السبت، 8 نوفمبر 2025

أسباب صدام الحكومات المصرية المتعاقبة مع جماعة الإخوان المسلمين (10)

 أسباب صدام الحكومات المصرية المتعاقبة مع جماعة الإخوان المسلمين (10)

أحمد هلال

حقوقي وكاتب 



الإخوان وحسني مبارك

تولي مبارك الحكم وبداية عهده (1981م)

بعد اغتيال الرئيس أنور السادات في 6 أكتوبر 1981م، تولى محمد حسني مبارك الحكم، وسعى منذ اللحظة الأولى إلى كسب تأييد الشعب.

فقد أفرج عن المعتقلين السياسيين الذين اعتقلوا في سبتمبر 1981م، وقام بمقابلة بعضهم، لكنه لم يلتق بقيادات جماعة الإخوان المسلمين بشكل مباشر.

ومع ذلك، أُفرج عن الإخوان وترك لهم حرية الحركة باعتبارهم جماعة مسالمة.

في المقابل، ركز مبارك على مواجهة جماعات العنف، إلا أن بعض وزراء الداخلية – مثل زكي بدر – تعاملوا بسياسة الشدة المفرطة، ليس مع الجماعات المتشددة فحسب، بل مع مختلف التيارات بما فيها الإخوان المسلمين.

كما استمر نظام مبارك محتفظاً بالطابع السلطوي الموروث من العهدين الناصري والساداتي، حيث ظلت السلطة مركزة في يد الرئيس والحكومة، مع إقصاء القوى السياسية الأخرى من المشاركة الحقيقية.

مشاركة الإخوان في العملية السياسية (1984 – 1987م)

رغم الطابع السلطوي، عمل مبارك في الفترة من 1981 إلى 1987م على إدماج بعض القوى المعارضة في العملية السياسية، وتوسيع حرية التعبير والعمل الحزبي.

فقد تحالف الإخوان مع حزب الوفد الجديد عام 1984م، ثم مع حزب العمل والأحرار في انتخابات 1987م، ما أتاح لهم الفوز بـ 36 مقعداً في البرلمان.

كما توسع نشاط الإخوان في النقابات، الاتحادات الطلابية، والجمعيات الأهلية، وازداد حضورهم الاقتصادي والاجتماعي.

بفضل حسن التنظيم، واهتمامهم بقضايا المجتمع، إلى جانب ضعف الأحزاب الأخرى، حاز الإخوان مكانة متقدمة في الحياة السياسية، وحققوا نفوذاً واسعاً.

صعود التيار الإسلامي وصدامه مع النظام

شهدت الفترة الأولى من حكم مبارك تنامياً لقوة التيار الإسلامي مقارنة بباقي الأحزاب كالحزب الوطني والوفد والتجمع، خاصة بعد تميزهم في البرلمان وأدائهم داخله.

لكن النظام ظل محتفظاً بالسيطرة على الحياة السياسية، وسعى إلى تفتيت التحالفات.

وساعده على ذلك صدور أحكام من المحكمة الدستورية بعدم دستورية نظام القوائم النسبية، ليعود العمل بالنظام الفردي بصدور القانون رقم 206 لسنة 1990م، ما حدّ من فرص القوى المنظمة كالإخوان.

الإخوان والنقابات المهنية

مع تزايد نفوذهم، بدأ الإخوان ينافسون بقوة في النقابات المهنية، وحققوا نجاحاً ملحوظاً في نقابات مثل الأطباء، المحامين، والمهندسين.

هذا النجاح أثار قلق النظام، الذي حاول احتواءهم دون جدوى، فاتجه إلى الأدوات القانونية، وكان أبرزها القانون رقم 100 لسنة 1993م المنظم لانتخابات النقابات.

وقد أدى القانون عملياً إلى تجميد الانتخابات في النقابات الكبرى التي كان يسيطر على مجالسها الإخوان (الأطباء، المهندسين، الصيادلة، المحامين …إلخ).

كما عمل النظام على تحجيم النشاط الطلابي الإسلامي داخل الجامعات، خصوصاً بعد انتخابات اتحاد الطلاب عام 1982م.

حالة الطوارئ وصدام النظام مع المجتمع

من أبرز عوامل الصدام بين النظام والمجتمع عامةً، استمرار العمل بقانون الطوارئ الذي أُعلن عقب اغتيال السادات في 6 أكتوبر 1981م.

وقد جُددت حالة الطوارئ سنوياً حتى مايو 1988، ثم أصبحت تجدد كل ثلاث سنوات: 1991، 1994، 1997، 2000، 2003، 2006، ثم استمر التجديد حتى استُبدل بقانون الإرهاب.

والملاحظ أن إعلان حالة الطوارئ في مصر قبل 1952 كان مرتبطاً فقط بالحروب أو الكوارث الكبرى (مثل حريق القاهرة 1952).

أما منذ الثمانينيات، فقد ارتبط إعلانها بأسباب داخلية تتعلق بالأمن الداخلي وحده، ما جعلها أداة مستمرة للسيطرة السياسية رغم آثارها السلبية على المجتمع.

وللقصة بقية المقال القادم



أسباب صدام الحكومات المصرية المتعاقبة مع جماعة الإخوان المسلمين (9)


أسباب صدام الحكومات مع جماعة الإخوان المسلمين (8)


أسباب صدام الحكومات مع جماعة الإخوان المسلمين (7)


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق