الثلاثاء، 30 يوليو 2024

بيني وبينك.. الخوف هو السّبب


بيني وبينك.. الخوف هو السّبب


كنتُ قد تساءلتُ في مقالةٍ سابِقة: لماذا تُهرول بعضُ الأنظمة نحو التّطبيع بشكلٍ لافتٍ وعجيبٍ دون خجلٍ أو إبطاء؟! وبحثْتُ في إجاباتٍ كثيرةٍ مُحتَمَلة، لكنّني ناقضْتُ نفسي فيها كلّها، وبقي عندي الخوف، فقلتُ إنّ الخوف قد يكون أصل هذا الفعل المرذول، وإنّ وراء الخوف نوازلَ قد نزلتْ بالفتى فألجأتْه إليه. 

ورُحتُ أفكّر في الخوف نفسِه، دَرَجَتِه؟ نوعِه؟ مِنْ أيّ شيءٍ وعلى أيّ شيء؟

قلتُ: قد يكون السّببُ هو الخوفَ من الموت، فإنّ الإسرائيليين عندهم إكسير الحياة، وإبرة إطالة العُمُر؟ وأجبْتُني: لا؛ فإنّ السّادة لا يُفكِّرون في الموت، يرونه بعيدًا، ويظنّون أنّ من حقّهم أنْ يعيشوا ألفَ سنة، وأنْ يبقَوا على كراسيّهم ألفًا أخرى. والإسرائيليون ليسَ عندهم إكسير الحياة ولا يملكون تلك الإبرة، بل إنّهم – كما نراهم في كلّ حين – لا يستدعون غيرَ الموت بصُوره الأشدّ والأنكى!

فهل هو الخوفُ من المستقبل؟ لا، ليسَ ذلك، فإنّهم لا يصنعون المُستقبَل ولا يُخطّطِون له، هناكَ مَنْ يصنعه عنهم، وعليه فلْيرتاحوا من هذه النّاحية، فإنّ التّفكير بأدنى الأمور متعبٌ عندهم، فكيفَ إذا كان المُستقبَل بمقدّراته كلّها؟

فهل هو الخوفُ من الشّعوب؟! ربّما، لكنّه ليسَ في حُسبانِ المُهروِلين الكِبار، فإنّ شعوبهم في جيوبهم. 

ثُمّ إنّ الشّعوب في كثيرٍ من الأحيان سَطْلُ الماء المغليّ الّذي تسكبُهُ أمريكا على وجه مَنْ تشاء وتمنعه عَمّن تشاء، وعليه، فإنّ المُهروِلَ إذا ضَمِنَ قلبَ أمريكا ضِمَنَ ألاّ ينسكب السّطل في وجهه، أو ألاّ يكون هناك سطلٌ من الأساس.

فهل هو الخوفُ من الله، ومعرفةُ حدود القُدُرات، وخاصّة العسكريّة، وبالتّالي فإنّ الخوفَ من الله يدعوهم إلى إطاعة وليّ الأمر، ولكلّ شعبٍ وليُّ أمره، ولكلّ وليِّ أمرٍ وليُّ أمره؟!.

إنّه ليسَ خوفًا مِنْ، إنّما خوفًا على. 

فأمّا خوفًا مِن فأمريكا تتكفّل بإزالة غشاوته وتُعيدُ إلى قلبِ صاحِبها الطّمأنينة، وأمّا خوفًا عَلَى فَعَلَى السّلطة، وهذه أيضًا بيدِ أمريكا، وأمريكا العُظمَى ليسَ لديها النّهار بطُولِه من أجل أنْ تُؤمّن السّادة المُتقدِّمين بطلبات البقاء على مدار السّاعة، فأوكلتْ هذه المهمّة إلى صنيعتها إسرائيل، فراحَ الفتى العربيّ الّذي يظهرُ بطلًا أمام النّاس وفي وسائل الإعلام، يقبّل اليد الّتي تجعل تلك الصُّورة لا تهتزّ، وشِفاهُه ترتجف، وصوتٌ حقيقيّ واحدٌ يتسلّل في هذا الزّيف الكثيف، ليهتفُ بوضوح:

وما الخوفُ إلاّ ما تَخَوَّفَهُ الفَتَى

ولا الأمنُ إلاّ ما رآهُ الفَتى أمْنَ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق