الجمعة، 24 مايو 2024

سيدي

سيدي

   محمد إلهامي

باحث في التاريخ والحضارة الإسلامية



أما الشهيد فقد ذهب إلى الجنة، وهو الآن يتمتع في نعيمها، ولعله يجالس سيدنا محمدا وصحبه الشهداء الكرام.. فهو في لذة ونعيم متحقق ملموس..

ولكن الكلام في هذه الدنيا مبذول لمن أخر الله عنه الشهادة، فالمؤمنون الصادقون كما أخبرنا الله على قسمين: {منهم من قضى نحبه، ومنهم من ينتظر}

هذا المجاهد الذي يعيش الآن في الدنيا، ولعله تتشرف كلماتي هذه إذا وقعت عليها عينُه، هو الذي أتوجه إليه بالقول:

آه لو تعلم أنك تصنع في هذه الحياة صنعا عظيما.. أنت تحيي قلوبا بعد موتها، وتحيي شعوبا من غفلتها، وتداوي عقولا من أوهامها، وتنزع أمراضا من شرايينها..

فالخطوة منك -ولو كنت حافيا- قفزة عظمى في حياة هذه الأمة.. والكلمة منك -مهما كانت تلقائية ومتعثرة- نور يشرق في النفوس لا تبلغه الخطب والأشعار.. والطلقة منك شهاب يحرق أكوام الكسل والعجز والخوف..

إنك لا تدري ماذا تصنع في النفوس، ولا تدري كم تمهد من طريق المستقبل!!

الأمر أعظم مما ترى ومما تشعر ومما تقدر.. كثير من الناس -مسلمين وغير مسلمين- يولدون الآن مولدا جديدا، وقد شاء الله أن يكون هذا المولد الجديد في ميزان حسناتك وفي صحيفة أعمالك.

ولعل الله غيَّب عنك هذا الأثر العظيم لكي تبذل ما تبذل ابتغاء مرضاته وحده، فيكون بذلك في غياب الثمرة أجرًا فوق الأجر، لما فيه من إخلاص النية وبُعْد الغنيمة..

ولا يخفى عليك -سيدي المجاهد- أجر من جاهدوا فغنموا، وأجر من جاهدوا فلم يغنموا!


وإنه وعد الله لعباده المؤمنين {إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة، يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويُقتلون، وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن، ومن أوفى بعهده من الله، فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به}








ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق