معارك الهوية
أستاذ علوم سياسية واستشرافية
اليوم، يستتر العالم باجترار أزمة الهوية ليواجه الفشل في النظرية السياسية والنظام الدولي
وعندما تشتعل معارك الهوية ويستدعيها مرة أخرى في هذه الموجة..
وحين وتبدأ معركة الهوية وفى رأس النظام أو القوة الأولى فيه والتي حكمته لنصف قرن أو يزيد تجد طريقها إلى كل توابعه والمناطق التي تواجه نفس العلة وتصطحب الدين والعقيدة والعرق وتكون ضحاياها بالملايين واليوم الخوف من وقوع فعل إرهابي سيستدعى رد شعوبي وليس قاصر على السلطات والمؤسسات الأمنية وفقط بفعل المناخ العام خطر أكيد وحقيقي وكان لابد من صناعة رأى عام مقاوم قبل وقوع المحظور…
وكما كانت موجة العولمة في قمتها هدمت سور برلين ثم كانت معاهدة التجارة الحرة وغيرها من معاهدات وأصبح العالم كالقبائل يتعارف ويتفاضل بقدر إسهام كل قبيلة في سد الحاجات والتنافس في حرب البشر مع الجهل وفك أسرار الكون وتسخيره لكنوزه وتفعيل البحث العلمي ثم انقلب بسبب الهوامش وضحايا تلك العولمة والتي تجنبتهم منظومة العدالة ولم تأبه لهم وقصرت العدالة على رقعة جغرافية دون رقعة أخرى وجنس دون جنس وملة وعقيدة دون عقيدة وبسبب تعارض المصالح ستكون هناك موجة والتي بدأت فعليا بحقبة ترامب وهذه سمات الموجات واتجاهاتها ولهذا حذرت من زمن مستشرفا وقوعها من عام 2012 وستفضى للأسف لمنظور اسوء بانتقال ثقل العالم إلى الصين وهي منظومة تحول البشر لآلات مما سيجعل المستقبل مظلم بكل المعاني والتصورات…
لماذا يستنهض صناع الرأي والفكر وعلماء الاجتماع بعضهم لمواجهة ترامب
لا يظنن أحد أن حرب الهوية ستستهدف المسلمين فقط فهي البداية وستشمل ملل أخرى وأعراق وأجناس أخرى وستصبح حروب الهوية كل هوية ضد الأخرى لأن حروب الهويات ستجعل العالم كله ساحة للحرب ولن يستثنى منها جنس أو عرق أو دين ولأنها أيضا تغذى العنصرية ولأنها لا تحل معضلات النظام الدولي الآنية ولا تواجه الأزمات الحالة الآن فعليا بل هي انحراف عن الحقيقة الثابتة والدامغة والتي هي غياب بسط العدالة في توزيع منجزات العولمة على كامل الجغرافيا الكونية بكل قيمها وإفساح الفضاء المحايد والعادل والمنصف لتدافع الشعوب في فضاءات أمنة للأفكار والسلع والخدمات وضمان حرية انتقال الأفراد كانتقال الأموال.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق