لا تنسوا الإبادة الجماعية في غزة!
توران كشلاكجي
هناك إبادة جماعية تحدث على بُعد مسافة قريبة منا.. اضطهاد قاس لا يمكن وصفه بالكلمات.. كل يوم، عشرات النساء والأطفال الفلسطينيين يفقدون حياتهم. وهذه الإبادة الجماعية تتواصل أمام أعين العالم بكل وحشيتها. عندما تنظرون إلى الخرائط، قد تعتقدون أنها بعيدة، لكن الحقيقة أن البُعد بيننا لا يتجاوز 700، أو حتى 800 كيلومتر فقط.
لدينا تعبير شائع نستخدمه؛ "ورقة عباد الشمس" (لفحص الأحماض). تعرفونه أليس كذلك؟ تغمس الورقة بالفحص، فيميز بين المادة الحمضية والمادة القاعدية. في المجاز، نستخدم هذا التعبير للدلالة على الأشياء التي تفصل بين الخير والشر، والرحيم والظالم، والصحيح والخطأ، وإذا كان للعالم ورقة كهذه اليوم، فإنها غزة بلا شك، إنها تكشف بكل وضوح أكاذيب الديمقراطية، وعلاقات القوة، وحتى حضارة الغرب، لتميز بين الخير والشر.
يريدون منا ألا نرى هذا الأمر.. يريدون منا أن ندير ظهورنا.. يريدون منا أن ننشغل بقضايا تافهة حتى لا نرى غزة، ولا نواجه الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل، وننغلق على أنفسنا، ونتصارع مع بعضنا بعضا.
يريدون منا أن نتشاجر ونتقاتل، لهذا السبب يتم إجراء أنواع مختلفة من الهندسة الاجتماعية في جميع أنحاء المنطقة، وبالطبع في العالم الإسلامي أيضا.
يراد لغضبنا وسخطنا أن يُوجه نحو أماكن أخرى غير إسرائيل.. لكي نتحول فجأة من أشخاص عاقلين إلى عقارب تلدغ نفسها، ولكي ننسى كل ما تعلمناه من ديننا. لا تنخدعوا أمام هذه الحيلة! حذّروا وأيقِظوا كل الشرائح التي يتم تحريضها من حولكم! قفوا أمام الذين يتبعون السارق! كونوا إنسانيين، وتحلوا دائما بالإنسانية! هل هناك خطأ سياسي؟ عبروا عنه، ومارسوا سياسة معارضة لهذا الخطأ، ولكن لا تتسامحوا مع أولئك الذين يريدون إطفاء عقولكم وقلوبكم بالحقد.
لا ترسموا خطوط الظلم في وجوهكم حتى تشعروا بالخجل عندما تنظرون إلى المرآة، فندمكم الأخير لن ينفعكم.
الدول الغربية التي تدعي أنها حضارية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة، تدعم الإبادة الجماعية في غزة منذ 9 أشهر، وفي المقابل تثير ضجة عالمية بدعوى إنقاذ العالم من التغير المناخي. يقولون: "دعونا نترك الكوكب نظيفا لأحفادنا".
لقد اخترعوا مصطلحا يعرف بالاحتباس الحراري، وأصبحوا يربطون كل شيء به… يخلقون حالة إنذار على نطاق عالمي. ويتخذون في هذا الصدد العديد من الإجراءات التي تجبر الحكومات على الامتثال لحججهم.
وتضطر الحكومات للرضوخ، لأنه عندما لا تلتزم تتعرض للإقصاء بشكل علني. يدعون بأنهم يفكرون في الإنسان، ويفكرون في مستقبلنا.. ويفكرون في كوكبنا.. ويفكرون في الأطفال.. الكلمات الرنانة تتطاير في الهواء، أما منظماتنا التي تحصل على تمويل منهم، فإنها تكتب أيضا؛ "البصمة الكربونية تسرق مستقبل الأطفال".
لو أننا لا نعرف حقيقتهم، لكنا سنصدق أن محبة الأطفال وصلت إلى ذروتها عندهم. في غزة، يموت مئات الأطفال يوميا بسبب القنابل والجوع، فهل هذه القوى التي تزعم بأنها تسعى جاهدة إلى تتبع البصمة الكربونية، تلفت أنظارها وتنصت إلى أنين وصرخات هؤلاء الأطفال؟
خلاصة الكلام؛ الغرب نفسه مسؤول مباشرة عن المجازر التي يرتكبها الصهاينة في غزة، ومن المؤكد أن الصهاينة، وحوش الأرض، سيدفعون ثمن ذلك. هذه الكائنات «ذات الجينات الملوثة» تشكل تهديدا مشتركا للجنس البشري بأكمله! سيتم وصف هؤلاء بالمجتمع المشؤوم في الأرض، أعتقد أن هذا سيتحقق قريبا. ويتعين على الشعوب الإسلامية أيضا أن تطلق ثورتها الداخلية ضد الدول الإسلامية التي تلتزم الصمت وتدعم بشكل غير مباشر المذابح في غزة منذ أشهر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق