الثلاثاء، 16 يوليو 2024

فلسطين والبوصلة السياسية الجهادية التائهة

 إضاءات سياسية حركية فلسطينية مصرية

فلسطين والبوصلة السياسية الجهادية التائهة



فلسطين والبوصلة السياسية الجهادية التائهة.. فهل تول وجهها قبل مصر وتصرفه عن طهران؟

مصر كانت ولا زالت وستبقى ثقل التغيير والقلب والعقل والحضن الذي يتسع لقضايا الأمة، وهي الأقدر على الفعل المدوي والكبير.

أخطأنا كفلسطينيين وغرقنا في الأخطاء والآثام وتوسعت زاوية الخلل في مسارنا حتى خرج قطار التحرير الفلسطيني عن السكة، وذلك حينما ارتبطنا بإيران وتحالفنا مع مشروع الملالي وتماهينا مع خطابها المقاوم، حتى صرنا حجرا في رقعة الشطرنج التي يديرها الأمريكان ويحرق مربعاتها الإسرائيلي ويضبط زواياها الملالي الإيرانيين.

إن مصر العظيمة لا تختزل في الجنرال السيسي الصغير ولا العسكر القميئ، كما أن مشروع التغيير والتحرير غير مقيد بوكالة حصرية لحركة الإخوان المسلمين!

السيسي مرحلة سوداء قذرة وعابرة في تاريخ مصر التي تغير مسار المجرة في المنطقة العربية، ولذلك فقد توقف أمامها كيسنجر حتى استطاع بدهائه واستخذاء السادات أن يخرجها من معادلة الصراع العربي الإسرائيلي -وأكملت إيران تفتيت العراق وسوريا-، ومنذ ذلك الحين والفلسطينيون كالأيتام على موائد اللئام وعلى وجوههم في الأرض هائمين يبحثون عن أب ومعين.

صحيح أن ياسر عرفات تمرد على النظام السوري النصيري ورفض الخضوع لحافظ الأسد، ولكنه مع الأسف رمى بنفسه وتياره الوطني في حضن الإسرائيليين!

وصحيح أن حركتي حماس والجهاد الإسلاميتين تمردتا على النظام العربي المستخذي أمام أمريكا ولم تخضعا لأي نظام، ولكنهما مع الأسف ارتمتا ورمتا فلسطين وقضيتها في حضن الملالي الإيرانيين الطائفيين المتخادمين مع أمريكا واستراتيجيا معها على الأمة متفقين!

إن نجاح كيسنجر بإخراج مصر من معادلة الصراع لا يعني بالضرورة فشلنا إلا إذا كان هذا خيارنا الذي رضينا به ولم نعمل على نقض غزله من خلال تصور في التغيير والتحرير ومن خلال عمل دؤوب على الشعب المصري وحركاته والذي يزن بمفرده نصف الأمة مجتمعة.

لكننا حقا فشلنا ببراعة، وذلك حين فتح لنا الداهية الأمريكي الطريق نحو طهران فأذاقتنا الشهد، وتجاوز -عن وعي وقصد- عن كل أشكال الدعم المالي والعسكري ليحقق هدفه المركزي بابعادنا أكثر وأكثر عن مصر ذات التأثير في محيطها العربي، حتى غرقنا في بطن الحوت الإيراني بالفعل، وأصبحنا نصرخ ولا يسمع لنا صوت إلا من صدى يتردد في مسامعنا وكأننا لوحدنا … وهذا هو واقعنا في غزة والقدس والضفة اليوم.

إن سيل الدماء الزكية التي سقت كل الأراضي الفلسطينية تستحق منا أن نعيد النظر والتفكير وألا نتوقف عند العويل ونعزف للناس حصرا سيمفونية الصبر ثم الصبر والصبر في ظل عدم نضج تصوراتنا ولا سوية مناهجنا ولا أخلاقية سياساتنا ولا استقامة طريقنا!

إن الصبر المحمود قائم في حالتنا الفلسطينية والتي لا تزيد عن المآسي والصبر المتوفر في الحالة المصرية والشامية والعراقية واليمنية والسودانية وحتى الايغورية والتركستانية.

لكن الصبر المثمر هو الذي يأتي في سياق رؤية صحيحة ومواقف سوية وخطة وخطوات مدروسة من كل جوانبها بوعي ومنظور أمة، لا بوعي وعقل راع للمواشي في محمية مغلقة بمنطق وطني قاصر وجاهلية!

أعود فأقول إن مصر العظيمة بشعبها وحركاتها وقياداتها ونخبها وتاريخها الدعوي والعلمي والجهادي لا يمكن اختزالها بحشرة قميئة تحكمها!

كما أنه وبعد تدهور وفشل التجربة الإسلامية الثورية المصرية في حقبة الثورات العربية فإنه لم يعد من المعقول ولا المقبول عند العقلاء المنتمين لهذا الدين والمنحازين لعموم الأمة وغير المتعصبين للأطر التنظيمية أن تنحصر أي رؤية في التواصل والإصلاح والبناء والتغيير من خلال حركة الإخوان المسلمين!

ومع عظيم حبنا واجلالنا للرئيس محمد مرسي الذي لم يشهد القرن الأخير رئيسا عربيا أو إسلاميا بما اتصف به من إخلاص وصدق وانتماء وشجاعة وبذل وعطاء -رحمه الله ولا نزكي على الله أحدا-، ورغم اشفاقنا على نماذج الخير من المقهورين والمسجونين في مصر، إلا أن التصور والمنهج السياسي وبالجملة العقل الإخواني مسؤول جزئيا عما انتهت إليه مصر ولا يمكن إعفاؤه من المسؤولية بالكلية، لاسيما أنه برع في تكرار نفس الأخطاء المنهجية والسياسية التي تؤكد عقم تصوره السياسي والثوري.

إن مصر كبيرة وتوازي الوطن العربي جميعه، وإن حجم الخير فيها لن يراه مطلقا من تسببت له العصبية بالعمى وفقدان البصر.

وبقدر ما عملنا مع الملالي المجرمين ثم أوصلونا لحال التيه والضياع والجحيم، دعونا نبذل نصف هذا الجهد كما ونوعا وزمانا مع المصريين الذين سنجد فيهم فدائيين عشرة أضعاف الفلسطينيين، ومحمد صلاح وسليمان خاطر ومن قبلهم كتائب الشهيد حسن البنا خير الشاهدين.

فهل ستدفعنا المذبحة الفلسطينية الحالية وسراب الوعود الإيرانية والمسالخ الغزية لإعادة النظر والتفكير، لتتصل الدماء المصرية بشرايين القضية الفلسطينية وليبتهج مسجدنا الأقصى المبارك بأهله فيسرجوه بالزيت من جديد؟

مضر أبو الهيجاء فلسطين-جنين 15/7/2024

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق