الاثنين، 26 سبتمبر 2022

ما دلالات نفخ الصهاينة بالبوق في اقتحامات الأقصى المبارك؟ وهل هو خطير فعلًا؟

ما دلالات نفخ الصهاينة بالبوق في اقتحامات الأقصى المبارك؟ وهل هو خطير فعلًا؟


حاخامات ينفخون في بوق الشوفار

المسجد الأقصى المبارك على موعدٍ مع أعتى موجة اقتحاماتٍ صهيونيّة في هذا العام، تبدأ يومي 26 و27 أيلول “سبتمبر” بمناسبة رأس السّنة العبريّة، ويومي 5 و6 تشرين الأوّل “أكتوبر” بمناسبة عيد الغفران، ومن 10 إلى 17 تشرين الأول “أكتوبر” بمناسبة عيد العُرُش..

على أنّ هدف الصّهاينة المركزيّ في اقتحامات 26 و27 أيلول “سبتمبر” سيكون النّفخ في البوق “الشّوفار” في داخل المسجد الأقصى المبارك.

ما هو بوق “الشّوفار”؟ وما معاني نفخه؟

“الشّوفار” هو بوق مصنوع من قرن حيوان مأكول اللّحم ما عدا الثّور؛ فيكون من الماعز أو التّيس أو الكبش أو الغزال ويشترط فيه ألّا يكون ملتويًا.

ومعنى النّفخ ببوق “الشّوفار” هو الدّلالة على الانتقال بين زمنين مفصليّين، فينفخ فيه في العام مرّتين فقط؛ الأولى يومي رأس السّنة العبريّة مع شروق شمس اليوم الأول إلى ظهيرة اليوم الثّاني إعلانًا لبدء أيّام التوبة العشرة عند اليهود، وتكون عدد النفخات مئة نفخة، والنّفخ الثّاني يكون في غروب شمس يوم الغفران إعلانًا بانتهاء أيّام التّوبة.

وللنفخ ببوق “الشّوفار” نوعين من المعاني؛ النّوع الأول معاني متعلقة بالدّلالات التوراتيّة، وهي تتعلّق باستحضار النّفخ بالبوق لقيام الموتى وإعلان يوم القيامة، ومعنى الحاجة للغفران والتّوبة، واستحضار الحروب التي خاضها بنو إسرائيل وكانوا يستخدمون البوق فيها للإعلان عن الانتصار والسّيطرة.

والنّوع الثّاني من المعاني متعلّق بجماعات الهيكل التي ترى في النفخ بالبوق “الشّوفار” إيذانًا باقتراب قدوم المسيح المخلّص، والنّفخ بالبوق بالأقصى قائم على منهجيّة “توريط الربّ” التي تتبعها جماعات الهيكل؛ فالنفخ بالبوق في الأقصى هو توريط للربّ كي يستعجل بإرسال المسيح المخلّص.

ما هو الجديدُ في النّفخ بالبوق في اقتحامات الأقصى المبارك؟

الجديدٌ يكمن في نقطتين اثنتين؛ الأولى: أن المؤسسة الحاخامية المركزية لجماعات الهيكل المتطرّفة المسمّاة “السنهدرين الجديد” تعلن للمرّة الأولى عزمها نفخ البوق داخل المسجد الأقصى ضمن احتفالها برأس السنة العبرية، وهذا تطوّر كبيرٌ ومسارٌ تصاعديّ نوعيّ في عمليّات الاقتحام الصّهيونيّة للمسجد الأقصى المبارك.

بل إنّ الحاخام “هيليل فايس”، وهو من أبرز قيادات هذه المؤسّسة الحاخاميّة أعلن عن الانتهاء من تصنيع بوق من قرن ذكر الماعز بما يطابق الشروط التوراتية معلنًا أيضًا أنّه سيتمّ النفخ به في المسجد الأقصى المبارك يومي الاثنين والثّلاثاء.

الثّاني: أنّ الحكومة الصّهيونيّة كانت تعلن ظاهريًّا على الدّوام أنّها ترفض وتعارض هذه الاقتحامات؛ لكنّها تقدّم هذه المرّة غطاءً ودعمًا قانونيًّا للاقتحامات الصّهيونيّة القادمة، وللنّفخ بالبوق؛ فقد تقدّم محامي المؤسسة الحاخاميّة “أفيعاد فيسولي” بالتماس إلى المحكمة مطالبًا بمرافقةٍ وحمايةٍ أمنيّة خلال مراسم نفخ البوق داخل الأقصى المبارك، واستند في التماسه إلى أحكام قضائية سابقة صادرة عن المحكمة الصّهيونيّة صنّفت طقوس نفخ البوق في المسجد الأقصى المبارك في خانة الأعمال غير المستفزة والمسموح بها قانونيًّا.

فهذه الاقتحامات ليست اعتداءاتٍ من جماعات الهيكل فحسب بل هي اعتداءات تتضافر فيها إرادة وتعاون ومشاركة المؤسسة العسكريّة والمؤسسة الأمنيّة والمؤسّسة الدينيّة في الكيان الصّهيوني.

ما هي الدلالات الخطيرة للنفخ بالبوق في الأقصى المبارك؟

إنّ النّفخ ببوق “الشّوفار” إبان اقتحامات الصّهاينة للأقصى أيّام رأس السّنة العبريّة هو جزءٌ من معركةٍ طويلة على الأقصى المبارك؛ غير أنّ فيه مخاطر جديدة ودلالاتٍ مهمّة؛ منها:

أولًا: تحقيق مكسبٍ للصّهاينة على المسلمين في جولةٍ مهمّة من جولات معركة السّيادة على المسجد الأقصى المبارك، فالأخطر في نفخ البوق داخل المسجد الأقصى أنّه يمثّل إعلانًا سياديًّا للجماعات اليهوديّة على الأقصى، لأنّ من أهمّ معاني النّفخ بالبوق هو إعلان النّصر وبسط السّيادة على الأرض التي يتم نفخ البوق عليها.

وقد اعتاد الحاخامات نفخ البوق في الأماكن التي يحتلّها الكيان الصّهيونيّ عقب السيطرة عليها مباشرة؛ وكان حاخام الجيش الصّهيوني “شلومو غورين” يمارس ذلك فقد نفخ بالبوق في سيناء أول مرة عام 1956م ثمّ نفخ فيها ثانيةً عام 1967م، كما نفخ في باحات الأقصى المبارك عام 1967م عندما دخله مع الجنود الصّهاينة لإعلان انتصار الجيش الصّهيوني في القدس.

فالمعركة على الأقصى هي معركة سيادة، ونفخ البوق هو من أجلى مظاهر هذه المعركة لذلك يصرّ الصهاينة المقتحمون على فعله في الاقتحامات يومي الاثنين والثّلاثاء.

ثانيًا: النّفخ بالبوق هو إعلان صهيونيّ أنّ الأقصى صار دار عبادة يهوديّة؛ تمارَس فيها الطقوس التوراتيّة كالسجود الملحمي وذبح القرابين؛ والنفخ بالبوق هو من أهم وأبرز هذه الطقوس التوراتيّة، كما أنّ النفخ بالبوق لإعلان بداية أيّام التوبة معناه أنّه يتمّ التّعامل مع المسجد الأقصى بوصفه المركز الرّئيس للدّيانة اليهوديّة؛ فهو الهيكلُ المزعوم من حيثُ السّلوك التّعاملي، إضافةً إلى أنّ هذا نوعٌ من أنواع تكريس التقسيم الزماني للمسجد الأقصى المبارك.

إنّ النّفخ بالبوق “الفوشار” في اقتحامات الأقصى المبارك خلال مواسم الأعياد اليهوديّة وما يحمله من دلالات سياديّة ودينيّة؛ يفرض على المسلمين التنبّه إلى أنّ المعركة أخطر بكثير من مجرّد صورة حاخام ينفخ بالبوق؛ بل هي معركة تتهدّد مسرى نبيّهم صلى الله عليه وسلّم في أصل وجوده ووجودهم فيه؛ هي معركةُ سيادة سياسيّة ودينيّة؛ فإمّا أن تكون السّيادة على الأقصى لكم أيّها المسلمون أو لعدوّكم.

إنّ الأقصى المبارك هو قِبلة المسلمين الأولى ويجب أن يكون اليوم القبلة الأولى لاهتمامهم وعملهم وجهودهم ونصرتهم، فهو قضيّة تمسّ عقيدة كلّ مسلم، وقضيّة تلامس جوهر كلّ حرّ رافض للعدوان، وهو عنوان هويّة المعركة الدّائرة؛ ومن يقبل التفريط بالأقصى المبارك اليوم أو يتخاذل عن نصرته هو مفرّطٌ حكمًا في الحرمين الشريفين شقيقَي الأقصى المبارك في مكّة المكرمة والمدينة المنوّرة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق