خطورة الخلافات بين أهل السنة
من الحقائق المسلم بها أن العديد من الانتصارات التي حققها الأعداء على المسلمين عبر عصور التاريخ كانت بسبب الخلافات والمنازعات فيما بينهم قال تعالى: (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم).
ومن أسف، المسلمون لا يتذكرون هذه السنة الربانية إلا بعد فوات الأوان وبعد أن يجني عدوهم ثمار خلافاتهم ومنازعاتهم.
وأحيانا قد تكون أسباب تلك الخلافات تافهة لا تساوي شيئا إذا قيست بالخسائر التي ستقع عليهم جراء تلك الخلافات.
واليوم قد تحقق الخلافات بين أهل السنة النصر الحاسم للأعداء في الوقت الذي أحاط فيه الأعداء من الروس والمجوس والغرب الصليبي واليهود بأهل السنة لتمزيقهم والقضاء عليهم.
والمجوس الروافض هم أخطر الأعداء الذين يمكن أن يستفيدوا من هذه الخلافات.
وسأضرب هنا مثالا واحدا من التاريخ لعل أهل السنة يفيدون منه ويجمعون صفوفهم ويوحدون كلمتهم ويتناسون خلافاتهم.
فقد كان معظم سكان إيران منذ فتحها وعلى مدى سبعة قرون من أهل السنة.
وقد خضعت إيران والعراق للمغول بحملة هولاكو المشهورة،وقامت فيها دولة مغولية ظلت قائمة أقل من قرن من الزمان ولما تولى الحكم أولجايتو (716-703) هجرية
أحد أحفاد هولاكو الحكم، اعتنق الإسلام على المذهب السني الحنفي، وتسمى باسم محمد خدابنده،وتحمس لعقيدة أهل السنة وشرع في بناء المساجد وكتب على الدنانير أسماء الخلفاء الراشدين الأربعة رضي الله عنهم،
وانتشر الإسلام بين معظم قادة المغول وموظفيهم وجنودهم. ثم حدثت خلافات بين الشافعية والحنفية على بعض المسائل الفقهية.
فدعا السلطان محمد خدا بنده إلى عقد مناظرة بين علماء المذهبين في قصره، ودارت المناظرة بين الجانبين في حضور السلطان وقادته ثم خرجت المناظرة عن طابع الأدب وتحولت إلى سباب وشتائم بذيئة بين علماء المذهبين.
فغضب السلطان وخرج من المجلس وتبعه قادته، ولاموه على اعتناق الإسلام،وحثوه على الردة والعودة إلى عقيدة جنكيز خان الوثنية، لكن السلطان عز عليه ترك الإسلام بهذه السهولة.
تحول دولة المغول للمذهب الشيعي
واستغل الفرصة أحد علماء الرافضة المشهورين وهو الحسن بن يوسف الحلي،وتقدم للسلطان وأقنعه بالتحول لدين الشيعة الرافضة وصنف له كتابا بعنوان «منهاج الكرامة في باب الإمامة».
وحدث أن اتبع معظم قادة وأفراد جيش المغول السلطان فاعتنقوا التشيع وتحولت دولة المغول في إيران والعراق إلى مذهب الرافضة.
وعلى الرغم من أن شيخ الإسلام ابن تيمية رد على الحلي ردا مفحما فإن رده لم يجد نفعا في عودة دولة المغول في إيران إلى العقيدة السنية.
وكان هذا التحول هو الخطوة الممهدة التي مهدت الطريق في ما بعد للدولة الصفوية لتحويل معظم سكان إيران والعراق إلى عقيدة الروافض.
فإذا كان عالم واحد من الروافض قد استغل الخلافات بين الحنفية والشافعية
وتمكن بسبب ذلك من تحويل دولة كاملة بجيوشها وموظفيها إلى التشيع.
فما بالنا نحن أهل السنة لا نتعظ من التاريخ بل ونزداد انغماسا في المنازعات والخلافات في هذه الظروف العصيبة
ونحن أمام دولة شيعية مجوسية كبيرة بقوتها وعلمائها وأعلامها وعملائها تستغل هذه الخلافات لتصب في مصلحتها في نهاية المطاف.
اللهم هل بلغت اللهم فاشهد.
د. علي محمد عودة
أستاذ متخصص في تاريخ الحروب الصليبية،
وتاريخ العدوان الفكري الغربي على الإسلام
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق