شرور الديكتاتورية وترياق الأدب..
كاتب ألبانيا الكبير إسماعيل قدريتوفي صباح اليوم الاثنين الكاتب والأديب الألباني الكبير إسماعيل قدري، عن 88 عاما، بحسب ما أفادت الدار الناشرة لأعماله ومستشفى تيرانا بالعاصمة الألبانية.
وأقام الروائي الألباني الراحل، المحاور الأساسية لإبداعه الروائي على ثلاثية: محاربة الدكتاتورية الشمولية، واستقراء تاريخ وتراث البلقان وألبانيا -التي حكمها نظام الزعيم الشيوعي أنور خوجة لـ4 عقود بقبضة من حديد- بوجه خاص، والتنديد ببشاعة الجريمة السياسية المرعبة.
ولم ينفرد الأديب الراحل بمضمون يزداد صدقية من يوم لآخر فحسب، بل أغنى الإبداع الروائي بقالب شاعري قائم على توليفة الأسلوب التراجيدي والكوميدي، والتوظيف المدهش للميثولوجيا الإغريقية وللدراما الشكسبيرية، وعرف عنه قوله عن صاحب ماكبث وهاملت وعطيل “لو عاش شكسبير زمن الشمولية الشيوعية لما جعل من ممالك أسكتلندا والدانمارك مصدرا لكتاباته عن الجريمة السياسية”.
وأعلنت إدارة مستشفى أنّ قدري توفي إثر أزمة قلبية، موضحةً أنّه وصل إلى المستشفى “من دون أي علامات على أنه لا يزال على قيد الحياة”، فحاول الأطباء إنعاش قلبه، لكنه “توفي قرابة الساعة 6:40 صباحا بتوقيت غرينتش” (8:40 بالتوقيت المحلي).
واستكشف إسماعيل قدري أساطير بلده وتاريخه، لتفنيد آليات النهج الشمولي بوصفه شرًّا عالميًّا.
وحكم أنور خوجة (1908 – 1985) ألبانيا في ظل نظام دكتاتوري يُعدّ من أكثر الأنظمة انغلاقا في العالم، ودخلت البلاد في تلك الحقبة عزلة تامة عن العالم ووصف نظامها -الذي وصف نفسه بأنه “أول دولة ملحدة في العالم”- باعتباره الأكثر قمعا ودموية في تاريخ أوروبا الحديث.
“الجحيم الشيوعي، مثل أي جحيم آخر، خانق. لكن في الأدب، يتحوّل إلى قوة حياة، قوة تساعدك على البقاء والتغلّب مرفوع الرأس على الدكتاتورية”
وكان الكاتب قال لوكالة الصحافة الفرنسية في إحدى مقابلاته الأخيرة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إنّ “الجحيم الشيوعي، مثل أي جحيم آخر، خانق. لكن في الأدب، يتحوّل إلى قوة حياة، قوة تساعدك على البقاء والتغلّب مرفوع الرأس على الدكتاتورية”.
“أعطاني الأدب كل ما أملكه اليوم، أضفى مغزى لحياتي، منحني الشجاعة لأقاوم، والسعادة، والأمل في التغلب على الصعاب”
وقال قدري متحدثا من منزله في تيرانا حينما بدأت صحّته تتدهوّر، “أعطاني الأدب كل ما أملكه اليوم، أضفى مغزى لحياتي، منحني الشجاعة لأقاوم، والسعادة، والأمل في التغلب على الصعاب”.
توفي صباح اليوم الاثنين الكاتب والأديب الألباني الكبير إسماعيل قدري، عن 88 عاما، بحسب ما أفادت الدار الناشرة لأعماله ومستشفى تيرانا بالعاصمة الألبانية.
وأقام الروائي الألباني الراحل، المحاور الأساسية لإبداعه الروائي على ثلاثية: محاربة الدكتاتورية الشمولية، واستقراء تاريخ وتراث البلقان وألبانيا -التي حكمها نظام الزعيم الشيوعي أنور خوجة لـ4 عقود بقبضة من حديد- بوجه خاص، والتنديد ببشاعة الجريمة السياسية المرعبة.
ولم ينفرد الأديب الراحل بمضمون يزداد صدقية من يوم لآخر فحسب، بل أغنى الإبداع الروائي بقالب شاعري قائم على توليفة الأسلوب التراجيدي والكوميدي، والتوظيف المدهش للميثولوجيا الإغريقية وللدراما الشكسبيرية، وعرف عنه قوله عن صاحب ماكبث وهاملت وعطيل “لو عاش شكسبير زمن الشمولية الشيوعية لما جعل من ممالك أسكتلندا والدانمارك مصدرا لكتاباته عن الجريمة السياسية”.
وأعلنت إدارة مستشفى أنّ قدري توفي إثر أزمة قلبية، موضحةً أنّه وصل إلى المستشفى “من دون أي علامات على أنه لا يزال على قيد الحياة”، فحاول الأطباء إنعاش قلبه، لكنه “توفي قرابة الساعة 6:40 صباحا بتوقيت غرينتش” (8:40 بالتوقيت المحلي).
واستكشف إسماعيل قدري أساطير بلده وتاريخه، لتفنيد آليات النهج الشمولي بوصفه شرًّا عالميًّا.
وحكم أنور خوجة (1908 – 1985) ألبانيا في ظل نظام دكتاتوري يُعدّ من أكثر الأنظمة انغلاقا في العالم، ودخلت البلاد في تلك الحقبة عزلة تامة عن العالم ووصف نظامها -الذي وصف نفسه بأنه “أول دولة ملحدة في العالم”- باعتباره الأكثر قمعا ودموية في تاريخ أوروبا الحديث.
“الجحيم الشيوعي، مثل أي جحيم آخر، خانق. لكن في الأدب، يتحوّل إلى قوة حياة، قوة تساعدك على البقاء والتغلّب مرفوع الرأس على الدكتاتورية”
وكان الكاتب قال لوكالة الصحافة الفرنسية في إحدى مقابلاته الأخيرة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إنّ “الجحيم الشيوعي، مثل أي جحيم آخر، خانق. لكن في الأدب، يتحوّل إلى قوة حياة، قوة تساعدك على البقاء والتغلّب مرفوع الرأس على الدكتاتورية”.
“أعطاني الأدب كل ما أملكه اليوم، أضفى مغزى لحياتي، منحني الشجاعة لأقاوم، والسعادة، والأمل في التغلب على الصعاب”
وقال قدري متحدثا من منزله في تيرانا حينما بدأت صحّته تتدهوّر، “أعطاني الأدب كل ما أملكه اليوم، أضفى مغزى لحياتي، منحني الشجاعة لأقاوم، والسعادة، والأمل في التغلب على الصعاب”.
أديب ألبانيا
قدري هو نفسه الذي بيّن في رواية “العشاء الزائد” عام 2009 كيف ذهب الدكتور غوراميتو جاره الحقيقي ضحية حكم قمعي، يتجسس فيه الجميع على الجميع، ويعدم فيه كل أنواع المعارضين، ولأنه بلقاني الانتماء وإنساني النزعة، فقد عاد في كتابه الجديد “الاستفزاز وأشياء أخرى” إلى الخلاف التاريخي بين الصرب والألبانيين، من خلال موقع حدودي ألباني فاقد لأبسط مقومات الحياة والمحاذي لموقع العدو الغارق في الملذات، بحسب تقرير سابق للجزيرة نت.
ولد قدري عام 1936 بمدينة جيروكاسترا جنوب ألبانيا، واكتشف ميله للقراءة باكرا في بيت جدته، التي كانت قارئة نهمة للكتب الأدبية، وكتب قصيدته الأولى في سن الحادية عشرة، وديوانه الأول في سن السابعة عشرة تحت عنوان “استلهام شباني”، بعد أن انبهر بشكسبير وغوته ودون كيخوت ودانتي ورموز الأدب اليوناني، وكتاب أجواء الملحمة والغرابة والشعوذة والسحر والأشباح.
درس قدري الأدب في جامعة تيرانا وفي معهد غوركي بموسكو قبل عام 1960، تاريخ قطيعته مع الاتحاد السوفياتي وعودته إلى بلده للعمل صحفيا، وانشق باكرا عن الأدب الاشتراكي، وأضحى متيما بالأدب الغربي أو المنحط كما كانت تسميه دعاية خروتشوف، على حد قوله.
وبقي قدري عضوا في الحزب الشيوعي الألباني، لكن مطاردا باعتباره كاتبا مناهضا للنظام الذي اضطر بسببه إلى نشر أعماله في الخارج طيلة السبعينيات والثمانينيات قبل لجوئه إلى المنفى الباريسي عام 1990.
يعد قدري أكبر وأشهر روائي ألباني، أوروبيا وعالميا، ليس بفضل مواقفه الفكرية المناهضة لأنظمة الرعب والقهر الشمولية وتجسيده للذاكرة البلقانية والصراع البغيض والمتبادل بين الصرب والألبان فحسب، لكن بنوعية مقاربته الروائية الموظفة لشتى أساليب الاستعارة والمجاز والأساطير القديمة واليونانية بوجه خاص والفلكلور والخرافة اللصيقين بثقافة بلاده
يعد قدري أكبر وأشهر روائي ألباني، أوروبيا وعالميا، ليس بفضل مواقفه الفكرية المناهضة لأنظمة الرعب والقهر الشمولية وتجسيده للذاكرة البلقانية والصراع البغيض والمتبادل بين الصرب والألبان فحسب، لكن بنوعية مقاربته الروائية الموظفة لشتى أساليب الاستعارة والمجاز والأساطير القديمة واليونانية بوجه خاص والفلكلور والخرافة اللصيقين بثقافة بلاده.
وألبس قدري أعماله القصصية والروائية حلة زينتها مقاربة تراجيدية كوميدية يكشف من خلالها عن وحشية الحكام الذين يعيشون من أجل السلطة الشمولية خاصة بعد أن رزحت ألبانيا طويلا تحت هيمنة النظام الشمولي لأنور خوجة.
قبل أن ينتقل اسمه إلى السينما من خلال رواية “جنرال الجيش الميت” التي اقتبسها لتشيانو توفولي عام 1983 ومثل أدوارها الرئيسة النجمان ميشال بيكولي ومارتشيلو ماستوياني والممثلة أنوك إيميه، راح قدري يكرس شهرته بروايات أخرى صنعت مجدا جديدا لدار النشر فايار.
ومن أبرز أعمال قدري “الشتاء الكبير 1973 ـ القطيعة مع الاتحاد السوفياتي ـ و”حفل نهاية الفصل” 1988 التي تعرضت للرقابة مدة 7 أعوام بسبب تناولها العلاقات الصينية الألبانية، و”الوحش” 1990 التي عرفت نفس المصير.
وثمة روايات أخرى عززت السمعة العالمية لقدري الذي وصفته مخابرات تيرانا الشيوعية بـ”الخائن” مثل “طبول المطر” 1970 و”قصر الأحلام” 1981 و”الظل” 1994 و”هاملت الأمير المستحيل” 2007.
في روايته “الدمية” سرد قدري بلا مواربة فصولا من سيرته الذاتية، وتوقف خصوصا عند علاقته الفريدة بأمه التي عبرت عتبة الجنون باكرا
قدري هو نفسه الذي بيّن في رواية “العشاء الزائد” عام 2009 كيف ذهب الدكتور غوراميتو جاره الحقيقي ضحية حكم قمعي، يتجسس فيه الجميع على الجميع، ويعدم فيه كل أنواع المعارضين، ولأنه بلقاني الانتماء وإنساني النزعة، فقد عاد في كتابه الجديد “الاستفزاز وأشياء أخرى” إلى الخلاف التاريخي بين الصرب والألبانيين، من خلال موقع حدودي ألباني فاقد لأبسط مقومات الحياة والمحاذي لموقع العدو الغارق في الملذات، بحسب تقرير سابق للجزيرة نت.
ولد قدري عام 1936 بمدينة جيروكاسترا جنوب ألبانيا، واكتشف ميله للقراءة باكرا في بيت جدته، التي كانت قارئة نهمة للكتب الأدبية، وكتب قصيدته الأولى في سن الحادية عشرة، وديوانه الأول في سن السابعة عشرة تحت عنوان “استلهام شباني”، بعد أن انبهر بشكسبير وغوته ودون كيخوت ودانتي ورموز الأدب اليوناني، وكتاب أجواء الملحمة والغرابة والشعوذة والسحر والأشباح.
درس قدري الأدب في جامعة تيرانا وفي معهد غوركي بموسكو قبل عام 1960، تاريخ قطيعته مع الاتحاد السوفياتي وعودته إلى بلده للعمل صحفيا، وانشق باكرا عن الأدب الاشتراكي، وأضحى متيما بالأدب الغربي أو المنحط كما كانت تسميه دعاية خروتشوف، على حد قوله.
وبقي قدري عضوا في الحزب الشيوعي الألباني، لكن مطاردا باعتباره كاتبا مناهضا للنظام الذي اضطر بسببه إلى نشر أعماله في الخارج طيلة السبعينيات والثمانينيات قبل لجوئه إلى المنفى الباريسي عام 1990.
يعد قدري أكبر وأشهر روائي ألباني، أوروبيا وعالميا، ليس بفضل مواقفه الفكرية المناهضة لأنظمة الرعب والقهر الشمولية وتجسيده للذاكرة البلقانية والصراع البغيض والمتبادل بين الصرب والألبان فحسب، لكن بنوعية مقاربته الروائية الموظفة لشتى أساليب الاستعارة والمجاز والأساطير القديمة واليونانية بوجه خاص والفلكلور والخرافة اللصيقين بثقافة بلاده
يعد قدري أكبر وأشهر روائي ألباني، أوروبيا وعالميا، ليس بفضل مواقفه الفكرية المناهضة لأنظمة الرعب والقهر الشمولية وتجسيده للذاكرة البلقانية والصراع البغيض والمتبادل بين الصرب والألبان فحسب، لكن بنوعية مقاربته الروائية الموظفة لشتى أساليب الاستعارة والمجاز والأساطير القديمة واليونانية بوجه خاص والفلكلور والخرافة اللصيقين بثقافة بلاده.
وألبس قدري أعماله القصصية والروائية حلة زينتها مقاربة تراجيدية كوميدية يكشف من خلالها عن وحشية الحكام الذين يعيشون من أجل السلطة الشمولية خاصة بعد أن رزحت ألبانيا طويلا تحت هيمنة النظام الشمولي لأنور خوجة.
قبل أن ينتقل اسمه إلى السينما من خلال رواية “جنرال الجيش الميت” التي اقتبسها لتشيانو توفولي عام 1983 ومثل أدوارها الرئيسة النجمان ميشال بيكولي ومارتشيلو ماستوياني والممثلة أنوك إيميه، راح قدري يكرس شهرته بروايات أخرى صنعت مجدا جديدا لدار النشر فايار.
ومن أبرز أعمال قدري “الشتاء الكبير 1973 ـ القطيعة مع الاتحاد السوفياتي ـ و”حفل نهاية الفصل” 1988 التي تعرضت للرقابة مدة 7 أعوام بسبب تناولها العلاقات الصينية الألبانية، و”الوحش” 1990 التي عرفت نفس المصير.
وثمة روايات أخرى عززت السمعة العالمية لقدري الذي وصفته مخابرات تيرانا الشيوعية بـ”الخائن” مثل “طبول المطر” 1970 و”قصر الأحلام” 1981 و”الظل” 1994 و”هاملت الأمير المستحيل” 2007.
في روايته “الدمية” سرد قدري بلا مواربة فصولا من سيرته الذاتية، وتوقف خصوصا عند علاقته الفريدة بأمه التي عبرت عتبة الجنون باكرا
الدمية
وفي روايته “الدمية” سرد قدري بلا مواربة فصولا من سيرته الذاتية، وتوقف خصوصا عند علاقته الفريدة بأمه.
“الدمية” في هذا النص هي والدة قدري التي توفيت عام 1993، أما لماذا سماها “الدمية” فلأن أحد أقاربه الذي حمل أمه حين وقعت في حالة غيبوبة وجدها خفيفة “مثل دمية من ورق معجون”.
ومع أنه لا شك في عاطفة هذه الأم تجاه ابنها فإنها لا تتوافق مع وصف الأمهات في تلك الأغاني التي تستحضر “الحليب والثدي والرقة ورائحة الأمومة”، بل تتميز بقلة حضورها لعبورها عتبة الجنون باكرا، مما جعلها توحي لابنها “برعب جليدي”، لكن “لأنها كانت غريبة عن الطبيعة البشرية حفظتني من أهوال النوع البشري” يقول قدري.
وفي روايته “الدمية” سرد قدري بلا مواربة فصولا من سيرته الذاتية، وتوقف خصوصا عند علاقته الفريدة بأمه.
“الدمية” في هذا النص هي والدة قدري التي توفيت عام 1993، أما لماذا سماها “الدمية” فلأن أحد أقاربه الذي حمل أمه حين وقعت في حالة غيبوبة وجدها خفيفة “مثل دمية من ورق معجون”.
ومع أنه لا شك في عاطفة هذه الأم تجاه ابنها فإنها لا تتوافق مع وصف الأمهات في تلك الأغاني التي تستحضر “الحليب والثدي والرقة ورائحة الأمومة”، بل تتميز بقلة حضورها لعبورها عتبة الجنون باكرا، مما جعلها توحي لابنها “برعب جليدي”، لكن “لأنها كانت غريبة عن الطبيعة البشرية حفظتني من أهوال النوع البشري” يقول قدري.
سيرة الحياة وغواية الكتابة
الوقائع العائلية التي يرويها الكاتب ليست طريفة، فأغلبية أفراد عائلة والده عانقوا الموت، أما الأحياء ففقراء ومتكبرون وتعيسون. وفي هذا السياق، يشير الكاتب إلى عدم فهمه دافع زواج أمه من أبيه، خصوصا أن عائلتها كانت ثرية وسعيدة، علما أنه يستحضر حبها لوالده من النظرة الأولى.
يقر الكاتب في نصه بدَيْن تجاه مدينة جيروكاسترا الألبانية الجنوبية التي نشأ فيها، خصوصا تجاه المنزل العائلي الذي كان على شكل عزبة قديمة ويتضمن سجنا
في هذه الرواية، نعرف أن الكتابة أغوت قدري منذ الطفولة، وأنه كان يخوض تجارب مختلفة لإثبات موهبته الكتابية كانطلاقه في كتابة رواية من النهاية، أو محاولته -عبثا- تصحيح “الأخطاء” النحوية لشكسبير، بحسب تقرير سابق عن الرواية للجزيرة نت.
ويقر الكاتب في نصه بدَيْن تجاه مدينة جيروكاسترا الألبانية الجنوبية التي نشأ فيها، خصوصا تجاه المنزل العائلي الذي كان على شكل عزبة قديمة ويتضمن سجنا!
هو منزل كبير لكنه في حالة ترميم دائم، ولا يعرف الطفل قدري إن كان يحبه أم لا، لكنه كان يجده “غير واقعي”، أما أمه فلم تكن تشعر بالراحة فيه، بل بملل كبير دفعها إلى القول لابنها “إن المنزل هو الذي يلتهمني”.
تكشف هذه الرواية عناصر وتفاصيل مهمة لفهم مسيرة قدري الكتابية وثمارها.
وفي هذا السياق، نتعرف جيدا إلى فصل إقامته في موسكو للدراسة، ويتضح لنا اشمئزازه من الواقعية الاشتراكية التي كان عليه أن يتعلم قواعدها في معهد غوركي.
ودفعه ذلك “الاشمئزاز” آنذاك إلى عدم احترام هذا التعليم في روايته الأولى “مدينة بلا لافتات” التي وضعها آنذاك لامتحان قدراته الكتابية، وحاول فيها أيضا الإفلات من تأثير روائييه الثلاثة المفضلين (جويس وكافكا وبروست) الذين كانوا الهدف الثابت لانتقادات منظري الواقعية الاشتراكية.
سيتجلى لقدري ذلك الرابط بين فنه وأمه، خصوصا حين يقنع نفسه بأن الأخيرة “تخلت عن حريتها وسلطتها كأم” كي توفر له “كل الحرية الممكنة في عالم تندر الحرية فيه ويصعب العثور عليها”
الوقائع العائلية التي يرويها الكاتب ليست طريفة، فأغلبية أفراد عائلة والده عانقوا الموت، أما الأحياء ففقراء ومتكبرون وتعيسون. وفي هذا السياق، يشير الكاتب إلى عدم فهمه دافع زواج أمه من أبيه، خصوصا أن عائلتها كانت ثرية وسعيدة، علما أنه يستحضر حبها لوالده من النظرة الأولى.
يقر الكاتب في نصه بدَيْن تجاه مدينة جيروكاسترا الألبانية الجنوبية التي نشأ فيها، خصوصا تجاه المنزل العائلي الذي كان على شكل عزبة قديمة ويتضمن سجنا
في هذه الرواية، نعرف أن الكتابة أغوت قدري منذ الطفولة، وأنه كان يخوض تجارب مختلفة لإثبات موهبته الكتابية كانطلاقه في كتابة رواية من النهاية، أو محاولته -عبثا- تصحيح “الأخطاء” النحوية لشكسبير، بحسب تقرير سابق عن الرواية للجزيرة نت.
ويقر الكاتب في نصه بدَيْن تجاه مدينة جيروكاسترا الألبانية الجنوبية التي نشأ فيها، خصوصا تجاه المنزل العائلي الذي كان على شكل عزبة قديمة ويتضمن سجنا!
هو منزل كبير لكنه في حالة ترميم دائم، ولا يعرف الطفل قدري إن كان يحبه أم لا، لكنه كان يجده “غير واقعي”، أما أمه فلم تكن تشعر بالراحة فيه، بل بملل كبير دفعها إلى القول لابنها “إن المنزل هو الذي يلتهمني”.
تكشف هذه الرواية عناصر وتفاصيل مهمة لفهم مسيرة قدري الكتابية وثمارها.
وفي هذا السياق، نتعرف جيدا إلى فصل إقامته في موسكو للدراسة، ويتضح لنا اشمئزازه من الواقعية الاشتراكية التي كان عليه أن يتعلم قواعدها في معهد غوركي.
ودفعه ذلك “الاشمئزاز” آنذاك إلى عدم احترام هذا التعليم في روايته الأولى “مدينة بلا لافتات” التي وضعها آنذاك لامتحان قدراته الكتابية، وحاول فيها أيضا الإفلات من تأثير روائييه الثلاثة المفضلين (جويس وكافكا وبروست) الذين كانوا الهدف الثابت لانتقادات منظري الواقعية الاشتراكية.
سيتجلى لقدري ذلك الرابط بين فنه وأمه، خصوصا حين يقنع نفسه بأن الأخيرة “تخلت عن حريتها وسلطتها كأم” كي توفر له “كل الحرية الممكنة في عالم تندر الحرية فيه ويصعب العثور عليها”
قدري مع أمه
وتدريجيا، سيتجلى لقدري ذلك الرابط بين فنه وأمه، خصوصا حين يقنع نفسه بأن الأخيرة “تخلت عن حريتها وسلطتها كأم” كي توفر له “كل الحرية الممكنة في عالم تندر الحرية فيه ويصعب العثور عليها”.
وبشأن هذه النقطة يقول “كان يتملكني الانطباع أحيانا بأن كل ما كانت تعاني منه في حياتها كان يفيدني في فني، كنت على وشك تصديق أنها اختارت عمدا أن تؤذي نفسها كي تخدمني”.
كما لو أن والدة قدري -بحسبه- عرفت أنها كانت خاسرة في تلك المنافسة بينها وبين فن ابنها، ولذلك ضحت بنفسها، ولن تلبث رؤية الكاتب هذه أن تتحول إلى فكرة غالية على قلبه صاغها على النحو الآتي “غالبا ما تتجلى الموهبة لدينا بما هو معاكس لها، الموهبة هي شيء نفتقر له وليس شيئا إضافيا فينا”.
أكثر من ذلك، ستصبح هذه الأم -بطريقة ما- نموذجا في نظر ابنها الذي يقول “لدي الشعور بأنني ابن فتاة مراهقة توقف فجأة نموها”. وهذه المراهقة المزمنة -التي عانت أمه منها وحالت دون إدراكها شروط الحياة ورهاناتها- جعلته يعتقد أنه “في هذه الحالة بالذات -التي تدفع بالعقل إلى الخلف في هذا العناد الطفولي- تكمن ما نسميها موهبة الكتابة”.
وإذ ستشعر هذه الأم بخوف كبير عندما ستداهم الشرطة الألبانية المنزل العائلي وتصادر مخطوطات ابنها بعد رحيله إلى فرنسا ستخاف أكثر من أن يقرر هذا الابن استبدال أُم أخرى بأمه مع بلوغه النجاح والشهرة.
وتدريجيا، سيتجلى لقدري ذلك الرابط بين فنه وأمه، خصوصا حين يقنع نفسه بأن الأخيرة “تخلت عن حريتها وسلطتها كأم” كي توفر له “كل الحرية الممكنة في عالم تندر الحرية فيه ويصعب العثور عليها”.
وبشأن هذه النقطة يقول “كان يتملكني الانطباع أحيانا بأن كل ما كانت تعاني منه في حياتها كان يفيدني في فني، كنت على وشك تصديق أنها اختارت عمدا أن تؤذي نفسها كي تخدمني”.
كما لو أن والدة قدري -بحسبه- عرفت أنها كانت خاسرة في تلك المنافسة بينها وبين فن ابنها، ولذلك ضحت بنفسها، ولن تلبث رؤية الكاتب هذه أن تتحول إلى فكرة غالية على قلبه صاغها على النحو الآتي “غالبا ما تتجلى الموهبة لدينا بما هو معاكس لها، الموهبة هي شيء نفتقر له وليس شيئا إضافيا فينا”.
أكثر من ذلك، ستصبح هذه الأم -بطريقة ما- نموذجا في نظر ابنها الذي يقول “لدي الشعور بأنني ابن فتاة مراهقة توقف فجأة نموها”. وهذه المراهقة المزمنة -التي عانت أمه منها وحالت دون إدراكها شروط الحياة ورهاناتها- جعلته يعتقد أنه “في هذه الحالة بالذات -التي تدفع بالعقل إلى الخلف في هذا العناد الطفولي- تكمن ما نسميها موهبة الكتابة”.
وإذ ستشعر هذه الأم بخوف كبير عندما ستداهم الشرطة الألبانية المنزل العائلي وتصادر مخطوطات ابنها بعد رحيله إلى فرنسا ستخاف أكثر من أن يقرر هذا الابن استبدال أُم أخرى بأمه مع بلوغه النجاح والشهرة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق