لعبة روسيا مع الولايات المتحدة الأمريكية والإتحاد الأوروبى هل تم دراستها ؟
التقرير بقلم الباحث والمحلل السياسى
دكتور محمد السيد رمضان
أعتقد أن ذاكرة العالم مثقوبة لمجرد تصريح استهلاكي جاء ضمن تصفية حسابات روسيا مع الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبى والتي تشهد توتراً متصاعداً. ما نعلمه أكثر أن سجل جرائمكم بحق البلدان المسلمة لا تسعه ذاكرة، ونحن لن ننسى صورة بطريرك الأرثوذكس الروسي، كيريل الأول وهو يبارك دخول قوات بلاده إلى سوريا لقتل السوريين. كيف ننسى؟ منذ زمن القياصرة حتى عهد بوتين.. كانت روسيا ولاتزال.. قيصرية الدم…
بوتين مجرم حرب الشيشان ضحيته مليون شيشاني بين قتيل ومشرد ومفقود وأسير.. هو اليوم كما الأمس، مجرم الحرب في سورية.. وبالدم وحده تسلق سلم السلطة. رجل المخابرات الحاذق الذي يهندس كل شيئ . أليس هو الذي فجر موسكو لأجل تبرير حربه على الشيشان..!
على مر العصور، وصل الحكام الروس إلى السلطة عبر طرقٍ مختلفة؛ ففي حين نالها القياصرة الروس بالولادة، حازها فلاديمير لينين عبر الثورة، ووصل إليها الأمناء العامون للحزب الشيوعي السوفييتي عبر تسلق السلم نحو المكتب السياسي للحزب وانتظار أن يأتيهم الدور.
أما فلاديمير بوتين فقد سلَّمه الكرملين السلطة، قبل 20 عاماً، على طبقٍ من ذهب؛ إذ اختار الرئيس السابق، بوريس يلتسن، ودائرته المقرّبة الضابط السابق في جهاز الاستخبارات الروسية (كي. جي. بي) لقيادة روسيا نحو القرن الحادي والعشرين.
سوريا مثل الشيشان القتل بالجملة
وكما في الشيشان، هو الحال في سورية.. شهية روسيا للقتل والدم لم تتوقف يوماً. اليوم بوتين وهناك كان بوتين وجيشه، وذلك التعطش للدم.. الأرض المحروقة.. القتل الجماعي.. تدمير البنية التحتية ،وشكلت بداية الاحتجاجات في سوريا، والتي بدأت من درعا في الـ 15 من مارس من عام 2011، نقطة تحول في البلاد، حيث لم تفرق آلة الحرب بين رجل أو امرأة أو طفل.
المرصد السوري لحقوق الإنسان، وثق مقتل 389 ألف شخص، منهم 117 ألف مدني، من بينهم 22 ألف طفل، و14 ألف امرأة، و81 ألفا من الرجال.
وتعد حصيلة القتلى من المدنيين الأعلى، خاصة إذا ما أضيف لها عشرات الآلاف من المواطنين الذين توفوا تحت التعذيت في معتقلات النظام السوري، ومقاتلي حزب العمال الكردستاني، والمختطفين على يد تنظيم داعش..
ولم تتوقف روسيا عن ممارسة الانتهاكات حتى في عصر من المفترض أن تنتهي فيه الحروب المباشرة قليلاً، أن ينتهي طحن الشعوب وانهاكها بالحروب وتجريب الأسلحة. ونعول عليه كعصر تحضَّر قليلاً، لكن الحال من سيئ إلى أسوأ انحدار ما بعده من إنحدار..!
آنذاك صور التنكيل بالشعب الشيشاني التي تجاوزت حدود التوحش والسادية لم تحرك ضمير الولايات المتحدة الأمريكية والإتحاد الأوروبى، كما لم تحركه جرائم روسيا في سورية، بل إن أهم أسباب استمرار تلك الهمجية هو صمت الإتحاد الأوروبي الذي لم يسكت فحسب، بل دعمها، وقال وقتها المستشار الألماني شرودر: “بالنسبة إلينا فإن التضامن مع روسيا ورئيسها في الحرب ضد الإرهاب أمر بديهي”.
تتصاعد حده الازمة يوما بعد يوم بين حلف الناتو وروسيا علي خلفية الحشود العسكرية الروسية التي تحيط باوكرانيا برا وبحرا ، وتنقل وكالات الانباء عن علي مدار الساعة تصريحات متضاربة، فتارة تؤكد ان الهجوم وشيك وسيحدث خلال أيام ، وتارة يؤكد مسؤولين غربين ان روسيا لازالت تستمع الي الحلول الدبلوماسية التي يتقدم بها بعض قادة الدول الاوروبية ، لكن الوضع علي الأرض لازال كما هو حشود وتجهيزات قتالية علي اعلي مستوي وتحذيرات لرعاية غربيين بمغادرة اوكرانيا والعاصة كييف بشكل خاص ،
لا يستطيع احد ان يؤكد نوايا بوتين فهو سياسي محنك ويجيد التعامل مع المواقف الصعبة ويعلم ان فخ اوكرانيا سيكون له آثار كبيرة اذا ما تم اجتياحها،
الغرب بصفة عامة واعني حلف الناتو والاتحاد الأوروبي يسيرون خلف امريكا معصوبي الأعين، فالرئيس الامريكي بايدن وإدارته هم من يديرون المشهد إعلاميا وسياسيا للضغط علي روسيا ومحاولات جلب روسيا للمستنقع الاوكراني لاستنزافها، ولن يدفع الغرب بجندي واحد من حلف الناتو للقتال ضد روسيا وهذا ما اكدته كل من اليونان والمجر ورومانيا الي جانب إيطاليا التي لا تنسي ما فعله بوتين خلال الجائحه وإرساله خبراء واطقم طبية ومعامل وادوية في الوقت الذي تأخر الاوروبيون عن مساعدتها، هنا استطيع القول بأن التلويح بالعقوبات ضد روسيا ستكون له آثار سلبيه ايضا علي دول الاتحاد الأوروبي والتي تعتبر روسيا الشريك الثالث لها بهد أمريكا والصين ،
فالاضرار الناجمة عن العقوبات ستؤثر علي الجميع لكن في الوقت الراهن ستكون تاثيرها قوي علي الجانبين خاصة أن غالبية دول الاتحاد الاوروبي لازالت تعاني اقتصاديا من آثار الجائحة وتراكم الديون وارتفاع التضخم ،
الهيمنة الأمريكية
لا أحد يستطيع أن ينكر ان العالم أصبح احادي القطبية منذ تفكك الاتحاد السوفيتي عام 1991 وانتهاء الحرب الباردة وآلت قيادة العالم الي أمريكا، ومنذ ذلك الحين اصبح القرار امريكي بامتياز ، واضحت أوروبا تابعا للقرار الامريكي ولا تستطيع الخروج عنه القرار باي شكل من الأشكال، وخلال العقدين الماضيين برزت قوة اقتصادية كبيرة هي الصين والتي أصبحت تشكل خطر علي قيادة أمريكا للعالم واصبحت هاته القوة الصاعدة تسعي لإثبات وجودها علي الساحة الدولية بامتلاكها قوة عسكرية كبيرة وشراءها المزيد من الأسلحة خاصة من روسيا بالإضافة الي ذلك عقد اتفاقية دفاعية بين الجانبين لتطوير أنظمة الانزار المبكر ، فالتقارب الصيني الروسي يشكل خطر علي النفوز الأمريكي في شرق القارة والحل في خلق أزمة لروسيا تنتهي بعقوبات قاسية واستنزافها.
لكن مع وصول قيادة ألمانية جديدة لسدة الحكم “شولتز ” و رحيل ميركل ، يرفض الوضع الراهن والضغوط التي تمارسها إدارة بايدن علي الاتحاد الاوروبي بعدم اتمام مشروع غاز السيل 2 بالوصول الي اوروبا فهذا الغاز يمثل شريان حياة لألمانيا التي أصبحت تعتمد بشكل كامل في مصانعها علي الغاز الروسي وهذا ما ترفضه أمريكا .
والكل يرسل مساعدات عسكرية لاوكرانيا وينتظرون رد فعل روسيا .
مخاوف روسيا
تمدد الناتو شرقا وضم اغلب الدول التابعة لحلف “وارسو” قبل تفكك الاتحاد السوفيتي يثير مخاوف روسيا وأصبح الحلف علي مقربة من موسكو ، وتعد اوكرانيا خاصرة روسيا وسعي الحلف لضمها خلق هذا التوتر الحاصل اليوم ، ويريد بوتين ضمان أمن بلاده ووقف تمدد الناتو لكن الثمن سيكون كبيرا فهل يتورط في مستنقع اوكرانيا ام يحصل علي تنازلات من الناتو .
المتضرر الخاسر
بالتكيد هناك متضررون من اندلاع الحرب وبالتاكيد ليس أمريكا فهناك من سيدفع الثمن واخرون سيجنو الأرباح ، فالخاسر الأول أوروبا التي سيتضرر اقتصادها بشكل كبير وقد تتعرض لخسارة افدح اذا ما انذلقت نحو حرب مفتوحة، وهذا ما اعلنه وزير مالية المانيا اقوي اقتصاد في أوروبا من شلل اقتصادي قد يصيب بلاده في حال انقطاع امدادات الغاز الروسي.
والأمر ينطبق علي الدول التي تصدر منتجاتها الزراعية” الخضروات والفاكهة والالبان” الي روسيا وتعتبر من اهم مواردها المالية فاليونان ورومانيا وهولنداوالمجر وبلغاريا من المصدرين لهاته السلع .
ميدانيا
حشود بعشرات الالاف علي الجانبين واسلحة من كافة الأنواع وتجهيزات قتالية تنتظر ساعة الصفر
من وقت لاخر تحدث مناوشات بين الانفصاليين والجيش الاوكراني
مما دفع أوليكسي دانيلوف أكبر مسؤول أمني في أوكرانيا باتهام روسيا بالقيام باستفزازات في شرق أوكرانيا في محاولة لدفع الجيش الأوكراني إلى الرد، لكنه أضاف أن أوكرانيا ستتمسك بالوسائل السلمية لنزع فتيل الأزمة،
واعلنت البعثات الدبلوماسية اخلاء كافة العاملين بالسفارات من العاصمة كييف في إشارة الي احتمال اندلاع الحرب في اي وقت خلال الأيام القادمة
خلاصة ما يحدث:
ان التوتر يسود الموقف والتباين في وجهات النظر بين الطرفين يزداد والمساعي الدبلوماسية مازالت قائمة لدرأ الحرب ولا يستطيع احد الجزم بنهاية هذه الازمة الا اذا حدثت تطور مفاجئ وقبل المتنازعون الجلوس الي طاولة الحوار ،
بوتين يلعب لعبة شديدة الخطورة مع الغرب ويعلن اعتراف روسيا رسمياً باستقلال منطقتين انفصاليتين في شرق أوكرانيا.
وقد أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اعتراف بلاده باستقلال المنطقتين الانفصاليتين في أوكرانيا، دونيتسك ولوغانسك، ووقع على مرسومين باعتراف روسيا بالجمهوريتين، طالبا من مجلس الدوما الاعتراف الفوري بهذا القرار ودعم الجمهوريتين فهل درس هذه الخطوة المجنونة ؟.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق