هل تنتقل الهزيمة النفسية من العرب إلى الإسرائيليين؟!
سليمان صالح
الهزيمة النفسية تشكل الكثير من المخاطر على مستقبل الدول، فهي تقلل من قدرة الشعوب على الابتكار، وانتاج الأفكار الجديدة، وتحقيق التقدم، حيث يتزايد شعور الأفراد بالعجز واليأس.
وكانت الهزيمة النفسية التي تعرضت لها الأمة العربية - نتيجة لحملات شنها الاستعمار الغربي طوال القرن العشرين - من أهم العوامل التي قللت قدرة الأمة على الكفاح لتحقيق الاستقلال الشامل، وقد بلغت الهزيمة النفسية ذروتها بعد هزيمة 1967، حيث تزايد شعور الناس بالعار وانهيار الثقة بالذات.. وقامت وسائل الاعلام الغربية بدور كبير في ترسيخ الشعور بالعجز أمام الجيش الإسرائيلي الذي دأبت على وصفه بأنه لا يقهر.
لذلك كانت أهم انجازات المقاومة الإسلامية في غزة أنها بدأت عملية تحرير الأمة من الهزيمة النفسية، فمتابعة وسائل التواصل الاجتماعي توضح أن ملايين العرب يشعرون بالفخر ببطولات المقاومة، وأصبحوا يشعرون بالقدرة على الفعل وتغيير الواقع.
وبالرغم من المذابح التي تعرض لها شعب فلسطين؛ إلا أنه يوفر المساندة والتأييد للمقاومة التي تجاهد وتضحي؛ لتحقيق حلم تحرير فلسطين والعودة.. فهذا الحلم تحول إلى مصدر للقوة المادية والنفسية، لكن ذلك لا يكفي لتفسير صمود المقاتلين المسلمين، فهؤلاء تعرضوا لعملية تربية ركزت على الإيمان بالله والثقة بنصره، والثقافة الإسلامية قامت بدورها في الإعداد النفسي لمقاتلين ربطوا حياتهم بالقرآن، واستثمروا تاريخ المجاهدين المسلمين في تحقيق انتصار نفسي على كل عوامل اليأس والعجز والاحباط.
بذلك قدمت المقاومة الإسلامية في غزة نموذجا حضاريا لبناء الإنسان نفسيا على أسس الإيمان بالله، فبيده وحده القوة، لذلك يجاهد الإنسان وهو يرفع شعاره الخالد: إنه لجهاد نصر أو استشهاد .و من الواضح أن المقاومة نقلت الهزيمة النفسية للإسرائيليين، فكسرت معنوياتهم، وجعلتهم يعيشون في حالة خوف وقلق وتوتر واكتئاب.. هل تريد أدلة على ذلك ؟! سأقدم لك تلك الأدلة من وسائل الاعلام ومراكز البحوث الاسرائيلية ؛ حيث استخدم موقع ذا ماركر الإسرائيلى تعبير "تسونامي" لوصف الأعداد الكبيرة من الأشخاص الذين يتوجهون لعيادات الطب النفسي.
وتحدثت صحيفة إسرائيل هيوم عن ارتفاع في الأعراض النفسية، وأن منظومة الصحة النفسية غير قادرة على استيعاب الأعداد الكبيرة من المراجعين، كما أن التقديرات تفيد بأن ما بين 20% إلى 30% سيعيشون مع هذه الصدمة النفسية طوال حياتهم، وأنهم لن ينجحوا في التخلص من أعراضها.
لكن ما أسباب تفشي هذه الظاهرة بهذه الأعداد الكبيرة؟! يعيش الإسرائيليون في أجواء الحداد والحزن الجماعية، وفقدان الشعور بالأمن؛ فتحولت إلى أزمة عامة تمس المجتمع ككل، ما يعني أنها ستترك آثارها لفترة طويلة من الزمن وستنعكس على سلوك الإسرائيليين وخياراتهم وردود أفعالهم السياسية والاجتماعية.
وتوضح تقارير منظومة الصحة النفسية في إسرائيل بأن أعداد الأشخاص الذين يعانون من اكتئاب وشعور بالصدمة والقلق تشهد ارتفاعاً كبيراً، وأن الاسرائيليين يقبلون على تناول الأدوية التي تساعد على النوم والمهدئات.
ويفسر الإخصائي النفسي أودي بنشتاين ظاهرة الكوابيس المتكررة والأرق التي يعاني منها كثير من الإسرائيليين بأنها ناتجة عن التغطية الكثيفة لأحداث الحرب، والصور المرعبة والمشاهد التي عاشها الإسرائيليون في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وشعورهم أن هذا قد يتكرر في أي لحظة.
وأضاف لموقع إسرائيل هيوم أن هذه الأحداث تتسرب إلى الأحلام بشكل تلقائي نتيجة لشعور هؤلاء الأشخاص بالعجز وعدم القدرة على النجاة، أو بالخجل إزاء صرخات الاستغاثة التي أطلقها آلاف الإسرائيليين في غلاف غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول من دون أن يتمكن أحد من إنقاذهم.
وأكد موقع اسرائيل هيوم أن 60 بالمئة من الأمهات يعانين من آثار صدمة عميقة تحتاج إلى علاج في عيادات مختصة، وأن 61% من الأطفال حتى سن الثامنة و30 بالمئة ما فوق الثامنة يعانون من أعراض نفسية حادة جداً، وقد تتحول إلى صدمة نفسية عنيفة تؤثر في نمط حياتهم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق