برنامج: تأمـــــلات
ماذا قالت سعاد الصباح في رثاء "آخر السيوف"؟
هو القائل: "لا يُؤخذ العلم من أربعة ويؤخذ ممن سواهم".. من الإمام الذي سار علمه في الآفاق ودُفن بجوار ابن الرسول؟
هو الإمام أبو عبد الله مالك بن أنس الأَصبحي المدني، عربيٌّ من ذي أَصْبَح من حِمْيَر، وحِلْفُه في قريش. وُلد في المدينة سنة 93 من الهجرة، فهو داخلٌ في القرون الثلاثة الذين ذكرهم النبي صلى الله عليه وسلم فحازَ السَّبْق، وأدرك بذلك الفضل، ونال نصيبًا منه، والفضيلة على غيره ممَّن تأخر عنه بذلك.
وقد اجتهد الإمام مالك منذ صغره في العلم والحديث والتحصيل، ولزم جماعة من العلماء والمحدِّثين، وأخذ عنهم العلم، ورَوَى عن عدد من التابعين وتابعيهم، منهم نافع مَوْلَى ابن عمر، والزهري، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وابن شهاب، وابن المُنكَدِر، وعبد الله بن دينار، وعبد الرحمن بن القاسم بن محمد، ووهب بن كيسان، وغيرهم خلق كثير.
ولمَّا اشتهر في سائر الأقطار؛ ضُرِبت إليه أكباد الإبل، وارتحل الناس إليه يطلبون ما عنده من العلم والرأي، فسار علمه في الآفاق، حتى إن كثيرا من مشايخه رَوَوْا عنه كالزهريّ، ورَبِيعَة الرأي، فقيه أهل المدينة، وغيرِهم، وروى عنه خلق من الرواة من أشهرهم سفيان الثوري والإمام الشافعي وعبد الله بن المبارك، وغيرهم.
كما أثنى على الإمام مالك كثيرٌ من العلماء، فقد رُوِيَ عن الإمام الشافعي أنه قال: "إذا جاءك الحديث عن مالك فَشد به يدَيْك"، و"إذا جاءك الخبرُ فمالك النجم".
وروِيَ عن يحيى بن معين أنه قال: مالك من حجج اللهِ على خَلقه. وروِي عن البخاري أنه قال: أصح الأسانيد مالك عن نافع عن ابن عمر.
وقد ألَّف الإمام مالك في فنون كثيرة من العلم، ومن أشهر مؤلفاته كتاب الموطأ، فقدْ روِيَ عن الإمام الشافعي أنَّه قال عنه: "ما ظهرَ كتاب على الأرضِ بعدَ كتابِ اللهِ أصح مِنْ كتابِ مالك".
وأما عن أثر الموطأ في الدرس الأدبي فقد ذكر الدكتور إبراهيم الخولي في مقاله عن الموطأ في مجلة تراث الإنسانية، شيئًا من ذلك فقال: "نشعر أن الموطأ بجامعه، وعصره، وبيئته، وعمله في الفهم والتخريج يكون بكل أولئك مادةً لصاحب الدرس الأدبي، يجد فيها من النصوص الأدبية ما يجد من خطب، وكتب، وعباراتِ حوارٍ، وصيغِ تقرير، يظفر فيها بالطابع العربي الخالص بما يحفظه ويأنس به، كما يجد في ثنايا هذه النصوص من أعلام الأشخاص والأماكن والوقائع ما يتكامل مع سائر مراجع الأدب في ذلك".
ونصح الدكتور الخولي دارس الأدب في هذا العصر بأن يعرج على هذا الموطأ بما هو نص نثري منقول نقلًا دقيقا، يمثل ضربا من الأسلوب الأدبي الخاص في هذا العهد.
من أقوال الإمام مالك
ومن أقوال الإمام مالك التي روِيَت عنه: "جَنة العالِم لا أدري، إذا أغْفلها أصِيبَت مقاتله"، و"إن هذا العلمَ دين، فانظروا عمَّن تأخذون دينكم، لقد أدركت 70 ممن يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند هذه الأساطين، وأشار إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما أخذت عنهم شيئا، وإن أحدهم لو اؤْتمِن على بيت مالٍ لكان أمينا، إلَّا أنهم لم يكونوا من أهل هذا الشأن".
ومن أقواله أيضا: لا يُؤخذ العلم من أربعةٍ، ويؤخذ ممن سواهم:
– لا يُؤخَذ من سفيهٍ.
– ولا يُؤخذ من صاحب هَوَى يدعو إلى بدعته.
– ولا من كَذاب يكذب في أحاديث الناس، وإن كان لا يتهم على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.
– ولا من شيخ له فضل وصلاح وعبادة إذا كان لا يعرف ما يحمِل وما يحَدّث به.
وقد توفي الإمام مالك في المدينة سنةَ 179 من الهجرة، ودفن في البقيع بجوار إبراهيمَ ولد النبيِّ صلى الله عليه وسلم.
يذكر أن حلقة (2022/10/11) تناولت أيضا عدة مواضيع منها، معنى التعبير القرآني الرائع عن انتشار الشيب في رأس سيدنا زكريا عليه الصلاة والسلام، وقصة المثل القائل: "أَثقل من الزَّوَاقِي"، وقصيدة "آخر السيوف" التي كتبتها الدكتورة سعاد الصُّباح في رثاء زوجها الراحل الشيخ عبد الله المبارك، وذلك ضمن فقرة (سعاد الصباح).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق