيادات للفرق العسكرية والمخابرات في قبضة   ضباط  الطائفة العلوية  مع وجود بعض القيادات الإدارية العسكرية الشكلية الموالية كمصطفى طلاس وزيرا للدفاع وحكمت الشهابي رئيسا لهيئة الأركان ،المهم أقدم حافظ على جمع  جميع الأموال والذهب من أقبية مصرف سوريا المركزي واستجلاب ٢٥٠ مليون دولار  إضافية من معمر القذافي، للجم رفعت، كان يتصرف حافظ بأموال سوريا ونفط سوريا  وكأنها ورثها من أبيه  ، ويرحل الشقيق رفعت إلى فرنسا – بلد الحريات وقيم الجمهورية!! – التي استضافته مع جرائمه وفساده ليعود هاربا من مطار فرنسي باتجاه دمشق في عام ٢٠٢١ !! رغم المذكرات القضائية الفرنسية بحقه !!!!

المماليك النصيرية يعيثون فساد في حماة

بكل تأكيد مازال هناك غموض حول آلية وصول حافظ  للسلطة وحول تقلب مواقفه ، فقد زار صدام وانقلب عليه وزار السادات وأنقلب عليه ،والغموض الأكبر هل هو ينفذ أفكاره أم مواقفه تملى  له عن بعد؟

ذكرنا آنفا انتفاضة حماة الأولى ١٩٦٤ ضد البعثيين والطائفيين لما عمت المظاهرات المدينة  وكذلك في ١٩٧٣ واعتراض الشيخ المرحوم سعيد حوى على التعديلات الدستورية بشأن ديانة رئيس الدولة  وجمع التواقيع من زعامات مشايخ سوريا آنذاك تم قصف المدينة حينئذ ومسجد السلطان تحديدا.

اذن ثمة عصابة مؤلفة من ٣٠٠ إلى ٤٠٠ ضابط طائفي استطاعت تنفيذ انقلاب ١٩٧٠ نحو تأسيس حكم علوي طائفي يتستر بعباءة البعث.

وسارت الأمور بين مد وجذب  في السبعينيات وتم تعيين  بعض المنتفعين من السنة في بعض الوظائف العمومية ضحكا على الذقون واستكمالا لنسج المستور  (ربما يكون هؤلاء السنة ،ناصريين او شيوعيين إلخ ) وانتظارا لجلب الكوادر من شباب الطائفة إلى الكليات العسكرية والكليات الجامعية بغية تجهيز الكوادر لابتلاع جميع المفاصل المهمة في البلد.

بدأت تحركات الطليعة المقاتلة  المحسوبة على الإخوان المسلمين في حماة ١٩٧٨.،وعمليا بدأت  انتفاضة حماة  منذ ١٩٨٠،حيث عين رفعت الأسد  في أيلول ١٩٨٠  آمرا عرفيا على حماة وحلب وحمص ، ومنذ هذا العام افواج الوحدات الخاصة و سرايا الدفاع  تحتل المدينة أمنيا وعسكريا وتعبث بها كما تشاء .

إضافة لجميع سرقات رفعت  ما بين ١٩٧٠ و١٩٨٠ ،عمد  رفعت لما شعر بالخوف على مزايا حكمه هو وشقيقه حافظ ، للاستيلاء على أراض في منطقة المعضمية ليبني فيها مساكن السومرية ربما نسبة لاسم ابنه سومر ، ليبني فوقها آلاف الشقق السكنية لضباطه وصف ضباطه في السرايا  المنتقين حصريا من الطائفة العلوية  الذين لا يدينون بالولاء  والبراء إلا للقائد رفعت الذي اغدق عليهم البيوت والمعاشات وأطلق يدهم في كل مكان، حتى اشتكت منهم الأجهزة المخابراتية ذاتها ، إضافة للشحن الطائفي المتمثل بالعداء التام لكل ما هو سني في دمشق وحلب وحمص وحماة واللاذقية ودير الزور ودرعا وادلب والحسكة والرقة ،،من هنا بدأت حكاية هؤلاء المماليك النصيرية  الذين أدمجوا لاحقا  بقوات الحرس الجمهوري التابع لحافظ  وحاليا  لماهر  شقيق بشار ، بعدما طرد رفعت إلى فرنسا ١٩٨٤ .محملا بالذهب وملايين الدولارات .

ماذا حصل في حماة ؟ الذي حصل قصص تفوق الخيال لن يصدقها عقل بشر ، كيف لشرذمة حاكمة بيدها المال والسلاح الخفيف والثقيل والطيران ان تنقض على سكان مدينة آمنة مليئة بالسكان المدنيين ؟  أنت كصفير لم تدركها وككبير لم تر صورها نظرا لتطويق المدينة والتكتم الإعلامي الكامل عما حدث، بينما في عام ٢٠٢١ تحدث مواجهة بين سكان الطيونه/عينن الرمانة   المسيحيين وبين القادمين الشيعة من جهة الشياح في بيروت ،فتسفر عن مقتل ستة من الشيعة ويدري بها كل العالم ، أما وقتئذ ينحر ويستشهد ويقتل أربعون ألف مدني ولم يسمع بهم أحد ، فقد طوّقت المدينة بالكامل بالدبابات السورية والمدرعات والمدفعية الأسدية  والراجمات الطائفية ،وعزلت كليًا وانتشر حولها وفوق أسطح مبانيها ما لا  يقل عن ١٥٠٠٠ الف ضابط وعنصر من سرايا(رفعت )الدفاع   المماليك و٥٠٠٠ من ضباط وعناصر الوحدات الخاصة، ناهيك عن مختلف عناصر الأجهزة الأمنية والشعب الحزبية ، تم قطع الكهرباء بالكامل عن المدينة ليلة المجزرة وتعطيل مقسم الهاتف وبداية من الساعة التاسعة مساء وقعت أحياء بكاملها  تحت رحمة الرصاص والراجمات وقذائف المدفعية بشكل عشوائي ،أما في اليوم التالي الثالث من شباط تم توجيه الراجمات باتجاه حي الحاضر بحجة تمركز مقاتلي  الطليعة فيه ليكون خلال يومين ردم و أثر بعد عين ، مغطى بالدخان والبيوت المهدمة والجثث المتناثرة،اعقبها في اليوم التالي نهب و  سرقة وافراغ جميع المحلات التجارية في وسط المدينة  بما فيها المصارف الحكومية ، بمعنى الاستباحة المطلقة، وفي اليوم التالي جمع سكان حي حماة الجديدة نساء ورجالا داخل الملعب البلدي وفتحت عليهم فوهات الرشاشات والبنادق الروسية ، ليكون حاصل هذا اليوم فقط ١٥٠٠ ضحية ، نسأل الله لهم  الجنة والفردوس الأعلى،تجدد القصف مع انتشار كبير للعناصر لكن ليكون توجه الراجمات نحو حي او منطقة السوق ،فلم يسلم مسجد أو كنيسة أو بيت  من حمم نيرانها لتبدأ في اليوم التالي عملية التمشيط وذبح وقتل كل إنسان يظهر في طريقهم سواء مختبئ في قبو أو جدار أو مرميا جريحا  على الأرض نازفا أو إمرأة حبلى أو طفلة تائهة من أهلها ،عقيدتهم كانت تطهير حماة بالكامل من أهلها ،تصاعدت أصوات البنادق في جميع الأحياء وليس للاب مفرًا لإنقاذ زوجته أو أولاده، وإلى ان  يهرب بهم ،ما دامت جميع طرق المدينة مقطعة بالحواجز والمدينة مطوقة من جميع أطرافها ،ربما لاذ العشرات بالقرب من المدينة باتجاه ريف حمص في اليومين الأولين  ،فالمماليك بدأت بجمع الرجال والصبيان في بادئ الأمر ثم لينقضوا  على  ما تبقى من النساء والأطفال  ، ماذا نقول عن  مجزرة حي الروضة ام حي الدباغة او حي الباشورة أو الحي الشمالي أم ٥٠٠ شخص الذين أعدموا في مقبرة سريحين عائلات بأكملها أعدمت رميًا بالرصاص ،و بدم بارد و آخرون اعتقلوا وبعضهم حرقوا داخل بيوتهم ،حتى مدرسة المكفوفين في منطقة المحطة لم تسلم من وحشيتهم ، ومن ذلك أن تأتي سيارة محملة بالخبز من الصليب الأحمر أو ماشابه يتراكض الأطفال المتضورون جوعًا لتلقي الخبز  وعند عودتهم يطلب عناصر السرايا منهم الدخول إلى باحات أحد المساجد، ثم يطلقون عليهم النار جميعًا فلم يسلم منهم طفل واحد .(يراجع هنا تقرير الصحفي الفرنسي سور شالاندون في صحيفة  ليبرالي الفرنسية) .

هذه الجرائم التي لاتقارن إلا بجرائم  المغول والتطهير العرقي في رواندا والبوسنه  ،لقد نسي المجتمع الدولي هذه المجزرة وكثير من الدول تعاملت بشكل ودي  مع الأسدين الأب والابن .وكأن لزاما على الاغلبية السنية ان تتحمل القتل وتتحمل نفقات آلة القتل، ورواتب هؤلاء المماليك ،هل من سخرية أسوأ من ذلك ؟بعد مجزرة سجن تدمر ومجزرة حماة بأوامر وتنفيذ رفعت الأسد ،تأتي جمهورية كولونية كفرنسا لتحتضن منفذ الابادة الجماعية رفعت القذر.

ساد الخوف والرعب بين أفراد  السنة ،وفي جميع المدن  لدرجة وبدون مبالغة ذهبت بكل أركان  شخصيتنا من ثقة بالنفس او القدرة على الانتقاد أو مقارعة الفساد ،أصبحنا غرباء في بلدنا ومواطنين من الدرجة الثالثة بعد العلويين والموالين، هذا غيض من فيض ولا تكفي دموع الدنيا لترثي ما حصل في حماة . أما في حرب الابادة الجماعية الحالية منذ ٢٠١١ وحتى اليوم وما رافقها من استخدام الطيران  العسكري ضد المدن ورمي البراميل المتفجرة فوق المباني المأهولة وتجريف مدن وأحياء بالكامل ، عليك أن تتصور الشعب السني المدني تحت رحمة ثلاثة جيوش ،الأسدي والروسي والايراني ومدى العذاب والقهر الذي يعانيه.

الاحتلال المادي والاقتصادي و  الإداري للبلد

 عمد حافظ ورفعت وأركان حكمه علي دوبا وعلي حيدر وعلي أصلان وباقي  جوقة حيدر وجعفر وعباس وحسين ،  إلى زرع  المماليك العلوية  بكل  معنى الكلمة  من خلال تشجيع كل من حصل على الثانوية من أبناء قراهم الفقيرة للالتحاق بالجيش،كذلك النزوح نحو العاصمة بإعداد كبيرة، مما خلق العشوائيات في ضواحي العاصمة دمشق ،ما تبقى منهم في القرى العلوية  فقط عليه الحصول على شهادة ثانوية أو جامعية ليجد مقعده الوظيفي جاهزًا بانتظاره في الجمارك أو التموين  أو الجامعة أو الشرطة أو باقي الوظائف الإدارية التي تدر مبالغ إضافية علاوة على الراتب من أبواب الرشوة وصرف النفوذ والتوسط والسمسرة ، ليس بمؤهلاتهم ولكن بمنطق القوة والقمع  على حساب  باقي مكونات المجتمع السوري.

..وآخر المطاف وبعدما سرق حافظ وابنه  باسل عائدات النفط السوري ثلاثين عامًا ، أتى عصر الانترنيت  والشبكات الخليوية والشركات الاستثمارية – العروض التجارية ترسو  بالصدفة فقط – على ابن خال بشار  رامي مخلوف دون منافسة من أي مهندس أو متعهد او تاجر  سني ! لقد توسعت تجارة رامي مخلوف بالشراكة مع بشار من الباطن إلى كل شيء يخطر ببالك من تجارة الحديد أو الأخشاب أو الرخام أو الألبان والأجبان أو استيراد الأجهزة الإلكترونية  أو تعهدات البناء أو الصيد والشحن البحري وآخرها المخدرات .

هل تصدق أن اهل السنة يعيشون في هذه المزرعة أو الحظيرة ؟ يتحكم برقابهم شخص مغفل اسمه بشار وفاسد كبير أسمه رامي مخلوف وضابط المخابرات الجوية جميل الحسن ، إن أردنا التوسع بخصوص القمع المخابراتي التعسفي والاعتقالات خارج مؤسسة القضاء والانتهاكات التي تمارس بحق الموقوفين والمعتقلين  نساء ورجالا ً لاحتجنا لمجلدات وكتب لتدوين طرق التعذيب والإهانة والإذلال التي يمارسها هؤلاء المماليك، وعلى باقي الشعب السني فقط تقديم فروض الطاعة ودفع الرواتب لجلاديهم

باختصار شديد ،لقد دمروا الحرث والنسل بكل ما يخرج عن إطار الإنسانية ودولة القانون ،هل سمعت في العالم  عن  قمع جرى  لانتفاضة شعبية كما حصل في سوريا في ٢٠١١ وحتى اليوم . لقد ثارت الشعوب في تونس ومصر وليبيا واليمن وخلعت حكامها ، لم يجرؤ اي حاكم أن يدمر مدنا بكاملها  وأحياء بكاملها وبنى تحتية بأكملها، ويقتل ويعتقل أكثر من مليون ونصف إنسان ويهجر أكثر من ثمانية ملايين سوري ،فقط بهدف بقاء الأسد على الكرسي وبقاء مافيا المماليك النصيرية متمكنة من البلد ،حتى ولو جاع  جميع  من هم  في الداخل بعدما أصبح الدولار الواحد  يعادل ٤٥٠٠ ليرة سورية، أي إجرام هذا وأي طبيعة شيطانية عجن منها هؤلاء الأوغاد .

بات الشعب السوري ضعيفا مستكينًا  هائمًا متسائلاً  هل هو المخطط الأمريكي -الإسرائيلي،ام الروسي -الإيراني  بتنفيذ أداتهم بشار لتهجير أهل السنة،وإفراغ المنطقة ؟

حقيقة النصيرية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق