الجُذور.. والانحراف التَّامّ
مَن يَنظُر للحرب مع المغضوب عليهم دون فَهُم الغاية القطعيّة الثُّبوت القطعيّة الدِّلالة -وهي الرَّدُّ عن الدِّين، وأنّها حرب على العقيدة والمُقدَّسات وكلّ ما يُمُت بعَلاقة المُسلم بربِّه وبإخوانه من المُسلمين في جنبات المَعمورة حتى بلغ بهم الطَّمع في تشكيل وجدان ومشاعر المُسلمين تجاههم وتجاه بعضهم- فهو يدخل للصِّراع مِن مَدخلٍ مُنحرفٍ ومَدخلٍ مُضلِّلٍ لحقيقة الصّراع.
فأيّ سِلمٍ مع مَن غايته رَدّك عن دينك وإن كان سبيله الظّاهر هو أخذ أرضك والتّموضُع في قلب عالَمك العربيّ والإسلامِيّ، وتسيُّده ليملك ناصية كلّ قرار؟!
ثُمّ يزعُم البعض أنّ الصّراع أرباح وخسائر ومع عدُوٍّ يَثبُت في حقِّه من فوق سبع سماوات وبنصوص قطعيّة الثُّبوت قطعيّة الدِّلالة لا تقبل التّأويل ولا الاحتمالات للمعاني نقضهم للعهود والمواثيق وقتل الأنبياء والرُّسل والصّالحين. كما أخبر القرآن: {أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَّبَذَهُ فَرِيقٌ مِّنْهُم ۚ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} (البقرة، 100)؛ وكما في قوله: {فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِم بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ ۚ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا} (النساء، 155).
فكلّ تقهقر أمام هذا العدوّ الغشوم بداعي الخسائر تُطمِّعه وتُثير شهيّته لأكبر منها، وتاريخُهم وكتبُهم تشهد بهذا.
فليس لقارئ القرآن المُتعبَّد به والعالِم برسوله وسيرته أن يقفز فوق البديهيّات لسجالات السِّياسة التي تُوقعنا في الغفلة عن الجُذور؛ ومَن ترك جِذر الصّراع وغايته وغرضه قدَّم أهله ومَن يعُول لهؤلاء طعامًا أو رقيقًا كما هو مكتوب في كُتبهم وعقائدهم؛ ولقد برهنوا على هذا في هذه الحرب، فلم يتركوا في المؤمنين إلًّا ولا ذِمّة.
وعليه، فالغبيّ الأحمق مَن يُؤصِّل لصراعنا مع المغضوب عليهم والضّالِّين على أرض وثروات؛ ويجحَد جِذر الصِّراع وغايته.
والغرض من هذا أنّهم يتّخذون الأرض والثّروات سبيلًا للنّزاع، لردِّنا عن الدِّين.
فمَن خرج بالصِّراع عن جُذوره، وجعله صِراعًا قوميًّا أو اقتصاديًّا أو جغرافيًّا لنفي الغاية منه، وإخضاعه لمعيار الرِّبح والخسارة؛ فهو جاهل أو سفيه أو مأجورٌ يُحجَر عليه، ولا يُسمح له بالرّأي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق