إلى إخواننا في حماس
د. عطية عدلان
مدير مركز (محكمات) للبحوث والدراسات – اسطنبول
لا يخفى على أحد من المسلمين اليوم ذلك التحول الكبير في المسيرة السياسية لحركة حماس، التحول المتمثل في تقوية التقارب مع الكيان الصفويّ (إيران)، ومِنْ ثَمّ مع أذرعه الباطنية الممتدة في سوريا (بشار) ولبنان (حزب الله) واليمن (الحوثي)، وفيما صاحب ذلك التحول من تصريحات وبيانات فيها إشادةٌ وتمجيد لِقَتَلَةٍ سفاحين ولمجرمين ضالعين في الظلم والبغي على المسلمين، ولدى انطلاق مسيرة التحول ذاك كتبت سلسلةَ مقالاتٍ ب”المعهد المصري” تحت عنوان: “كيف يصير العاملون للإسلام في خندق واحد؟”، فلمّا اتَّخَذَتْ حماسُ قرارها بعودة العلاقات مع النظام السوري كَفَفْتُ اكتفاءً بما كتبتُ.
ثم وردتني – من عدة مصادر – ورقةٌ تُنْسَبُ إلى حماس، مُعَنْوَنَةٌ بهذه الجملة: “الأخوة العلماء والمشايخ”، فلما قرأتُها وجدتُها مُعَبَّأَةً بحشد كبير من الجمل والعبارات التي تحاول أن تتجانس فلا تستطيع، ويحاول الذهن أن يجد لها خيطًا ناظمًا فلا يقدر، فأيقنت قبل أن أُنهيها أنّها متهافتة؛ لأنّ الحقّ أبلج؛ لا يتلعثم ولا يَتَلَجْلَج، غير أنّني صبرت عليها حتى أنهيتها، كأنّني كنت أتجرع كأسا من الْمُرِّ مَلْأَى، وكأنّ عقلي ساعتها عصفور تم القبض عليه ووضعه في قفص ضيق فهو يدور فيه متململا.
ما هذا الكلام الذي أَوْفَى على الغاية في الركاكة معنًى ومبنى؟! مُحالٌ أن تكون هذه لغةُ حماسٍ التي عرفناها! لقد رأينا الشابَّ من حماس يَرْمِي بالحجر، فكأنّه في وثبته يَقْرِضُ الشعرَ ويلاعب الوَتَر، وشهادناه إذْ يُصَوِّبُ الرشاش إلى خنازير البشر؛ فَكَأَنَّ زَخَّ رصاصِهِ يحاكي البرق والرعد وانصبابَ المطر، حتى عندما يَلْتَفُّ بحزامه ويلقي بنفسه في لُجًّةِ الخطر، كأنّه يغرد ويشدو بأحلى الأمنيات وأَجْلَى العِبَر! كلا والله ما هذه لغة حماس ولا هذا منطقها، فياليت الورقةَ مدسوسةٌ عليهم ولا علاقة لهم بها.
ولأنّ الورقة – كما تفعل الدابة الرعناء – دخلت بحملها العريض في زقاق ضيق حرج، وتريد – ولو بخرط القتاد – أن تجرنا إليه جرًا؛ فإنّنا مضطرون لأنْ نأخذ خطوة للوراء لتنفرجَ زاويةُ النظر؛ عَلَّنا نبصر مواضع العلل ومواقع الخلل، ها نحن نبدأ من حيث تقع أنظارنا على الكلِّيَّات قبل أن نخوض في الجزئيات، وأول ما يبدو لنا من الخطوط الكلية ذلك الإطار الرقيق، الذي يَعْتَاصُ على التزوير والتلفيق، أعني الصورة العامة للواقع المترتب على هذا الخيار، هذه “الصورة العامّة” أَهِيَ متسقةٌ مع الشريعة وعاكسةٌ لاتساق الشريعة وتماسك أحكامها؟! أم إنّها مهترئة تعكس سمةً يستحيل أن تكون من سمات الشريعة الغراء، وهي سمة الاختلال والاضطراب وعدم التماسك؟ فللنظر إليها ثم نحكم ..
الصورة المهترئة
لقد تَرَكَتْ تلك الإجراءاتُ التي تُنسب – جزافًا – للنظر الشرعيّ وللموازنة بين المصالح والمفاسد، ومعها تلك البيانات والتصريحات والخطابات والإشادات التي تُنسب – تجديفًا – للحكمة والرشد والخبرة السياسية، تَرَكَتْ الخَلْقَ حائرين بائرين مفلسين مبلسين؛ أيكون على شعب فلسطين أن ينسى لبَشَّار الأسد وقاسم سليماني والحوثي والسيسي ما ارتكبوه من إجرام؟ وأن يعتقد أنّهم أنصارٌ لقضيته وأعوان؟ فإن كان هذا مطلوبا من شعب فلسطين أَفَيَكُون أيضا مطلوبًا من الشعب السوريّ الذي – على يد بشار – سالت دماؤه كالأنهار وحلّ بدياره الخراب والدمار؟! ومن الشعب العراقيّ الذي – على يد قاسم سليماني – ملأَتْ أشلاؤه الفلوات والخلوات؟! ومن الشعب اليمنيّ الذي – على يد الحوثيّ – تَشَتَّتَ في الآفاق وتمزق في شعاب الجبال؟! ومن الشعب المصريّ الذي باع (السيسيُّ!) حاضرَهُ ومستقبَلَهُ وشريانَ حياته بأبخس الأثمان، بعد أن قتل وسحل أطهر وأنقى شباب مصر؟!
وفي المقابل – للإنصاف – لقد تركَتْ تصريحاتُ ومواقفُ الكثيرين ممن يُنسبون – على نحو ما – للعلم الشرعي، تركتْ الخلقَ – أيضًا – في حيرة وإبلاس وضَيْعَةٍ وإفلاس؛ أيكون على شعوب البلدان العربية الخليجية التي دعمت أنظمتُها الثوراتِ المضادةَ، وَوَأَدَتْ بذلك أحلام الشعوب الثائرة، ودخلت مع الكيان الصهيونيّ في حلف ضد القضية الفلسطينية، أيكونُ على هذه الشعوب أن تعتقد أنّ حُكَّامَها الذين ارتكبوا هذه الموبقات العظام أولياءُ أمور لهم على المسلمين السمع والطاعة؟! فإن كان ذلك المحالُ مطلوبًا من تلك الشعوب أفيكون مطلوبا أيضا من شعوب قُتِلتْ وقُتلتْ معها كلُّ آمالها في مصر وليبيا واليمن وسوريا والعراق بدعم من هؤلاء الأمراء؟! كيف يمكن أن نحشر القناعات المتناقضة في قلوب وعقول الشعوب المسلمة حشرا؟ وهم أمّة واحدة ربها واحد ودينها واحد!
أم إنّه من الواجب على كل هذه الشعوب المختلفة أن تؤمن بِأَنَّ لكل بلد مسلمة إسلامها الخاص بها، ولكل قطر من الأقطار المسلمة عدوها، ولكل قوم قَضِيَّتهم، ولكل زمان ومكان مقاييس للحق والباطل تتغير أبداً فلا تثبت على قدم ولا تقف على ساق، وتتبدل دوماً فلا يَمُتُّ اللاحق منها للسابق بأدنى سبب؟! أهذه الصورة يمكن أن تَنْتُجَ عن إقامةٍ لأحكام شريعةٍ متسقةِ الأحكامٍ آخذٍ بعضُها برقاب بعض؟! أهكذا يكون الإسلام قد بنى أمّة واحدة؟! أفلا تعكس هذه الصورةُ العامّة للواقع الذي تنتجه تلك المواقف اختلالًا واضطرابًا يستحيل على شريعة الإسلام الغرّاء؟!
التبعيض البغيض
فإذا انتقلنا إلى الإطار الذي يليه وجدنا تجزئةً وتبعيضًا لما لا يقبل التجزئة ولا التبعيض، فالذي لا يشك فيه عاقل – ابتداء – هو أنّ جميع القضايا التي تعالجها البلدان الإسلامية، وجميع النوازل التي حلت بتلك البلدان؛ لا يمكن بحال أن تكون متقاطعةً متدابرة، أو متباعدةً متنافرة؛ بما يجعل لكل شعب من الشعوب المسلمة ولكل بلد من بلاد الإسلام قضيةً أو نازلةً يمكن أن تُعالَجَ ولو على حساب القضايا والنوازل الخاصة بآخرين من ديار الإسلام، لا يمكن أن يكون حقنُ الدماء في بلد بإراقتها في بلد آخر، لا يمكن أن يكون هدمُ الطواغيت في صقع بإحيائها في أصقاع أخرى، لا يمكن أن يكون القاتلُ السفاحُ لشعب حمامةَ سلام ورسولَ وئام لشعوب أخرى، لا يمكن أن يكون عدوُّ الثورة في بلد مُفَجِّرَها وراعيها في بلد آخر، لا يمكن أن يكون المستبدُّ الذي يتسول الشرعيةَ بإهدار مقدرات بلده داعمًا للشرعية والتنمية معا في بلاد أخرى، هذا كله لا يمكن أن يحدث حتى يمتزج النفط والماء في بئر أو إناء.
وحدة القضية وتعدد النوازل
إنّها قضية واحدة؛ وإن تعددت النوازل التي حلت بالأمة الإسلامية، فجميع هذه النوازل التي تفرقت بتفرق البلدان وتباينت بتياين الأزمان واختلفت في أشكالها باختلاف الظروف والأحوال ليست قضايا متمايزة، وإنّما هي قضايا متفرعة عن قضية واحدة، أو هي بالأحرى نوازل تمثل أصداءً للقضية الواحدة، التي هي بالتحديد وبلا أدنى تعقيد: “ضعفُ الأُمَّة وهوانُها وَتَحَكُّمُ أعدائِها فيها” فالقضية الفلسطينية رغم قِدَمِها ومركزيتها نازلةٌ من نوازلها، وقل مثل ذلك تماماً في سائر النوازل التي حلت بالأمّة في العراق وسوريا واليمن ومصر وغيرها، بل قل مثل ذلك في جميع البلدان العربية والإسلامية التي لا يمثلها حكامها إلا بقدر ما كان يمثلها المندوب السامي للاحتلال؛ فلا استقلال في القرار السياسي، ولا كرامة للمواطن، ولا حرية ولا عيش كريم ولا أمن ولا حماية، وهي تنتظر دورها في قطار التقسيم.
ذلك لأنّ الأمةَ الإسلامية أمّةٌ واحدة، ربها واحد ورسولها واحد ودينها واحد وشريعتها واحدة وقبلتها واحدة؛ وكذلك عدوها واحد، وإن تعددت أنيابه وتنوعت مخالبه، وتشتت مطامحه ومطالبه؛ فلا فرق بين العدوان الأمريكي ثم الإيراني على العراق، والعدوان الإيراني ثم الروسي على سوريا، والعدوان الإسرائيلي بدعم من الأعراب على فلسطين، والعدوان الحوثي ثم القحطاني على اليمن، والعدوان الواقع من الأنظمة العميلة على الشعوب المسلمة؛ هذه الأمّة الواحدة لها قضية معاصرة جامعة، انبثقت عنها كل النوازل التي تعانيها بلدان المسلمين كافّة، هذه القضية الجامعة هي التي أنبأ بها رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يُوشِكُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ الْأُمَمُ كَمَا تَدَاعَى الْأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا»([1])، هذه هي القضية الجامعة، التي تفرعت سائر النوازل، وتفرقت وتنوعت وتعددت؛ ومع ذلك لم تنفصل عن أصلها وجذرها، اختلفت في شكلها وصورتها ومع ذلك لم تختلف في جذرها ومضمونها ولم يقع بينها تنافر ولا تدابر، ومن ثمّ فلا مسوغ لجعلها قضايا مختلفة لمجرد نزول حدود سايكس بيكو.
ومن ثمّ فإنّه لا يصح أن تضطرب مدلولات المفردات الكبرى التي تحدد الأطر العقدية والشرعية والمفاهيمية والشعورية التي تتحرك فيها الأمة، هذه المتقابلات الحاسمة: الحق والباطل، العدو والصديق، المجاهد والسفاح، الشهيد والهالك، السنة والبدعة، الإيمان والكفر، الهدى والضلال، الولاء والبراء، هذه المتقابلات وغيرها يجب أن تكون واحدة في جميع الأقطار، فالعدو السفاح المبتدع الضال الهالك عند شعب العراق وسوريا لا يكون صديقا حميما مجاهدا شهيدا عند شعب فلسطين، والولاء والبراء لا يختلف مدلوله ولا تضطرب تطبيقاته باختلاف المواقف السياسية، فلا يكون المسلم في فلسطين والعراق والشام معاديا للصهاينة بينما المسلم في الإمارات والبحرين مواليا لهم، وهكذا في جميع المواقف، يجب أن تكون المفاهيم واحدة وثابتة وأن تكون المواقف المبنية عليها كذلك واحدة وثابتة ومنضبطة – ولو خالفتنا في ذلك الأنظمة – ذلك لأنّ الأمة أمة واحدة ولأنّ قضيتها واحدة.
بين المصالح والمبادئ
لا يوجد تعارض بين المصالح والمبادئ إلا حيث تضطرب الرؤية وتختَلُّ البوصلة ويغلب الهوى على الشرع والعقل، فالأصل أنّ المصالح ليست بعيدة عن المصدر الرئيسي لتقرير المبادئ؛ لذلك وجدنا علماء الشريعة يقررون في شأن المصالح أنّه: “إذا عظمت المصلحة أوجبها الرب في كل شريعة، وكذلك إذا عظمت المفسدة حرمها في كل شريعة، وإن تفاوتت رتب المصالح والمفاسد فقد يقدم الشرع بعض المصالح في بعض الشرائع على غيرها، ويخالف ذلك في بعض الشرائع، وكذلك المفاسد”([2]).
نعم .. قد تتعارض المصالح والمبادئ في الثقافات والحضارات الخارجة على الفطرة، أمّا في الإسلام فلا اختلاف ولا تعارض ولا تضاد ولا تنافر بين المبادئ والمصالح؛ لأسباب، أهمها وحدة المصدر، فالشرع الذي أمر بحفظ المبادئ هو الذي أمر برعاية المصالح، فكما يقول سلطان العلماء: “مَن مارس الشَّرِيعَة وَفهم مَقَاصِد الْكتاب وَالسّنة علم أَن جَمِيع مَا أُمر بِهِ إنما أُمر به لجلب مصلحَة أَو مصَالح أَو لدرء مفْسدَة أَو مفاسد أَو للأمرين، وَأَن جَمِيع مَا نُهي عَنهُ إِنَّمَا نهي عَنهُ لدفع مفْسدَة أَو مفاسد أَو جلب مصلحَة أَو مصَالح أَو للأمرين، والشريعة طافحة بذلك”([3])، ومن الأسباب كذلك أنّ الشريعة الإسلامية أعطت الوسائل أحكام المقاصد، فالثابت أنّ “للْمصَالح والمفاسد أَسبَاب ووسائل، وللوسائل أَحْكَام الْمَقَاصِد، من النّدب والإيجاب وَالتَّحْرِيم وَالْكَرَاهَة وَالْإِبَاحَة”([4]).
لذلك كان طبيعيا أن ينحاز الرسول صلى الله عليه وسلم لمبدأ الوفاء بالعهود والعقود في موقفه من الرجل الذي أسلم وأراد أن يلحق بالمسلمين بعد صلح الحديبية، فعَنِ أَبِي رَافِعٍ قَالَ: بَعَثَتْنِي قُرَيْشٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُلْقِيَ فِي قَلْبِي الْإِسْلَامُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي وَاللَّهِ لَا أَرْجِعُ إِلَيْهِمْ أَبَدًا، فَقَالَ: «إِنِّي لَا أَخِيسُ بِالْعَهْدِ وَلَا أَحْبِسُ الْبُرُدَ»([5])، بل إنّ القرآن تولى بنفسه تقرير مبدأ الوفاء بالعهود والعقود دون الخضوع لأيّ هاجس أو التذرع بأيّ مفسدة متوقعة، قال تعالى: (وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ) (الأنفال: 58)، مما يدل على أنّ الإطاحة بالمبادئ تذرعا بالمصالح ليس من سبيل المؤمنين، وهنا لم يقع تخالف بين المبدأ والمصلحة؛ لأنّ مصلحة بقاء الأمة قدوة للخلق في الوفاء بالعهود أربى من مصلحة المكايدة للعدو.
إنّ الحقيقة التي يجب أن نتملاها جيدا هي أنّ المبادئ والقيم هي التي تكسب المصلحة هويتها، وهي التي تعطي التصرف السياسي وغير السياسي وصف المصلحة، وهي التي تسلبه عنه أيضاً، فلا يُعرف التصرف بأنّه مصلحة أو مفسدة إلا بعرضه على المبادئ والقيم المعيارية، وفي المقابل نجد أنّ المصالح ترعى المبادئ وتعمل على تحقيقها واستمرارها؛ ومن هنا وجدنا أَجِلَّة فقهاء الشريعة يَعُدُّون المصلحة حسنة وخيرا ويَعُدُّون المفسدة سيئة وشرا، ولا يفرقون بين المصلحة والطاعة، ولا بين المفسدة والمعصية، يقول العزّ ابن عبد السلام: “ويُعَبَّرُ عَن الْمصَالح والمفاسد بالمحبوب وَالْمَكْرُوه والحسنات والسيئات وَالْعرْف والنكر وَالْخَيْر وَالشَّر والنفع والضر وَالْحسن والقبح”([6])، بل إنّ المصالح عندنا دين وشريعة وتكاليف يجب على الفرد وعلى المجتمع وعلى الدولة القيام بها، يقول الإمام ابن القيم: “فإن الشريعة مبناها وأساسها على الحكم ومصالح العباد في المعاش والمعاد، وهي عدل كلها، ورحمة كلها، ومصالح كلها، وحكمة كلها؛ فكل مسألة خرجت عن العدل إلى الجور، وعن الرحمة إلى ضدها، وعن المصلحة إلى المفسدة، وعن الحكمة إلى العبث؛ فليست من الشريعة وإن أدخلت فيها بالتأويل”([7]).
فالشريعة التي أرست المبادئ مبنية على جلب مصالح العباد في المعاش والمعاد، بما يعني عدم إمكان التنافر أو الاختلاف بين المبادئ التي أرستها الشريعة وبين المصالح التي بُنِيَتْ عليها الشريعة، وبناء على ما سبق؛ فإنّ المصلحة التي لا تتحقق إلا بإهدار المبدأ ليست على وجه التحقيق مصلحةً شرعية، إنّما هي مصلحةٌ متوهمة أو مرجوحة، وهي لا تتحقق في الواقع حتى تكون قد أهدرت – مع المبادئ التي أهدرتها – مصالح كبرى وعامّة وكلية، أمّا السياسة فإنّها في جوهرها تصرفات تحقق مصالح مشروعة، إذْ هي: “ما كان من الأفعال؛ بحيث يكون الناس أقرب إلى الصلاح وأبعد عن الفساد”([8])، هذا هو التعريف الذي يتفق مع اللغة؛ حيث يدور معناها في اللغة على “القيام على الشيء بما يصلحه”([9])، وإذن فالسياسة رعاية للمصالح، والمصالح وسائل للمقاصد، والمقاصد حماية للقيم والمبادئ؛ فلا اختلال.
الموازنة عند التزاحم
بقيت مساحة واسعة ومرنة، يقع فيها الكثير من الخلط والالتباس، بل ويقع فيها الكثير من التصحيف والتحريف، هذه المساحة هي مساحة الموازنة والمفاضلة بين المصالح المتعارضة؛ ومن هنا كان الفقيه الورع مَن عَرَف خير الخيرين وشرّ الشرين؛ لأنّ “الشريعة مبناها على تحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها – بحسب الإمكان – ومعرفة خيرَ الخيرين وشرَّ الشرين، حتى يُقَدَّمَ عند التزاحم خيرُ الخيرين ويُدْفَعَ شرُّ الشرين”([10])، والتزاحم يعني اجتماع المصالح المتعارضة أو المفاسد المتعارضة في ظرف لا يسمح بجلب المصلحتين معًا أو دفع المفسدتين معًا.
إلا أنّ الشريعة لم تتركنا في هذه المساحات الواسعة الشاسعة نَضِلُّ في وديانها ونَتُوه في شعابها ونركب الصعب بين وهادها ونجادها، وإنّما وضعت لنا معالم بارزة؛ لا يزيغ عنها إلا هالك، ورتبت المصالح من وجوه عديدة، ف”المصالح والمفاسد في رتب متفاوتة، وعلى رتب المصالح تترتب الفضائل في الدنيا، والأجور في العقبى، وعلى رتب المفاسد تترتب الصغائر والكبائر وعقوبات الدنيا والآخرة”([11])، و”تنقسم المصالح والمفاسد إلى نفيس وخسيس، ودقيق وجليل، وكثير وقليل، وجلي وخفي، وآجل أخروي وعاجل دنيوي، والدنيوي ينقسم إلى متوقع وواقع، ومختلف فيه ومتفق عليه”([12]).
وقد وضعت الشريعة ضوابط دقيقة للترجيح بين المصالح المتعارضة، وكذلك بين المفاسد المتعارضة، وكذلك بين مصالح نطلب جلبها ومفاسد نروم دفعها، فقد قرر العلماء بما لا خلاف فيه القواعد الآتية: “إذا تعارضت مفسدتان روعى أعظمهما ضرراً بارتكاب أخفهما”([13])، “يُختار أهون الشرين”([14])، إذا تعارضت المصالح والمفاسد قدم الأرجح منها على المرجوح”([15])، وهذا الترجيح يظهر أثره بين المصالح والطاعات والحسنات، وبين المفاسد والمعاصي والسيئات، وكل ذلك في الجزئيات، أمّا المبادئ والقيم والكليات والأسس فلا مساس بها ولا مساومة عليها، ولا ريب أنّ ما اتخذته حماس من إجراءات في هذا الصدد هو ضد مبادئ كبرى وقيم كلية وأسس عامّة جامعة.
هذا .. وإنّ الاجتهاد في الموازنة بين المصالح المتعارضة أو بين المصالح والمفاسد إنّما هو من نوع الاجتهاد العميق الدقيق الرقيق الذي يحتاج مع ذكاء العقل وصفاء الذهن وعمق الفقه وفهم الواقع وإدراك المقاصد والمآلات؛ يحتاج إلى شمول النظر والاستقصاء في جمع الشواهد المؤيدة لخيار من الخيارات أو الداعمة لضده، مع الانحياز الدائم للمبادئ والقيم؛ إذْ لا يتصور من حيث الأصل أن تكون المصلحة الراجحة متعارضة مع المبدأ الثابت، كيف وهو أحد معايير قياس المصلحة أصلا.
موازنة مغلوطة
وقد وقع خلط كبير لدى الموازنة بين المصالح والمفاسد في مسألة التقارب بين حماس وبين إيران وأذنابها، حيث تتم الموازنة بين وضعين متقابلين على هذا النحو: الوضع الأول: تَمْتِينُ العلاقة مع إيران وأذنابها بما سيترتب عليه من دعمٍ للقضية الفلسطينية وتقويةٍ لجبهة حماس، الوضع الثاني: إنهاءُ العلاقة مع إيران وأذنابها بما سيترتب عليه من تَرْكِ حماس في العراء بلا غطاء ولا وطاء، وتعريض القضية الفلسطينية للتدهور والتراجع، والصحيح أنّ الموازنة ليست على هذا النحو؛ لأنّ إيران وأذنابَها ليسوا داعمين حقيقيين لحماس ولا للقضية الفلسطينية، إنّما هم فقط يلتمسون تسويق مشروعهم عبر تقديم بعض الدعم لقضية لها في حياة الأمة تقدير كبير، والأدلة على ذلك من التاريخ والواقع أكثر من أن تحصى، ولأنّ إنهاء العلاقة كُلِّيًّا غير وارد من الطرفين، ولو – فرضا – وقعَ فلن يترتب عليه كل تلك التخوفات؛ آية ذلك أنّ المقاومة الفلسطينية على مدى تاريخها قامت بواجبها برغم تخلي الجميع عنها عربًا وعجما.
أمّا الموازنة الحقيقية فيجب أن تقع بين وضعين متقابلين على هذا النحو: الوضع الأول: دخول حماس في حلف المشروع الإيرانيّ لمواجهة الحلف العربي الإسرائيلي، الوضع الثاني: بقاء حماس في موقعها وعلى ثغرها متوكلة على ربها، فما أتاها من إيران أو غيرها أخذته بعزة، وما فاتها سيعوضها الله بخير منه، والسبب في هَجْرِ حماس لهذه الوضعية الصحيحة في الموازنة ولياذها بالوضعية السابقة الخاطئة هو الغفلة أو التغافل عن المآل القريب جدًا للعلاقة بين إيران وحماس، وهو أن تصبح حماس مجرد أداة في يد إيران ومشروعها، هذا هو المآل الذي تحتمه الظروف وتمليه الأوضاع ويفرضه القوي الخبيث على الضعيف الغافل، ولا يجدي ولا يفيد أن تبدي حماس وتعيد حول نيتها وعزمها وقوة إيمانها؛ لأنّ هذا وضع لا خلاص منه إلا بالاحتراز العمليّ المبكر، فلا يصح أن تنصح العابد بالمبيت مع جارية لعوب تحت سقف واحد ثم تعول على تقواه، أو أن تنزل الفاس البارع في زبية بها أسود ضارية ثم تراهن على شجاعته.
وماذا عن التحالف؟
وبرغم أنّ وضع حماس مع إيران وأذنابها لا يُبْحَثُ في باب التحالف؛ لكونه تجاوز هذا التكييف إلى وصف لا تُسْعفه أحكام التحالف، فإنّ التحالف الذي يكون على هذا النحو غيرُ جائزٍ قطعًا؛ لأنّ جوازَهُ مشروطٌ بألا تكون رايةُ الباطل غالبةً، وبألا يترتب على ذلك التصرف ضررٌ بأيٍّ من المكونات المسلمة أو بالقضية الإسلامية، وهما شرطان معدومان في العلاقة القائمة بين حماس وبين إيران وأذنابها؛ فمن المحتم حسب معطيات الواقع الجاثم أنّ المشروع الصفويّ سيمتطي صهوة حماس ليصل إلى مآربه، وستكون رايَتُهُ ورايَةُ مشروعِهِ هي الظاهرة، شاءت حماس أو أبت، وسينعكس ذلك بالضرر البالغ، ليس فقط على المسلمين في العراق وسوريا واليمن وإنّما على بلاد الإسلام كافّة، وعلى قضية الإسلام ونوازله أجمع، صحيح أنّ الذي يفصل في حكم التحالف هو نوعية المواد المتحالف عليها قبل كل شيء، لكنّ الشريعة شددت في الشروط لأنّ الجواز جاء على خلاف الأصل، ولأنَّ الأضرارَ الجانبية واردةٌ ورودًا قويًّا، لا سيما مع تعقد السياسة وتَشَابُكِ مسالكها ودروبها، ووقوع أغلب المكونات في السياسة الشيطانية، ودخول الجميع إلا من رحم الله في جحر الضبّ، ولو أنّ حلف الفضول الذي وقع في دار ابن جدعان تَرَتَّبَ عليه ضرر أو جور لما قال فيه النبيّ صلى الله عليه وسلم ما قال، لقد كان حلفا على نصرة المظلوم وإغاثة الملهوف، ولم يكن طرف من أطراف هذا الحزب يظلم أحدا او يبغي على أحد.
ولا تركنوا إلى الذين ظلموا
وبذلك الذي سبق يتبين أنّ ما تفعله حماس ليس سياسةً شرعيةً ولا موازنةً بين مصالح مَرْعية ومفاسد غير مَرْضيَّة، إنّما هو من قبيل الركون إلى الظالمين واتخاذ المجرمين بطانةً من دون المؤمنين، ويتبين أيضًا أنّ استدلال العلامة “الددو” بالآيات صحيحٌ وفي موضعه تماما، كما يتبين أنّ ما ظلت الورقة تُدندن حوله من خضوع المسألة للنظر المصلحيّ والتقدير السياسيّ بعيدًا عن المبادئ والأخلاق إنّما هو سياق ركيك متهافت، وأنّ ما تروجه الورقة من رجحان المصلحة في هذا الفعل غير صحيح، ولا يروج مثل هذا الترجيح في سوق الاجتهاد الشرعيّ المنضبط بفلس أبلاه الكساد.
إنّ الآيات هنا حاسمة وصارمة: (وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ) (هود: 113) (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ) (آل عمران: 118)، وإنّ المشروع الصفوي الإيرانيّ وأذرعه الخبيثة في سوريا ولبنان واليمن والعراق هو الظلم في أبشع صوره، وإنّ الخبالَ كلَّ الخبال في ذلك التقارب وذالك التحالف؛ فلا يجوز الإلقاء بمشروع إسلاميٍ سُنّيٍّ خالص في أحضان هؤلاء الخونة المجرمين، الذين شهد التاريخ والواقع بالتواتر القطعيّ للشهادات ودلالاتها على أنّهم خونة، وعلى أنّهم – بصدق – أخطر على الأمة الإسلامية من اليهود والنصارى، ولطالما بحت أصوات الناصحين الذين حذروا الإخوان المسلمين في مصر من ممالأتهم للعسكر وركونهم إلى المجلس العسكري، واتخاذ السيسي وأضرابه بطانة من دون المؤمنين، لكنّ الناصحين كانوا ينفخون في الرماد، فما هي إلا أنْ أطاح العسكر بهم وبجميع من ناصرهم وبكافّة مكاسب الثورة والدعوة.
الأخطاء لا تبرر الأخطاء
أمّا ما ظلت الورقة تردده طوال مسيرتها من المبدأ إلى المنتهى، حول الأخطاء التي ارتكبتها بعض الكيانات الإسلامية، وبعض الشخصيات العلمائية، في سكوتها عن انحرافات الأنظمة والأحزاب التي استعانت بالكفار أو تحالفت مع أهل البغي والظلم، فليس له إلا جواب واحد، وهو أنّ الخطأ لا يُسَوِّغُ الخطأ، ولا يصح الاستدلال على صوابية رؤية خاطئة أو تَوَجُّه منحرف أو فعل شائن؛ لمجرد أنّ آخرين من المسلمين – أو من المنسوبين للإسلام وإن بالكذب – فعلوه، فلم يجدوا من يواجههم بخطئهم، هذا على فرض أنّ جميع العلماء سكتوا فلم يقم أحد منهم بالمواجهة، وهذا ما لم نعرف له وقوعًا حتى في تاريخنا المعاصر، فتبرير الخطأ بالخطأ والتشريع للخطأ بالاتكاء على أخطاء الآخرين منهج غير سديد.
وليس في الورقة أعجب من تبريرها لفعلها – الذي سيكسر قلوب المؤمنين في سوريا – بأنّ المسلمين ممزقزن أصلًا، ولم يعودوا أمةَ مولاةٍ إيمانية! أَلِأَنهم ممزقون نفعل الفعل الذي يزيدهم تمزيقا؟! ألأنّ الأمة لم تعد أمّة موالاة إيمانية نشتط بها إلى أبعد مما آلت إليه؟! من أين استأجرتم كاتب هذه الورقة؟ لا أظنه سكن فلسطين أو أكل زيتونها النقي الزكي؟! أهكذا يتم معالجة قضية شرعية من قضايانا الكبيرة؟!
ثم ما هذا الانحدار في التعبير والتبرير على السواء: “ومن ثم فإنه لا يعقل أن تتعامل الحركة مع كل تلك الانقسامات بتحولاتهها وسيولتها وكأنّها حدث ثابت؟! أو موقف أخلاقيّ لا يتغير، بينما يتغير أصحابها باستمرار وينقسمون على أنفسهم باستمرار، فكيف يمكن للحركة أن تلتزم خطوات سياسية ثابتة تجاه الأحداث والفرقاء والتغير والانقسام سيد الموقف من حولها؟! لا يمكن للحركة على ضوء واقع التجزئة وليس على ضوء موقف أصليّ أن تكون ملكية أكثر من الملك فتتبنى موقفا لصالح طرف قد ينقلب هو على موقفه غدا …” قالت الورقة هذا الكلام بعد أن استعرضت صور الانقسامات الواقعة في العالم العربي والإسلاميّ، وهذا في الحقيقة ليس كلام أناس كبار، إنّه ليس إلا تبريرات الصغار؛ لذلك أشك بدرجة كبيرة أن تكون الورقة قد روجعت من المسئولين أو من أهل العلم في الحركة. وأخيرا – لخلو الورقة من دليل يُعَوَّلُ عليه – أجدني مضطرا لإنهاء الحديث، وأختم بالتنويه على أنّ الركاكة المفرطة في العرض من جهة المبنى والمعنى على السواء دليل واضح على أنّه قد غلب على كاتبها – فردا كان أو مجموعة – العجلة والارتجال، والجمع دون تمييز، والحشو دون تركيز؛ فكأنّ الورقة “خُرْجٌ” امتلأ من خبز الشحاذة حتى أُتْخِمَ، فلا المرءُ قادر على إفراغه بسهولة، ولا هو إذا أفرغه بعد لَأْيٍ يجد فيه رغيفا يشبه أخاه؛ رغم ما بُذِلَ في الجمع والحشر من جهد ومشقة! مما يؤكد انعدام الثقة ويعكس حالة الارتعاش والارتباك، ويزيد من شكوكي بأنّها لا تمت لحماس بأدنى صلة – أتمنى ذلك طبعًا – والله المستعان، وأسأل الله لي ولإخواننا العفو والغفران
([1]) رواه أحمد في مسنده (37/ 82) برقم (22397) – وأبو داود في سننه (4/ 111) برقم (4297) – ر: السلسلة الصحيحة للألباني (958)
([2]) قواعد الأحكام في مصالح الأنام – العز بن عبد السلام – مكتبة الكليات الأزهرية – القاهرة – ط 1991 م – (1/ 44)
([3]) الفوائد في اختصار المقاصد – العزّ ابن عبد السلام – دار الفكر المعاصر , دار الفكر – دمشق – ط: أولى، 1416ه صــــ53
([4]) الفوائد في اختصار المقاصد – العزّ ابن عبد السلام – دار الفكر المعاصر , دار الفكر – دمشق – ط: أولى، 1416ه صــــ43
([5]) سنن أبي داود (3/ 82) برقم (2758) النسائي في الكبرى برقم (8621) – أحمد في مسنده برقم (23857)
([6]) الفوائد في اختصار المقاصد صـــ 38 ، وقواعد الأحكام في مصالح الأنام – العز بن عبد السلام – مكتبة الكليات الأزهرية – (1/ 5)
([7]) إعلام الموقعين عن رب العالمين – ابن القيم – دار الكتب العلمية – ييروت – الطبعة: الأولى، 1411هـ – 1991م- (3/ 11)
([8]) نقله ابن القيم عن ابن عقيل الحنبليّ في إعلام الموقعين عن رب العالمين، (4/283)، وفي الطرق الحكمية (1/2)
([9]) ر: لسان العرب لابن منظور (4/747)، ط دار الحديث – القاهرة 2003م.
([10]) منهاج السنة النبوية (6/ 118) – وراجع: مجموع الفتاوى (30/ 234)
([11]) قواعد الأحكام في مصالح الأنام – العز بن عبد السلام – مكتبة الكليات الأزهرية – القاهرة – ط 1991 م – (1/ 29-36)
([12]) قواعد الأحكام في مصالح الأنام – العز بن عبد السلام – مكتبة الكليات الأزهرية – القاهرة – ط 1991 م – (1/ 57)
([13]) مجلة الأحكام العدلية م/ 28.
([14]) مجلة الأحكام العدلية م/ 9.
([15]) مجموع فتاوى ابن تيمية 24/269 والقواعد الفقهية الخمس الكبرى ص395.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق