دعاة «حموم الإنسان» بالبكيني!
خواطر صعلوك
يتحامل بعض الليبرالليين والعلمانيين ودعاة النسوية على العلماء المسلمين وأصحاب اللحى الذين يتكلمون في أحكام الحيض والحجاب والطهارة والنفاس، ويتهمونهم أنهم يعيشون في الماضي السحيق.
ويشير «المستنير» أننا في عصر التكنولوجيا والثورة الرقمية والجينية وعلوم الفضاء، وأن هؤلاء المشايخ تحديداً يجب ان يختفوا من الحياة لأن كل إنسان اليوم قادر على أن يتفقه في دينه، ولا يحتاج إلى فقيه أو شيخ.
هذه إحدى الحجج التي ربما تسمعها من «علماني عايش الدور»، أخفى موهبته الضئيلة في مجال عمله خلف رطانة خطابية مستهلكة، أو «نسوي تقمص الدور»، أو ليبرالي قرأ ثلاثة كتب لمحمد شحرور وكتابين لصادق جلال العظم، ويتابع برنامجاً تلفزيونياً لإبراهيم عيسى!
وعندما تناقشه - مازحاً - أن الأمور لا تأخذ بهذه الحدية في الطرح، وأننا يمكن أن نصل إلى الفضاء وننتج القنبلة الكهرومغناطيسية وفي الوقت نفسه نراعي أمور مسح الخفين والطهارة والنفاس وأحكام الحيض والوضوء لكي نستطيع على الأقل أن نصلي في القمر أو المريخ إذا وصلنا هناك!
تجد صاحبنا نظر إليك نظرة مع ابتسامة مليئة بالحكمة، وقد اتخذ أسلوب الإنسان الناضج صاحب المنهجية العلمية، واسع الأفق، صاحب الخبرة الموسوعية الذي انتهى منذ وقت طويل من مناقشة التفاصيل الصغيرة، ولملم قناعاته الكبرى في حقيبة وأغلق إحكامها، ثم وجد نفسه مضطراً أحياناً لمناقشة عقول سطحية وغبية ورجعية مازالت متمسكة بالشكليات... ثم يقول لك:
- بسبب أمثالك نحن متخلفون!
تكمن المشكلة عزيزي القارئ في الاختزالية التي نعيشها والتي تعشقها الذهنية العربية، سواء العلمانية منها أو حتى دعاة «حموم الإنسان» بالبكيني! الذين يعتقدون أن اختفاء مشايخ الدين هو الحل من أجل أمة منتجة ومتقدمة تحجز كرسياً بين مجموعة العشرين أو حتى كرسياً دائماً في الأمم المتحدة.
إن تاريخنا واسع ومتعدد ومتنوع وفيه من الرحابة ما يجعل أبسط استقراء تاريخي يوضح لنا أنه في الوقت الذي كان المسلمون وعلماؤهم يناقشون معركة الجمل والمسح على الخفين ويتكلمون عن نواقض الوضوء ومسائل الحيض، والنمص والوصل والوشم وتفاصيل أخرى... كان أيضاً هناك مسلمون آخرون - وفي الوقت ذاته - يقدمون انجازات ضخمة وهائلة للبشرية، في الطب والفلك والكيمياء وعلم البصريات والجغرافيا والرحلات والاستكشافات، وأشياء كثيرة مذكورة في مئات الكتب التي كُتبت لتوضح فضل المسلمين على العالم كله وعلى أوروبا القرون الوسطى وغيرها.
يبقى الحل ليس في اختفاء مشايخ الدين، بل في أن يركز «السيد العلماني والليبرالي والنسوي» سواء كان أصلع الرأس أو بشعر كثيف، لكي يخترع لنا، ويكتشف ويجد علاج الأمراض، ويقاتل من أجل البشرية، وينقذنا من التخلف الذي نحن فيه... بدلاً من كونه متفرغاً للطعن في مشايخ أو فقهاء يقومون بما عليهم فعله، بينما «هو» في مكانٍ آخر. وهكذا يمكن أن تكون الشكليات «الحيض والطهارة» والأساسيات «الصارخ واكتشاف الفضاء» في مكان واحد.
وكل ما لم يُذكر فيه اسم الله... أبتر.
Moh1alatwan@
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق