الجمعة، 3 أبريل 2020

المقال الثاني: وستأكل النار مشعليها..


المقال الثاني: وستأكل النار مشعليها..
أ. د. زينب عبد العزيز
أستاذة الحضارة الفرنسية

فيروس كورونا يصيب البحرية الأمريكية في كرامتها وفي كبريائها المتعالي بتجواله داخل أكبر حاملة طائرات في العالم: البارجة النووية "تيودور روزفلت"، التي ترسو بجوار جزيرة جوام بين بحر الفيليبين والمحيط الهادئ..

فلقد تسللت كورونا كالراكب المفلس، يوم 28 مارس 2020، لتعربد وتنتقي ما يروق لها من الركاب.. وقد بدأت بإصابة ثلاثة فقط بين البحارة وفي لا زمن وصل العدد الي 93 من 1200 بحارا تم الكشف عليهم حتى كتابة إيرو نيوز لهذا الخبر.. إلا أنه يبدو أن شرف البحرية الأمريكية يعلو فوق حياة طاقمها وحياؤه..

وما يوضح حجم الخسائر أن طاقمها عدده 4865 فردا، يعيشون في حيز ضيق محدود، يتكدس فيه الجنود في عنابر مكتظة، ولا ينعم بشيء من البراح او الكبائن الخاصة سوي قياداتها العليا. لذلك فإن كورونا تتجول وتعربد وتنتقي كيفما شاءت! وقام كومندان البارجة روزفلت، القبطان بريت كروزييه، وأرسل استغاثة منذ يوم الثلاثاء الماضي: "نحن لسنا في حرب. ولا يوجد أي سبب ليموت البحارة". ويبدو ان هذه العبارة لم تكن الأولي ولكنها تبدو الرد على ما أرسله!!

غير ان شرف البحرية الأمريكية يعلو فوق حياة أبنائها.. وأخيرا رد وزير الدفاع الأمريكي مارك إسبير، رافضا أي إنزال للجنود، قائلا:
"نحن لدينا مهمة: ومهمتنا هي حماية الولايات المتحدة وشعبنا (...) نحن نعيش في مساحات ضيقة محدودة، سواء أكانت على حاملة طائرات، في غواصة، في دبابة أو طائرة حربية، هي كذلك"..
وأخير، يوم الخميس أتاهم الرد من القائد المساعد للبحرية الأمريكية، توماس مودلي، بأن ينزل المرضي علي أرض جزيرة جوام ليتم علاجهم، ووضع من ثبت أنه في بداية الإصابة في الحجز الطبي، في قاع البارجة. ومن لم تتم إصابتهم بعد وضعوا في فنادق.

غير ان توماس مودلي قد حذر قائلا: "لا يمكننا سحب كافة البحارة من البارجة ولن نفعل (...)، إذ انها تحمل أسلحة وذخيرة وعليها طائرات باهظة الثمن، كما ان عليها "مفاعل نووي". ولا بد من وجود عدد معين من العاملين للحفاظ على أمنها"..

كما أنه يتعين على الولايات الأمريكية ان تعمل المستحيل لكي تظل حاملة الطائرات، المتفردة بأناقة عتادها وجبروته، خاصة سلاحها النووي، في أعلي حالة تأهب أو إذا ما وقعت أزمة حادة في المنطقة. إذ يتعيّن على الأمريكان أن يظهروا قوتهم ومقدرتهم وإمكانيتهم على سحق العدو في المحيط الهادئ، حيث الوجود الصيني في تزايد واضح.

وذلك في الوقت الذي وصلت فيه أرقام ضحايا فيروس كورونا الي جعل ترامب يعلن عن أوقات جد أليمة قادمة، خاصة بعد أن وصل ضحايا نيو يورك الي 40 % من المجموع العام للمصابين بينما يتوقع مستشار ترامب ان يصل عدد الضحايا في الولايات المتحدة الي 200000..

وتقدرون فتضحك الأقدار.. فمن يخطط لاقتلاع شريحة اجتماعية من البشر، في كل البلدان التابعة لنظامه، لمجرد أنها أصبحت "غير منتجة" وتخطت الستين من العمر، وينزعون عنهم العلاج، ومن يخطط لإفلاس الصناعات على مستوي العالم لفرض نظامه العالمي الاستعماري الواحد، ومن قام بترتيب اقتلاع أي دين قائم وخاصة الإسلام ليفرض نظاما عبارة عن نسيج من الرقع، فلا أعتقد أنه سيفلت من عدالة الله ولا بد من أن تأكل النار مشعليها..

فلقد سبق للبابا يوحنا بولس الثاني، الذي يحتفل الفاتيكان بمرور 15 عاما على وفاته، وخالف كافة القوانين الكنسية ليجعل منه قديسا ما أن توفي، فإن هذا "القديس" قد أعلن: "أنه من غير المنطقي ان تكون كل أرض السعودية أرض حرم، يكفيهم سور الحرم المكي وسور الحرم النبوي، وكل ما هو خارج هذه الأسوار لا بد وأن يُرشق بالكنائس والصلبان"، نعم، بهذا اللفظ. وهذه العبارة حرفيا مسجلة في كتاب "الجغرافيا السياسية للفاتيكان" ضمن الكثير غيرها. وهذا القول وكثير غيره يسرى علي أي بابا يأتي بعده. فهم يتوارثون خطط اقتلاع الإسلام من قديم الزمان وخاصة منذ مجمع الفاتيكان الثاني الذي أعلن بصريح العبارة أنه قرار لا نقاش فيه ولا رجعة فيه.

ولا تخرج وثيقة "الأخوة الإنسانية"، تلك الوثيقة المشؤومة التي تم التوقيع عليها في فبراير قبل الماضي في الإمارات، ليستخدمها البابا فرانسيس ويستعين بكل ما بها من تنازلات ليجعل منها قوانين مُلزمة صادرة عن هيئة الأمم للتنفيذ. ففي سبيل الأخوة المزعومة سيتم اقتلاع كل ما يراه البابا من آيات "شر تدعو للقتل والتدمير" وتغاضي عن جزئية {فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ ۗ}.. سورة البقرة - الآية 191 ، {فَمَنِ اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ ۚ} سورة البقرة - الآية 194، أي أنه علي المسلم ألا يبدأ بالهجوم وإنما يرد الاعتداء. والفرق شاسع بين كتاب الله وبين من يجاهدون لتحريفه أو التلاعب به.
زينب عبد العزيز

2 ابريل 2020


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق