الأحد، 12 مارس 2023

لماذا غضبت تل أبيب من اتفاق السعودية وإيران؟

لماذا غضبت تل أبيب من اتفاق السعودية وإيران؟

ياسر أبو هلالة

 لولا أن النظام الإيراني يواجه صعوبات جدّية، إن لم تكن تهديداتٍ وجودية، لما قبل بالاتفاقية مع السعودية، فالتهديد الداخلي هو الأخطر، والمظاهرات هزّت النظام بشكل عنيف وإن لم تُسقطه. شبكة حلفاء النظام من العراق إلى سورية ولبنان واليمن يواجهون مشكلات جدّية خصوصاً بعد نجاح الأميركان في تجفيف ينابيع الدولار في العراق، وهو ما تسبّب بضائقةٍ ماليةٍ غير مسبوقة. معطوفا على ذلك فشلهم العميق في إدارة الدول التي استولوا عليها، والتي تحولت إلى معضلة اقتصادية، بسبب سوء الإدارة والفساد من العراق إلى سورية ولبنان واليمن.

لا تُوقّع اتفاقات السلام إلا بعد أن يتعب الطرفان، وهذا ما حصل. 

الاتفاق بين ⁧السعودية⁩ وإيران برعاية صينية بشرى سارّة للمنطقة، لا حرب مع إيران، هذا تأكّد في عهد ترامب، فقصف إيران أكبر بئر نفط في العالم لأقدم حليف لم يدفعه إلى شنّ حربٍ على إيران. في المقابل، لم تثأر إيران لمقتل قاسم سليماني، أرفع مسؤول عسكري في نظام الجمهورية الإسلامية، فالهامش المتاح هو حروب فرعية بالوكالة، وليس حربا شاملة مع إيران.

بدأ الحوار مع إيران عقبها، وعبر مكتب رئيس الوزراء العراقي المقرّب من إيران، عادل عبد المهدي، ومدير الاستخبارات السعودية، خالد الحميدان، لكن القناة العراقية توقّفت بسبب مظاهرات تشرين التي أسقطت حكومة عبد المهدي، فوق ذلك العراق تابع لإيران، وليس قوة تحتاجها كالصين تصلُح أن تكون ضامنا للاتفاق.

نجح الاتفاق، لكن هذا لا يعني أن يحلّ الوئام محلّ الصدام، هذا يوقف نزف الحروب، لكن بناء السلام عملية أكثر تعقيدا وأبعد مدى. وبحسب "الإيكونومست" الاتفاق "لن ينهي الحرب بالوكالة بين البلدين، ولن يعزّز الصين قوة جديدة في المنطقة".

الخلاف مع إيران جدّي وحقيقي وجوهري، في اليمن وسورية والعراق. ولذلك نجد تخوّفا من السوريين واليمنيين وغيرهم ممن يواجهون جرائم إيران اليومية. 

لا يعني حل المشكلات مع إيران بالحوار تزيين جرائمها التي ارتكبتها، ولا تزال؛ في العراق وسورية واليمن ولبنان. ولا يعني منح الشرعية لمليشياتها السائبة، بقدر ما يعني بداية وقف النزيف، وصولا إلى التئام الجرح.

الصدمة في واشنطن وفي تل أبيب فزع "يعقّد"، بحسب "نيويورك تايمز"، فرص التطبيع بين السعودية وإسرائيل، فرئيس لجنة الخارجية والأمن في الكنيست والقيادي في الليكود، يولي أدلشطاين، قال إن عودة العلاقات السعودية الإيرانية "خبر سيئ جدا" لإسرائيل. أما ‏رئيس الوزراء الأسبق، نفتالي بينت، فاعتبر أنها "ضربة قاسية لجهود بناء تحالف إقليمي ضد إيران. وفشل دبلوماسي تتحمّل مسؤوليته حكومة نتنياهو".

في مقابل المستبشرين بأفول "التطبيع" مع إسرائيل، قالت الخبيرة الإيرانية والمسؤولة الكبيرة السابقة في "الموساد"، سيما شاين، ل"نيويورك تايمز" إن "العلاقات السعودية مع إيران وإسرائيل ليست متعارضة. لا أعتقد أنه أمر فظيع لإسرائيل". وأضافت: "بطريقةٍ ما، هذا يحسن من إمكانية حدوث نوع من التطبيع بين إسرائيل والسعودية". 

قال يوئيل جوزانسكي، الخبير في شؤون الخليج العربي في معهد دراسات الأمن القومي، وهي مجموعة بحثية إسرائيلية: "ستستمر إيران والسعودية في التنافس، وستواصل المملكة العربية السعودية وإسرائيل التعاون بنشاط ضد إيران". وأضاف: "لكنه قد يؤثر على الجوانب العامة أكثر للتطبيع" مع إسرائيل. وختم جوزانسكي، الذي تعامل مع القضايا الإيرانية عندما كان مسؤولا كبيرا في مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، بأن الاتفاق "يبعث رسالة مفادها بأن إسرائيل وحدها في المنطقة لمحاربة إيران، وأن دول الخليج تقترب أكثر من إيران".

باختصار، هذه فرصة تاريخية لإيران لتحقق شراكة مع جيرانها في الخليج أبناء الدين ذاته والحضارة ذاتها، وهذا ما يهدّد إسرائيل ويُغضبها. بفضل حرب أوكرانيا، وارتفاع أسعار الطاقة، سيتراكم فائض ثروة في الخليج، بحسب "الإيكونومست"، يقدّر بترليون ومائتي مليار. 

هذه فرصة تاريخية للازدهار في عموم المنطقة بدلا من تبديدها في حربٍ مع إيران. 

من مصلحة إيران بناء شراكة محترمة مع دول مستقرّة ومزدهرة بدلا من المراهنة على مجرمين من شاكلة بشار الأسد أو مليشيات الحوثي والعصائب وباقي العجائب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق