النصوص والآثار النبوية في شعبان بين رغبات
العامةوقواعد التصحيح
أ. د. بلخير طاهري الإدريسي
قال سيدنا الإمام مالك رحمه الله: “ما قلّت الآثار في قوم إلا كثرت فيهم الأهواء و البدع “.
وبهذه المناسبة التي تمر علينا كل سنة، و تحيا فيها بعض العبادات والقروبات، بين غال و متلطف، و موسع و مضيق. فإني أسجل هذه الملاحظات الشرعية :
أولا: إن تعظيم شهور الله ليس عيبا، و الاجتهاد في الطاعات مطلوب، ولكن ليس باسم النصوص الواهية، و الأقوال المرسلة.
ثانيا: إن ورود بعض النصوص الصحيحة في بعض فضائل الشهور لا يستلزم ، صحتها في بقية الشهور .
ثالثا: إن الأصل في العبادات التوقف، وزيادة اي عبادة أو قربة باسم الشرع، هو بدعة إضافية، و قد تصل إلى درجة الافتراء على الشرع إذا لم تثبت بالأسانيد الصحيحة
هذا بالنسبة للعبادة أو القربة المخصوصة، أما جنس النوافل والطاعات العامة فلا حرج فيها ما دام يشهد لها جنسها القريب و لا يتعارض مع منصوص.
رابعا: إحياء بعض السلف لبعض مظاهر القرب في هذا الشهر لا يستلزم صحة الأحاديث فيه، و قد يكون لدليل ثبت عنده ، ضعف عند غيره، و الحكم في ذلك لأهل الصنعة والخبرة.
خامسا: كما قرر علماء الحديث في قواعدهم : عدالة الراوي شرط في صحة الحديث وليست موجبة له.
ورحم الله الشيخ محمد الغزالي (المعاصر ) : سلسلة ذهبية لا تشفع لمتن واه.
ولهذا أغلب الأحاديث المستدل بها في هذا الشهر ، و جدتهم يركزون على أن رجاله ثقات، من رجال الصحيح، وهذه ميزة لا توجب التصحيح لوحدها.
سادسا: أن في النصوص الصحية غنية لمن أراد أن يجتهد في أي عبادة، فما ترك رسول الله صلى الله عليه و سلم، شيئا فيه خير لأمته، إلا وبينه و ندب إليه.
سابعا: شهر شعبان محطة لتعويد النفس على الصيام ، تمهيدا لشهر رمضان، و صونا له من التكاسل و الارتخاء.
ثامنا: لماذا تنتظر شعبان ، لتعفو و تصفح و تعتذر ؟ و رب هذه الشهور قائم معك في كل لحظة و حين !!!
تاسعا: العبادة : ليست مقصورة على الصيام في هذا الشهر ، بل عندك من فرص الطاعات ما يرفع الدراجات ربما أكثر من الصيام ، مثل العفو ، و الإنفاق ، و تلاوة القران و تعليمه، وغيرها من مسالك البر و التقوى. عاشرا: إن هذا الأمر دين ، فاعرفوا عن من تأخذون دينكم، و إياكم و التنطع، باسم التقرب، او المبالغة في التعبد، فالأفضل بما شرع و إن قل.
وأخيرا:
ليكن شعارك: لا تقدم على شيئ حتى تعلم حكم الله فيه .
وعليه : لم يصح ولا حديث يسلم من طعن في مستحبات و مندوبات هذا الشهر من حيث العبادات كقيام الليل، وإحيائه بطقوس معينة.
ولم يصح في النصف منه ، سواء منعا من الصيام ، أو توقفا للعفو من الله على مشاحن، شيء ذي بال لا يسلم من تضعيف أو رد .
فيا أخي الكريم و يا أختي الكريمة ، فلنجتهد ، في الصيام بحسب الطاقة من غير رياء ، و لنقضي دين الصيام فيه لمن تخلف عنه في شهر رمضان ، أو كفارة لأي ذنب وقع فيه، و الإكثار من النفقة على الفقراء و المحتاجين إستعدادا لشهر الرحمة.
و لتحرص على سلامة الصدر مع إخوانك حتى لا يدخل عليك رمضان إلا و قلبك ينبض بحب الخير للخلق أجمعين .
و إعلم أن الإمداد على قدر الاستعداد ، كما قال الشيخ زروق في قواعده.
قال سيدنا ابن عطاء الله السكندري في حكمه: «لمّا علم الحقّ منك وجود الملل لوّن لك الطّاعات، و علم ما فيك من وجود الشّره فحجرها عليك في بعض الأوقات، ليكون همّك إقامة الصّلاة لا وجود الصّلاة، فما كلّ مصلّ مقيم» .
ليكن همك قبول الصيام لا الصيام ، فما كل ممسك صائم.
إجتهد لنفسك …ولا تلزم غيرك
فمن كان طائعا لله في سائر العام كان الاحتفاء بالنصف من شعبان له زيادة في الطاعة. ومن غفل فلم ينتبه سوى في هذه الليلة سرى علية ما تقرر من أحكام أعلاه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق