الجمعة، 31 مايو 2024

نور الأشقر والمنهج الأبتر

 

نور الأشقر والمنهج الأبتر


دكنورة ليلي حمدان

يأتي هذا المقال استجابة لدعوات وصلتني من المتابعين للرد على ما تنشره الناشطة نور الأشقر، من قضايا مضللة، تنتهج فيها منهجية مضطربة، مستندة فيها على المتشابه متجاهلة للمحكم، مستمسكة بكل زلة جديدة ومهمشة لكل حجة عتيقة، فتخالف الحديث الصحيح بلا خجل وتطعن في أمانة أئمة أهل السنة بلا حق، قد أوهمت متابعيها أنها “مجددة عصرها” جاءت لتصحح لهم دينهم! وتكشف لهم حالة الغش التي يعيشونها في معرفة شريعة ربهم تحت وطأة تضليل علماء السنة – المتوارث- منذ عصر الصحابة رضي الله عنهم إلى هذا اليوم!

في الواقع لم ينقص الساحة الرد الملجم على كمّ التدليس والجهل والتعالم الذي تدسه نور الأشقر في إصداراتها المرئية وهي تخرج فيها متأنقة بزينتها وبمقدمة موسيقية موهمة، وكأنها تقول هذا ما يجب أن تكون عليه حال المرأة المسلمة المتبعة لشريعة ربها! 

تنشر العلم “من وراء حجاب” بزينة وموسيقى، بفهمها السقيم وبتحريفها لمعاني الآيات الجليلة ومخالفتها لهدي نساء السلف الصالح الحيي، وحاشا لله أن يكون هذا حال المسلمة التي تدعو لله جل جل جلاله، فتشغل الأنظار عن فساد الطرح والمقصد بزخرف العرض وجرأة المجاهرة بمعصية، وفي الوقت نفسه تتهكم على من يستمع القول فيتبع أحسنه وتشنع على من اختار الاستقامة على طريقة السلف ولو كان له قدوة من الصحابة وكبار الأئمة ومن لهم في دين الله البينة والحجة،

ولكنني أجد من الأمانة في الدين وواجب إنكار منكر وانحراف تدعو إليه المتحدثة، الإنكار العلني عليها ودحض شبهاتها والتحذير منها كي لا ينخدع بها الناس، من خلال رد على تعليق لها بشأن النظرة الشرعية للمخطوبة، أبين فيه فساد منهج المتحدثة، وفساد طريقتها وتناقضاتها وضلال مقاصدها.

تعليق نور الأشقر الناقد بشأن النظرة الشرعية للمخطوبة


سأنقل فيما يلي تعليق نور الأشقر الناقد بشأن النظرة الشرعية للمخطوبة، حيث قالت:
“بدي تشوفوا بس كيف أنه العجيب أنه نحنا نحتكم لتوجه واحد! يحكمنا العرف أو ما اعتدنا عليه، أكثر من أنه نحتكم للمقاصد ولفهم الشريعة وللنص.
العجيب أن المجتمعات التي ترى بوجوب تغطية وجه المرأة، أو تلزم النساء بالسواد، عم قول مجتمعات مو فقه لأنه في الفقه ما في شي اسمه إلزام السواد.

إلي بلزموا المرأة بقيود إضافية خارج البيت هنن نفسهن بياخذوا بالقول الذي يعتبر مرجوح وهو خلاف قول الجمهور، بالنظرة الشرعية للمخطوبة بأنه يسمح للخاطب الي لسا ما أكد، يعني ما في عقد، بسمحوا له أنه يشوف المخطوبة بكامل زينتها بشعرها، بكاشفة شعرها أو لابسة كنزة مكشوفة، أو تنورة قصيرة، أو وهذه يعتبروها نظرة شرعية، وهذا مشهور عند عدد من الحنابلة، يعني بالسعودية الجزائر”.

ثم واصلت معلقة على الدليل الذي يستندون إليه، فقالت:

“هو مو جاي من فراغ، ما فينا نقول هن بس حبوا لا في أصل حديث يستندوا عليه حسنه البعض حسنه الألباني، صححه أبو داوود، هو مو من الصحاح العالية، عن قول النبي قال إذا خطب أحدكم أي إذا بدو يخطب بهذا المعنى أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها، فليفعل.
فيقول جابر راوي الحديث يقول فخطبت جارية من الأنصار فكنت اتخبأ لها تحت الكربِ حتى رأيت ما دعاني لنكاحها ففعلت.ما في تدقيق، دعاني إلى نكاحها على جزء معين، كل رجل له جزء معين في ضمن تركيزه أو يلفت نظره، فهن بستندوا على هذا الحديث وأعطوه مساحة أكبر من مساحة التطبيق، علماء ثانيين لا، ما قبلوا بهذا الحديث ليس في البخاري مثلا، يعني معناه يعارض أمور ثانية في الشريعة فالمسألة فيها خلاف.
احترم الخلاف والله احترم الخلاف”.

ثم انتقلت لجزئية أخرى، تقول فيها:

“شو بقي كله حلال، المطلوب من كل هالكلام إنه نحترم الخلاف، لكن السؤال إلي أحيانا من ناس تقول طلع الكحل حلال، والموسيقى حتى لو أخذت من الكلمات البذيئة أو التعري كمان حلال، وكذلك لبس الأسود مو مثل ما نحنا نعرف شو ظل من الدين؟ كل شي شفنا عليه أهلينا وتربينا عليه طلع مختلف! طب صار عندي هيك هزة، يعني صرت شك بأشياء ثانية أتعامل معها على أنها مسلمات شو ظل من الدين شو خليتو، على أساس نحنا عاملين شلة أنا والشيخ حسن، لا هون لمصيبة إلي تورجينا إنه عرفت الدين من خلال هذه الفرعيات إلي هي لا تقع لا في مرتبة أصول الدين ولا في العقيدة، لأنه مسكينة لما إجيتي تتعلمي الدين بلشوا معك من هالنقطة أول شي شو تلبسي وشو تسمعي فكرتي أنه هذا الدين، بقي كثير بقي أركان الإسلام بقي الفطريات سواء من المباح أو المحرم، خلافة الله في الأرض الي هي الغاية الأولى”.

تفكيك تعليق نور الأشقر المضلل

سأرد على كل تعليق من تعليقاتها لنكشف ضلال المنهج ولؤم الطريقة.
قالت نور الأشقر:

“بدي تشوفوا بس كيف أنه العجيب أنه نحنا نحتكم لتوجه واحد! يحكمنا العرف أو ما اعتدنا عليه، أكثر من أنه نحتكم للمقاصد ولفهم الشريعة وللنص.
العجيب أن المجتمعات التي ترى بوجوب تغطية وجه المرأة، أو تلزم النساء بالسواد، عم قول مجتمعات مو فقه لأنه في الفقه ما في شي اسمه إلزام السواد.
الي بلزموا المرأة بقيود إضافية خارج البيت هنن نفسهن بياخذوا بالقول الذي يعتبر مرجوح وهو خلاف قول الجمهور، بالنظرة الشرعية للمخطوبة”.

بهذه الطريقة تجعل نور الأشقر من القول بوجوب تغطية الوجه “إلزاما بقيود إضافية” ثم تلحق أصله بالمجتمعات لا بالفقه، وهو تدليس وتضليل لا يليق، فقد اختلف العلماء في وجوب تغطية وجه المرأة وكفيها أمام الرجال الأجانب وجميعهم يستند للحجج الفقهية في ذلك وليس المجتمعات كما تحاول أن توهم المتحدثة، ولكنهم لم يختلفوا في وجوب سترهما عند خوف الفتنة بها أو عليها. وهذا مما لم يعرف فيه خلاف!

والمراد بالفتنة بها: أن تكون المرأة ذات جمال فائق، والمراد بخوف الفتنة عليها أن يفسد الزمان، بكثرة الفساد وانتشار الفساق.
وعلى هذا فوجوب ستر وجه المرأة عند خوف الفتنة وفساد الزمن لا خلاف فيه.


والأدلة على وجوب تغطية الوجه من القرآن والسنة كثيرة، ولن أنقلها هنا كي لا نطيل التفصيل ولكن من المعيب أن تكون من تتفاخر المتخرجة من كلية الشريعة بدمشق، بدراسة دامت 12 سنة، تجهلها أو تتجاهلها وتجعلها تكلفا من القائلين بهذا القول، خاصة وأن فيها أقوال صحابة وتفسيرات قوية من عصر النبوة لم يعرف فيه خلافا طيلة القرون الأولى والتي تليها، فعن ابن عمر أن النبي ﷺ قال : ” لا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين ” رواه البخاري وغيره .

وقال أبوبكر بن العربي: وذلك لأن سترها وجهها بالبرقع فرض إلا في الحج، فإنها ترخي شيئا من خمارها على وجهها غير لاصق به وتعرض عن الرجال ويعرضون عنها، انتهى من عارضة الأحوذي.
وقد قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها بما لا يحتاج لكثير جدال: كنا إذا مر بنا الركبان – في الحج- سدلت إحدانا الجلباب على وجهها، فإذا جاوزونا كشفناه، وهذا وصف صريح لتغطية الوجه، فهو أمر متعارف عليه في عصر النبي ﷺ فلم تكلف تحقيره! ويرجع لكتاب الشيخ عبد العزيز الطريفي بعنوان: الحجاب في الشرع والفطرة بين الدليل والقول الدخيل ففيه تفصيل كافٍ يكشف تفاصيل هذه القضية الفقهية. وبذلك فإن محاولة تصوير القائل بوجوب التغطية على أنه متكلف فهو محاولة بائسة للتخلص من قول قوي معتبر لا يمكن تجاهله، بل هو الراجح وهو ما أدين به لله تعالى، بوجوب تغطية الوجه واليدين.

وأما عن جزئية اللون الأسود فلا خلاف أن للمرأة أن ترتدي اللون الأسود في حجابها، كما يجوز لها أن ترتدي غيره بشرط ألا يكون فتنة في نفسه، فلا يوجد في الكتاب أو السنة أي دليل يحدد لون الجلباب أو الحجاب، إنما الأمر بإدناء الجلابيب والستر وعدم إظهار الزينة الفاتنة بحيث لا يكون ذلك الجلباب شفافا ولا زينة في نفسه، ولا يكون واصفا لجسم المرأة لونا وحجما، ولا يكون فيه تشبه بالكافرات، وأن يكون سابغا ساترا للوجه والكفين وسائر البدن.

فلا نعلم خلافا في ذلك بين أهل العلم، لكن! يجب أن ننبه لأمر مهم هو أن انتشار اللون الأسود جاء استحبابا، كما أخرجه أبو داود: لما نزلت آية ( يدنين عليهن من جلابيبهن) خرج نساء الأنصار كأن على رؤوسهن الغربان من الأكسية. وله شاهد عن عائشة رضي الله عنها، صحيح. وقد حدث ذلك بين يدي رسول الله ﷺ وأقره، فمن لبسنه استحبابا واقتداء بنساء الصحابة في زمان النبوة، لا يعاب عليهن ولا يقال فرضه مجتمع ولم يفرضه الفقه! بل يقال التزام المستحب دلالة التقوى وهو منهج لا تعرفه نور الأشقر، منهج (الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب) الزمر: 18. ومن اقتدت بنساء الصحابة فهي الذكية ولا حرج على من لم تلتزم اللون الأسود!

وهنا تفصيل يجب تبيانه كي لا يؤخذ القول على إطلاقه كما تحاول نور الأشقر إيهام المشاهد. فليس كل لباس ملون يجوز لبسه، فإن تنافى مع مقاصد الستر وإخفاء الزينة فلا يجوز لبسه.

قال العمراني في البيان:

“وأما الثياب المصبوغة: فينظر فيها:
فإن صبغت للزينة؛ كالأحمر، والأصفر، والأزرق الصافي، والأخضر الصافي.. فيحرم عليها لبسه. وقال أبو إسحاق: ما صبغ غزله، ثم نسج.. يجوز لها لبسه؛
لقوله -ﷺ-: «إلا ثوب عصب» و(العصب): ما صبغ غزله، ثم نسج. والمذهب الأول؛ لأن الشافعي -رَحِمَه الله تعالى- نص على: (أنه يحرم عليها لبس الوشي وعصب اليمن والحبر). وهذه صبغ غزلها، ثم نسجت. ولقوله -ﷺ-: «لا تلبس المتوفى عنها زوجها المعصفر ولا الممشق». ولم يفرق. ولأن الثياب المرتفعة: هي التي صبغ غزلها، ثم نسجت، والتي دونها: هي التي نسجت، ثم صبغت، والخبر نحمله على المصبوغ بالسواد. و(الممشق): ما صبغ بالمغرة.

وأما ما صبغ للوسخ، كالأسود، والأزرق المشبع، والأخضر المشبع.. فلا يحرم عليها لبسه؛ لأنه لا يصبغ للزينة، وإنما صبغ لنفي الوسخ، أو ليدل على الخزن.

وأما [الثانية]: الثياب التي عليها طرز: قال الشيخ أبو إسحاق: فإن كانت الطرز كبارا.. حرم عليها لبسها؛ لأنها زينة ظاهرة أدخلت عليها، وإن كانت صغارا.. ففيه وجهان:

  • أحدهما: يحرم عليها، كقليل الحلي وكثيره.
  • والثاني: لا يحرم عليها لبسها؛ لخفائها.

قال الصيمري: ولا تلبس البرود المنقوشة، ولا القرقوبي من المقانع والوقايات؛ لما فيه من النقش”. انتهى.

وهو ما يؤكد عليه ابن قدامة، قال رحمه الله في المغني: “القسم الثاني: زينة الثياب، فتحرم عليها الثياب المصبغة للتحسين، كالمعصفر، والمزعفر، وسائر الأحمر، وسائر الملون للتحسين، كالأزرق الصافي، والأخضر الصافي، والأصفر، فلا يجوز لبسه؛ لقول النبي ﷺ: «لا تلبس ثوبًا مصبوغًا». وقوله: «لا تلبس المعصفر من الثياب ولا الممشق».
فأما ما لا يُقصد بصبغه حسنه، كالكحلي، والأسود، والأخضر المشبع، فلا تُمنع منه؛ لأنه ليس بزينة”.

والفطرة لا تقبل التحايل على الشرع، فالحجاب إن تحول بحد ذاته لفتنة وزينة، فما قيمته وما فائدته!

ثم ربطت نور الأشقر موقف القائلين بوجوب التغطية، ونحن نتحدث عن الصحابة رضي الله عنهم وكبار أئمة أهل السنة، بتناقضهم حين يأخذون بالقول الذي يسمح للخاطب برؤية المرأة في الرؤية الشرعية بدون حجاب. وإن كان يعجب طالب العلم من محاولة الربط هذه، إلا أن المتحدثة تناقض نفسها بنفسها، فهي من جهة تطالب باحترام الشريعة والنص بينما هي نفسها تخالفهما.
تقول نور الأشقر مستهجنة أن يأخذ من يرى وجوب تغطية الوجه للمرأة، بمشروعية رؤية المخطوبة بدون حجاب فتقول:

“يسمح للخاطب إلي لسا ما أكد، يعني ما في عقد، بسمحوا له أنه يشوف المخطوبة بكامل زينتها بشعرها، بكاشفة شعرها أو لابسة كنزة مكشوفة، أو تنورة قصيرة، أو وهذه يعتبروها نظرة شرعية، وهذا مشهور عند عدد من الحنابلة، يعني بالسعودية الجزائر”.

وهنا سأضطر لأن أنقل قول العلماء في قضية الرؤية الشرعية، فقد ذهب الفقهاء إلى أن من أراد نكاح امرأة فله أن ينظر إليها، قال الإمام ابن قدامة: لا نعلم بين أهل العلم خلافاً في إباحة النظر إلى المرأة لمن أراد نكاحها. وقد روى جابر قال، قال رسول الله ﷺ: إذا خطب أحدكم المرأة فإن استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل، قال: فخطبت امرأة فكنت أتخبأ لها، حتى رأيت منها ما دعاني إلى نكاحها، فتزوجتها. رواه أبو داود، وأحمد في المسند. المغني 9/489.

أما مقدار ما ينظر إليه الخاطب من المخطوبة فقد اختلفوا فيه على أقوال:

  • القول الأول: قول جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنفية ورواية عن أحمد أنه يجوز للخاطب النظر إلى الوجه والكفين فقط، وأجاز الحنفية في رواية عن أبي حنيفة النظر إلى القدمين مع الوجه والكفين.
  • القول الثاني: أن للخاطب النظر إلى ما يظهر غالباً في الخدمة كالرقبة، واليدين، والقدمين، وهو مذهب الحنابلة كما في الإنصاف وغيره. وهناك رواية ثالثة عن الإمام أحمد أنه ينظر إلى الوجه فقط، قال عنها المرداوي: هو من مفردات المذهب. الإنصاف 8/15.
  • القول الثالث: أنه يجوز له النظر إلى مواضع اللحم من المخطوبة، وهو منقول عن الأوزاعي.
    أما مذهب ابن حزم الظاهري فهو جواز النظر إلى ما عدا العورة، جاء في المحلى: “ومن أراد أن يتزوج امرأة حرة أو أمة، فله أن ينظر منها متغفلاً، وغير متغفل إلى ما بطن منها وما ظهر ” (11/219)

وعلل الجمهور مذهبهم بأن رؤية الوجه والكفين يتحقق بها المطلوب فيقتصر عليها فقط، لأن الوجه يستدل به على الجمال أو ضده حيث هو مجمع المحاسن، والكفان يستدل بهما على خصوبة البدن من عدمها…. إلخ، ما ذكروا من أدلة وتعليلات.

كما علل الحنابلة جواز النظر إلى ما يظهر من المرأة غالباً في الخدمة أن النبي ﷺ لما أذن في النظر إليها من غير علمها، دل على أنه أذن في النظر إلى جميع ما يظهر عادة؛ إذ لا يمكن إفراد الوجه بالنظر مع مشاركة غيره له في الظهور، ولأنه يظهر غالباً فأبيح النظر إليه كالوجه، ولأنها امرأة أبيح النظر إليها بأمر الشارع، فأبيح النظر إلى ذلك كذوات المحارم….. إلخ، ما ذكروا من تعليلات1، وهذا قول قوي ومعتبر لا يشنع عليه ولا يطعن فيه كما تفعل المتحدثة التي تزعم احترام الخلاف! وهي تريد أن تلزمنا بما تنهى عنه من التزام قول واحد والتعصب له!

ثم لاحظ كيف هي حدود الرؤية عند الحنابلة لا كما توهم المتحدثة.

وإلى هنا نرى أن القول بجواز رؤية المرأة بدون حجاب، قول يستند لدليل شرعي، وهو أحاديث عن النبي ﷺ، ونور الأشقر تعترف بذلك فتقول في تعليقها عن الدليل الذي يستندون إليه:

“هو مو جاي من فراغ، ما فينا نقول هن بس حبوا لا في أصل حديث يستندوا عليه حسنه البعض حسنه الألباني، صححه أبو داوود، هو مو من الصحاح العالية، عن قول النبي قال إذا خطب أحدكم أي إذا بدو يخطب بهذا المعنى أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها، فليفعل”.
فيقول جابر راوي الحديث يقول فخطبت جارية من الأنصار فكنت اتخبأ لها تحت الكرب حتى رأيت ما دعاني لنكاحها ففعلت.
ما في تدقيق، دعاني إلى نكاحها على جزء معين، كل رجل له جزء معين في ضمن تركيزه أو يلفت نظره”.

إلى هنا نور الأشقر تعترف بوجود دليل يستندون إليه أي أننا نتحدث عن فقه وليس رأي مجتمع! وهو حديث جابر بن عبد الله قال، قال رسول الله ﷺ:” إذا خطبَ أحدُكمُ المرأةَ فإنِ استطاعَ أن ينظرَ إلى ما يدعوهُ إلى نِكاحِها فليفعل. قالَ: فخطبتُ جاريةً فَكنتُ أتخبَّأُ لَها حتَّى رأيتُ منْها ما دعاني إلى نِكاحِها وتزوُّجِها فتزوَّجتُها”. حديث حسن – رواه أبو داود وأحمد.

ولكنه ليس الدليل الوحيد، وهو ما تخفيه نور الأشقر التي تذكرنا كل مرة أنها درست شريعة 12 سنة ولا يخفى عليها دليل!، فقد ثبت أن النبي ﷺ أمر الخاطب أن ينظر للمخطوبة، كما في الحديث عنِ المغيرةِ بنِ شعبةَ أنه خطب امرأةً فقال النبيُّ ﷺ:”انظُرْ إليها فإنه أحرى أن يُؤدَمَ بينكما، فأتيتُها وعندها أبوها وهي في خِدرِها، قال: فقلتُ إنَّ رسولَ اللهِ ﷺ أمرني أن أنظرَ إليها، قال: فسكتا، قال: فرفعتِ الجاريةُ جانبَ الخِدرِ، فقالت: أُحَرِّجُ عليك إن كان رسولُ اللهِ ﷺ أمركَ أن تنظرَ لما نظرتَ، وإن كان رسولُ اللهِ ﷺ لم يأمرْك أن تنظرَ فلا تنظرْ”. قال: فنظرتُ إليها ثم تزوَّجتُها فما وقعت عندي امرأةٌ بمنزلتِها ولقد تزوَّجتُ سبعينَ أو بضعًا وسبعين امرأةً”. خلاصة حكم المحدث : رجاله كلهم ثقات، أخرجه الترمذي (1087)، والنسائي (3235) مختصراً، وابن ماجه (1866)، وأحمد (18137) باختلاف يسير.

“فسمِعَتْ ذلك المرأةُ وهي في خِدْرِها”، أي: في سِتْرِها، “فقالت: إنْ كان رسولُ اللهِ ﷺ أمرَكَ أنْ تنظُرَ فانْظُرْ، وإلَّا فأنشُدُكَ”، أي: أسأَلُك باللهِ ألَّا تنظُرَ إليَّ، “كأنَّها أعظَمَت ذلك”، أي: كبُرَ عندها رُؤيتُه لها، وكأنَّه من المحظوراتِ، ولا يجوزُ إلَّا لحاجةٍ شَرعيَّةٍ، قال المُغيرةُ: “فنظَرْتُ إليها فتزوَّجْتُها، فذكَرَ مِن مُوافقتِها”، أي: حصَلَ الوِفاقُ بينهما بَعدَ هذه الرُّؤيةِ.
وفي الحديثِ: مَشروعيَّةُ النَّظرِ إلى المرأةِ عند إرادةِ الخِطبةِ .2[4]

وروى مسلم في صحيحه، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كنت عند النبي ﷺ فأتاه رجل فأخبره أنه تزوج امرأة من الأنصار، فقال له رسول الله ﷺ: أنظرت إليها؟ قال: لا، قال: فاذهب فانظر إليها، فإن في أعين الأنصار شيئا”.

قال الحجاوي في زاد المستقنع: “وله نظر ما يظهر غالبا “مرارا” بلا خلوة.” (1/161)
وقال البهوتي في الروض المربع: “”و” يباح “له” أي لمن أراد خطبة امرأة وغلب على ظنه إجابته ” نظر ما يظهر غالبا” كوجه ورقبة ويد وقدم لقوله ﷺ: “إذا خطب أحدكم امرأة فقدر أن يرى منها بعض ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل” رواه أحمد وأبو داود “مرارا” أي يكرر النظر “بلا خلوة” إن أمن ثوران الشهوة ولا يحتاج إلى إذنها” (1/332)
وقال ابن تيمية في المحرر: “ويجوز لمن أراد خطبة امرأة أن ينظر إلى ما يظهر منها غالبا كالرقبة واليد والقدم” (2/13)

وقال ابن قدامة في المغني: “لا نعلم بين أهل العلم خلافا في إباحة النظر إلى المرأة لمن أراد نكاحها وقد [ روى جابر قال : قال رسول الله ﷺ : إذا خطب أحدكم المرأة فإن استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل قال فخطبت امرأة فكنت أتخبأ لها حتى رأيت منها ما دعاني إلى نكاحها فتزوجتها ] رواه أبو داود وفي هذا أحاديث كثيرة سوى هذا ولأن النكاح عقد يقتضي التمليك فكان للعاقد النظر إلى المعقود عليه كالنظر إلى الأمة المستامة” (7/453)
وقال: “وله أن يردد النظر إليها ويتأمل محاسنها لأن المقصود لا يحصل إلا بذلك” (7/453)

إذا القول الذي يجيز – وضع خطا تحت يجيز وليس يفرض!- يجيز الرؤية للمرأة هنا – لما يظهر من المرأة غالبا، (الوجه والكفان والقدمان والرقبة) وهو قول الحنابلة وقول عند الشافعي وجمع من أئمة أهل السنة، يستند على عدة أحاديث تصح عن النبي ﷺ، فلم التشنيع على قول يستند لما أقره النبي ﷺ؟! أم هو التكلف والتحامل على من يرى وجوب التغطية! مع أن تغطية الوجه هو عمل أمهات المؤمنين، والنساء في عهد النبي ﷺ، وهو الأكمل في الحياء، فهل هؤلاء لا يستدل بهم ولا يقتدى بهم عند “المجددة”!

مع ضرورة التنبيه إلى أنه وفق مذهب الحنابلة فإن عدم تقييد النظر بالوجه والكفين بالذات، بل يجعل حد ذلك هو ما يظهر من المرأة عادة في بيتها بين محارمها – على عادة السلف الصالح – ولا يزاد على ذلك، ولا يطُلب ما يجاوزه، ونحن نتحدث عن قول إباحة وجواز وليس فريضة! وهو ما لم تستوعبه بعد نور الأشقر، فنظر الخاطب إلى المخطوبة في قول الحنابلة هنا ليس إلزاما إنما إبانة لحدود الإباحة. لم يلزموا به الناس فريضة ولم يتجاوز الحدود، كما تحاول أن توهم القارئ.

وفي الواقع ربط نور الأشقر للمقامين باستنكار، يكشف جهلا فاضحا، فهي تتعجب من كون القائلين بوجوب التغطية هم أنفسهم القائلين بجواز النظر للمخطوبة وكشف ما يدعو لنكاحها في الرؤية الشرعية فترى في ذلك تناقضا لازما.

ويظهر في رد نور الأشقر أنها تجعل تناقضا بين التكشف في الرؤية والتستر في العلن فالتغطية بشكل عام والتكشف بحدوده في الرؤية الشرعية في مقامين مختلفين، استند كلاهما لدليله، لا تناقض فيه لعلة أن الأولى يتوصل بها لدرأ الفتنة العلنية والثانية يتوصل بها لتحصين النفس بالزواج وتلبية الرغبة الموجبة لحصول الفتنة بدون حصن، فالوسيلتان رغم التضاد قادتا لتحقيق مطلب واحد وهو درأ مفاسد الفتنة وتوفير مسلك شرعي لتفريغها فليس الأمر بالستر أمرا مطلقا بشرط الإطلاق لا استثناء فيه ومأمور به لذاته.

ثم هي تنزع عنه صفة الاتباع عندما تقول عنه مجتمعي لا فقهي وتلبسه حلة التناقض بمعارضته مع المأمور الآخر وهذا رمي للشرع بالتناقض بشكل غير مباشر. فثبوت الأعم (وجوب الستر) لا يلزم منه ثبوت الأخص (وجوب الستر في كل تفصيل بعينه) فالأعم يمكن أن يثبت وينتفي بحالات خاصة، وليس في ذلك خرق للقاعدة وهو ما لم يسعف عقل نور الأشقر استيعابه.

وتقول الحاصلة على شهادة في الشريعة من جامعة نظامية، كما تحب أن تذكرنا دائما:

“هن بستندوا على هذا الحديث وأعطوه مساحة أكبر من مساحة التطبيق، علماء ثانيين لا، ما قبلوا بهذا الحديث ليس في البخاري مثلا، يعني معناه يعارض أمور ثانية في الشريعة فالمسألة فيها خلاف”.

بداية من يقول بوجوب تغطية الوجه لا يقول بأكثر من مساحة معنى الحديث بجواز الرؤية لما يظهر عادة من المرأة بدون حجاب، وهذا معلوم في مجتمعات السعودية والجزائر التي تذكرها، فالمرأة تخرج بثياب ساترة وإن كانت تسمح برؤية ما يدعو للنكاح، وليست كما توهم المتحدثة بأنهم يتجاوزون حدود معاني الحديث فهذا كذب وافتراء على من يقول بوجوب التغطية ويجيز الرؤية كما يقول الأئمة.

ثم لا يوجد عالم من أئمة السنة، لا يقبل حديثا ثبت عن رسول الله ﷺ! فكيف تدعي نور الأشقر أن العلماء لم يقبلوا بالحديث لأنه ليس في البخاري! بل يكون الخلاف عادة في الترجيح! وليس في قبول الحديث نفسه، فهل هذا يعني أن أئمة أهل السنة لا يستدلون إلا بأحاديث الصحيحين؟ وكيف ومن يجيزون كشف الوجه يستندون إلى حديث ليس في صحيح البخاري ولا مسلم! بل ضعيف، هل ستلتزم نور الأشقر بإلزامها لنا هنا؟!

فحديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما الذي يستند إليه من يجيزون كشف الوجه والكفين: أنها دخلت على رسول الله ﷺ وعليها ثياب رقاق، فأعرض عنها وقال: يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يُرى منها إلا هذا وهذا. وأشار إلى وجهه وكفيه. رواه أبو داود وهو حديث لا تقوم به حجة لوجود علل قادحة فيه.

منها: انقطاع سنده كما صرح بذلك الإمام أبو داود نفسه، فقال عقب روايته للحديث: هذا مرسلُُ خالد بن دُريك لم يدرك عائشة . سنن أبي داود في اللباس: باب فيما تبدي المرأة من زينتها.
ومنها: أن في سنده سعيد بن بشير أبا عبد الرحمن البصري.
قال الحافظ في تقريب التهذيب 1/292 ضعيف.

ومنها أن في سنده راويين مدلسين وقد عنعنا، وهما قتادة والوليد بن مسلم.

ومن يتابع طرح نور الأشقر يكشف الكثير من الاضطراب والتناقض فيه، وهذا ليس بجديد عليها، ثم ما أسهل التنصل! فترقع كل ما سلف بقول:”احترم الخلاف والله احترم الخلاف”.

إن كنت حقا تحترمين الخلاف فلماذا تثيرينه؟ لماذا تلمزين أئمة أهل السنة الذي يقولون بوجوب التغطية ويجيزون النظر للمخطوبة؟! إلا أن يكون التعصب لقول أخذت به وفجورا لحقد تحملينه على دعاة الستر والفضيلة والاقتداء بالسلف الصالح!؟ وهنا نستحضر مقدمتك، ويحق لنا أن نتهمك بها:

“بدنا تشوفي بس كيف أنه العجيب أنه نحنا نحتكم لتوجه واحد! يحكمنا العرف أو ما اعتدنا عليه، أكثر من أنه نحتكم للمقاصد ولفهم الشريعة وللنص”.

هذا حالك تماما يا نور!

وفي الواقع كل ما سبق هو أقل طامات نور الأشقر، ودعونا الآن نكشف عن سبب تصدر هذه الدعية في الشبكة، ولم تحظى بهذا الترويج الإعلامي “المزوق” ولم تخرج بكامل زينتها والموسيقى لتحدثنا عن دين الله تعالى وتطعن في أمانة أئمة أهل السنة!

تقول نور الِأشقر بكل صراحة:

“شو بقي كله حلال، المطلوب من كل هالكلام إنه نحترم الخلاف، لكن السؤال إلي أحيانا من ناس تقول طلع الكحل حلال، والموسيقى حتى لو أخذت من الكلمات البذيئة أوالتعري كمان حلال، وكذلك لبس الأسود مو مثل ما نحنا نعرف شو ظل من الدين؟ كل شي شفنا عليه أهلينا وتربينا عليه طلع مختلف! طب صار عندي هيك هزة، يعني صرت شك بأشياء ثانية أتعامل معها على أنها مسلمات شو ظل من الدين شو خليتو، على أساس نحنا عاملين شلة أنا والشيخ حسن، لا هون لمصيبة الي تورجينا إنه عرفت الدين من خلال هذه الفرعيات الي هي لا تقع لا في مرتبة أصول الدين ولا في العقيدة، لأنه مسكينة لما إجيتي تتعلمي الدين بلشوا معك من هالنقطة أول شي شو تلبسي وشو تسمعي فكرتي أنه هذا الدين، بقي كثير بقي أركان الإسلام بقي الفطريات سواء من المباح أو المحرم، خلافة الله في الأرض الي هي الغاية الأولى”.

هذه وظيفة نور الأشقر، التشكيك في مسلمات الدين بالتشويش بالمتشابه وتجاهل ومحاربة المحكم، وتحقيره! على منهج دعاة على أبواب جهنم.

هذا ما تريد أن تحققه نور الأشقر بالطعن في ممارسات شرعية جائزة ومستحبة، وهي تحصين للمجتمع من الفساد والمنكرات والفتن، هذا الورع وحب الستر والاستقامة لا يعجب المتحدثة، التي حين تتعالى تذكرنا بـ 12 سنة دراسة أكاديمية للشريعة في جامعة نظامية، وحين يتم إحراجها ودحض شبهاتها كما رأينا في تحليلها للموسيقى، تتحول لممجرد طالبة علم صغيرة بينما هي المدلسة!!

فقد انتقلت نور الأشقر من تحليل الموسيقى، إلى تحليل الموسيقى “حتى لو أخذت من الكلمات البذيئة أو التعري” وهذا هو الكذب على الله جل جلاله ورسوله ﷺ وخيانة للمروءة والفضيلة وترويج للفساد والانحرفات والبدع! وهو منهج أبتر، لأن الشريعة لا تقبل التحريف ولا الإفساد كما تدعو له نور الأشقر بحجة الرد على “المتشددين”. بل حتى شيخها القرضاوي لم يجز البذاءة والعري! فمن أي مصدر تستقي ضلالاتها!

لقد تحول تحليل الموسيقى عندها إلى تحليل الفحش في القول والعري، هكذا حملت عبارتها طامات، ودعوة للضلال المبين، بجملة واحدة، فهل يعقل أن يكون الإسلام يدعو للموسيقى والفحش في القول والبذاءة والعري مرة واحدة!!

كل هذا يا نور الأشقر لأجل ماذا؟ لأجل أن تجيزي لنفسك المعصية والفسق والرذيلة؟ فلتجيزيها لنفسك لكن لا تقربي شريعة الله تعالى وتكذبي عليها، إن كنت ترين الابتداع في الدين حلالا، فلا تلزمينا به، لأننا لا نرضى الكذب على الله ورسولهﷺ

ولن نسمح لك أن تكذبي على شريعة الله جل جلاله، وإني على ثقة أن أي مسلم على الفطرة لن يتقبل كلامك كما لن تتقبله النساء السائلات وأنت تحاولين تهوين ذلك في تعليقك، فهل يعقل أن نطلب ممن اعتادت الستر أن تكتحل وتكشف وجهها وتغير لون لباسها ونقول لها هذا هو الدين الذي لم تفهميه! بئس المنهج الذي تنتهجيه في عالم فتن تتوالى ورذيلة تنتشر! وبئس التهوين لفضل الحياء والستر الذي تشنعين عليه!

ويقول المثل: أَثْبِتِ العَرْشَ ثُمَّ انْقُشْ، فجمعك للكحل والموسيقى تدليس لئيم! وقد رأينا تحليلك لما حرم الله في الموسيقى بجرأة ومنهجية ضلال مبين، واضطراب لا يخفى على أصغر طالب علم فلا أدري أين ذهبت 12 سنة دارسة في الشريعة وأنت تخفين الدليل وتطعنين في الصحابة!

ليس مقام نقل الرد على فساد تحليلها لما حرمه الله تعالى من موسيقى بل انظر الصفاقة حين تنتقل من احترام الخلاف بين أهل العلم إلى تجويز إظهار زينة المرأة والبذاءة والعري والموسيقى لكي نكون عرفنا الدين، في مخالفة للفطرة قبل أن يكون الدين! فلست بحاجة لعرض طاماتها في تحليل الموسيقى وفساد منهجها الأبتر إذ يكفيك تعليقها المنافي للفطرة والذوق السليم فكيف بشريعة رب العالمين! هل يعقل أن تقبل الشريعة ببذاءة اللسان والعري مع الموسيقى! قاتل الله الهوى وقلة الحياء! وصدق من قال إن لم تستح فاصنع ما شئت.

قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : « إِنَّهَا سَتَكُونُ هَنَاتٌ، وَأُمُورٌ مُشْتَبِهَاتٌ ، فَعَلَيْك بِالتُّؤَدَةِ، فَتَكُونُ تَابِعًا فِي الْخَيْرِ، خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَكُونَ رَأْسًا فِي الشَّرِّ ».3

وعنه رضي الله عنه – أيضاً – قال: « يجيء قوم يتركون من السنة مثل هذا يعني مفصل الأنملة، فإن تركتموهم جاءوا بالطامة الكبرى، وإنه لم يكن أهل كتاب قط، إلا كان أول ما يتركون السنة، وآخر ما يتركون الصلاة، ولولا أنهم أهل كتاب لتركوا الصلاة ».4

ثم تقول:

” كل شي شفنا عليه أهلينا وتربينا عليه طلع مختلف! طب صار عندي هيك هزة، يعني صرت شك بأشياء ثانية أتعامل معها على أنها مسلمات شو ظل من الدين شو خليتو”.

نعم لأن فطرة المرأة المسلمة تأبى أن تقبل البذاءة والعري، أو إبداء زينتها للرجال، وهذه من مسلمات الفطرة السليمة، فنور الأشقر لا تحارب مسلمات الدين، بل مسلمات الفطرة، وهنا نقطة تسعى لها وهي كسر الحياء في المرأة بحجة أنها تتوارث الحياء جيلا عن جيل!

وهي تعلم جيدا أنها مجرد “شلة هي وشيخها” خالفوا الدين والفطرة، وانتهجوا نهجا ضالا ضربوا فيه بعرض الحائط أقوال الصحابة رضي الله عنهم والإجماع بل والحديث الصحيح عن نبي الله ﷺ والآية الجليلة من القرآن العظيم، ثم تتقمص دور الورع البارد “أحترم الخلاف” وهي تتعصب لقول ضعيف كي تضرب المحكم وتصرف الناس عنه! وتجعل من القول الذي يخالفها ويستند لحجة قوية دخيلا! يا للمدلسة!

ثم هل حقا عرف المسلمون الإسلام عن طريق الفرعيات كما تدعي نور الأشقر؟ أم هذه كذبة أخرى تغطي بها طاماتها ومقاصدها الخبيثة؟

هل يعقل أن من تلبس الحجاب لا تعرف التوحيد؟ أو لا تصلي؟ هل يعقل أنها لا تعرف أركان الإسلام. ولا تعرف الفرض من السنة ولا المستحب من المكروه ولا الحرام من الحلال؟ أم هو الافتراء بلا حياء؟

ولو فرضنا أن حجاب المرأة المسلمة الذي هو فريضة في دين الله تعالى ولا يختلف في ذلك أحد قرأ سورة النور أو يعرف ما أجمع عليه أئمة أهل السنة وثبت عن نساء الصحابة في عصر النبوة وما بعدها من عصور، هل يعقل أن يكون الحجاب من الفرعيات في الدين بالنسبة للمرأة! وهل هذه الفرعيات كما تدعي، ليست من أصول الدين والعقيدة، فكيف تميز المسلمة بدون حجاب، إن الحجاب هوية عقدية للمسلمة، وهوية دينية، لا يمكن أن يتحول لأمر فرعي فجأة هكذا بعد 14 قرن على يد المجددة المتبرجة!

تقول طالبة الجامعة الدمشقية:

“إجيتي تتعلمي الدين بلشوا معك من هالنقطة أول شي شو تلبسي وشو تسمعي فكرتي أنه هذا الدين، بقي كثير بقي أركان الإسلام بقي الفطريات سواء من المباح أو المحرم، خلافة الله في الأرض الي هي الغاية الأولى”.

كيف يتحقق أمر الخلافة إن لم يمر على إقامة شريعة الله تعالى في الأرض والتي منها التزام فرائض الدين وشعائره والتي منها الحجاب الشرعي والتي منها الاقتداء بهدي السلف الصالح!

وإن حصل واختلف أهل العلم في بعض تفاصيله فهل يعقل أن تشنعي على قول على حساب قول ونرجع في الأخير لخلاصتك، “بدي تشوفوا بس كيف أنه العجيب أنه نحنا نحتكم لتوجه واحد! يحكمنا العرف أو ما اعتدنا عليه، أكثر من أنه نحتكم للمقاصد ولفهم الشريعة وللنص”.

ومن أين تستمد نور الأشقر تفسيراتها العجيبة؟ هي لا تستند للقرآن ولا السنة ولا الصحابة رضي الله عنهم ولا التابعين، هي تستند لهواها، ولقول الذين يستمعون القول فيتبعون أضعفه وأقبحه وأكثره اضطرابا.

يؤسفني أن أقول أن جهل نور الأشقر أوضح من الشمس في رابعة النهار والمتتبع لطرحها يرى ذلك التدليس اللئيم وكتمان العلم والدليل والحجة التي تنسف استدلالها، ويظهر واضحا مدى ازدرائها واحتقارها لمذهب الحنابلة والشافعية ومن يدعو لطريقة السلف، بل يظهر كيف تطعن في أئمة أهل السنة كالإمام أحمد لما يزعجها ما لا يروق لها ولا يناسب حبها للتصدر بزينتها وموسيقاها.

والعتب ليس على امرأة تجيز الموسيقى التي يكون فيها بذاءة الكلمات والعري!! كما تقول بكل صفاقة وتسخر ممن يهزه هذا القول الذي ترفضه الفطرة قبل الدين، بل على من يستمع لمثلها ويدعم منبرها ويراها أهلا للتعلم والفهم لدين الله تعالى.

امرأة تتشبث بكل شبهة واضطراب وتضرب عرض الحائط كل محكم وثابت، وتدلس تدليسا غبيا، لا يمر على طالب علم. تشنع فيه على الفطرة السليمة والحياء المطلوب بحجة أنه ليس من الدين، وهذا قول كذب وافتراء على الدين. تتلاعب بالكلمات بوقاحة تخفي فيها الحق وتحاربه لتنتصر لحظ نفسها وهوى شيخها.

ولن تنفعها 12 سنة من دراسة أكاديمية في جامعة دمشق النظامية، لتسقط أئمة أهل السنة وتطعن في أمانتهم وتزدري خلاصاتهم المتينة، بهشاشة فهمها الواضحة وأخطائها الفادحة في حلقاتها الكثيرة. فعلى طريقة “المجددة” أظهري زينتك يا مسلمة واستمعي للموسيقى وإن كانت تحوي فحش القول والبذيئ المفزع، ولو كان فيها التعري، ولا تهتزي ولا تسمحي لفطرتك أن تنفر! فالإسلام يحتضن كل أهواء البشر وكل رذيلة! وليس كما يزعم “المتشددون الذين هم أئمة أهل السنة الداعين لهدي السلف”. فإن لم يكن هذا التمييع وتهوين الحق والدين فماذا يكونّ، ومنهج التمييع أبتر لا يدوم، ولنا عبرة في رؤوسه الذين لم يزالوا يتصارعون وليّ أعناق النصوص فتغلبهم ولا تزال معالم الحق شامخة في سيرة النبي ﷺ وسير صحابته الكرام، حجة على كل متكبر ومرتاب.

المنهج السني الأرسخ الأحق لا المبتدع الأهوج الأبتر

وفي الختام على كل مسلم ومسلمة تعلم دينه ممن يوثق في علمه ودينه وخلقه وفطرته من أهل العلم الذين يشهد لهم أهل العلم بذلك، والحذر بشدة من أهل الأهواء كمثل نور الأشقر من المبتدعة، الذين كذبوا على الله ورسوله ﷺ وافتروا على أئمة أهل السنة وعلى الصحابة رضي الله عنهم، فوجب الحذر منهم وهجرهم، والإنكار عليهم علنا. وفي صحيح مسلم عن محمد بن سيرين قال: إن هذا العلم دين، فانظروا عمن تأخذون دينكم. وفي سنن الدارمي عن أسماء بن عبيد قال: دخل رجلان من أصحاب الأهواء على ابن سيرين فقالا: يا أبا بكر: نحدثك بحديث؟ قال: لا، قالا: فنقرأ عليك آية من كتاب الله؟ قال: لا، لتقومان عني أو لأقومن، قال: فخرجا، فقال بعض القوم: يا أبا بكر: وما كان عليك أن يقرآ عليك آية من كتاب الله تعالى؟! قال: إني خشيت أن يقرآ علي آية فيحرفانها فيقر ذلك في قلبك.

فاتقوا الله في أنفسكم ولا تأخذوا دينكم على لسان عاصية لله تعالى متبرجة ومجاهرة بالمعصية، ولكم في العتيق وميراث أئمة السنة الكفاية والزاد. فلم يعرف المسلمون نساء يتصدرن بصورهن وزينتهن مجالس العلم بل كن يلقين الدروس من وراء حجاب لا يراهن الرجال.

وقد حدثت نساء النبي ﷺ دون أن يراهن أحد، وهكذا كانت النساء في جميع القرون الأولى من تاريخ الإسلام؛ يحدثن ويروين الحديث دون أن ينظر إليهن الرجال!

وقد ذكر الذهبي -رحمه الله- أنه روى عن نحو أربعمائة امرأة، ولم ينظر لواحدة منهن، وإنما كان ذلك من وراء حجاب.

في زماننا يعد هذا الأمر تشددا كما تفعل نور الأشقر التي ترى من كشف زينتها ووجهها لملايين الرجال قدوة للمرأة المسلمة وتصحيحا لفهم الدين وكذبت!

وحسبنا الله ونعم الوكيل في زمن تصدرت فيه كل رويبضة وأصبح فيه الحلال حراما والحرام حلالا. ويا له من ظلم عظيم وافتراء لا يقدر عليه إلا من أمن مكر الله جل جلاله وعصى الرسول ﷺ وخالف منهجه، قال الله جل جلاله:

وَمَن يُشَاقِقِ ٱلرَّسُولَ مِنۢ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ ٱلْهُدَىٰ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ ٱلْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِۦ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصْلِهِۦ جَهَنَّمَ ۖ وَسَآءَتْ مَصِيرًا

سورة النساء : 115

وهذا وقت التمسك بحديث رسول الله ﷺ: عن العرباض بن سارية رضي الله عنه، قال: صلى بنا رسول الله ﷺ الصبح ذات يوم، ثم أقبل علينا، فوعظنا موعظة بليغة، ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب، فقال قائل: يا رسول الله، كأن هذه موعظة مودع، فأوصنا، فقال:

“أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ، وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، وَإِنْ كَانَ عَبْدًا حَبَشِيًّا، فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، تَمَسَّكُوا بِهَا، وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ”. صحيح بطرقه.

وصايا السلف في زمن الفتن


وعليكم بهذا الهدي في زمن التعالم والتصدر بجهالة وهوى:
عن أبي قلابة، أن ابن مسعود رضي الله عنه قال: « عليكم بالعلم قبل أن يُقبض، وقبضه ذهاب أهله، عليكم بالعلم فإن أحدكم لا يدري متى يُقبض، أو متى يُفتقر إلى ما عنده، وستجدون أقواما يزعمون أنهم يدعونكم إلى كتاب الله، وقد نبذوه وراء ظهورهم، فعليكم بالعلم، وإياكم والتبدع، والتنطع، والتعمق، وعليكم بالعتيق »5




وقال أيضاً : “إنكم أصبحتم على الفطرة، وإنكم ستحدثون، ويحدث




لكم، فإذا رأيتم محدثة، فعليكم بالهدي الأول”.6




وكان حذيفة يدخل المسجد فيقف على الحلق فيقول: « يا معشر




القراء اسلكوا الطريق، فلئن سلكتموها لقد سبقتم سبقا بعيدا، ولئن




أخذتم يمينا وشمالا لقد ضللتم ضلالا بعيدا ».7

ودخل ابن مسعود الأنصاري رضي الله عنه على حذيفة، فقال: « اعهد إلي » .
فقال : « ألم يأتك اليقين ؟ » قال : « بلى وعزة ربي » . قال : « فاعلم أن الضلالة حق الضلالة أن تعرف ما كنت تنكر، وأن تنكر ما كنت تعرف، وإياك والتلون في دين الله تعالى، فإن دين الله واحد »8 .

وقال حذيفة بن اليمان رضي الله عنه –أيضاً- : « كلّ عبادة لم يَتَعبدْ بها أَصْحابُ رَسُولِ اللهِ ﷺ فلاَ تَتَعبَّدوا بها ؛ فإِن الأَوَّلَ لَمْ يَدع
للآخِر مَقالا ؛ فاتَّقوا اللهَ يا مَعْشَر القرَّاء ، خُذوا طَريقَ مَنْ كان قَبلكُم».9
وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : « مَنْ كان مُسْتنّا فَلْيَسْتن بمَنْ قَدْ مَاتَ أولئكَ أَصْحابُ مُحمد ﷺ كانوا خَيرَ هذه الأمَّة، وأَبَرها قُلوبا، وأَعْمقَها عِلْما، وأَقَلّها تَكلفا، قَوم اخْتارَهُمُ اللهُ لِصُحْبَة نَبيه ﷺونَقلِ دينه فَتَشبَّهوا بأَخْلاقِهِم وطَرائِقِهم ؛ فَهُمْ كانوا عَلَى الهَدْي
المُستقِيم » .10
وعن عثمان بن حاضر، قال: قلت لابن عباس: أوصني، قال: «
عليك بالاستقامة، واتباع الأثر، وإياك والتبدع ».11

وعن الزهري ، قال: « كان من مضى من علمائنا يقولون: الاعتصام بالسنة نجاة، والعلم يقبض سريعا، فـنعش العلم ثبات الدين والدنيا، وذهاب العلماء ذهاب ذلك كله »12

إسلام ويب بتصرف. ↩︎

  1. ↩︎
  2.  مصنف ابن أبي شيبة (38343) ، الإبانة لابن بطه (184) ↩︎
  3. الدرر السنية.) ↩︎
  4. [الدارمي (144) ، البدع والنهي عنها لابن وضاح (163) ، السنَّة لمحمد بن نصر المروزي (80)] ↩︎
  5. [الدارمي (169) ، السنَّة للمروزي (80)] ↩︎
  6. [البخاري (7282) ، البدع والنهي عنها لابن وضاح (12) ، السنة لعبد الله بن أحمد (106) ، السنَّة للمروزي (86)] ↩︎
  7. [اعتقاد أهل السنة لللالكائي (120) ، الحجة في بيان المحجة للأصبهاني (168)] ↩︎
  8. [الإبانة لابن بطه] ↩︎
  9. [جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر (2/97) ، الحجة في بيان المحجة للأصبهاني (498) ، الشريعة للآجري (1143)] ↩︎
  10. [سنن الدارمي (141) ، الإبانة لابن بطه (164)] ↩︎
  11. [سنن الدارمي (96) ، اعتقاد أهل السنة لللالكائي (136) ، الإبانة لابن بطه (166)] ↩︎

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق