الاثنين، 13 مارس 2023

قضايا وأحداث.. معارضة عاجزة عن حل مشاكلها كيف تحل مشاكل تركيا؟

 قضايا وأحداث.. معارضة عاجزة عن حل مشاكلها كيف تحل مشاكل تركيا؟

ما القوَّة التي تؤدي ذلك الدور بعدما كان من غليان في هذه المعركة؟

 التحالف الذي تمثله طاولة الأحزاب الستة ليس لديه مشروع واحد

 الخلافات التي رآها الجميع في عملية تحديد المرشح الرئاسي تعطي إشارة جدية حول كيفية حكمهم لتركيا

أكاديمي وسياسي وكاتب تركي

 @yaktay

 

بعد رحيل ميرال أكشينار، تعرَّضت هي الأخرى لانتقادات شديدة من أنصار أحزاب الطاولة. فاتهموها بالخيانة، وعدم التوافق، والعناد، والكِبْر. وكما كان رحيلها مفاجأة كبيرة لجميع المتابعين للشأن التركي، فكذلك كانت عودتها مفاجأة أكبر بعد ما حدث من مشاجرات كلامية شرسة بينها وبين أعضاء التحالف الآخرين. وقد تابع الجميع تأجيل يوم وساعة الإعلان عن مرشح الطاولة لمرَّات متتالية. وفي أثناء ذلك، أجرت أكشينار عدة لقاءات مع أعضاء طاولة الأحزاب الستة مرة أخرى وبدأ الحوار بينهم من جديد، وجرت عدة مفاوضات من أجل عودة أكشينار. وكان نتيجة ذلك أنه لم يمضِ وقتٌ طويلٌ، حتى وقف جميع أعضاء الطاولة السداسية أمام الكاميرات وأعلنوا قرارهم. وكان القرار لصالح ترشيح كليتشدار أوغلو، وقد وافقت أكشينار أخيرًا على هذا القرار بشرط واحد: أن يتم تعيين رئيسَي بلدية أنقرة وإسطنبول أكرم إمام أوغلو ومنصور يافاش، اللذين تم اقتراحهما من قبل بديلًا عن كليتشدار أوغلو، ليكونا الآن نائبين لمرشح التحالف كليتشدار أوغلو.
وقد حدثت كلّ هذه التطورات في يومين فقط. ولعلكم سمعتم من قبل القول المأثور عن الرئيس التركي السابق سليمان ديميريل: «في السياسة، 24 ساعة هي فترة طويلة جدًا». في الواقع، بعد متابعتنا المباشرة لهذا التسارع في الحركة السياسية، لا يمكننا التغاضي عن صواب تلك المقولة. ومن ناحية أخرى، فإنَّ المعاركَ السياسيَّة كثيرًا ما تخلِّف شكوكًا في وجود قوَّة خارجيَّة تظهر في صورة من يضمد الجروح ويجمع الفرقاء مرة أخرى بعد حدوث القطيعة بينهم لأسباب ربما تكون هي الأخرى صناعة خارجيَّة.
فما القوَّة التي تؤدي ذلك الدور بعدما كان من غليان في هذه المعركة؟ وللجواب عن ذلك التساؤُل المشروع يخرج كل من الرئيس الأمريكي جو بايدن والمُستشار الأمني السابق لترامب جون بولتون، مُعلنين ضرورة الاستفادة من هذه الانتخابات واغتنامها للإطاحة بأردوغان. ومن الواضح أنَّ القوى الدولية ليست راضية عن أردوغان رجل السياسة الذي يمكن أن يقف في وجه تطلعاتهم ويقول لهم: لا. ويعطي الأولوية لمصالح بلده وأمّته، ولا يُرضي الغرب، وهذا أمر لا مرية فيه. فعلى الرغم من كل انتقادات أكشينار القوية واتهاماتها، فإنه يبدو واضحًا ما تعرضت له من ضغوط أجبرَها على العودة إلى الطاولة.
كما قلنا من قبل، فإن التحالف الذي تمثله طاولة الأحزاب الستة ليس لديه مشروع واحد يكشف عن رؤيته لتركيا حتى الآن. فمعظم المشروعات التي يقترحونها من أجل تركيا قد تم تنفيذها بالفعل على مدار سنوات من قبل حكومة أردوغان. وبمعنى آخر، تكشف تلك المشروعات عن جهلهم بما تم القيام به في تركيا. ولنعْطهم من الغيث قطرة لعلهم يفقهون، لقد حققت تركيا الكثير في مجالات الصحة والتعليم والنقل والبنية التحتية والعمران والصناعة والخدمات الاجتماعية، لكن المعارضة لم تسمع بها غالبًا.
ومن ناحية أخرى، فإنَّ أعضاء الطاولة بينهم مطارق الحدّاد، ولديهم آراء وسياسات مختلفة حول العديد من القضايا. فقد كان أحمد داود أوغلو وعلي باباجان بالفعل عضوَين في الحكومة ومسؤولَين عن السياسة الخارجية والاقتصادية، ثم انقلبا ليكونا معارضين لحزب العدالة والتنمية، لسنوات بسبب السياسة نفسها! والآن هل سيتخليان عن مناهجهما القديمة في السياسة الاقتصادية والخارجية في تحالفهما الجديد، أم أن هذا التحالف سيتبنى سياساتهما وأفكارهما؟ فأين ستذهب اعتراضاتهما على حزب العدالة والتنمية وأردوغان؟!
وخلاصة القول: من الواضح أنَّ الشيء المشترك الوحيد الذي يجمع المجموعة معًا هو «التخلص من أردوغان»، ولا توجد لديهم أي مشاريع أو أفكار مهمة أخرى، وهذا يدل على مدى ما وصلت إليه المعارضة من بؤس.
بطبيعة الحال، وبغض النظر عن كل تلك الحقائق، فإنَّ تخصيص أكشينار لإمام أوغلو ويافاش -اللذين ليسا حتى من حزبها- ليكونا نائبين للرئيس، أمر رائع للغاية. في الواقع، يمثل ذلك تدخلًا بطريقة ما في الشؤون الداخلية لحزب الشعب الجمهوري. ولكن الأهم من ذلك، حقيقة أن ترشيح كليتشدار أوغلو للرئاسة كان مشروطًا بالفعل منذ البداية بأن يكون الأعضاء الخمسة الآخرون في الطاولة نائبين للرئيس. والآن سيزيد عدد النواب بإضافة نائبين آخرين، وهكذا سيتخذ الرئيس جميع قراراته -وفقًا للبروتوكول المتفق عليه فيما بينهم- بالتشاور مع هؤلاء النواب السبعة. وبعبارة أخرى أكثر وضوحًا، إنهم يقترحون أن يحكم تركيا مجلس رئاسي مكوَّن من ثمانية أعضاء بعد أردوغان.
من الواضح أنَّ المعارضة الخليط غير المنسجم، والتي ليس لها هدف مشترك سوى التخلص من أردوغان، لا يمكنها الاتفاق فيما بينها على أي شيء. ومع ذلك، عندما يطرحون شرط اتخاذ جميع القرارات بشكل مشترك، فإن ما يَعِدون الشعب به ليس سوى بلد لا يمكن حكمه.
إنَّ الخلافات التي رآها الجميع في عملية تحديد المرشح الرئاسي تعطي إشارة جدية حول كيفية حكمهم لتركيا إذا فازوا في الانتخابات. وسيتعين على طاولة الستة حل المشكلات بينها أولًا إن استطاعت، ثم إيجاد حلول لمشاكل الشعب والبلاد. أي أن تركيا ستنتظر المجلس المكوَّن من ثمانية أعضاء حتى يتمكنوا من إنهاء معاركهم واختلافاتهم الداخلية، وبطبيعة الحال، تقاسم المصالح فيما بينهم أولًا، قبل أن يجدوا وقتًا لتركيا.
إن تمكُّن المجلس السداسي أخيرًا من إعلان مرشحه قد تم تصويره للشعب التركي على أنه انتصار عظيم. وبعبارة أخرى، فإن المشهد الذي يتم فيه تقديم مجلس فشل في حل أي نزاع داخلي بين أعضائه على أنه انتصار للبلاد هو بالفعل أكبر وَعْد يمكن أن تقدمه المعارضة لتركيا. ربما تتعود البلاد على ذلك.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق