الأحد، 27 أكتوبر 2024

“قطوفٌ من سِفرِ المجاهد السنوار”..

“قطوفٌ من سِفرِ المجاهد السنوار”..

شعر: محمد التميمي


اللهُ أكـــــبــــرُ إنَّـــــهــــا الأقــــــــدارُ 

قـــد شــاءَهـا فـــي خَـلْـقِـهِ الـجـبَّـارُ

وأرادهـــا لِـمَـن اصـطـفى مــن أمَّــةٍ 

ذلَّـــــتْ يـــديــرُ شــؤونَـهـا الــفـجَّـارُ

لــكـنَّ فـرسـانَ الـعـقيدةِ مــا انـثـنى 

عـــن نـهـجـها فــي عـصـرِه الـمـغوارُ

ومـشيئةُ الـرحمنِ مـااختارتْ سـوى

مَـــن فـــي حـنـايـا قـلـبِـه الإصـــرارُ

فــيـهـا أتــــتْ لـلـصَّـالـحين مــكـانـةٌ

يــشـتـاقُـهـا الــفــضــلاءُ والأبــــــرارُ

مَـــن بـايـعوا ربَّ الـسَّـماءِ وأزمـعـوا 

 ألاَّ يــفــوتَ ركـابَـهـم مـــا اخــتـاروا

وهــــي الـشَّـهـادةُ عــذبـةٌ نـفـحـاتُها 

ولأهــلــهـا الـــرضــوانُ والأوطـــــارُ

فـي ظـلِّ ربِّ الـعرشِ فـي فــــردوسِه  

مــا نــالــهــا الــسُّــفــهـاءُ والـــكــفَّــارُ

هـــذا زمـــانُ الـفـصلِ مـا نـالَ الــذي

أخـــــوى فـــخــارًا نــالــه الأنــصــارُ

أو أذعــنــوا فــيـهـا لـطـاغـيـةِ ولـــم

يــطــوِ امـتـشـاقَ سـيـوفـهم خــتَّـارُ

زكَّــــى قــلـوبَ صـفـوفِـهم قـرآنُـهـم

والـــسُّــنَّــةُ الــــغـــرَّاءُ والأســـحـــارُ

ورأوا بـأمـجادٍ مـضـت قـيـمَ الـهـدى

قـــــد جــاءَنــا بـجـلالِـهـا الـمـخـتـارُ

وبـشـائر الـهـادي وهـا هـي لــم تــزلْ

 تــحـيـي قــلـوبـا بـالـحـديـثِ تُــثــارُ

ومـضـى يـقـارعُ ذا الـعـدوَّ مـجـاهدا

 فــــي الــســاحِ أرعــبَـهـم لـه تـــزآرُ

الـضَّـيـغـمُ الـشَّـهـم الأبـــيُّ أعــادهـا

قــدســيَّـةً شــهــدتْ لــــه الأقــطــارُ

مــا هـابَ سـجـنا لـلـغزاةِ ولــم يـكـن 

إلا الــشـجـاعَ ومــــا طــــواه إســـارُ

تـأبـى الـبـطولةُ أن تُــرى فــي خـائنٍ

قـــد نـــالَ وِجـهـتَـه الـمـقـيتةَ عـــارُ

أو مــرجــفٍ مـتـصـهـينٍ أو عــــازفٍ 

لــحــنَ الـخـنـوعِ فـبـئـست الأوتـــارُ

وهــي الـرعونةُ والـخيانةُ شـأنُ مَـن  

لــعــبـتْ بــوجــهـةِ غـــيِّــه الأوتــــارُ

مـن حـول مـائدة الـصهاينةِ الـذين 

تــصــهــيـنُـوا اجــتــالـتْـهُـمُ الأوزارُ

الــمـالُ والـنـسـوانُ والـتـرفـيهُ فــي

زمـــــنٍ يــعــيـثُ بــأهـلِـه الأشــــرارُ

هـــم يـشـمتون مــن الـذيـن تـسـنَّوا

عــــرشَ الــفـخـارِ وسـيـفُـهـم بــتَّـارُ

والـضـيـغـمُ الــحـرُّ الـهـزبـرُ أعــادهـا

فــــي الــعـصـرِ إســلامـيـةً تُــخـتـارُ

فَـهُمُ كـرامُ الـقومِ بـل هـم في الورى 

الـمُـصْـطَـفَـوْنَ الـــيــومَ والأخـــيــارُ

وإمــامــهــم يــاسـيـنُـهـم وهــنــيَّــةٌ 

وألـــــوفُ مـــــن إخــوانـهـم ثُــــوَّارُ

هــا هُـم أمـــام تـعـنُّتِ الـطـاغين مــا  

بــرحــوا هـــمُ الـفـرسـانُ والأحـــرارُ

لـــم يـرهـبـوا مـالـلعدوِّ مــن الـقـوى 

ومــــن الـتـآمـرِ أهــلُـه قـــد حـــاروا

والـنـاسُ تـكـرهُهُم وتـمـقتُ عـهدَهم 

عـــهــدا بـــــه دمُ صــبـرِهـم فــــوَّارُ

إذ جــاءَ لـلـميدانِ مَــن فــي وجـهـه 

نــــورُ الــخــلاصِ فـنـعـمتِ الأنـــوارُ

مــن ثـالـث الـحـرمين مــن مـحرابه 

خـــــرج الـــفــدا وتــخــرَّجُ الــكــرَّارُ

والـمـرجـفون أذلـــة فـــي جـحـرهم 

وكـــيــان خــسَّـتـهـم بــهــم يــنـهـارُ

مـــن أيـــن جــاؤونـا وقـــادوا أمَّـــةً 

كــانــت تــصــولُ وجـيـشُـها جـــرَّارُ

نُـصِـرتْ عـلـى أعـدائها بـالرعبِ فـي 

زمـــنٍ بـــه صــيـدُ الــرجـالِ أغــاروا

لــم يـخـضعوا لـلفرسِ والـرومانِ أو 

هـــم أذعــنـوا بـعـهودِهم أو جــارُوا

ولـيسألِ الـتاريخَ مَـن خضعوا تُجِبْ  

عــنــهـم بـــرغــمِ أنـــوفــه أخـــبــارُ

ويشاءُ ربُّ العرشِ أن تصحو فكانَ 

 صـبـاحُها فــي الـعتمة الـسِّنوارُ(4)

هـــذا الـمـجـاهد والـمـقـاتلُ والـــذي  

نـــــالَ الــشــهـادةَ رِدْنُــهــا مــعـطـارُ

لـبَّى الـنِّدا فـي غـمرِ سـاحات الوغى  

 يــفــدي الـعـقـيـدةَ دونــهـا الأعــمـارُ

ويــــداهُ فــيـهـا تـحـمـلان ســلاحـه  

والــسَّــاحُ تــشـهـدُ والــلـقـاءُ غِــمـارُ

قـــــد أرعــبــتْ كــفَّــاهُ صـهـيـونـيَّةً

 فــيــهــا لــفــيـف عـــدوِّنــا والـــنَّــارُ

فــيــهـا الــتــآمـرُ والــتَّـجـبُّـرُ والأذى

والـــمــوتُ والـتـدمـيـرُ والإعــصــارُ

لـكـنَّـه الـقـلـبُ الـــذي لـــم يـرتـجف  

مـــــن هـــــؤلاء ولا لـــــواهُ شِـــــرارُ

بــــل خـاضَـهـا الـسـنـوارُ إسـلامـيَّـةً 

يــحـمـى حــمـاهـا الــواحـدُ الـقـهـارُ

حــاشـا لـــربِّ الـعـالمين بــأن يـمـرَّ 

عُـتُـوُّهـم عـبـثًا وهــم مَــن جــارُوا

ولـها انـتضى الـسنوارُ صـدقَ عزيمةٍ

 لـــلـــهِ بــــــل غـــابـــت الأخـــطـــارُ

مَــن جــدَّ فــي طـلب الـشهادةِ نـالها  

 مـــــــا غــــــرَّه جــــــــــــاهٌ ولا دولارُ

أو هـــــزَّه جــمــعُ الأعــــادي إنــهــم 

 يـــوم انـتـخى ولَّــى الـونـى والـعـارُ

قـد جـاء يـبغي اللهَ في ساح الوغى 

مــا عــاقــه الأهـــلـــون والأصـــهــارُ

يــــدري ويــعـلـمُ أنَّـــه حـــان الـلـقـا

مــع ســادة الـشـهداءِ إذ هـم سـارُوا

ســـاروا وخـلـفَـهُمُ الــذيـن تـخـلَّـفوا

 ولأُمَّـــــةٍ تــحــت الــظــلامِ أنــــارُوا

فـالـعيشُ يُـطوى والـحياة سـتنتهي  

والــظـالـمـون لـــهــم هـــنــاك تــبــارُ

والـصـالـحون لــهـم مــنـازلُ رفــعـةٍ  

فــــي جــنَّــة طــوبـى هُـــمُ الـعُـمَّـارُ

هــذا الأبــيُّ وغـيـرُه مِــن ركـبِ مَـن  

بــاعـوا الـحـيـاة لـربِّـهـم مــا جــارُوا

وهـم الـذين استنكروا ظلمَ الطغاةِ

وبــغـيـهـم فــلــهـم هــنــا الإكــبــارُ

صـفـحـاتُ ظــلـمٍ ســطَّـرتْ أيـامُـهم

عــبــر الـسـجـون وصـوتُـهـم هـــدَّارُ

ومـضوا إلـى الرحمن يحبو خطوَهم  

لــطــفُ الــكـريـمِ ولـلـكـريـمِ جِـــوارُ

مـــا أعـــذبَ الـلـقـيا بـوجـه مُـحَـمَّدٍ   

حــيــثُ الـنـعـيمُ وخــيـرُه الــمـدرارُ

ولــهـم بـدنـيـاهم عــواقـبُ دمَّـــرتْ  

 ذاتَ الأثــــيـــمِ ألــيــمُــهـا جـــــــزَّارُ

ولــقــد رأوا قــبـل الـمـمـات مـآلـهـم

مـــا هـالـهـم لـــو تـكـشفُ الأسـتـارُ !

أيــــام نــــزع الــــروحِ أو سـاعـاتـها 

يـنـسـى امـتـشـاقَ غـــرورِه الـخـتَّارُ

هـيـهـات أن تُـنـسـى لـيـالـي بـغـيهم 

أو تُـــقــبــلَ الآهــــــاتُ والأعــــــذارُ

بـــاؤوا بــمـا أيـديـهُـمُ فـيـهـا جـنـتْ  

ومــضــى لــهــم بـزمـانـها اسـتـكـبارُ

ظـلموا وعـاثوا فـي الـبلاد وحـاربوا  

ديـــنـــا إلــيــهــم أنــــــزلَ الــغــفَّــارُ

لـكـنَّهم عـكـفوا عـلى مـللِ الـضَّلالةِ

فـاسْـتُبيحَتْ فــي الــورى الأسـفارُ

قـــــد أتــلـفـوهـا عــنــوةً وعــــداوةً 

وبـــمـــا لــمــكـرٍ تــشــهـدُ الأوكـــــارُ

لــكــنَّـه الــديَّــانُ يــفـضـحُ أمــرَهــم

ويـتـيـهُ فـــي ظـلـمائها مَــن ســاروا

كــم ظـالم مـن قـبلهم ذاق الـمرارةَ

 وانــطـوتْ فـــي لــحـده الأوطـــارُ

وتـبـعـثرتْ حـلـمـا كـــأنْ لــمَّـا تــكـنْ 

والـــجــاهُ ولَّـــــى والــتَّــبـارُ دثـــــارُ

هـــم هـــؤلاء الـنـخـبة الـسُّـفهاءُ مــا  

 نــــالـــوا إذِ اجــتـالـتْـهُـمُ الأقــــــدارُ

فــتـبـخَّـرتْ أحــلامُــهـم وتــهـدَّمـتْ   

أركـــانُــهــم وحــصــونُـهـم تــنــهــارُ

فـلـك الـخلودُ بـجنَّةِ الـرحمن فـيها

إخــــوةٌ لـــك فـــي الــوغـى أبـــرارُ

عـانقتَهُم مـن قـبلُ فـي ساحِ الوغى

 والــيــومَ طـــابَ الـخـلـدُ والـتـذكـارُ

مــا زلــتَ حــيًّــا فــــي حـنـايـا أمَّـــةٍ 

أبــنــاؤُهــا هـــبُّــوا فـــهــم أحـــــرارُ

آبُـــــوا إلـــــى مــولاهُــمُ ولــهــم إذا  

سـألـوهُ فــي لـيـل سـجـى اسـتـغفارُ

مَن آمنـــــــــــــــوا باللهِ ما أغواهُـمُ

هذا الهـــــوى المرذولُ والدولارُ(1)

هذا الأبيُّ الفــــــــــارسُ الصنديدُ قد

 نالَ الشــــــــــهادةَ إنَّــه الخطَّـارُ(2)

ملكتْ رحابَ الأرض رحمـةُ شـرعةٍ

فوَّاحُهــــــــــا الإيمـــانُ والإبكارُ (3)

والآخــــــــــــــرون إلى جهنَّم قادَهم

ظلمٌ عظيمٌ فالجــــــــــــــــــزاءُ النَّــارُ


هوامش :

(1) المرذول: يقال رَجُلٌ مَرْذُول : خَسِيسٌ، رَدِيءٌ.

(2) الخطار: الخَطَّار الذي يرفع الرمح ويلوح به.

(3) الإبكار: أَول النهار إِلى طلوع الشمس، ومنه في التنزيل العزيز: (وَسَبِّحْ بالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ ـــــــ 41/ آل عمران )، والإبكار من مزايا الصالحين في العبادة، وفي بقية الأعمال ذات الاهتمام من قِبلِ أولئك الصالحين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق