الخميس، 25 يونيو 2020

حدَثَ في جمهوريةِ ظلمِسْتَان 3

حدَثَ في جمهوريةِ ظلمِسْتَان

أ.د/ جابر قميحة

gkomeha@gmail.com


( 3 )

رحلة صيد للسلطان

اسم الدولة : ظلمُـستانْ

حاكمها الأعلى : بـَهمـان
هو الدستورُ
هو القانونُ
هو السلطانْ
**********
في الصُّبحِية
خرج السلطانْ بهمانْ
في رحلةِ صيد برية
فهوايته صيدْ الطيرْ
وبصحبته بعضٌ من أصحابِ السلطةِ والحيثيهْ
أطلق طلقـتَهُ الأولى
 فأصابَ الطائرَ في مقتلْ
سقط الطائرُ يسبقه دمُه المسفوحْ
سأل السلطانُ رئيسََ الوزراءْ
ما رأيُك فيما شاهدتمْ
فأجابَ
 بوجهٍ يكسوه الإعجابْ   
ماشاء الله ياسلطانْ !!!
أصبتَ الطائرَ في مقتلْ
ماشاء الله !!!
**********
وجه بهمانُ المختالُ الزاهِي
 ثاني الطلقاتِ لطير آخرْ
 فأصاب الطائرَ في مقتلْ
سقط الطائرُ يسبقه دمُه المسفوحْ
سأل السلطان رئيسَ الحرس الأمنِيْ :
مارأيك فيما شاهدتم ؟
فأجابَ
بوجهٍ يكسوه الإعجابْ  
ماشاء الله يا سلطان !!!
أصبت الطائر في مقتل
ماشاء الله !!!
**********
وجه بهمانُ المختالُ الزاهِي
 ثالثة الطلقاتِ لطير ثالثْ
... أخطأهُ
 والطائرُ واصلَ طيرانَهْ
سأل السلطان بهمان :
مارأيك يا "سيدَ" كلِّ  شيوخ المعبدِ والأركانْ ...
فيما شاهدت الآن ؟
فأجابَ بإعجابٍ فياضْ :
ماشاء الله يا سلطانْ !!!
أصبتَ الطائرَ في مقتلْ
لكني أشهدُ معجزةً :
بركاتك حلتْ في الطائرْ ...
... منحته الطاقة والقدرة
فانطلقَ ـ وهْو المقتولْ ـ
ليواصل رحلتَهُ بأمان
ماشاء اللهُ يا سلطانْ !!!
ماشاء الله يا سلطان !!!

( 4 )
من أبوك
اسم الدولة : ظلمُـستانْ
حاكمها الأعلى : بـَهمـان
هو الدستورُ
هو القانونُ
هو السلطانْ
**********
في إحدى غابات الدولة
تحيا قطعان الغزلانْ
الأرض مروجٌ خضراءْ
وحدائق غلبٌ غنَّـاء
وجداولُ ماءْ
والجو عطورٌ وصفاءْ
والغابةُ حيث الغزلان ...
في ظل أمانٍ وسلامْ
وعلائق حبِّ ووئام
لكنَّ بقاءَ الحالِ كما قالوا :
أملٌ ... وخيالٌ ... ومُـحالْ
***********
في صبحةِ يوم مشئومٍ
نزلَ الغابةَ بغلٌ هائلْ
وأقام مقرا ... شـيَّدهُ
من خشبِ الزانْ
والسندان
 والسورُ العاتـي صوَّان
معروش بغصون البانْ
فاسترعي نظرَ الغزلانْ
واقتربت منه القطعانْ
فرماها البغل الهائلُ بالنظر المسعورِ الغضبان
وبساقَـيـْهِ ... بأقصَى قوة
أطلق رفساتٍ ناريةْ
فأثارت حجرا...وغبارا
أفسد كل هواءِ الغابةْ
هذا إعلانٌ بالتهديدْ
كي يرهبَ كل الغزلانْ
**********
الرعب يسود الغابة في كل مكان
والبغل العربيدُ يتوجُ نفسَهْ
ليكون على الغابة حاكمَها الأعلى
...سلطانا من غيرِ منازعْ
**********
ذات صباح عكر ... مشئومْ
فُوجئَ كل الغزلانْ
" بالمنشور البغلاوي العالي " 
وكان النص الرسميُّ:
 " باسمي ... وأنا سلطان الغابة "
آمركم بالطاعةِ دون جدالْ
فأنا للحكام مثالْ
في التفكير ... وفي العدل ... وفي الحكمة والحكم
وفي كل مجالْ
وأنا الفذُّ القادرُ في حل العقدِ الكأداءْ
ومشاكلِ مخلوقاتِ اللهْ
من غزلانٍ ... أو آسادٍ ... أو أفيالْ
وإجابةِ أي سؤالْ
قأنا ذو النسبِ الفاخرْ
قد عشتُ شريفَ الأصلِ
حسيبـا ... ونسيبـا
لا يوجد في كونِ اللهْ ...
من يعجزني بسؤالٍ ... أيِّ سؤالْ
ولأنـي سلطان الغابة
أتبـنَّى العدلَ الشامل
أما الحريةُ فهْي لكم فـي كل مجال
وسأفتح صدري لنقاش ...أيِّ نقاشْ
 وسؤالٍ ...أيِّ سؤالْ
المؤتمرُ البغليُّ الغزلانـي
سيكونُ في الثالث والعشرين
من يوليو الجاري
************
في اليوم الموعودْ
يوم المؤتمر العام الشاملْ
سأل غزالٌ ذو علمٍ :
ـ يا سلطانْ ... ماذا تعني بالعدلِ الشاملْ ؟
وأجاب السلطانُ البغلْ :
ـ عدل لا يعرفُ تفريقـا بين الغزلان
عدل يلغي الظلمَ ... ويلغي القهرَ
وفيه الحاكمُ كالمحكومْ
**********
سأل غزال فيه شبابٌ وفتـوّةْ :
ـ  و الحريةُ  ... ماذا تعني في منظوركْ؟
فأجاب السلطان البغل :
ـ أن تتنفسْ
أن تختارْ
 أن تتكلمَ كيفَ تشاءْ
أن تعترضَ على الظالم والجبارْ
**********
 سأل غزالُ هرمٌ ... بـهدوءٍ ووقارْ :
ـ يا سلطانْ ...
أنتَ كما قلتَ حسيبٌ ونسيبْ
معذرة ... خبرنا مَن أمكْ ؟
فأجاب البغل السلطان :
ـ أمي فرس
من خير خيول السلطانِ الزاهي بـهمانْ 
أفتخرُ بـها في كل زمانٍ ومكانْ
قال السائل :
ـ معذرةً
هل تسمحُ لي بسؤال ثانٍ ؟
ـ هذا حقُّك ...
أنت مواطن ... هذا حقك
 ـ ياسيدَنا يا سلطانْ
ياذا الحسَبِ الفائق والنسبِ الزاهي
خبرنا بالله عليك ...
من أبوك ؟ ... من أبوك ؟
 ( فاضطرب  البغل السلطان ...
 وغدا مصفرَّ الوجهِ
ومرعوشَ البنيان )
وأخيـرا قالْ :
ـ آه ... آه ... خالـي هو الحصان
ـ ياسيدنا... ياسلطان ... أسألك عن الأب لا عن خال !!!
فأجاب السلطان : خالـي هو الحصان
حصانٌ رهَوانْ
( انطلق الغزلان في صوت جمعي ناري حاد
يـحكي البـركان ) :
من أبوك ؟ ... من أبوك ؟
من أبوك ؟ ... من أبوك ؟ 
من أبوك ؟ ... من أبوك ؟
***********
فزع البغلُ
وتراجع مقهورَ الـخُطواتْ
تطارده الغزلان
بقذائفَ من أحجارٍ كالنارْ
وتلاحقه اللعناتْ
ومن الأحجارِ النارية
أضحى البغل جراحا وكسورا
ودماءْ ...
ليعانقه الموتُ الأبدي ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق