مهانة الترتيبات الأمنية مع المحتل .. ومنظور شرعي
- مقدمة
- السلطة والتنسيق الأمني.. شهادات الفجرة
- الخيانة هي تركيب بنية “السلطة الفلسطينية”
- أجهزة السلطة الفلسطينية: أمن مَن؟
- ميادين التنسيق الأمني
- حكم الإسلام في مظاهرة ومعاونة العدو المحتل أمنياً
مقدمة
التنسيق الأمني بات يسير في اتّجاه سريع واحد، أي تحوّل قوّات الأمن الفِلسطينيّة التي يزيد تِعدادها عن 40 ألفًا إلى أدوات قمع لأبناء شعبها المُقاومين المجاهدين الشّرفاء، خدمةً للاحتلال وحماية مُستوطنيه، ودون أيّ مُقابل باستثناء استمرار تمتّع رجال السلطة وأسرهم بامتيازاتهم الماليّة، وتوفير الأمن وحرية التنقّل ببطاقاتهم (VIP) بتسهيلاتٍ من سُلطات الاحتلال.
السلطة والتنسيق الأمني.. شهادات الفجرة
مرة تلو الأخرى، تُثبت السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية بالضفة المحتلة أنها الأحرص على أمن الاحتلال ومستوطنيه، ضاربةً عرض الحائط كل القرارات والنداءات المخلصة المطالبة بوقف التنسيق الأمني.
“محمود عباس”
“أجهزتنا الأمنية تحافظ على التنسيق الأمني، وأقوم أنا وشعبي بكل ما هو ممكن حتى لا يتعرض أي إسرائيلي لأي أذى” (1)
“ليبرمان” يمتدح..!
“إن التنسيق الأمني يؤتي ثماره” (2)
دونالد ترامب، 2017
أنا… أُشيد بالتنسيق الأمني المستمر بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل؛ فهم ينسجمون على نحو لا يصدَّق. كانت لي اجتماعات، وكنت في الحقيقة منبهرًا ـ وإلى حدٍ ما متفاجئًا فيها ـ من مدى انسجامهم. فهم يعملون معًا بشكل جميل. (3)
“يعقوب بيري” رئيس الشاباك السابق
“نحن على تنسيق بمستوى عالٍ مع الأجهزة الأمنية الفلسطينية التي تقوم بواجبها على أكمل وجه، في مواجهة الإرهاب وجمع السلاح، والحملة الأخيرة التي تجري الآن في “يهودا” و”السامرة” سيكون لها دور كبير في تهدئة الأمور”. (4)
“نبيل عمرو” قيادي بحركة فتح
“إن التنسيق الأمني مع كيان الاحتلال الإسرائيلي هو جوهر العلاقات القائمة بين السلطة الفلسطينية في رام الله واسرائيل، وأنه إذا ألغي التنسيق الأمني يعني إلغاء اتفاق أوسلو” (5)
الخيانة هي تركيب بنية “السلطة الفلسطينية”
يذكّر البعض بحقيقة وظيفة السلطة منذ إنشائها، وأن الخيانة العقدية والجسّ الأمني ضد المسلمين هو في تركيب بنيويتها..!
“يقف تعاملنا مع مفهوم “التنسيق الأمني” على خطأين:
الأول: في افتراض أن له تاريخاً خاصاً ينزعه عن سياق تاريخي يمهّد له ويتصل معه.
والثاني: بأننا نزعناه من بيئة “العمالة” وقذفنا به في قلب “الإجراءات الإدارية المؤسساتية”.
مطالبنا للسلطة الفلسطينية بالتوقّف عن “التنسيق الأمني” تنطلق من عدم الإدراك أعلاه.
لا تستطيع السلطة الفلسطينية توقيف “التنسيق الأمني” ليس لأنه دور تقوم به المؤسسة من أدوار عدّة؛ بل لأنه بنيوياً يقبع في تشكيلها. إنه مبرر وجودها وضمانة استمرارها، وشكل من أشكال تعريفها في العلاقة مع المحتل. لا توجد سلطة تتبرّع بحل نفسها، وهذا ما يعنيه وقف “التنسيق الأمني” بشكل فعلي.
وهو ليس كما يوحي اسمه: إطاراً تنسيقياً لتبادل المعلومات الأمنية بين طرفين “إسرائيل” و”السلطة”؛ بل هو جهد مادي ومعلوماتي يضمن عدم تعرّض أمن “إسرائيل” للخطر، فليست كلمة “التنسيق” هنا سوى تخفيف مُلطّف للقيام بدور مهمّة “الشركة الأمنية”، والوقائع تؤكّد ذلك؛ حيث في الوقت الذي أعلن فيه “ماجد فرج”، مسؤول جهاز المخابرات الفلسطينية، في حديث إلى مجلة “ديفنس نيوز” الأمنية الأميركية، بأن السلطة أحبطت 200 عملية فدائية واعتقلت 100 فدائي، منذ بداية الهبّة الأخيرة؛ فإن “إسرائيل” اجتاحت العديد من المدن الفلسطينية وخلّفت ما يقارب 200 شهيد وراءها”. (6)
أجهزة السلطة الفلسطينية: أمن مَن؟
للإجابة على هذا يجب إدراك مدى استفادة أجهزة الأمن في السلطة الفلسطينية من الأموال والمساعدات وموقعها من الميزانية.
“إذا أردنا أن ندركَ حجم التنسيق الأمني، علينا أن نلاحظَ أن قطاعَ الأمن الفلسطيني يستأثرُ بنحو نصف موظفي الخدمة المدنية، ويتلقى نحو 30% من مجموع المساعدات الدولية المصروفة للفلسطينيين.
وتفوق حصة قطاع الأمن من موازنة السلطة الفلسطينية قطاعات التعليم والصحة والزراعة مجتمعة”. (7)
ميادين التنسيق الأمني
ولمعرفة عمق التنسيق الأمني أو الخيانة العقدية والجس على المسلمين وحماية العدو ترى ما يخجل منه كل ذي دين، بل ينكره كل ذي مروة..! أو “وطنية” مزعومة، أو زعيق قومي..!
“ألزمت الاتفاقية ـ أوسلو ـ السلطة الفلسطينية بملاحقة نشاطات المقاومة، التي سمّتها بـ”الأعمال الإرهابية”، إلى جانب عدم المسّ بمن يقوم بالتعاون مع إسرائيل من الفلسطينيين، أي العملاء..!
وتتم أعمال التنسيق عبر لجنة مشتركة تضم عناصر من “أجهزة الأمن الفلسطينية” ومسؤولين من “المخابرات وأجهزة أمن الاحتلال”.
وتتعدد ميادين التنسيق الأمني وتأخذ أشكالاً عدة؛ فبدأت بتشكيل دوريات عسكرية مشتركة لضمان أمان الطرق الرئيسية بين المدن، والذي أصبح فيما بعد يتم على يد الدوريات الإسرائيلية فقط.
إلى جانب ذلك، تلاحق أجهزة السلطة سلاحَ الفصائل الفلسطينية، وتعتقل من يشتبه بهم بالتخطيط للقيام بأعمال تهدد أمن “الاحتلال” من أفراد وتنظيمات تتبنى فكر المقاومة.
إضافة لذلك، يشمل التنسيق الأمني نشر مندوبي الأجهزة الأمنية الفلسطينية والمخبرين بين الناس لجمع المعلومات حول التوجّهات الفكرية والآراء.
إلى جانب ذلك، تعمل الأجهزة الأمنية الفلسطينية ـ بموجب التنسيق ـ على إنقاذ كل إسرائيلي يدخل إلى الأراضي الفلسطينية عن طريق الخطأ، مما يحفظه من عمليات الخطف والتعرض للأذى. كما تقوم بتقديم المعلومات الاستخباراتية اللازمة لأمن الاحتلال فيما يخص تحرّكات ونشاطات “الفصائل” المختلفة بالضفة الغربية”. (8)
حكم الإسلام في مظاهرة ومعاونة العدو المحتل أمنياً
لبيان ذلك نوضح عدة أمور:
1) سبق هؤلاء قومٌ وكان حكم الله تعالى فيهم واضحا؛ فقال تعالى ﴿ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ…﴾ (التوبة: 177) الى قوله تعالى ﴿لَا يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ (التوبة: 110)
فهؤلاء قوم اتفقوا مع العدو “الكافر” في رصد العيون له وتلقي مكاتباته، والاتفاق على مواعدته لإنزال الضرر بالمسلمين وفرض سيطرته عليهم.. فكانت الآيات الكريمة.
2) التعاون الأمني مع العدو هو عين “التجسس” وذاته.
“والتجسس هو نوع من السعي بالفساد، وعمل يعرِّض مصالح المسلمين وبلادهم للضرر، وقد نزلت الآية الكريمة في عقاب من يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادًا وهى قوله تعالى في سورة المائدة: ﴿إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ (المائدة: 33).
ومن يتجسس على المسلمين ويتصل بأعدائهم ويعطيهم معلومات بأسرار عسكرية سرية لينتفعوا بها في البطش بالمجاهدين وقدراتهم العسكرية، وإلحاق الأذى والضرر بالبلد، وهذا جدير بأن يعامل معاملة من يحارب الله ورسوله ويسعى في الأرض فسادًا.
فالمقاومة لها رجالها ونظمها ومقدراتها العسكرية. والمصلحة العامة تستلزم أن تحتفظ لنفسها بأسرار تخفيها عن أعدائها، ولا يعلمها إلا أهلها المتصلون بحكم عملهم بها. فإذا أجهزة أمن عباس مكلفة بأن تستطلع أمر هذه الأسرار بطرقها المختلفة، وتنقلها إلى العدو المحتل ـ كما تفرض عليها خارطة الطريق، وقد نفذت ذلك بإخلاص ـ كان فعلها هو عين التجسس، وكانت ممن يسعى في الأرض بالفساد، فشأن إطلاع العدو على هذه الأسرار كما هو معلوم يسهل عليه محاربة المجاهدين وتوهين قواهم. (9)
3) مظاهرة ومعاونة العدو المحتل كفر وردة عن الدين:
“إن من يظاهر الكافرين ويعاونهم على المؤمنين لأجل طمعٍ في الدنيا يُرجى، أو رياسةٍ وغيرها، كفرٌ وردةٌ عن الدين، وقد أجمع أهل العلم على أن من ظاهر الكفار من أهل الكتاب وغيرهم من الملل الكفرية على المسلمين وساعدهم بأي نوع من المساعدة فهو كافر مثلهم، وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لا يهدي القوم الظالمين﴾”. (10)
4) نوضح هذا لتعرية هؤلاء المجرمين، ولإسقاطهم عند الأمة، وعند المسلمين خاصة في “فلسطين” وعدم الانخداع بهم؛ فإنهم لا يودون إلا عيش الديدان على أرجاء المزابل في حضن أفاعي الصهاينة إذا ضُمنت لهم لقيمات وفتات عيش مَهين.
وهذا بخلاف العيش الكريم الذي يرسمه الإسلام لأهله ويدفعهم اليه .. فإنه عيش الكرام وموت الشهداء.. وبهؤلا يتغير التاريخ ويُصحح مساره.
الهوامش
- السلطة والتنسيق الأمني.. تاريخ أسود، على الرابط:
https://www.alestqlal.com/post/6432 - المصدر السابق.
- ماذا يحدث لو الغي التنسيق الامني بين السلطة و”اسرائيل”؟ على الرابط:
http://cutt.us/apKQu - المصدر السابق.
- المصدر نفسه.
- التنسيق الأمني”: موجز تاريخ حفظ أمن العدو. على الرابط:
http://cutt.us/oBW2N - الأجهزة الأمنية للسلطة الفلسطينية: أمن مَن؟.
http://cutt.us/nFuTI - مأزق التنسيق الأمني مع إسرائيل.. تعريف وتداعيات وتوقّعات. على الرابط
http://cutt.us/9JTAV - ما هو حكم الإسلام في التعاون الأمني مع العدو الصهيوني المحتل؟ على الرابط:
http://www.drsregeb.com/index.php?action=detail&id=118 - المصدر السابق.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق