الخميس، 18 يونيو 2020

ربيع الكلمات

لا تستغنوا عن الوافدين الآن!

ربيع الكلمات
    عبدالعزيز الكندري

الهجوم على الوافدين هذه الأيام أصبح السمة البارزة لدى الأغلب، سواء من المسؤول أو المرشح الذي يطمح إلى الكرسي الأخضر أو حتى من المواطن، وبحجة أن الكويتي أحق من الوافد، فيجب عدم إعطائهم حقوقهم، والبعض الآخر يرفض الاستعانة بالمستشارين الوافدين بحجة وجود كفاءات كويتية.
شخصياً مع إعطاء الفرصة للكفاءات الكويتية، ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب، ولكن لماذا عندما نتعامل مع المال العام نتصرف بعدم مبالاة أو اهتمام، بينما عندما نتعامل مع أموالنا الخاصة نحرص كل الحرص على تنميتها وفق أفضل الممارسات، وبغض النظر عن جنسية من يدير أموالنا الخاصة!
وعندما نفتح مشاريع صغيرة نحاول تنمية المشروع وجلب الكفاءات من دون النظر إلى الجنسية، أما الوظيفة العامة ففي الغالب نريد المعاش من دون عناء أو جهد يذكر، وهذا الأمر لايصح ولا يستقيم، ولو نظرنا إلى أفضل الشركات العالمية نجد أن من يديرها هم من الجنسية الآسيوية، والسبب أنهم ينظرون إلى الكفاءة بعيداً عن أي أمر آخر.
ونقول بكل وضوح إن الوافد اليوم أصبح الحلقة الأضعف في أي مشكلة تحدث، فدائماً ما يتم إلقاء المشكلة على الوافد، وكون الوافد لا صوت له ولا أثر في الانتخابات ولن يخسر النائب أي صوت انتخابي، فتجد النواب يلقون عليه اللائمة ويصبح هو الشماعة لأي مشكلة تحدث، وهذا بعيد كل البعد عن الإنصاف الذي أصبح جداً عزيزاً في هذه الأيام.
الذي يتحدث عن تكويت الوظائف، هل تطرق لمشكلة تجار الإقامات الذين أخذوا كل ما يملك من هذا المسكين وتركوه في الشارع من دون حسيب أو رقيب؟ الوافدون ليسوا لوناً وشكلاً واحداً، هناك وافدون مخلصون في وظائف جداً مهمة، ونحن في أمس الحاجة لهم، مثل الأطباء والمعلمين والمستشارين الذين لديهم أحكام جاهزه ووجودهم ضروي لعدم تعطل هذه الأحكام، والمخلص والمجتهد منهم يجب أن نحافظ عليه، سواء كان في القطاع الحكومي أو الشركات، لأنه يمثل عنصراً أساسياً في نمو البلد، أما العنصر غير الجيد والمهمل وغير الملتزم والذي يتسبب بالمشاكل هذا يجب أن يعاقب، سواء كان وافداً أو مواطناً.
وتسعى معظم دول العالم إلى استقطاب الكفاءات إليها وتوفير الراحة والاستقرار لهم، حتى يستطيعوا تأدية أعمالهم بكل كفاءة، نعم قد تكون هناك مشاكل ناجمة عن البعض، والخطأ الذي يصدر من الوافد يجب أن يحاسب عليه وحده وهذا حق للدولة لملاحقة المخالفين وليس يسلط الضوء على فئة كاملة، ويجب أن نعرف أن الوافد لا يأتي إلا من خلال كفيل كويتي، وتنظيم سوق العمل من جديد يحتاج وقفة جادة وقراءة الموضوع من شتى جوانبه، لا أن نوجه سهام الاتهام إلى العمالة الوافدة في كل مناسبة تذكر، ويجب حل المشكلة بعيداً عن الإعلام والتعاطي العافي مع المسألة الحساسة، والاستغناء عن الوافدين بهذه الصورة يسبب مشاكل كثيرة للمواطنين من تأخر المشاريع وزيادة الأسعار.
إن النظرة السلبية إلى العمالة الوافدة أدت إلى اتخاذ بعض الإجراءات السلبية تجاههم، خصوصاً من خلال التركيز الإعلامي على بعض الحالات الفردية أو زيادة الأعباء المالية عليهم، ويجب التعامل مع الموضوع بكل إنصاف وحيادية ولأنهم شريك أساسي في المجتمع الكويتي، وتخيل لو أن هذه البلدان التي تأتي منها العمالة الوافدة أوقفت إيفاد هذه العمالة إلينا فكيف سنتصرف.
نحن اليوم نعيش ثمن إهمال ملفات مهمة لسنوات طويلة مثل الهدر المالي والأمن الغذائي نتيجة توزيع المزارع بشكل عشوائي، والتعليم الإلكتروني والتعيينات الباراشوتية، ولكن يبقى السؤال هل سنتعلم من الدرس أم سنتهم الحلقة الأضعف الوافد بكل مشاكلنا؟!، لذلك كفانا عنصرية والحديث السلبي عن الوافدين، خصوصاً وأنهم موجودون في الصفوف الأمامية وقدموا أرواحهم مقابل التزامهم بواجبهم الإنساني النبيل، سواء كانوا من الهند أو الفيلبين أو مصر... رحمهم الله جميعاً.

akandary@gmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق