خارج الصندوق
معلّبات
مع مجريات الحياة السريعة وتوافر سُبل الراحة والرفاهية الذي تحول إلى شيءٍ من الكسل، واحتياجنا لبعض المواد الغذائية التي أصبحت معلبةً جاهزة كتب عليها عبارة «جاهزة للأكل»، وهناك بعض المعلّبات أتاحت للمستهلك التنويع بالنكهات والمذاقات أو الإضافات ما يشعره بأنه اختار ما يناسب ذائقته، وهناك نوع ثالث من المستهلكين، وهو الذي يشتري المعلبات ويقوم بوضع بعض الإضافات الخارجية أثناء التحضير والتسخين ليكون بذلك قد فعل ما يناسب ذائقته، أو أنه فعل ما يجعله يشعر بلمسته المختلفة وإضافته الخاصة، وكلنا أولئك الرجال...
هب أنّك دخلت إلى مركز التسوق فحتماً سوف تبتاع من المعروض، أو ما سبقت تجربته من قبل، أو ما تم التسويق له بشكل جيد مع توافر السهولة والسرعة وموافقة الحال المزاجية لا الحاجة الفعلية غالباً.
- في تناولنا لأفكارنا اليومية وتعاملنا مع مجريات أحداث حياتنا وما يحيط بنا في الكثير من الأخذ والرد وما يتوجب علينا فعله وتركه وما نقوله وما نسكت عنه وكيف لنا أن نرد، وشكل الرد، وما يجب علينا أن نطوره، وما يناسبنا فعله، أصبحنا نبحث عن الأفكار والحلول الجاهزة المعلبة المعروضة المُجربة المُسوّق لها بشكل جيد والتي توافق أمزجتنا، والمتذاكي هو الذي يأخذ الفكرة ليضع عليها لمساته الخاصة قائلاً أضفت ما يناسب عاداتنا وثقافتنا، وأيضاً أقول: «كلنا ذلك الرجل» في تعاطينا للأفكار والحلول الجاهزة المعلبة المجربة، مع أننا جربنا الكثير من الأفكار التي عرفنا أنها لم تأتِ بحل ولا غيّرت حالاً ولا أبلغت مقالاً باختصار، لأننا نركن إلى قول «هذا هو الموجود» دون إعمال العقل وسؤال النفس أهذا هو الصحيح؟
أسئلة كثيرة تدور في ذهني لا أعرف لها جواباً غير أني أتساءل عندما أرى الكثير من الأمور القابلة لخلق حل، أجد التعامل مع التفكير كالتعامل مع المعلبات، حتى على مستوى شريحة كبيرة من مدعي الفكر والتجديد، لكن لعلها دعوة إلى مائدة الفكر وطرح القضايا ذات الأولوية في مجتمعنا ووضع أفكار تناسبنا بالدرجة الأولى من جميع الأبعاد، وتناسب مجريات الأحداث، والواقع المعاصر لا بهدف الرد أو الدفاع أو التمسك، ومن هذه الأبعاد البعد الثقافي والاجتماعي والاقتصادي والعلمي، أعتقد بأن هناك خوفاً كبيراً من التفكير وخلق حلول جديدة وكأنه تعامل مع المجهول، لذلك يركن الإنسان للتعامل مع المعطيات الجاهزة المجرّبة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق