الأحد، 14 يوليو 2024

الدور الأمريكي المساند لإسرائيل

 الدور الأمريكي المساند لإسرائيل

ممدوح الولي


للشهر العاشر تستمر المجازر الإسرائيلية تجاه سكان غزة، مع تأييد ومساندة عسكرية ومالية وسياسية أمريكية وأوروبية، وتنسيق كامل إسرائيلي عربي لتحقيق الهدف المشترك للقضاء على المقاومة الفلسطينية، وهي المقاومة التي عرّت الجيوش العربية وكشفت ضعفها رغم ما تحصل عليه من نفقات ضخمة.

ويشارك في خذلان أهل غزة حكام الدول الإسلامية، الذين يكتفون مع نظرائهم من الحكام العرب بإصدار بيانات التنديد بالمجازر المتكررة، بينما تشارك وسائل إعلامهم في ترويج الرواية الإسرائيلية عن مجريات الحرب، وتنسق وزارات خارجيتهم ومخابراتهم مع إسرائيل بكل الخطوات المطلوبة منهم.

ورغم الحصار الذي امتد لنحو 17 عاما متصلة على سكان غزة قبل عملية طوفان الأقصى، فقد صمدت المقاومة الفلسطينية أمام العدوان الإسرائيلي المدعوم دوليا وعربيا لعشرة أشهر، وما زالت تكبد العدو الإسرائيلي الخسائر بالأفراد والمعدات الحربية، وما زال شعب غزة صامدا رغم إحكام الحصار عليهم بعد إغلاق معبر رفح وغيره من المعابر قبل أكثر من شهرين، وانتشار الجوع بينهم والاضطرار للانتقال إلى أماكن أخرى عدة مرات، بدعوى كونها آمنة، بينما تقوم إسرائيل بقصف تلك الأماكن التي طلبت منهم اللجوء إليها.

وها هو الصمت العالمي على المجازر المستمرة رغم امتدادها إلى المنشآت الصحية والتعليمية والدينية والرياضية والأثرية، لتسفر عن عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى. وتنفرد الولايات المتحدة بالنصيب الأكبر من الدعم للعدوان الإسرائيلي، بل والضغط على الدول العربية والإسلامية لمعاونة إسرائيل في تحقيق أهدافها من الحرب، وهي الدول التي أدت المهمة على أكمل وجه؛ بداية من منع التظاهر من أجل غزة، 

تنفرد الولايات المتحدة بالنصيب الأكبر من الدعم للعدوان الإسرائيلي، بل والضغط على الدول العربية والإسلامية لمعاونة إسرائيل في تحقيق أهدافها من الحرب، وهي الدول التي أدت المهمة على أكمل وجه؛ بداية من منع التظاهر من أجل غزة، أو منع جمع المعونات لأجلهم، بل حتى منع الدعاء لهم في المساجد أو إقامة صلاة الغائب على شهدائهم، وفي نفس الوقت الاستمرار في إقامة الحفلات الفنية والمسابقات الرياضية وغيرها لشغل شعوبهم

أو منع جمع المعونات لأجلهم، بل حتى منع الدعاء لهم في المساجد أو إقامة صلاة الغائب على شهدائهم، وفي نفس الوقت الاستمرار في إقامة الحفلات الفنية والمسابقات الرياضية وغيرها لشغل شعوبهم.

خداع أمريكي مستمر للشعوب الإسلامية

وهكذا كانت جولات المسؤولين الأمريكان في المنطقة العربية والإسلامية منذ بداية حرب طوفان الأقصى، لتوزيع الأدوار عليهم بمهمة القضاء على المقاومة وتجويع سكان غزة، خاصة وأنها هي التي أتت بهم لتولي مهام الحكم وتعاونهم في الاستمرار في الحكم، ولذا فليس أمامهم سوى تنفيذ الرغبات الأمريكية.

وهذا الدور الأمريكي المساند لإسرائيل ممتد منذ الاعتراف بقيام دولة إسرائيل، وخلال الحروب التي خاضتها إسرائيل مع الحرب، ومنها الدعم العسكري والسياسي خلال العدوان الإسرائيلي عام 1967، والسماح لها باستمرار احتلال أراضي ثلاث دول عربية، وخلال حرب عام 1973 حيث الجسر الجوي الذي حمل مخلف أنواع الأسلحة إلى أرض المعارك مباشرة، واستمر لأكثر من شهر بمعدل 30 طائرة نقل ضخمة يوميا، وخلال العدوان الأخير على غزة، بل أنها هي التي تصدت للطائرات المُسيرة الإيرانية خلال طريقها لإسرائيل في 14 نيسان/ أبريل الماضي.

وساهمت الولايات المتحدة في خطة الخداع للعرب والمسلمين من تسريب الأخبار عن خلافات أمريكية إسرائيلية، أو تهديدها بمنع أنواع معينة من الأسلحة إذا دخلت ورفح، أو بنائها رصيف بحرى لتوصيل المساعدات لسكان غزة، أو تبينها لمبادرة لوقف إطلاق النار أو سماحها لمجلس الأمن بإصدار قرار بوقف إطلاق النار، ثم تسمح لإسرائيل بالاستمرار في المجازر والإبادة الجماعية، وتمدها بالمزيد من الأسلحة والأموال والهجوم على المحكمة الجنائية الدولية لمجرد توجهها لإدانة مسؤولين إسرائيليين، وتحمل حماس كذبا مسؤوية عدم إنجاز اتفاق وقف إطلاق النار. بل وتحديد مصير حكم غزة حسب رؤيتها، ومسعى التدخل في العملية التعليمية والدينية لمنع كل يمت لروح المقاومة والجهاد بصلة، مما يعني أن العدو الأكبر للعرب والمسلمين هي الولايات المتحدة الأمريكية، التي تصر على استمرار إسرائيل في عمليات الإبادة الجماعية حتى تحقق كل أهدافها، وإدماج إسرائيل بالمنطقة العربية والإسلامية سياسيا واقتصاديا بل واجتماعيا.

مقاطعة السلع الأمريكية مطلب شعبي

كيف نتصدى للمساندة الأمريكية وهي التي تملك القوة الأكبر في العالم عسكريا واقتصاديا، بل وتجود على كثير من الدول العربية والإسلامية بالمعونات الغذائية، وهي التي يسعى حكام العرب والمسلمين لتنفيذ رغباتها كي يستمروا في عروشهم


وهكذا يصبح السؤال المحوري: وكيف نتصدى للمساندة الأمريكية وهي التي تملك القوة الأكبر في العالم عسكريا واقتصاديا، بل وتجود على كثير من الدول العربية والإسلامية بالمعونات الغذائية، وهي التي يسعى حكام العرب والمسلمين لتنفيذ رغباتها كي يستمروا في عروشهم؟ ويظل مجال المقاطعة للسلع والخدمات الأمريكية مجالا متاحا للشعوب المغلوبة على أمرها، والتي يتعامل معها حكامها بالبطش والتنكيل الشديد، وتمدهم الدول الغربية بمعدات مواجهة التظاهرات.

وإذا كان العرب قد استخدموا سلاح النفط عام 1973، فقد غيرت دول الغرب خريطة الطاقة الخاصة بها بالمزيد من التنويع في المصادر، بل إنها أوصلت لكراسي الحكم في الدول العربية المصدرة للبترول من لا يجرؤ أصلا على التفكير في اتخاذ مثل هذا القرار، والنتيجة أنه في للعام الماضي وحسب بيانات أوبك، فإنه اذا كانت نسبة الاكتفاء الذاتي من النفط في الولايات المتحدة 63.5 في المائة، مما دفعها لاستيراد 8.5 مليون برميل يوميا من الخام والمشتقات، لتشغيل المصافي الضخمة الموجودة لديها، فقد قامت بتصدير 4.1 مليون برميل يومي من الخام، محتلة المركز الثالث بصادرات الخام بعد السعودية وروسيا، وتصدير 6.1 مليون برميل يومي من المشتقات محتلة المركز الأول دوليا، لتصل صادراتها من الخام والمشتقات 10.2 مليون برميل يومي، في المركز الأول دوليا وبنسبة حوالي 14 في المائة من الصادرات الدولية للخام والمشتقات معا، مما جعلها منافسة لصادرات النفط العربي سواء في الأسواق الآسيوية أو الأوروبية.

وكان موقفها في الغاز الطبيعي العام الماضي أفضل حالا، حيث بلغت نسبة الاكتفاء الذاتي 116 في المائة، مما جعلها تصدر 215 مليار متر مكعب، محتلة المركز الأول دوليا، أي أنها سبقت روسيا وقطر بتصدير الغاز الطبيعي، رغم استيرادها 83 مليار متر مكعب معظمها من كندا عبر خط أنابيب، مما ساهم في رخص الغاز الطبيعي بها عن الأسواق الأوروبية كثيرا، الأمر الذي جعلها تنافس العرب في الأسواق التصديرية للغاز الطبيعي سواء في أوروبا أو آسيا.

الصين في طريقها للثنائية القطبية

وعندما نعترف بالعجز الرسمي العربي والإسلامي عن مواجهة الولايات المتحدة في ظل هؤلاء الحكام الخاضعين للهيمنة الأمريكية، فإن الصورة الدولية فيها بعض الضوء المساعد والمتمثل في التمدد الصيني على حساب الهيمنة الدولية الأمريكية، والتصدي الروسي للمد الأمريكي الغربي باستخدام أوكرانيا كحرب بالوكالة، وقيام تجمع بريكس الذي يضم بعض الدول التي لا ترضى عنها الولايات المتحدة، وسعي تلك الدول للتبادل التجاري بعملاتها المحلية بعيدا عن هيمنة الدولار، الذي تحرص الولايات المتحدة على أن يكون عملة التبادل التجاري الدولي.

أن عالما جديدا قد يكون ثنائي القطبية بين الولايات المتحدة والصين أو متعدد الأقطاب في طور التشكل، ويبرهن على ذلك تنامي القوة الاقتصادية الصينية التي استطاعت كسر الهيمنة الأمريكية


وهذا يعني أن عالما جديدا قد يكون ثنائي القطبية بين الولايات المتحدة والصين أو متعدد الأقطاب في طور التشكل، ويبرهن على ذلك تنامي القوة الاقتصادية الصينية التي استطاعت كسر الهيمنة الأمريكية على صدارة الصادرات السلعية الدولية، منذ عام 2009 وحتى العام الماضي ولمدة 15 عاما متواصلة. ورغم استمرار الولايات المتحدة في تصدر الواردات السلعية الدولية، فقد استطاعت الصين بسبب كبر قيمة صادراتها أن تزيح الولايات المتحدة عن مكان الصدارة في التجارة الدولية منذ عام 2013 إلى 2015، ثم منذ عام 2018 وحتى العام الماضي.

وفي التجارة الخدمية الدولية أصبحت الصين في المركز الثاني عالميا ما بين عامي 2019 و2022. وتتميز الصين بوجود فائض مستمر في تجارتها السلعية بلغ في العام الماضي 823 مليار دولار، بينما تعاني التجارة السلعية المريكية من عجز مزمن بلغ في العام الماضي تريليونا و153 مليار دولار، وإذا كانت الولايات المتحدة تحقق فائضا بتجارتها الخدمية، بينما تعاني الصين من عجز في تجارتها الخدمية، فلقد تفوقت الصين بميزان السلع والخدمات الذي يضم كلا من التجارة السلعية والخدمية، بتحقيق فائض في العام الماضي بلغ 654 مليار دولار، بينما حققت الولايات المتحدة عجزا 881 مليار دولار.

وفي الاستثمار الأجنبي المباشر الواصل لدول العالم، كانت الصين الأولى عامي 2003 و2014 وبالمركز الثاني لمدة 13 عاما خلال الأعوام العشرين الأخيرة، وهو المركز الذي تشغله بشكل متواصل منذ عام 2017 وحتى العام الماضي. أما فيما يخص الاستثمار الأجنبي الخارج إلى دول العالم والتي تهيمن الولايات المتحدة غالبا عليه، فقد تحسن مركز الصين لتصبح الأولى عام 2020، والثانية دوليا عامي 2016 و2018 وفي المركز الثالث خلال العامين الماضيين.

وفي الناتج المحلي الإجمالي الذي تحوز الولايات المتحدة على حوالي رُبعه تاريخيا بطريقة سعر الصرف، فقد تحسن مركز الصين تدريجيا حتى احتلت المركز الثاني منذ عام 2010 وحتى العام الماضي بلا انقطاع، مع تحسن النصيب النسبي للصين من الناتج الدولي تدريجيا من 3.7 في المائة عام 2000، إلى 9.3 في المائة عام 2020 ثم إلى 18.5 في المائة عام 2021.

أما حسب الناتج المحلي الدولي بطريقة تعادل القوى الشرائية والذي ظلت الولايات المتحدة تهيمن عليه أيضا، فقد استطاعت الصين أن تتفوق عليها وتحتل المركز الأول منذ عام 2014 وحتى العام الماضي بلا انقطاع.

x.com/mamdouh_alwaly

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق