في عالم هذا حاله!
كاتب وباحث، ماجستير في الفكر الديني الاسلامي، كردستان.
في مؤتمر صحفي في سراييفو سنة 1995، سأل صحفي الرئيس علي عزت بيغوفيتش: ماذا كنت تقصد بقولك "في عالم هذا حاله"؟
وكان بيغوفيتش قد قال هذه الجملة ضمن خطاب وجهه إلى الشعب البوسني المسلم، الذي كان دائمًا يوجه إليه الحديث.. استعمل هذا التعبير بعد اتفاق دايتون لإنهاء الحرب مع الصرب، بدعم أوروبي شبه مطلق، أراد تلخيص حالة العالم الحرّ المتحضر البائس إنسانيًا؛ فقد حاصروا البوسنيين، بينما فتحوا الطرق كلها أمام الصرب للتسلح، وكذلك فإن الدعم الدبلوماسي لصربيا قابله محاصرة دبلوماسية للبوسنة، وذلك من أجل إجبارها على قبول الشروط الصربية لوقف الحرب.
وقد شرح علي بيغوفيتش مقصده من الجملة المسؤول عنها، وهو شرح لواقع العالم الذي فقد الشعور والإحساس الإنساني، وكان قصده أنه في العالم الذي تخلى عن مبادئه التي أسس لها بنفسه عن حقوق الإنسان، وشرّع لمبدأ القوة في العلاقات الدولية، العالم الذي حاصر المعتدى عليه، وفتح الطرق أمام المعتدي للتزود بكل شيء ومنه السلاح، العالم الذي لم يخجل فيه الاتحاد الأوروبي من التعامل السلبي مع الحرب ضد دولة هو اعترف بسيادتها..
وفي العالم الذي يُقتل فيه البريء، ويمارس التجويع بحقه، في عالم هذا حاله.. هذا كل ما نستطيع الحصول عليه بعد التضحيات الكبيرة.
في عالم هذا حاله يتوقف مجلس الأمن عن العمل، وتتعطل المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية ويُهدَد موظفوها، وفي هذا العالم تُهان منظمة الأمم المتحدة وترمى قراراتها في البحر داخل المياه الإقليمية في إسرائيل
ففي عالم هذا حاله تحدث كل هذه المظالم، ويجبر صاحب الحق على التنازل عن حقه لمن يريد الغصب، وتزهق كل هذه الأرواح البريئة ظلمًا، وتستعمل نعم الله والتجويع كسلاح في الحرب، تُحطّم الأبنية وتُدمّر المدن والقرى تدميرًا كاملًا، ويتحول العمران إلى ساحات خالية من معالم الحياة ومؤشراتها.
في عالم هذا حاله يستلم الوالد 18 كيلوغرامًا من الأشلاء على أنها بقايا جثة ابنه لدفنها!. مزقته صواريخ العالم الحرّ من دون تحديد الهوية الشخصية، كما هو في غزة، في حين تدفن الحيوانات في مكان يراه أصحابها المكان اللائق، وفاء لحسنها للمحبة المكنونة في القلوب تجاهها.
وفي عالم هذا حاله يتوقف مجلس الأمن عن العمل، وتتعطل المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية ويهدَد موظفوها، وفي هذا العالم تُهان منظمة الأمم المتحدة وترمى قراراتها في البحر داخل المياه الإقليمية في إسرائيل، وتعلن دولةٌ مارقة على النظام الدولي الأمينَ العام للأمم المتحدة "أنطونيو غوتيريش" شخصًا غير مرغوب فيه، وتمتنع تلك الدولة عن منح مسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي "جوزيب بوريل" تأشيرة الدخول إلى الأراضي الفلسطينية.
في هذا العالم، تبرز القوة العظمى التي كانت وما زالت ترفع راية الحقوق ونشر الحريات، وتعتبر أنها تقود العالم المتحضر في مجابهة عالم الشر، هذه القوة تقف في وجه جميع المؤسسات الدولية التي أُسست بعد الحرب العالمية الثانية كسبيل لعلاج التوترات في العالم، وقطع الطريق على نشوب حرب كونية ثالثة ووأدها في مهدها.. هذه القوة أعادت العالم إلى ما قبل قرنين من الزمان، وربما أكثر، لتتكرر المشاهد ذاتها التي كانت تُكوّم فيها الجثث نتيجة النزاعات الدموية بين الممالك الغربية، وكذلك بين الشعوب داخل أراضي أميركا الشمالية.
عادت تلك الروح القديمة العطشى إلى الدماء، لحفر أودية تسيل فيها دماء جديدة، وهي التي تقوم بإسالة هذه الدماء في تلك الأودية، هي الروح ذاتها التي ذبحت الهنود الحمر، وتاجرت بالسود من أفريقيا عبر البحار، ورمتهم طعامًا للحيتان عند الشعور بثقل السفينة واحتمال غرقها..
في عالم هذا حاله، تحدث مجزرة النصيرات في غزة، ومذبحة الفجر في مدرسة التابعين عند التكبيرة الأولى لصلاة الفجر، وتنهش الكلاب أجساد الأحياء العزل من وسائل الدفاع، كما تنهش جثث الموتى المرمية في الشوارع والأزقة.
في عالم هذا حاله يغتصب السجين، ويهان الأسير، وتداس المواثيق الضامنة لحقوق السجناء والأسرى، لأنّ ما يحكم هذا العالم ليس قانون غاب، وإنما غابات الأمازون التي قرأنا عنها ورأيناها في الأفلام، ورأينا الوحوش غير البشرية التي تعيش فيها.. قوانينها هي الحاكمة في العالم، وفي الشرق الأوسط على وجه التعيين، وفي الحرب الدائرة على غزة ولبنان بشكل أخص.
في هذا العالم، في الدانمارك، وبعد 334 عامًا من سن قانون "التجديف" الذي يمنع الهجوم العلني على الأديان، ألغى البرلمان القانون سنة 2017، ولذلك وُجد هناك عديدون من المتهجمين على الإسلام ونبيه لتمتعهم في الدانمارك بحرية محمية من القانون والمحاكم، لكن- في المقابل- الحكومة منعت حرية المحكمة من النظر بمسألة تزويد إسرائيل بالسلاح وإصدار قرار بشأنها، ما دعا منظمة العفو الدولية لتوجيه الانتقاد للحكومة الدانماركية.
في عالم هذا حاله لا بدّ من نبي، وبما أن النبوة ختمت، فلا مفر من منهج النبي، والنبوة التي تتعامل مع الإنسان بالمنهج الذي جاء من خالق الإنسان، والعارف بما يصلح حال عالمه
لقد لخص رئيس الوزراء ووزير الخارجية الفرنسية السابق "دومينيك دوفيلبان" هذه الحرب بجملة الأوصاف التالية:
في عالم هذا حاله يتوقف مجلس الأمن عن العمل، وتتعطل المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية ويُهدَد موظفوها، وفي هذا العالم تُهان منظمة الأمم المتحدة وترمى قراراتها في البحر داخل المياه الإقليمية في إسرائيل
ففي عالم هذا حاله تحدث كل هذه المظالم، ويجبر صاحب الحق على التنازل عن حقه لمن يريد الغصب، وتزهق كل هذه الأرواح البريئة ظلمًا، وتستعمل نعم الله والتجويع كسلاح في الحرب، تُحطّم الأبنية وتُدمّر المدن والقرى تدميرًا كاملًا، ويتحول العمران إلى ساحات خالية من معالم الحياة ومؤشراتها.
في عالم هذا حاله يستلم الوالد 18 كيلوغرامًا من الأشلاء على أنها بقايا جثة ابنه لدفنها!. مزقته صواريخ العالم الحرّ من دون تحديد الهوية الشخصية، كما هو في غزة، في حين تدفن الحيوانات في مكان يراه أصحابها المكان اللائق، وفاء لحسنها للمحبة المكنونة في القلوب تجاهها.
وفي عالم هذا حاله يتوقف مجلس الأمن عن العمل، وتتعطل المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية ويهدَد موظفوها، وفي هذا العالم تُهان منظمة الأمم المتحدة وترمى قراراتها في البحر داخل المياه الإقليمية في إسرائيل، وتعلن دولةٌ مارقة على النظام الدولي الأمينَ العام للأمم المتحدة "أنطونيو غوتيريش" شخصًا غير مرغوب فيه، وتمتنع تلك الدولة عن منح مسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي "جوزيب بوريل" تأشيرة الدخول إلى الأراضي الفلسطينية.
في هذا العالم، تبرز القوة العظمى التي كانت وما زالت ترفع راية الحقوق ونشر الحريات، وتعتبر أنها تقود العالم المتحضر في مجابهة عالم الشر، هذه القوة تقف في وجه جميع المؤسسات الدولية التي أُسست بعد الحرب العالمية الثانية كسبيل لعلاج التوترات في العالم، وقطع الطريق على نشوب حرب كونية ثالثة ووأدها في مهدها.. هذه القوة أعادت العالم إلى ما قبل قرنين من الزمان، وربما أكثر، لتتكرر المشاهد ذاتها التي كانت تُكوّم فيها الجثث نتيجة النزاعات الدموية بين الممالك الغربية، وكذلك بين الشعوب داخل أراضي أميركا الشمالية.
في هذا العالم، في الدانمارك، وبعد 334 عامًا من سن قانون "التجديف" الذي يمنع الهجوم العلني على الأديان، ألغى البرلمان القانون سنة 2017، ولذلك وُجد هناك عديدون من المتهجمين على الإسلام ونبيه لتمتعهم في الدانمارك بحرية محمية من القانون والمحاكم
عادت تلك الروح القديمة العطشى إلى الدماء، لحفر أودية تسيل فيها دماء جديدة، وهي التي تقوم بإسالة هذه الدماء في تلك الأودية، هي الروح ذاتها التي ذبحت الهنود الحمر، وتاجرت بالسود من أفريقيا عبر البحار، ورمتهم طعامًا للحيتان عند الشعور بثقل السفينة واحتمال غرقها..
في عالم هذا حاله، تحدث مجزرة النصيرات في غزة، ومذبحة الفجر في مدرسة التابعين عند التكبيرة الأولى لصلاة الفجر، وتنهش الكلاب أجساد الأحياء العزل من وسائل الدفاع، كما تنهش جثث الموتى المرمية في الشوارع والأزقة.
في عالم هذا حاله يغتصب السجين، ويهان الأسير، وتداس المواثيق الضامنة لحقوق السجناء والأسرى، لأنّ ما يحكم هذا العالم ليس قانون غاب، وإنما غابات الأمازون التي قرأنا عنها ورأيناها في الأفلام، ورأينا الوحوش غير البشرية التي تعيش فيها.. قوانينها هي الحاكمة في العالم، وفي الشرق الأوسط على وجه التعيين، وفي الحرب الدائرة على غزة ولبنان بشكل أخص.
في هذا العالم، في الدانمارك، وبعد 334 عامًا من سن قانون "التجديف" الذي يمنع الهجوم العلني على الأديان، ألغى البرلمان القانون سنة 2017، ولذلك وُجد هناك عديدون من المتهجمين على الإسلام ونبيه لتمتعهم في الدانمارك بحرية محمية من القانون والمحاكم، لكن- في المقابل- الحكومة منعت حرية المحكمة من النظر بمسألة تزويد إسرائيل بالسلاح وإصدار قرار بشأنها، ما دعا منظمة العفو الدولية لتوجيه الانتقاد للحكومة الدانماركية.
في عالم هذا حاله لا بدّ من نبي، وبما أن النبوة ختمت، فلا مفر من منهج النبي، والنبوة التي تتعامل مع الإنسان بالمنهج الذي جاء من خالق الإنسان، والعارف بما يصلح حال عالمه
في هذا العالم، المثلية الجنسية واحدة من الحقوق التي تهدد الحكومات من أجل تأمينها وتطبيعها مجتمعيًا، لكن حق تقرير المصير المنصوص عليه في المعاهدات الدولية، وحق طرد المحتل تنفيذه معلق.
لقد لخص رئيس الوزراء ووزير الخارجية الفرنسية السابق "دومينيك دوفيلبان" هذه الحرب بجملة الأوصاف التالية:
إن ما يحدث في غزة هو أكبر فضيحة تاريخية، لا أحد يتحدث عنها في هذا البلد (فرنسا)، إنه الصمت المطلق، إنها فضيحة حقيقية بشأن الديمقرطية، يجب البحث في غوغل لمعرفة عدد القتلى في برقية صغيرة، وكل هذا تحت ماذا؟ تحت اسم الحرب، هذه الحرب هي هكذا، ليست مثل الحروب الأخرى في غزة، لأن المدنيين هم الذين يموتون، في غزة الأجساد محطمة، والقلوب محطمة، والأرواح محطمة، والرؤوس محطمة".
فهي فضيحة، وليست فضيحة مقيدة بمكان محدد أو زمن معين، وإنما هي فضيحة تاريخية، لكن المفضوح سلفًا لا يشعرُ بوقع ثقل الفضائح المتتالية عليه. وربما يُشكّل تقبل الفضيحة مبدأ من مبادئ ممارسة السياسة والسلطة لديه.
في عالم هذا حاله لا بدّ من نبي، وبما أن النبوة ختمت، فلا مفرَّ من منهج النبي، والنبوة التي تتعامل مع الإنسان بالمنهج الذي جاء من خالق الإنسان، والعارف بما يصلح حال عالمه.
فهي فضيحة، وليست فضيحة مقيدة بمكان محدد أو زمن معين، وإنما هي فضيحة تاريخية، لكن المفضوح سلفًا لا يشعرُ بوقع ثقل الفضائح المتتالية عليه. وربما يُشكّل تقبل الفضيحة مبدأ من مبادئ ممارسة السياسة والسلطة لديه.
في عالم هذا حاله لا بدّ من نبي، وبما أن النبوة ختمت، فلا مفرَّ من منهج النبي، والنبوة التي تتعامل مع الإنسان بالمنهج الذي جاء من خالق الإنسان، والعارف بما يصلح حال عالمه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق