برنامج: تأمـــــلات
عارض فتوى ثم استدرك خطأه.. من الشيخ الأزهري الذي انتهت إليه إمامة الحديث في مصر؟
ولد الشيخ أحمد محمد شاكر عام 1892 في القاهرة، وقد تعهده والده الشيخ محمد بتعلم مبادئ القراءة والكتابة وحفظ القرآن الكريم، وحين عين والده قاضيا في السودان اصطحبه معه، وهناك أخذ من العلم ما شاء الله له.
وبعد عودة والده إلى القاهرة درس الشيخ أحمد شاكر في الإسكندرية ثم التحق بالأزهر، وهو المكان الذي شكل الوعاء الذي غذى علوم الشاب، فاتصل بعلماء الدين وطلبة العلم الموجودين في القاهرة، وتردد على العلامة عبد الله بن إدريس السنوسي محدث المغرب، وقرأ عليه فأجازه برواية الكتب الستة، كما اتصل بالشيخ محمد الأمين الشنقيطي، وشاكر العراقي وطاهر الجزائري ومحمد رشيد رضا وكثيرين غيرهم، وكلهم أجازوه بمروياتهم في السنة النبوية.
وبرز الشيخ أحمد شاكر في علوم السنة وانتهت إليه إمامة الحديث في مصر، ومع حيازته الشهادة العالمية للأزهر عمل في التدريس لفترة وجيزة لينتقل بعدها إلى سلك القضاء ويمضي فيه عمره حتى تبوأ منصب نائب رئيس المحكمة الشرعية العليا قبل تقاعده.
ورغم العمر المديد الذي أمضاه في سلك القضاء فإن الشيخ الأزهري لم يتوقف عن المطالعة والتصنيف، فترك أبحاثا وتحقيقات ومواقف أغنت المكتبة العربية بسبل إحياء التراث.
ويقول الشيخ أحمد شاكر عن أبحاثه وأهدافها "هذه الأبحاث ليست من أبحاث الفقهاء الجامدين المقلدين، ولا هي من أبحاث المترددين الذين يبدو لهم الحق ثم يخشون الجهر به، ولا هي من أبحاث المجردين الهدامين الذين لا يفهمون الإسلام ولا يريدون إلا تجريد الأمم الإسلامية من دينها والثبات عليه ونصره، ولا هي من أبحاث المجددين العصريين الذين تتبخر المعاني والنظريات في رؤوسهم ثم تمتلئ بها عقولهم فيطيرون بها فرحا ويظنون أن الإسلام هو ما يبدو بعقولهم ويوافق أهواءهم وأنه دين التسامح فيتسامحون في كل شيء من أصوله وفروعه وقواعده".
وتميز الشيخ أحمد شاكر بتواضعه أمام ما يراه حقيقة ولا يتردد في مراجعة الذات والرجوع عما بدا له خطأ في مواقفه السابقة، ويذكر أنه ووالده عارضا فتوى الشيخ محمد المراغي في إجازة الأخذ بالحساب الفلكي في إثبات أوائل الشهور العربية كبديل عن الرؤية الشخصية، لكن الشيخ أحمد شاكر أعاد التفحص في هذا الأمر ونشر كتيبا دعم فيه تلك الفتوى، وقال "كان والدي وكنت أنا وبعض إخواني ممن خالف الأستاذ الأكبر في رأيه، ولكن أصرح الآن بأنه كان على صواب وأزيد عليه وجوب إثبات الأهلّة بالحساب في كل الوقت إلا لمن استعصى عليه العلم".
أما أهم المصنفات التي حققها وعلق عليها فهي تحقيق وشرح مسند الإمام أحمد بن حنبل، وكان مشروع العمر، إذ استهلك 35 عاما من العمل حتى بدأ بطباعته سنة 1946، وحقق مختصر سنن أبي داود للحافظ المنذري، كما شرح ألفية السيوطي في علم الحدث وغيرها، كما عني بكتب الأدب والتراث، ونشر مجموعة من المؤلفات الخاصة، منها "نظام الطلاق في الإسلام".
واعتمد العلامة المصري -الذي توفي عام 1958- طوال حياته العلمية على منهج الانحياز للحق والحقيقة.
وتناولت حلقة (2022/9/27) من برنامج "تأملات" مواضيع أخرى، منها الفرق بين العبيد والعباد، ووصية عمرو بن كلثوم التغلبي، وأصل كلمة القارورة، وغيرها من الفقرات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق