تأملات فيما وراء السياسة (٣)
التنكيل بالشعوب بدعاوى محاربة "الإرهاب".
عداوة الكافرين أو المنافقين أو زنادقة المبتدعة المارقين؛ ليست قاصرة على خاصة المسلمين من العلماء والمفكرين والدعاة والمجاهدين، بل هي تعم كذلك الغالب الأعم من العوام، عندما يتطلعون للتحرر والخلاص، فيتعاطفون ثم يتفاعلون مع المصلحين من أهل الدين ضد فساد المفسدين واستبداد المستبدين..
ولذلك فليست مصادفة أن شعوب بلدان الثورات التي انحازت للخيار الإسلامي؛ أدخلوها تبعا وتباعا في حلقات متواصلة من العناء والمذلة والشقاء..
★.. عندما تعاطفت الشرائح الأكبر من عامة الجماهير في بلدان الثورات العربية مع الدعوات والشعارت والرموز الإسلامية؛ كانت تستجيب وقتها لنداء الفطرة، وتتفاعل مع هوية الإسلام، وتتطلع لأدنى حقوق الإنسان، ولهذا عبرت عن ذلك بانحيازها الكبير في البداية لما عرف ب( الحل الإسلامي) برموزه وغاياته وشعاراته، وهو ما جعل الإسلاميين يجدون أنفسهم بمقدمة الركب، مختارين .. أو مضطرين.. !
ثم ماذا..؟!
★..ثم تم غدرت العلمانية الجاهلية بتلك الجماهير الشعبية، وبخياراتها الحرة الإسلامية السلمية المصيرية..بعد الفتك بجميع تيارات العاملين لنصرة الدين. وجرى تشجيع وتقوية وتمويل الثورات المضادة، لتبقى الجبرية الجهولة هي السيدة السائدة في كل بلاد الثورات ، التي أدخلوها واحدة بعد الأخرى في متاهات فكرية ..أو انشقاقات شعبية.. أو أحوال ضنك معيشية..أو حروب أهلية أسفرت في البلاد التي وقعت فيها عن مئات الآلاف من القتلى..وأضعافهم من المصابين، وأضعاف أضعافهم من المشردين والمهجرين..! وهذه الجموع الكبيرة من الضحايا؛ لم تكن بالطبع جميعا في عداد من يدعونهم ( إرهابيين )..!
★..ما حدث مع الشعب السوري وحده؛ تتوارى منه خجلا وحوش البراري، بل حيات وأفاعي الصحاري؛ فوفق تقارير رسمية صادرة عن المتحدث بلسان الأمم المتحدة؛ فإن أعداد ضحايا الحرب في سوريا - التي لم تنته للآن - قد بلغت خلال سنوات الحرب العشرة، وحتى ديسمبر ٢٠٢٠ ؛ قرابة سبعمائة ألف ما بين قتيل ومفقود من المدنيين، منهم مالا يقل عن اثني عشر ألف طفل، إضافة إلى ملايين المهجرين، ونحو تسعين ألفًا قُتلوا أثناء التعذيب في سجون نظام سفاح الشام..الذي أتم جبرا في السلطة أكثر من عشرين عاما، لينتخب نفسه بعدها لولاية رابعة.. مكملا مع مدة حكم أبيه.. أكثر من نصف قرن من تسلط طائفة الأقلية العلوية النصيرية؛ التي نص أهل العلم على أن أهلها ليسوا يهودا ولا نصارى ولا مسلمين ..
وسوريا مثال واحد..من أمثلة كثيرة ببلدان مسلمة عديدة.. رعى البطش وإرهاب الشعوب فيها.. مجلس (الأمن) الدولي..ومنظمات( العدالة الدولية) الظالمة..!
★.. صارت محاربة "الإرهاب" تكأة وذريعة مصطنعة للتنكيل بجموع المسلمين في بلدانهم .. فهل كان النظام الدولي ( الصهيوصليبي) بأدواته وآلياته وشعاراته .. غافلاً عن ذلك؟ أو عاجزا عن إيقاف ذلك ..؟! وهل كان عملاؤه غير راغبين في تنفيذ أوامره أو عاجزين..؟ لا ؛ بل كان بينهما تعاون على ذلك الإثم والعدوان ..
والغاية الأخيرة ..( وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً)..[ النساء/ ٨٩ ]
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق