قراءة في كتاب:رقائق القرآن
اسم الكتاب: "رقائق القرآن"
الكاتب :إبراهيم عمر السكران*
نشر سنة 2014
175 صفحة
نبذة عن كتاب رقائق القرآن
- كتاب رقائق القرآن هو كتاب يشبه الرساله الدينية، كتبه المؤلف إبراهيم بن عمر السكران.
- يتضمن الكتاب كل معاني الدين والايمان الذي تضمنها القرآن الكريم.
- فسر فى هذا الكتاب مشاكل الحياة وكيفية حلها بالقرآن الكريم، فهو رسالة ذات مضمون عميق ومفيد للإنسان.
- كتب المؤلف الكتاب تحت دافع العصر الذي يعيش فيه، وما يمر بيه الإنسان طوال يومه من الصباح حتى المساء، بالإضافة إلى المشاهدات الاجتماعية الذي مر بها المؤلف طوال حياته فى ضوء القرآن الكريم وآياته.
- كشف الكتاب اسرار القرآن الكريم فى تزكية النفوس، ونقاء القلوب، وشفاء النفس من المساوء، وجمال الأخلاق، والرقي الذاتي، ووصفه بأنه ليس ثورة معلومات او اتصالات فقط بل هو ثورة الدين والأخلاق والنفوس الصالحة.
- يبدأ المؤلف فى كتابه بسؤال: هل نظم الاتصالات المعاصرة مشكلة؟ ويأتي الجواب عليه: لا، بل هي نعمة من الله يجب تسخيرها فيما يرضيه، لا فيما يسخطه.
- يتضمن مضمون الكتاب بعض التساؤلات الذي يطرحها المؤلف على نفسه وعلى قارئه مثل: ألم يحن لنا أن نستقطع وقتاً نهرب فيه من هذا التطاحن المعاصر؛ لنعيد شحن أرواحنا بنسيم الإيمان…؟ ألم يأن لنا أن نرقق قلوبنا بالقرآن…؟
يتضمن الكتاب 12 عنواناً رئيسياً، ومقدمة، وخاتمة إليك البعض منهم:
- ذهول الحقائق: يقدم فيه فكره ان الموت هو أمر لا مفر منه فلكل إنسان ساعة محدده لا تحتمل التأخير ولا التقديم.
- لحظة فداء: يعني فيه ان الإنسان يوم القيامة لا يهتم بأعز الناس إليه مستشهداً بقول الله تعالي {يود المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه}
- الإطراق الأخير: يوضح حقيقيه لقاء الله، فالكثير منا يتخافل لقاء ربهم، فيجب على الإنسان ان يبذل قصاره جهده ليستطيع ان يقف امام الله بقلب سليم، متحلي بالأخلاث الحسنه، والنية السليمة، والأعمال الصالحة.
- فضل الصخور على القلوب: يوضح المؤلف هنا أهمية القلب، كما ذكر فى القرآن الكريم، لأن قساوة القلب قد تخسره قدره الاتصال بالله عز وجل.
- الساعة الخامسة والسابعة صباحاً: يعد هذا العنوان من أخف العناوين حيث يقارن المؤلف بين الساعه الخامسة موعد صلاه الفجر، وبين الساعة السادسة حيث انشغال الناس بأمور الدنيا ومشاكلها.
- السجود بين السهام: يتحدث المؤلف عن الانقطاع عن الصلاه مبيناً مدي أهمية الصلاه فى حياة الدنيا والآخره، وأنها من الأشياء الذي أوصي الله ورسوله عليه، فبالصلاه ينحل كل شئ.
- السهر المجهول: يذكر هنا المؤلف السهر بمعني فيام الليل الذي يغفل عنه الكثير من الناس، وذكر مدي اهمية قيام الليل الذي أوصي بها الله، وانها احد معايير العلم واستشهد بقول {أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولو الألباب}.
- هل مجتمعنا خير من مجتمع رسول الله صلى الله عليه وسلم: يتحدث هنا عن النفاق وانه لا يوجد مجتمع لا يخلو من النفاق حتى مجتمع النبي صلي الله عليه وسلم الذي نزل فيه الوحي والمعجزات، وأوضح ان النفاق هو نتيجة لشئ معين.
مقتبسات
- أي أن الإنسان قد يقوم بأقوال أو أفعال فيها مصادمة لكتاب الله تقوده للنفاق وهو لايعلم! وليس بالضرورة أن يكون النفاق “إرادة واعية” ـ” .
- “أن القرآن اعتبر العلم بثمرته لا بآلته فقط، وثمرة العلم العبودية لله، فمن ضيع الثمرة لم تنفعه الآلة.”
-------------
كتاب بعنوان "رقائق القرآن" لمؤلفه إبراهيم عمر السكران، تضمن نظرات وخطرات في بعض معاني الإيمان والتدين التي استعرضها القرآن، إنه كتاب أشبه بالرسالة لكنها رسالة غزيرة المضمون، عميمة الفائدة، تمس مشكلات الواقع، وتطرح الحلول في ضوء القرآن الكريم؛ رسالة في جوهرها مشاهدات اجتماعية، مر بها كاتبها، ثم عرضها تحت سراج القرآن الكريم، وانكشف له فيها معان أخاذة في ترقيق القلوب، وتلينها، وتزكيتها، وتطهيرها، وإعادتها لمسارها الطبيعي.
وكان دافع المؤلف لوضع هذه الرسالة -الكتاب- ما يعيشه إنسان العصر عموماً، والمسلم على وجه الخصوص، من استغراق في الأعمال والمهام تستنزف وقته من صباح يومه، إلى وقت نومه، تبدأ بدوام مضٍ، ورسالة جوال، وبريد (إلكتروني)، وتعليق (فيسبوكي)، وخبر (تويتري)، ومقطع (يوتيوبي)، وتنقُّل بين الفضائيات، وصُراخ منبهات في طرق مكتظة، وأعمال مؤجلة، كلما تذكرها الإنسان، قرصه الهمَّ، والتزامات اجتماعية آخذ بعضها بركاب بعض...إضافة إلى المشاهدات الاجتماعية التي عايشها الكاتب في حياته اليومية، والتي أخذ يتأملها في ضوء القرآن الكريم، والتنقل بين آياتها، وتقليب معانيها، واستخلاص هداياتها.
وقد كانت تلك التأملات لا تزيد الكاتب إلا دهشة من أسرار القرآن الكريم في تليين القلوب وترقيقها، وتزكية النفوس وتهذيبها، وبناء السمو والرقي والجمال الأخلاقي والتعبدي فيها.
يطرح المؤلف في مقدمة كتابه السؤال التالي: هل نظم الاتصالات المعاصرة مشكلة؟ ويأتي الجواب سريعاً: لا، بل هي نعمة من الله يجب تسخيرها فيما يرضيه، لا فيما يسخطه، ويردف بالقول: "لقد جنينا منها الكثير، نعم ربحنا، لكن لا أدري، أشعر أننا خسرنا "الصفاء"؛ صفاء الذهن، وخلو البال، والتأمل الرقراق حين يتطامن السكون من حولك...حين يكون الإنسان في فلاة من الأرض، وتناديه عشرات الأصوات تتناهشه من كل جهة، فإنه لا يزداد إلا تيهاً وذهولاً، وأرانا ذلك الرجل الذاهل بين ضجيج المدينة المعاصرة...وخصوصاً إذا انضاف إلى ذلك أنماط الترفيه التي غزت حياتنا، والاسترسال في السهرات مع الأصدقاء في استراحات الضياع".
ويستطرد المؤلف فيقول: "ومن أفظع نتائج هذا الانهماك المضني في تروس المدينة المعاصرة تلك القسوة التي تدب إلى القلوب فستنزف الإيمان، وتفرغ السكينة الداخلية، حتى صارت شكوى شائعة...".
ثم يطرح المؤلف على نفسه وعلى قارئه الأسئلة التالية:
ألم يحن لنا أن نستقطع وقتاً نهرب فيه من هذا التطاحن المعاصر؛ لنعيد شحن أرواحنا بنسيم الإيمان...؟
ألم يأن لنا أن نرقق قلوبنا بالقرآن...؟
ويقرر الكاتب حقيقة مفادها: أن كون القرآن الكريم هو المـَفْزَع في عصر ثورة الاتصالات والمعلومات، بل وفي كل عصر لتزكية النفوس، وترقيق القلوب، وتصفية الأرواح، وانتشالها من الثقلة الأرضية -وإن شئت قل: من الجاذبية الأرضية- ليس استنباطاً أو وجهة نظر للكاتب، بل هو حقيقة دلَّ عليها القرآن ذاته، ألم يقل سبحانه في محكم كتابه: {فذكر بالقرآن من يخاف وعيد} (القرآن الكريم:45)، وألم يقل تعالى: {قل إنما أنذركم بالوحي} (الأنبياء:45)، وألم يصف القرآن الكريم نفسه بأنه موعظة للناس وشفاء لما في الصدور: {يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين} (يونس:57).
مضمون الكتاب
تضمن الكتاب اثني عشر عنواناً، إضافة إلى المقدمة والخاتمة، وقد جاءت العناوين وفق التالي:
- ذهول الحقائق: يستحضر الكاتب تحت هذا العنوان قصة صاحب عزيز عليه، فَجَأه الموت على حين غرة، ثم يتصور الكاتب وهو في مجلس عزاء ذلك الشخص أن المعزين يظنون أن المصيبة مصيبة غيرهم، وينسون أن هناك ساعة سُجلت لكل منهم، سيغادر فيها هذه الحياة إلى غير رجعى، وأن كل منا يقترب من هذه اللحظة الحاسمة للانتقال للدار الآخرة، والمسكن الأبدي. فالفكرة التي يريد أن يوصلها الكاتب هنا، هي أن اللحظة التي تنتظر كلًّا منا لا تحتمل التأجيل، ولا التقديم، ساعة قررها الجبار عز وجل.
- لحظة فداء: يبين الكاتب هنا أن أهوال يوم القيامة تُنسي المرء أعز الناس إليه، ليس هذا فحسب، بل إن المرء من هول يومئذ يود ليتخلص مما هو فيه من الكرب والشدة أن يفتدي نفسه بأقرب الناس إليه، وهم بنيه وأمه وأبيه، وأصحابه وخلانه، فمحور الحديث هنا يدور على قوله تعالى: {يود المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه} (المعارج:11).
- الإطراق الأخير: تناول المؤلف تحت هذا العنوان أهمية استحضار لقاء الله، وحقيقة اليوم الآخر، وأن كثيراً من الناس عن لقاء ربهم لغافلون. وبين أن استحضار لقاء الله يغير من نفسية المؤمن وسلوكه؛ وأن من أهم ما يصنعه استحضار لقاء الله في النفوس الزهد في الفضول؛ فضول النظر، وفضول السماع، وفضول الثرثرة والكلام، وفضول الخلطة، وفضول النوم، وفضول تصفح الإنترنيت، ونحوها، فيصبح المرء لا ينفق نظره، ولا سمعه، ولا وقته إلا بحسب الحاجة.
- فضل الصخور على القلوب: يتحدث المؤلف هنا عن قسوة القلب، مبيناً أن القلب إذا قسا خسر القدرة على الاتصال بالله عز وجل، وأن قساوة القلب تحرم المرء من الوصول إلى مقامات الإيمان الرفيعة. وأن من أهم الأسباب التي تؤدي إلى قسوة القلب الغفلة عن ذكر الله. ويخلص المؤلف إلى أن قساوة القلب يجب أن لا تكون شيئاً هامشيًّا في حياتنا، وأن القرآن الكريم منح اهتماماً واضحاً لهذه الظاهرة، فوصفها، وشرح آثارها، وأسبابها، وهدد صراحة من وقع فيها.
- الساعة الخامسة والسابعة صباحاً: هذا العنوان من ألطف عناوين الكتاب حيث يقارن المؤلف بين الساعة الخامسة رامزاً بها إلى صلاة الفجر وأصحاب الفجر، وبين الساعة السابعة رامزاً بها إلى تدافع الناس وتهافتهم على شؤون الدنيا وشواغلها، ليقرر أن المقارنة الأليمة بين هاتين الساعتين هي أكثر صورة محرجة تكشف لنا كيف صارت الدنيا في نفوسنا أعظم من ديننا؛ ومن ثم يخلص المؤلف إلى أن المقارنة بين هاتين الساعتين هي من أهم المفاتيح لمن يعرف منزلة الدنيا في قلوبنا مقارنة بدين الله سبحانه.
- السجود بين السهام: يذكر المؤلف هنا بعض المشاهد الاجتماعية للتفريط في الصلاة، التي هي عمود الدين، والتي أوصى بالحفاظ عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يودع الدنيا، ويستقبل الآخرة، مبيناً الأهمية المطلقة للصلاة في ميزان الله سبحانه، وأن الصلاة يجب أن تكون أهم قضية عملية في حياتنا، وأن المؤمن إن كان صادقاً في إيمانه، محباً لمجتمعه ورأى ما آل إليه تطبيق هذه الفريضة لا يملك إلا أن تستبد به الحماسة لإحداث ثورة تصحيحية في وضع الصلاة في المجتمع.
- السهر المجهول: يقصد المؤلف هذا العنوان قيام الليل، وتقصير الكثير في هذه السنة المباركة، فيذكر أن السهر المجهول إنما هو سهر من نوع خاص، إنه سهر مع الله وكتابه، وقد جعل الله (السهر الإيماني) أحد معايير العلم {أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولو الألباب} (الزمر:9)، بالمقابل فإن ثمة أقواماً يذهب ليله في تصفح الإنترنيت، ومواقع التواصل الاجتماعي، ومشاهدة مقاطع اليوتيوب، وتعليقات تافهة، لا تقرب من الله، ويبخل على نفسه ركيعات في آخر الليل. ويخلص المؤلف إلى أن من أعظم وظائف (السهر الإيماني) هو الاستمداد من خزائن رحمة الله، إنها لحظات الدعم المفتوح.
- هل مجتمعنا خير من مجتمع رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحديث هنا حول ظاهرة النفاق، وأن هذه الظاهرة لا يخلو منها مجتمع من المجتمعات، حتى إن مجتمع النبي صلى الله عليه وسلم -الذي كان الوحي فيه يتنزل، والمعجزات تظهر على يده صلى الله عليه وسلم- ومع ذلك وقع تورط بعض الناس بالنفاق في ذلك المجتمع، فكيف بمجتمعاتنا؟ ومما قرره المؤلف هنا، أن النفاق أثر لتصرفات معينة، كثيراً ما يكون صاحبها لم يتوقع نتائجها، وليس النفاق قراراً يتخذه المرء.
- الراضون: يبين المؤلف تحت هذا العنوان أهمية التسبيح في حياة المؤمن، وأن التسبيح سبيل الرضا النفسي، استدلالاً بقوله تعالى: {وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ومن آناء الليل فسبح وأطراف النهار لعلك ترضى} (طه:130)، وقوله أيضاً: {ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون * فسبح بحمد ربك} (الحجر:97-98)، فالتسبيح -كما يذكر المؤلف- ترياق تستطب به النفوس، وتُداوى به الغموم، وتكشف به الكروب.
- أقوى الناس: يذكر المؤلف هنا أن القوة الحقيقة مرتبطة بقوة التوكل على الله لا بالتعلق بالأسباب، ويدلل لذلك بقول بعض السلف: "من سره أن يكون أقوى الناس، فليتوكل على الله"، فقوة التوكل هي المدد الحقيقي أمام صعوبات الحياة، ويتفاوت الناس في قوتهم، بحسب ما في قلوبهم من التوكل الشرعي. والتوكل على الله هو مقياس الإيمان والإسلام. كما أن التوكل من أعظم وسائل مكافحة مخاطر وسلطة الشيطان. ومن أراد أن يعرف ما هي (الطمأنينة) وما هي (السكينة) وأي هي شيء هو راحة البال فليجرب التوكل.
- كأنك تراه: يبين المؤلف تحت هذا العنوان أن ثمة علاقة وطيدة بين (وعد الله) و(عبودية اليقين) التي هي أعظم مراتب الدين فوق الإسلام والإيمان؛ فكلما تعاظم اليقين في قلب العبد، تنزلت عليه رحمات الله، وانفتحت له بركات القرآن، وأن اليقين هو الطريق إلى أعلى وصف من أوصاف التدين، وهو وصف الإمامة في الدين، وأي شرف لمنزلة (اليقين) أعظم من جعل الشارع لها أعظم مراتب الدين؟
- لم نفعلها، وحسبت علينا! ينبه المؤلف هنا إلى أننا كثيراً -من حيث نشعر أو لا نشعر- نقول أقوالاً، ونفعل أفعالاً، يكون لها أثر سيء عند المتلقين لها، فيعملون بها، فتكتب سيئات في صحائفنا يوم القيامة، ونحمل وزرها يوم الحساب؛ ومن ثم يحث قارئه أن يستحضر دوماً في مجالسه قوله تعالى: {ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم} (النحل:25). وقوله عز وجل: {وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم} (العنكبوت:13).
وعلى العموم فالكتاب جدير بالقراءة والتأمل، وفيه خير كثير، وخير ما فيه أنه يقوي الصلة بالله، ويجدد نفسية المؤمن، وينتشلها من زحمة الحياة، ومشاغلها، وهمومها، وغمومها؛ ليعود بها إلى هدي القرآن، الذي احتوى حقائق التدين، وأسرار العلاقة مع الله سبحانه، ودقائق التعامل مع الخلق.
صدرت الطبعة الأولى من الكتاب عن دار الحضارة للنشر والتوزيع في المملكة العربية السعودية/الرباض، سنة 1434ه-2014م، وجاء في خمس وسبعين ومائة صفحة.
" رقائق القرآن "1-
من الأمور التي كانت تثير انتباهي أن كل من رأيت من كبار السن الصالحين اللاهجين بذكر الله، أنهم يعيشون( رضا نفسيا) عجيبا ومدهشا...
وبكل صراحة فإن هاتين الظاهرتين
(التسبيح) و(الرضا النفسي )
لم تكونا مرتبطتين في ذهني بصورة واضحة، ولكن مرت بي آية من كتاب الله كأنها كشفت لي سر هذا المعنى،
وكيف يكون التسبيح سائر اليوم سببا من أسباب الرضا النفسي.
يقول الحق تبارك وتعالى:
(وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ومن آنائ الليل وأطراف النهار لعلك ترضى) ...
وقال ( ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين)
سبحان من جعل النفوس ترتوي بالرضا من ينابيع التسبيح!
رقائق القرآن "2-
كلما استطاع المسلم التخلص من الضباب الكثيف الذي يصنعه الإنهماك في الدنيا ، ومنح نفسه ساعة تأمل في لحظة صفاء،
وتذكر قرب لقاء الله فإنه سيتفاجأ بحيوية جديدة تدب في نفسه ، سيشعر كأنما قام قلبه باستحمام إيماني يزيل عنه العوالق والأوضار ، ستتغير نظرته لكثير من الأمور ..
ومن أهم مايصنعه استحضار لقاء الله في النفوس : الزهد في الفضول ، فضول النظر، وفضول السماع ، وفضول الإنترنت ، ونحوها ، فيصبح المرء لا ينفق نظره وسمعه ووقته إلا بحسب الحاجة فقط ..
ومما يصنعه استحضار لقاء الله في النفوس الإقبال على القرآن ، فيعيد المثقف المسلم صياغة شخصيته الفكرية على ضوء القرآن
وإنه والله لغاية الخسارة أن يبني المثقف المسلم شخصيته من كتب فكرية منحرفة ، هل رأيت أخسر ممن يترك النبع ويترشف المستنقعات ؟!
رقائق القرآن "3-
إذا تجافى جنب المؤمن عن المضجع ، وتوضأ ، ثم وقف بين يدي ربه ، ثم سجد ،بــــدأت دقــائـق الاسـتـمـداد .
فيستمد من خزائن رحمات الله، من أرزاقه ، من العلم ، من التوفيق ، من الهداية ، إنها لحظات الدعم المفتوح ، ورحمات الله إذا فتحت فلا تسل عن أمدائها: (مايفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها)
اللهم يارب الليل البهيم ، اجعلنا ممن تتجافى جنوبهم عن المضاجع ندعوك خوفًا وطمعًا:
(تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفًا وطمعًا)
رقائق القرآن "4-
يتصور كثير من الناس أنه بمجرد أن يذهب إلى الصلاة حتى لو كان متأخرًا دومًا ويذهب إليها متثاقلًا فقد ارتفع عنه الوعيد والتهديد الذي جاء في القرآن
ولا يعلم هذأن الله ذكر عن المنافقين أنهم يصلون وذكر رسول الله صلي الله عليه وسلم أن المنافقين يصلون ولكن انظر بالله عليك كيف وصف الله صلاة المنافقين يقول الله تعالى:{وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى}
ووصف النبي صلي الله عليه وسلم سلوك المنافق في تعامله مع الصلاة فقال:((تلك صلاة المنافق يجلس يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني الشيطان قام فنقرها أربعًا لا يذكر الله فيها إلا قليلا))
ألا يخشى المسلم المتكاسل في الصلاة المستثقل لها المستعجل دومًا في أدائها أن يكون طيلة حياته إنما كان يمارس (( صلاة المنافق )) !
كم ستكون صدمة فاجعة إذا رأى صلاته عند لقاء الله محسوبة عليه من (( صلاة المنافقين))!
فتكون وبالًا وهو يظنها النجاة ؟!
رقائق القرآن "5-
ربما يجد الإنسان في صحيفته خطايا لعشرات الأشخاص، بل ربما لمئات الأشخاص بل ربما لملايين الأشخاص،وكلها مجدولة في صحيفة سيئاته وسيحاسبه الله عليها ..حسنًا من أين جاءته هذه الأعمال التي لم يعملها وكيف حسبت عليه خطايا لم يفعلها هو ؟
استمع إلى هاتين الآيتين العجيبتين اللتين تكشفان هذه الحقيقة المخيفة :{ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم }
{ وليحملن أثقالهم وأثقالًا مع أثقالهم }
ياالله كم من كلمة نطقنا بها في مجلس من المجالس وقلنا فيها على الله بغير علم فتأثر بها أحد الجالسين فتجرأ على المعصية فصارت خطيئته في صحائفنا ونحن لا نعلم !
وكلما كرر معصيته تكررت في صحائفنا يلاحقنا شؤم تلك الجرأة على الشريعة !!
رقائق القرآن "6-
مجرد التأمل في مفهوم ( الأبدية ) يكاد أن يصل بالنفس إلى أعظم مراتب العزم.
تأمل معي هذا المثال ! لوقيل لشخص من الناس : إنك ستجلس في هذا البلد الذي أنت فيه خمس سنين ، ثم سننقلك إلى بلد مجاور وستعيش فيه مئة سنة ، فماذا ترى هذا الرجل صانعًا ؟
لا شك أنه سيحول كل ممتلكاته وأمواله وأرصدته إلى البلد الثاني الذي سيعيش فيه الزمن الأطول ، وسيقتصد في الصرف في بلده الأول قدر الطاقة ، ويتبلغ بالكفاف ، لأنه ينتظر الحياة المستقرة في البلد الثاني الذي سينتقل إليه .
إذا كان هذا في المقارنة بين منزلين أحدهما خمس سنين ، والآخر مئة سنة ، فكيف بالله عليك سيكون التصرف حين المقارنة بين منزل مؤقت ومنزل مؤبد لا ينتهي أصلًا ؟!
ثم ليس الأمر (( مؤبدًا )) فقط ، بل قد يكون مؤبدًا بأعلى درجات السعادة في قصور الجنة ونعيمها ، أو مؤبدًا في أحط درجات الآلام الجسدية والنفسية في أودية النار ولهيبها ،
كل ذلك أبد الآبدين ..!
وماذا بعد مفهوم (( الأبدية )) من واعظ؟!
* بكالوريوس شريعة ماجستير سياسة شرعية-جامعة الإمام ماجستير قانون تجاري دولي-جامعة إسكس-بريطانيا...
فمن أراد أن يعرف ماهي (الطمأنينة)، وما هي (السكينة)، وأي شيء هو (راحة البال)،فليجرب التوكل..
ردحذفهل تظن رجلاً قلبه معلقٌ بملك الملوك سبحانه فوق سبع سماواته يقلقه شيء من مقادير هذه الدنيا؟..
[رقائق القرآن(150)]
القلب إذا قسا خسر القدرة على الاتصال بالله سبحانه وتعالى، ومناجاته، والتشرف بالانطراح بين يديه.
ردحذفوهذه اللحظات التي يتقلب فيها القلب بين يدي الله هي من أرقى وأجمل وألذ لحظات الدنيا..
[رقائق القرآن(57)]