الخميس، 24 مارس 2022

أزمات حكومة السيسى ليس لها حل.. وقنبلة القروض قد تنفجر في وجوه المصريين

أزمات حكومة السيسى ليس لها حل.. وقنبلة القروض قد تنفجر في وجوه المصريين

مصر وإدمان صندوق النقد...علاقة أبدية أم مؤقتة؟



د.صلاح الدوبى 

بعيدًا عن اختصار ظاهرة الهروب الجماعي لرؤوس الأموال في شعار “الأجواء الساخنة” التي يشهدها العالم، وهي السردية التي يحاول الإعلام الرسمي المصري بشقيه، العام والخاص، الترويج لها، هناك دوافع وأسباب أكثر واقعية ومنطقية بحسب الاقتصاديين أدت إلى تلك الوضعية الحرجة للاقتصاد المصري.

أن البيئة المصرية تفتقد لكثير من أبجديات البيئة المؤسسية كأحد متطلبات مؤشر جاذبية الاستثمار بدول العالم، كما أن الانتقادات الدولية التي تتعرض لها معايير تلك البيئة المتمثلة في “الاستقرار السياسي وغياب العنف، ومدى المشاركة والمحاسبة وسيادة القانون ومدى السيطرة على الفساد”.

أما العديد من الإجراءات التي اتخذتها السلطات المصرية خلال العامين الماضيين كانت لها تأثيرها الواضح في إثارة الشكوك والمخاوف لدى المستثمرين الأجانب، ومن ثم تحولت إلى محرك قوي لخروج رؤوس الأموال من البلاد، من بينها التعديلات التي أجريت على قانون الطوارئ، التي أعطت الضباط وضباط الصف اختصاصات مأموري الضبط القضائي، بجانب إجازتها للنيابة العسكرية التحقيق في الجرائم التي تقع بالمخالفة لأحكام قانون الطوارئ.

هذا بجانب تضييق الخناق على الاجتماعات العامة والاحتفالات والتظاهرات وغيرها من أشكال التجمعات التي تنسحب بطبيعة الحال على الاجتماعات الخاصة، هذا بخلاف التدخل الحكومي في تحديد خريطة السلع المصدرة والمستوردة وحظر بعض المنتجات وتحديد أسعار أخرى، وهو ما يهدد استقرار وحرية تحركات رؤوس الأموال الأجنبية العاملة في السوق المصري ويضعها في مرمى الاستهداف تبعًا لتطورات الأحداث، وكلها “أمور تتنافى مع أسس الاقتصاد الحر وحرية الأسواق” بحسب الخبير المصري.

ومن المؤشرات التي أثارت قلق المستثمرين في الآونة الأخيرة ودفعتهم إلى بيع أصولهم في مصر، الخوف من تقلص قيمة تلك الأصول حال اتخاذ الحكومة قرارًا جديدًا بتعويم آخر للعملة المحلية (الجنيه) وكانت بعض التقارير المنشورة قد نقلت عن بنك الاستثمار “جي بي مورغان” الذي يصدر مؤشرًا للأسواق الناشئة، احتمالية خفض القاهرة لقيمة الجنيه أمام الدولار الأمريكي بنسبة تصل إلى 15% .

السوق المصري.. الحكومة خارج نطاق الخدمة

تتزامن ظاهرة مغادرة الاستثمارات الأجنبية مع مشاعر فقدان الثقة في قدرة الحكومة على السيطرة على السوق المحلي الذي يعاني من سيولة مفرطة في تموجاته السعرية، ما يتوقع أن يكون له صداه الكبير على معدلات التضخم المحتملة، وهي المؤشرات التي تثير قلق المستثمرين، المحليين والأجانب، على حد سواء.

الأيام الماضية، شهدت خريطة أسعار السلع والخدمات تحركات بنسب كبيرة، وصلت في بعض الأحيان إلى أكثر من 100%، وهو ما دفع الشريحة الكبرى من المصريين، محدودي ومتوسطي الدخل، للإحجام عن عمليات البيع والشراء، واللجوء جبرًا إلى خيار التقشف، وسط أحاديث تتناقل عن تراجع قيمة الجنيه وانخفاض معدل الأمن الغذائي للسلع الإستراتيجية وعلى رأسها الخبز (تستورد مصر 80% من وارداتها السنوية من القمح من روسيا وأوكرانيا).

فخ الديون التى اتخذته حكومة السيسى ومازالت مستمرة فى سياسة الإقتراض الفاشلة

تشير الأرقام والبيانات الرسمية التي تتعلق بإجمالي الديون الخارجية والداخلية لمصر إلى نمو كبير، مما دفع البعض للتساؤل حول قدرة البلاد على سداد ديونها، خاصة في ظل توسعها في الاقتراض من الخارج لسد عجز الموازنة.

ووفقا لأحدث الأرقام المعلنة من قبل البنك المركزي المصري، فإن الدين الخارجي لمصر وصل في نهاية مارس/آذار الماضي إلى نحو 106.2 مليارات دولار، مقابل نحو 88.16 مليار دولار في ذات الفترة من العام الماضي، بزيادة بلغت نحو 18.1 مليار دولار، أي ما يعادل نحو 35.1% من الناتج المحلي.

فيما ارتفع الدين العام المحلي على أساس سنوي بنسبة 20.25% ليصل إلى 4.108 تريليونات جنيه (241.9 مليار دولار) نهاية ديسمبر/كانون الأول الماضي، بما يمثل 78.2% من الناتج المحلي، منه 85.3% من الديون المستحقة على الحكومة، و8.3% على الهيئات الاقتصادية، و6.4% على بنك الاستثمار القومي. 

وعلى الرغم من توقعات الحكومة حول قدرتها على سداد الديون بشكل كامل في أغسطس/آب 2021، خاصة في ظل توسع عمليات الاقتراض من الخارج والإنفاق على المشروعات غير ذات الجدوى الاقتصادية.

ولكن هذه المؤشرات التي تبدو إيجابية تخفي صورة أكثر تعقيدا في ظل مزيج من العوامل المحلية والدولية التي يتوقع أن تعمق مستويات الفقر.

ويعد العامل الأبرز هو استمرار العقيدة الخاطئة للنظام وإصراره على تقويض الدعم الاجتماعي للفئات الأكثر هشاشة، بما في ذلك التخفيض الذي حدث الصيف الماضي لدعم الخبز الذي يستفيد منه 67 مليون مصري، والإعلان عن استبعاد الأزواج المتزوجين حديثا من منظومة الدعم.

ويأتي الحد من الإنفاق الاجتماعي بالتوازي مع نظام ضرائب تنازلي يحول العبء الضريبي ليصبح على أكتاف الفقراء والطبقات الوسطى، مما أدى في النهاية إلى خفض مستويات المعيشة لمعظم المصريين.

مشكلة مزمنة

تأتي الأيديولوجية النيوليبرالية للنظام مرفقة بنموذج النمو الفاشل المدفوع بالديون، والذي يهدف إلى تحسين القدرة التنافسية الدولية لمصر، مما وضع ضغوطًا على قيمة الجنيه المصري.

وبالرغم أن الصادرات غير النفطية حققت مستوى تاريخيا في عام 2021، وصل العجز في الحساب الجاري خلال العام المالي 2021 إلى 18.4 مليارات دولار بارتفاع 4.6% من الناتج المحلي الإجمالي وهو أعلى عجز منذ العام المالي 2016. ولطالما كانت هذه مشكلة مزمنة بالنسبة لاقتصاد مصر.وبدا واضحا أن تركيز النظام على المشاريع الضخمة كمحرك للنمو لم يعالج المشكلة.

ومع تصحيح قيمة الجنية أمام الدولار خلال الساعات الماضية فإن ذلك ينذر بتفاقم التضخم مما يؤثر بشكل غير متناسب على الفقراء.

وأدى تخفيض قيمة العملة الأخير في عام 2016 إلى ارتفاع حاد في التضخم وزيادة سريعة في معدلات الفقر. وبالرغم أن احتياطيات العملات الأجنبية في مصر بلغت 41 مليار دولار في نهاية 2021، مما أعطى النظام بعض المساحة للدفاع عن العملة، إلا إنه لا مفر من إجراء تخفيضات متتالية لقيمة العملة.

كما أدى نموذج النمو المدفوع بالديون أيضًا لتقليل التدفقات المالية العالمية لمصر، خاصة أن الدين لم يستخدم لتعزيز القدرة التنافسية الدولية للاقتصاد المصري. وتعتمد الحكومة بشدة على الديون المقومة بالعملة الأجنبية والتي تشكل حاليًا أكثر من ربع عبء الديون الإجمالي.

ومع تخفيض قيمة الجنيه ستزداد نسبة الديون إلى الناتج المحلي الإجمالي. وعلى سبيل المثال، فإن تراجع قيمة الجنيه بـ8%، يزيد نسبة الديون إلى الناتج المحلي الإجمالي بـ1.8%، وإذا تفاقم التراجع أكثر ستزداد هذه النسبة وربما يصل الدين إلى 100% من الناتج المحلي الإجمالي.

ضغوط إضافية

يعني الاعتماد الشديد على الديون المقومة بالعملات الأجنبية أن مصر تتأثر بشدة من أي تغيير في أسعار الفائدة في الاقتصادات المتقدمة. وعلى سبيل المثال، فإن زيادة أسعار الفائدة من قبل البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، ضغطت على مصر لرفع أسعار الفائدة الخاصة بها، والتي تعتبر بالفعل من بين أعلى المعدلات في العالم.

وستؤدي الزيادة في الديون ومدفوعات الفائدة إلى ضغوط إضافية على ميزانية الدولة، حيث يتم استنزاف ثلث الميزانية بالفعل في خدمة الديون. وسوف يترجم هذا الضغط إلى المزيد من التخفيضات في الإنفاق الاجتماعي مما يفاقم مستويات الفقر.

وأخيرا، فإن هناك أيضًا آثار الغزو الروسي لأوكرانيا، بما في ذلك التداعيات على السياحة وأسعار للقمح. وفي 2021، انتعشت السياحة بشكل كبير في مصر وبلغت الإيرادات 13 مليار دولار، لتعود لمستويات ما قبل الوباء. وقد تعزز ذلك جزئيًا بعودة السياح الروس بعد استئناف الرحلات الجوية المباشرة إلى الغردقة وشرم الشيخ في أغسطس/آب الماضي.

وفي فبراير/شباط قبل اندلاع الحرب، كان تصعيد التوترات بين روسيا وأوكرانيا سببا في انخفاض كبير -30%- في الحجوزات القادمة إلى مصر من البلدين. ويعني ذلك أن استمرار النزاع سيكون له تداعيات كارثية على السياحة المصرية، بالنظر إلى أن مئات الآلاف من الروس والأوكرانيين كانوا يزورون مصر كل شهر.

وتعد السياحة أيضا مصدرا مهما للعملة الصعبة ما يعني أن أي انتكاسة ستؤثر ليس على العاملين في هذا القطاع فقط، لكن أيضا على قدرة النظام على دعم الجنيه وسداد الديون، مما يرجح أكثر تراجع قيمة العملة.

ارتفاع أسعار القمح

تتعقد الصورة أيضًا بسبب زيادة أسعار القمح -التي كانت بالفعل في أعلى مستوى لها منذ عام 2012- بسبب صراع روسيا وأوكرانيا. واستوردت مصر (أكبر مستورد للقمح في العالم) قمحًا بقيمة 4.7 مليار دولار في عام 2019، وتمثل روسيا وأوكرانيا 55% و 15% على التوالي من واردات القمح إلى مصر.

وبالتالي فإن الزيادة في سعر القمح ستضع عبئًا إضافيًا على النظام المصري، ويمكن أن تسرع عملية تقليص دعم الخبز وزيادة التكاليف على كاهل الفقراء. ووضحت هذه الآثار في السوق بالفعل في فبراير/شباط عندما اضطر النظام المصري إلى إلغاء مناقصة لشراء القمح بعد تقديم عدد قليل من العروض بأسعار مرتفعة.

وبالتالي، فإن اجتماع مزيج الأيديولوجية النيوليبرالية، ونظام الضرائب التنازلي، والفشل الهيكلي لنموذج النمو، والتحديات في تدفقات رأس المال الدولي، والغزو الروسي لأوكرانيا سيعمل على إفقار الشعب المصري أكثر.

إن فشل النظام في الاستثمار في تطوير الصناعات التنافسية والتركيز فقط على الاستثمار في البنية التحتية لم يتسبب  في ثراء النخبة العسكرية فقط لكنه ترك أيضا الفقراء عرضة لتقلبات رأس المال الدولي.

ونظرا لأن آليات النظام تعتمد فقط على خفض الإنفاق الاجتماعي والاعتماد على الدعم المالي من الحلفاء الإقليميين (مثل الإمارات والسعودية) والاقتراض أكثر من الأسواق الدولية، فإن الفقراء هم الذين سيدفعون الثمن في نهاية المطاف.


ديون ضخمة سببها سياسة فاشلة

وفي أعقاب الانقلاب العسكري على الرئيس الراحل محمد مرسي صيف 2013 وحتى النصف الأول من العام الجاري، سدد البنك المركزي نحو 36.7 مليار دولار من الديون.

أما الديون المقرر سدادها خلال النصف الثاني من العام الجاري فتبلغ نحو 14.5 مليار دولار، موزعة على النحو التالي:

1.48 مليار دولار لصالح الدول الأعضاء في نادي باريس.

1.69 مليار لعدد من المؤسسات الدولية.

387.36 مليون دولار فوائد عن سندات اليورو بوند التي طرحتها وزارة المالية في الأسواق الدولية خلال الفترة الماضية.

2.07 مليار دولار قيمة وديعة مستحقة لدولة الكويت.

5.25 مليارات دولار أقساط ودائع للسعودية.

78.2 مليون دولار فوائد عن ودائع الإمارات.

28.1 مليون دولار فوائد عن سندات سيادية طرحتها الحكومة عام 2010.

3.5 مليارات دولار  قيمة ديون قصيرة الأجل.

مصر تبيع حصصها في 5 كيانات اقتصادية للإمارات

وافقت الحكومة المصرية على بيع حصص مملوكة لها في عدد من الشركات والبنوك لأحد الصناديق السيادية في أبو ظبي، في ظل أزمة النقد الأجنبي التي تشهدها البلاد، والتي دفعت البنك المركزي إلى تخفيض سعر الجنيه المصري بنسبة 17 في المئة خلال اليومين الماضيين.
وكشفت مصادر أن صندوق الثروة السيادية في أبو ظبي اتفق مع مصر على استثمار نحو ملياري دولار في مصر من خلال شراء حصص مملوكة للدولة في بعض الشركات والبنوك، منها 18% من البنك التجاري الدولي، إلى جانب حصص حكومية في أربع شركات مدرجة في البورصة، بينها “فوري للخدمات المصرفية وتكنولوجيا الدفع”.
وجاء الاتفاق بالتزامن مع المباحثات التي عقدها الرئيس عبد الفتاح السيسي، أمس الأول، مع ولي عهد أبو ظبي، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، في شرم الشيخ.
وقال المتحدث باسم الرئاسة المصرية، بسام راضي، إن “اللقاء شهد التباحث حول أطر وآفاق التعاون المشترك بين مصر والإمارات، خاصةً في المجالات الاقتصادية والاستثمارية، بالاستغلال الأمثل لجميع الفرص المتاحة لتعزيز التكامل بينهما”.
وشهدت مدينة شرم الشيخ أمس لقاء ثلاثيا جمع السيسي ومحمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبو ظبي، ورئيس وزراء إسرائيل نفتالي بينيت.
وحسب الرئاسة المصرية، اللقاء تناول التباحث بشأن تداعيات التطورات العالمية خاصة ما يتعلق بالطاقة، واستقرار الأسواق، والأمن الغذائي، فضلاً عن تبادل الرؤى ووجهات النظر تجاه آخر مستجدات عدد من القضايا الدولية والإقليمية.
ويتزامن الاتفاق مع قرار البنك المركزي، تخفيض قيمة الجنيه 17%، حيث سجل سعر بيع الدولار على الموقع الرسمي للبنك المركزي المصري، أمس، بعد انتهاء تعاملات أمس عند 18.53 جنيه مقارنة بـ15.74 جنيه حتى ليل الأحد الماضي.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق