تعاملت المؤسسة العسكرية منذ أول لحظة من اندلاع الثورة المصرية في 25 يناير 2011م، بخطة محكمة مدروسة حتى تصل في نهاية الأمر إلى إعادة تموضعها مرة أخرى والسيطرة على زمام الأمور من جديد.
حتى وإن تعاملت المؤسسة العسكرية بشكل إيجابي مع الثوار في بداية الثورة وكانت عامل ضغط على الرئيس الأسبق حسني مبارك للتخلي عن الحكم لوجود مصالح كانت تبحث عنها المؤسسة العسكرية في أواخر مدة حكمه، من العمل على “عدم المضي قدماً في مشروع التوريث”.
إلا أن تلك الخطوات كانت محسوبة بدقة واتضح هذا جلياً في تفتيت القوى الثورية من خلال “صناعة الفرقة” التي عملت عليها المؤسسة العسكرية منذ تولي المجلس العسكري برئاسة المشير محمد حسين طنطاوي إدارة البلاد في 11 فبراير 2011م، بما في ذلك ما حدث في الاستفتاء على التعديلات الدستورية في مارس 2011م، والانتخابات البرلمانية لمجلسي الشعب والشوري نهاية عام 2011م ثم الانتخابات الرئاسية في جولتيها في مايو- يونيو 2012م.
واستمرت تلك الخطة في التعامل مع الرئيس محمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب حكم الدولة المصرية، منذ اللحظات الأولى من توليه الحكم في يونيو 2012م؛ فوضعوا أمامه العقبات، وصنعوا له الأزمات لخلق حالة من الضجر الشعبي عليه، حتى يصبح مطلب رحيل النظام مطلباً شعبياً يشكل غطاءً للمجلس العسكري لتدخل الجيش والانقضاض على الحكم من جديد بعد التخلص من أول تجربة ديمقراطية حقيقية شهدتها الدولة المصرية.
جدير بالذكر أنه عند قراءة الانقلابات العسكرية التي تمت في مصر وهي على الترتيب: انقلاب 1952م، ووقوف الجيش مع ثورة يناير للانقلاب على مبارك، ثم انقلاب 03 يوليو 2013م، نرى أن الجيش كان يأخذ حراك الشارع ستاراً من أجل التحرك وتحقيق أهدافه، ولكن الضجر الشعبي والحراك في الميادين كان حقيقياً عام 2011م، ولكن في انقلاب 2013م، صنع الجيش ظهيراً شعبياً حتى يكون مبرراً لحراكه، ومن أجل هذا أنشأت المخابرات الحربية حركة تمرد ومولتها دولة الإمارات لتصبح هي الغلاف كحركة شبابية تقود الحراك.
قبل البدء في الكتابة حول ذلك الموضوع، الذي أحاول من خلاله أن أقدم تفسيراً لبعض أهم الأحداث في مرحلة هامة في تاريخ الدولة المصرية، وتحديداً فترة ما قبل يوليو 2013م، ومحاولة الكشف عن المسارات التي وضعتها قيادات المؤسسة العسكرية، لتصل في نهاية المطاف للقضاء على أول تجربة ديمقراطية شهدتها الدولة المصرية، وصولاً إلى مايو 2014م، بتنصيب عبدالفتاح السيسي على رأس الدولة، وما نتج عن هذا التنصيب وما أحدثه من تافقات وخلافات داخل المؤسسة العسكرية والأجهزة السيادية، أود أن أشير إلى أن بعض المعلومات التي ستذكر في هذه السطور ، هي نتاج لمقابلات مع بعض المطلعين على تلك المرحلة من العسكريين السابقين، بطرق مباشرة، وغير مباشرة.

أولاً: أسباب وقوف الجيش مع ثورة يناير:

قبل الدخول في مرحلة فترة حكم الرئيس محمد مرسي، يجب الوقوف على أسباب وقوف الجيش مع ثورة يناير، ومن وجهة نظر الباحث، أنه لولا وقوف الجيش المصري الإيجابي مع ثورة يناير ما كان لحكم الرئيس الأسبق حسني مبارك أن ينتهي.
ويرى الباحث أن هناك عدة نقاط هامة كانت ضمن أسباب وقوف الجيش المصري مع ثورة يناير وإجبار مبارك على التخلي عن الحكم، هي:
  1. عدم شعور الجيش بتوجه الاحتجاجات نحوه بشكل مباشر، وهذا بسبب أن الجيش المصري لم يكن أداة من أدوات النظام لقمع الشعب أو المعارضة أيام مبارك، على الرغم من كونه حامياً للنظام.
  2. عدم تأييد الجيش للتوريث لأن في ذلك خروجاً على مبدأ “الحاكم ذي الخلفية العسكرية”، بالإضافة إلى أن التوريث يهدد امتيازات الجيش، وتقديره أن الاحتجاجات ستوقف التوريث فقط، وأنه قادر على استعادة زمام الأمور مرة أخرى.
  3. اتصاف الثورة بالشعبية منذ جمعة الغضب 28 يناير 2011م، وسلميتها.[1]
تلك الأسباب من وجهة نظري، فضلاً عن وجود إشارات واضحة من الولايات المتحدة الأمريكية تفيد بعدم الوقوف أمام التغيير، كانت الدافع الأساس لوقوف الجيش مع ثورة يناير، ولا أرى أن الجيش وقف مع ثورة يناير 2011م من أجل تحقيق تحول ديمقراطي حقيقي، أو ليصبح الحكم حكماً مدنياً متعاقباً، ويعود الجيش إلى مهامه المنوط بها في حماية البلاد من المخاطر والتهديدات؛ وربما هذا ما يفسر أسباب وقوف الجيش ضد الرئيس محمد مرسي من أول لحظات حكمه، إذ يرى العسكريون ممن أُجريت المقابلات معهم، أنه لو فاز أحمد شفيق على الرئيس الأسبق مرسي في جولة الإعادة يونيو 2012م، لكان تعامل الجيش معه مختلفاً تماماً، إذ قال أحد العسكريين “هؤلاء لم ولن يسمحوا أبدأ أن يحكم مصر رئيس مدني، ولن يعطوا التحية العسكرية أبداً لشخص ذي قميص وبنطال”.
أود أن أشير هنا إلى نقطة هامة، لم يتطرق لها الكثيرون، فالمجلس العسكري الذي كان يتكون من 24 عضواً أثناء ثورة يناير 2011م، كانوا جميعاً بلا استثناء، نظرياً وبدون أي خلاف حول هذا الأمر، مع رحيل مبارك من أجل التخلص من قصة التوريث التي كان مبارك يجهز لها حتى يصبح جمال مبارك رئيساً لمصر؛ ولكن كانت هناك وجهتا نظر داخل المجلس:

وجهة النظر الأولى: كانت ترى استغلال الحراك للتخلص من مبارك، وملف التوريث.

وجهة النظر الثانية: كانت ترى أن خروج مبارك في توقيت ثورة يناير 2011م سيدفع الناس للتجرؤ على منظومة الحكم العسكري ويصبح الحراك عادة يقوم بها الشعب في الفترات المقبلة، وهذا سيكون تهديداً حقيقياً للحكم العسكري على المدى القريب والبعيد، وكانوا يرون مواجهة الحراك بالقوة وكان اللواء حسن الرويني قائد المنطقة المركزية وقت ثورة يناير 2011م، يتبنى وجهة النظر تلك.[2]
جدير بالذكر أن مبارك كان يسير على نفس المنهاج الذي أسسه عبدالناصر منذ عام 1954م، وسار عليه أنور السادات الذي خلفه في الحكم عام 1970م، فكانت المؤسسة العسكرية مستقلة عن مؤسسة الرئاسة، وكانت الدولة المصرية تُدار عن طريق مؤسستين هما مؤسسة الرئاسة والمؤسسة العسكرية، ولكن القائد الأعلى لتلك المؤسستين هو رئيس الدولة والذي كان يعطي لكل مؤسسة أدوار اً معينة، لذلك كانت المؤسسة العسكرية بشكل فعلي شريكة في الحكم ولها صلاحيات وأدوار في مختلف الملفات، ولم تكن لها الكلمة العليا في إدارة شئون البلاد.

ثانياً: المؤسسة العسكرية بعد ثورة يناير “فترة المجلس العسكري”:

تنحى حسني مبارك، وفوض المجلس الأعلى للقوات المسلحة لإدارة شئون البلاد، في 11 فبراير 2011م، ومنذ تلك اللحظة الفارقة مضت قيادات المجلس العسكري قدماً في تنفيذ مخططها المدروس لكي تمسك بزمام الأمور مرة أخرى.
المخطط بالأساس كان يسعى لتحقيق عدة أهداف بشكل متوازٍ، للتحكم في السلطة عن طريق “انقلاب ناعم” على ثورة يناير، كان من أبرز خطوات ذلك المخطط:
  1. تنفيذ استراتيجية “صناعة الفرقة” بين رفقاء الميدان من الإسلاميين والليبراليين وكافة القوى المدنية الأخرى، فالمجلس العسكري عمل على تفتيت تلك القوى إعمالاً لمبدأ “فرق تسد”. تلك الاستراتيجية كانت تعتمد بالأساس على التقارب في بداية الأمر مع القوى الإسلامية وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين كما حدث في استفتاء مارس 2011م، فالمؤسسة العسكرية صورت الأمر على أن تفاهمات وتوافقات جرت بين الجيش والإسلاميين، بشكل عام في الموافقة على التعديلات الدستورية التي كانت ترفضها أغلبية القوى المدنية والثورية، حتى يحدث ذلك شرخاً بين القوى الإسلامية والقوى المدنية والعلمانية والثورية (من خلال الحديث عن التقارب بين القوى الإسلامية والمؤسسة العسكرية) وتقف تلك القوى في صف المعارضة للقوى الإسلامية وتصطف لمواجهتها.
    وبعد إحداث ذلك الشرخ تتباعد المؤسسة العسكرية شيئاً فشيئاً من القوى الإسلامية حتى تكون أقرب للقوى المدنية والقوى الأخرى لكي يقفوا أمام القوى الإسلامية التي أصبحت تقف وحيدة. فكانت خطة المؤسسة العسكرية المدروسة في التعامل مع الملف السياسي تهدف أولاً إلى القضاء على أكبر فصيل سياسي شارك في الثورة، وبعد ذلك تتخلص من القوى الأخرى شيئاً فشيئاً من حيث الأهمية، وهذا ما حدث بالفعل.
  2. فرض إعلانات ووثائق فوق دستورية تعطي المؤسسة العسكرية، صلاحيات وامتيازات، تمكنها من إدارة المرحلة بشكل منفرد، لذلك أصدر المجلس العسكري الإعلان الدستوري المكمل في يونيو 2012 الذي كان بمثابة انقلاب على الثورة، بعد وثيقة السلمي التي صدرت في النصف الثاني من عام 2011، والتي صيغت “بالتنسيق مع الجيش” وكانت تهدف إلى “دسترة” السيطرة العسكرية على الأمور في البلاد.
  3. إفشال وتعطيل المؤسسات المنتخبة التي ستأتي بها الثورة، ولذلك عمل المجلس العسكري على حل مجلس الشعب الذي انتُخب بعد ثورة يناير، لضمان استمرارية المؤسسة العسكرية في سيطرتها على الأوضاع بالسيطرة على السلطة التشريعية، ومحاولة إطالة المرحلة الانتقالية، ولكي تظل السلطة التنفيذية والتشريعية في يد المؤسسة العسكرية.
  4. حسم الانتخابات الرئاسية لصالح مرشح تدعمه المؤسسة العسكرية، على أن يكون رجلاً ذا خلفية عسكرية، وأكد البعض في تلك الجلسات، أن المؤسسة العسكرية قدمت كل أنواع الدعم للفريق أحمد شفيق حتى يكون هو الفائز في الانتخابات الرئاسية في مايو 2012م، ولكن بسبب ارتباط أحمد شفيق بمنظومة حسني مبارك التي قامت الثورة للقضاء على رموزها، فضلاً عن شعبية جماعة الإخوان داخل الشارع المصري في ذلك الوقت، كانت النتيجة لصالح الرئيس محمد مرسي.
ويرى البعض أن المؤسسة العسكرية رأت في ذلك التوقيت، ربما بضغوط خارجية، أن تزوير الانتخابات سيكون خطئاً استراتيجياً، وسيُدخل الدولة في حالة فوضى، وسيكون الضرر على المؤسسة العسكرية أكثر من نفعه، وكانت تري أن المنطقة ما زالت تمر بحالة ثورية، وبالتالي رأت تأجيل المواجهة لوقت آخر، مع إيمانها بقدرتها على إنهاء حكم الإخوان في أسرع وقت.

ثالثاً: المؤسسة العسكرية وحكم الرئيس مرسي:

المؤسسة العسكرية منذ اللحظة الأولى لحكم الرئيس محمد مرسي، لم تتقبل ذلك الأمر، وكانت تخطط للوصول إلى اللحظة الحاسمة التي تنهي فيها تلك التجربة، وتعطي درساً لمن يحاول أن يسير على نفس المنوال مرة أخرى.
قال لي أحد العسكريين إنن أغسطس 2012م كان تاريخاً هاماً داخل المؤسسة العسكرية، وصراعهم مع التجربة الديمقراطية، وتحديداً عند إقالة المشير محمد حسين طنطاوي من منصبه كوزير للدفاع، والفريق سامي عنان من منصبة كرئيس للأركان، وكذلك قادة الأفرع الرئيسية بالجيش المصري، أسباب تلك الإقالات وتحديداً إقالة كل من المشير طنطاوي والفريق عنان يتحدث عنها الكثيرون، ولكن من وجهة نظري الرواية الصحيحة التي دفعت الرئيس مرسي للإطاحة بالمشير طنطاوي لم تُروَ إلى الآن.
وبناء على ما ذكره بعض العسكريين السابقين، فإن قرار إقالة المشير طنطاوي، سبّب ضجراً كبيراً داخل الجيش المصري، في مختلف المستويات “قيادات، ضباط” وهذا بسبب أن طنطاوي بالأساس له رصيد وشعبية داخل المؤسسة العسكرية فهو صاحب أكبر فترة يقضيها وزير دفاع داخل الجيش المصري “1991-2012”، فضلاً عما عدوه من الرئيس مرسي “تجاوزاً لحدوده”، وذلك القرار استغلته قيادات الجيش فيما كانت تردده بعد ثورة يناير، بما في ذلك المشير طنطاوي نفسه واللواء حسن الرويني[3]، أن الثورة تهدف إلى هدم وتفكيك الجيش. وبعد ذلك القرار كانت الندوات التثقيفية داخل الجيش الخاصة بالضباط تؤكد أن الرئيس مرسي وجماعة الإخوان يهدفون إلى السيطرة على الجيش أو هدمه، وأن هذه القرارات جاءت من أجل تحقيق أهدافهم تلك وأن قادة الجيش لن تسمح بذلك المخطط.
إذن فمعظم قيادات الجيش كانت مع قرار إنهاء حكم الرئيس محمد مرسي، إلا أن قرار الرئيس مرسي “غير المدروس” بتعيين مدير المخابرات الحربية “عبدالفتاح السيسي” وزيراً للدفاع في أغسطس 2012م، ساعد وأسهم كثيراً في تضييق الخناق عليه بشكل أكبر.
الغريب في تلك الواقعة كما يصفها العسكريون، أنها كانت سابقة في التاريخ المصري الحديث أن يصبح مدير مخابرات حربية وزيراً للدفاع، بل عادة ما ينصح الأمنيون والعسكريون أن مديري المخابرات لا يجب أن يتولوا بعد خروجهم من مناصبهم مهاماً كمهام وزير الدفاع أو رئيس أركان، لأن مديري المخابرات تكون لديهم معلومات هامة ومفصلية عن الدولة، وإذا عينوا بعد خروجهم من مناصبهم في مناصب أعلى كوزراء دفاع أو رؤساء أركان وأصبح لهم صلاحيات بتحريك قوات فهذا خطأ استراتيجي كبير لأنهم سيصبحون ذوي قدرات وإمكانيات تؤهلهم للقيام بأي عمل ضد رأس السلطة في أوقات الاختلاف، وهذا ما فعله السيسي، ولكن مع غياب المعلومة يصبح كل شيء محتملاً، ويبدو أن الرئيس محمد مرسي ومساعديه لم يكن لديهم هذا الإدراك، و لا زالت حيثيات اختيار السيسي تحديدا لهذا المنصب من الأمور التي لم يكشف عنها النقاب حتى الان.
تشير الدلائل والمعلومات المتوافرة من مصادرنا المختلفة أن الجيش قد حسم القرار بشكل نهائي ووضع الجدول الزمني لرحيل نظام الرئيس مرسي في أوائل يونيو 2013م، ولكن ما قيل لي في أحد المقابلات، أن المجلس العسكري المكون من 24 عضو في يونيو 2013م، كانت خطته بعد الإطاحة بالرئيس محمد مرسي أن يكون البديل رجلا عسكريا أخر، ولم يطرح اسم السيسي بأي شكل من الأشكال أنه سيكون هو ذلك الرجل العسكري الذي سيتولى الحكم بعد الانقلاب.

رابعاً: ما بعد 03 يوليو 2013م:

بعد تحقيق الهدف الأساس في 03 يوليو 2013م، بزغت بذور الخلافات بين قيادات الجيش المصري، وظهر لبعض قيادات المجلس العسكري أن خطة يوليو 2013م، تلك الخطة الحقيقية، كان يعلمها السيسي وطنطاوي بالأساس ومعهم عدد قليل من قيادات المجلس العسكري، وتلك الخطة كانت تهدف لتصعيد السيسي وليس غيره رئيساً للجمهورية، وهو ما لم يرحب به لاحقا بعض قيادات المجلس العسكري “حالية كانت أو مستدعاة” لأنها كانت ترى بأحقية وصولها إلى هذا المنصب، أو بأن السيسي لا يتميز عليهم بشيء يبرر تفضيله.
وكانت وجهة النظر السائدة أن يبقى السيسي في منصبه ويحصن، ولذلك مُرر قانون تحصين وزير الدفاع في ذلك التوقيت، ولكن السيسي واصل الاستمرار في خطته حتى يصل في نهاية الأمر لتحقيق مبتغاه وحلمه الذي تحدث عنه مع الصحفي ياسر رزق في ذلك التوقيت وسُرب: “حلمت إني كنت مع السادات بكلمه وقالي أنا كنت عارف إني هبقى رئيس الجمهورية، وقلت له: وأنا كمان عارف إني هبقى رئيس جمهورية”، و يرى البعض أن لقاء السيسي مع الصحفي ياسر رزق في ذلك التوقيت كان تمهيداً من السيسي للشعب بأنه سيكون الرئيس القادم، وذلك بعد نفيه أكثر من مرة أنه لا يطمع في الحكم.[4]
الخلاف بين قيادات المجلس العسكري في ذلك التوقيت، لم يكن حول سيطرة الحكم العسكري، فمعظمهم كانوا يرون وجوب عودة السيطرة العسكرية سواء بشكل مباشر أو من وراء ستار، ولكن الاختلاف كان حول من هو الحاكم الذي سيتولى الحكم. ويري البعض أن المواجهة بين الطرفين، الطرف غير المرحب بالسيسي وطرف السيسي ومن معه ويتفقون معه في خطته بدأت مباشرة بعد فترة قليلة من أحداث 03 يوليو 201م، وما صرح به اللواء أحمد وصفي قائد الجيش الثاني “الأسبق” مع عمرو أديب بعد 03 يوليو 2013م: “لو السيسي أخذ رتبة زيادة أو اترشح للرئاسة قولوا انقلاب عسكري”.
كانوا يرون أنها رسالة للسيسي بأنهم مصرون على تنفيذ الاتفاق بأنه لن يكون البديل[5]، وحرصوا أنها تكون رسالة عن طريق الإعلام حتى يسببوا له إحراجاً أمام الشعب لو استمر في مخططه ورشح نفسه، وكان عنان من الأسماء المطروحة لتولي زمام الأمور في 2014م، لذلك رشح عنان نفسه في انتخابات 2014م، ولكنه تراجع بسبب الضغط الذي مورس عليه. إلا أن المجلس العسكري في 2014م، صوت لصالح السيسي وليس لعنان للترشح لانتخابات الرئاسة في 2014م، بناء على دور كبير لعبه المشير حسين طنطاوي وما لديه من رصيد عند كلا الطرفين، وهو من أقنع معظم أعضاء المجلس العسكري والمستدعين في حينه بالتصويت للسيسي كي يكون هو مرشح المؤسسة في 2014م.

انتظرونا في الجزء الثاني

المصدر: مجلة كلمة حق

الهامش

  1. قراءة في كتاب العلاقات المدنية – العسكرية والتحول الديموقراطي في مصر بعد ثورة 25 يناير، نون بوست، تاريخ النشر 03 يوليو 2016م،تاريخ الدخول 10 سبتمبر 2018م
  2. المرصد العسكري – 31 يناير 2020، محمود جمال، المرصد، الرابط
  3. التسـريب الكامل لعضو المجلس العـسـكري اللواء حسن الرويني – (الرابط)
  4. السيسي حلم بأنه الرئيس المقبل
  5. اللواء أحمد وصفي في لقاء سابق: لو السيسي أخذ رتبة زيادة أو اترشح للرئاسة قولوا انقلاب عسكري