الجمعة، 11 مارس 2022

وقفة

 وقفة

‏د. فتحي جودة‏
أثناء زيارتي لإحدى الجامعات قرأت هذا التنبيه على حائط زجاجي مذيلاً بتوقيع مسئول كبير في تلك الجامعة ...
وقفت وقفة عند هذه اللوحة وتساءلت :
هل يستطيع أحد الطلاب مخالفة هذا التنبيه أياً كانت قناعاته أو أفكاره ؟
وماذا نعتبر من يخالف هذه التعليمات ويصر على ذلك بدعوى الحرية الشخصية ؟!
ثم تذكرت أن الله - سبحانه وتعالى - ملك الملوك ، قد أصدر أيضاً لنا تعليمات وتنبيهات في كافة جوانب حياتنا .. ومنها أيضاً ما يخص الملابس سواءاً للرجال أو للنساء ..
لكن الكثيرين منا للأسف ، ضربوا بهذه التعليمات الإلهية عرض الحائط ..
وقالوا بلسان الحال أو بلسان المقال ؛(ما للدين ولباسنا ؟ ! ) ...
وقالوا : ( هذه حرية شخصية .. كل واحد يلبس على مزاجه ) ..
وقالوا ؛ ( المهم أن يكون قلبك طيباً من الداخل وليس المهم ظاهرك أو ملابسك ! )
وقالوا ؛ ( لقد تغيرت العصور والأزمان فما كان يصلح لعصر ما لم يعد صالحاً لهذا العصر ! )
وقالوا ؛ ( ليس من المهم أن تلبس ما تشاء .. طالما أنت تصلي وتصوم .. وتشهد الشهادتين فلا عليك بعدها ! )
والسؤال الذي يطرح نفسه : ( أليس لحاكم هذا الكون ومالكه أوامر ونواهي بخصوص قضية الملابس ؟ أليس قد أنزل علينا كتاباً مفصلاً يوضح فيه ما يحله ويسمح له وما يحرمه ويمنعنا منه ؟ ! ....
فما بالنا لا نلقي بالاً لأوامر الله ونواهيه كما نفعل مع رئيس الجامعة أو رئيس العمل أو أي رئيس ؟! ( ولله المثل الأعلى )
أيهم أحق بالإكبار والإجلال والطاعة ؟!
وإذا دخل أحد الطلبة الحرم الجامعي بما يخالف التعليمات ثم قال : ( أنا أعلم أن هذه هي التعليمات وأنني مخالف لكن لا أستطيع التغيير ) ، فماذا نعتبره ؟ هل يفيد قوله شيئاً؟! أم أن العبرة بعمله ؟
وماذا لو قال : (حاضر ) .. بلسانه ثم خالف التعليمات بفعله ؟ فأيهما أشد دلالة : ‏لسان الحال أم لسان المقال ؟
علينا أن نراجع أنفسنا وديننا أيها الأحباب ..!
فرفض أمر الله في الصغير كرفضه في الكبير !!
وحديثي هنا عن الملابس هو مجرد مثال للتوضيح ، لكن الإسلام الذي يريده الله بمعنى الاستسلام يتطلب منا الرجوع إلى الله والتلقي من الله في كل شأننا ..
عقائدنا وتصوراتنا ..
قيمنا وموازيننا ..
عاداتنا وتقاليدنا ..
طعامنا وشرابنا ..
وملبسنا ومركبنا ..
وشرائعنا وقوانيننا ..
ونظامنا الاجتماعي والسياسي ..
وتعاملاتنا المالية والاقتصادية ..
وكل شئ صغر أم كبر ..
بالضبط - ولله المثل الأعلى - كما نرجع إلى تعليمات الجامعة ولوحات المرور وإجراءات التشغيل وشروط العقود وبنود الالتزامات لنجعلها حكماً بيننا وفصلاً لنا بين الخطأ والصواب !!
علينا أن نراجع أنفسنا - فيما بين كل واحد ونفسه - ثم نصحح الخطأ ونعود إلي الصواب ؛ طالما مازالت الفرصة سانحة ، وفي المرء عرق ينبض !
علينا أن نسارع قبل أن يأتي يوم لا مردَّ له من الله !
يومها يقول أحدهم : ( رب ارجعون ! لعلي أعمل ‏صالحا فيما تركت !! )
فيجيئ الرد الإلهي الحاسم بالرفض !! فقد ضاعت الفرصة وانتهى الأمر !!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق