رسالة لأهلنا في تونس
د. إبراهيم حمّامي
03/08/2021
اليوم هو العاشر للانقلاب الذي قاده قيس سعيد على المؤسسات الشرعية والحكومية وعلى خرقه الدستور وعلى استحواذه للسلطات الثلاث وبالقوة العسكرية الجبرية...
تونس اليوم بلا حكومة بلا برلمان بلا دستور بلا قضاء بلا حريات...
المستهدف ليس حزب أو حركة أو فصيل لكن التجربة الديمقراطية برمتها...
أي أن الجميع هنا مستهدف...
اسمحوا لي أن أتوجه لكن بهذه الرسالة وفي شكل نقاط:
- الانقلاب وعبر تجارب التاريخ لا يفرق بين مجموعة وأخرى، أو بين تيار فكري وآخر، فهو يأكل الجميع حتى من يقف معه بداية...
- شعارات الانقلاب هي للاستهلاك، فلن يتم وقف الفاسدين أو محاسبتهم، بل سيتم التغول والقمع على معارضي الانقلاب، سعيد بدأ بنواب مستقلين أو من أحزاب صغيرة لكنه لن يتوقف حتى استئصال كل معارضيه إن استتب له الأمر
- ربما يظن البعض أن المستهدف هو حركة النهضة أو الاخوان أو تيار الإسلام السياسي أو غيرها من المسميات، لكن الحقيقة أن الجميع سيكون ضحية للانقلاب إن استطاع أن يثبت نفسه ويتخلص من معارضيه وخصومه...
- واهم من يظن أن تجربته تختلف عن تجارب الآخرين، وأن تونس ليست مصر، ومسكين من لا يتعلم من تجارب الآخرين، خاصة أن من يقف وراء انقلاب مصر وانقلاب تونس ذات الجهة، ويسيرون بذات الخطوات والاجراءات
- قيس سعيد يعتمد كلياً عن منظومة الثورة المضادة والدعم الخارجي كما أقر بنفسه أمس، فهو بلا رصيد سياسي، وبلا ظهر سياسي أو شعبي، هو فقط وجه للانقلاب
- للأسف فإن قراءة من يقف وراء الانقلاب للمشهد دقيقة وتعتمد على عنصر المباغتة والصدمة ومن ثم النفخ في الخلافات الداخلية
- الانقلاب يقوى بفرقة معارضيه وتشرذمهم، ويضعف بتوحدهم
- جريمة كبرى النفخ في الخلافات في هذه المرحلة، وتوحد الجميع خلف استعادة المؤسسات الشرعية ووقف خرق الدستور يجب أي يكون الهدف الوحيد اليوم
- إلقاء اللوم على شخص أو جهة والنبش في أمور خلت لن يفيد في شيء في هذه المرحلة، النقد والتصحيح والمحاسبة تكون بعد إسقاط الانقلاب
- ما يعزز هذا الهدف هو أن كافة القوى السياسية على اختلاف مشاربها رفضت ما قام به قيس سعيد (باستثناء حزب الشعب) ووقف الاتحاد التونسي للشغل موقفاً حيادياً يميل أكثر لرفض الإجراءات لكن دون التصادم مع سعيد
- بعض الذين يظهرون على المنابر الإعلامية من رافضي الانقلاب بتهجمهم على أطراف أخرى تحمل ذات التوجه هو إضعاف للموقف ولا يمكن تبريره إلا في إطار المصالح الشخصية الضيقة
- رفض العنف والحفاظ على السلم المجتمعي ومنع أي تصادم في الشارع هو بالتأكيد يحافظ على تونس مما يحاك ضدها، لكن هذا لا يعني المواجهة السياسية والقانونية والدستورية وعلى كل الأصعدة: انعقاد البرلمان ولو عبر الانترنت ورفض إجراءات سعيد وتحويله للمساءلة، الاستعانة بالخبراء القانونيين وهم في تونس كثر لتفنيد ما قام به سعيد وتوضيح خرقه للدستور وبالتالي سقوط شرعيته، المواجهة الإعلامية وفي كل المنابر، باختصار السلمية لا تعني الاستسلام
- كل يوم من عمر الانقلاب يزيده قوة في تثبيت نفسه، وكل تأخير في مواجهته تعني زيادة في صعوبة إسقاطه، والتحرك الآن فيصل لمستقبل البلاد
- التعويل على مواقف الدول الكبرى أو الضغوطات الدولية مهما كان دوره وتأثيره لا يغني عن الحراك الشعبي والسياسي في تونس، فهو عامل الضغط الحقيقي على الجميع، فالواقع مهما كان لا يغيره إلا واقع آخر تصنعه الإرادة والثبات
- الانقلاب سيعمل على تحسين الوضع الاقتصادي ولو إعلامياً، بقدرة قادر سيتوقف الحديث عن وباء كورونا وعن الضغط على المنشآت الصحية، ستعود الخدمات، ربما تتحسن الظروف مؤقتاً، لِيَلي ذلك وضع مأساوي يطال الجميع دون استثناء، لكن مع قمع للحريات وضرب جميع من ينتقد أو يعترض
إن ما سبق وإن كان من البديهيات إلا أن التذكير به هو بسبب ما نراه اليوم من شبه غياب للمواقف وشبه استسلام للأمر الواقع...
وليتأكد أهلنا في تونس أننا نتمنى لهم الخير والرخاء، وما نطرحه ليس تدخلاً كما سيحاول البعض الايهام، مع التذكير أيضاً أننا لا ننتظر إذناً من أحد للحديث عن الأهل والأشقاء، وللدفاع عن الحريات في أي مكان...
نسأل الله أن يرد كيد كل من يتآمر على أمتنا لنحره، وأن يسقط أعداء الحرية، وأن لا ترفع لهم راية...
حفظ الله تونس وأهلها من كل شر وحفظ أمتنا جمعاء
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق