الاستعمار الفكري لبلاد المسلمين

(التاريخ)


أمة لا تعرف تاريخها حُق عليها الاستعمار وأمة يُشوه تاريخها تحت ناظريها فل نقرأ عليها السلام وأمة صانت تاريخها وحفظته ودافعت عنه منعًا من التزوير والتشويه هي أمة تحترم ذاتها وتحترم أصولها وتسعى لحاضرها ومستقبلها، وأمة الإسلام بتاريخها البّراق تعرضت لحملات تشويه تاريخية ممنهجة، فما هي الفئات التي سعت للتشويه؟ وما الفترات التاريخية التي تعرضت للتشويه؟ وما هي أساليب هذا الإستعمار؟ وما الهدف؟ 
تعرض الجُهال للتاريخ الإسلامي بالتزوير والتشويه في محاولة منهم لقلب الحقائق ولعلك لا تطرح قضية تاريخية تتعلق بأمة الإسلام إلا وتجد فيها الجدل الواسع والجدال القائم ليس فقط بين أبناء الأمة وغيرهم فقد تعدى ليصل بين أبناء الأمة أنفسهم ليصل بنا الحال من الدفاع عن تاريخنا ضد أعداءنا إلى الدفاع عن تاريخنا من مهاجمة أبناءنا له.

1-الفئات التي سعت لتشويه التاريخ الإسلامي.

-المستشرقين:  أنبرى المستشرقين في تأليف الكتب والأبحاث وكتابة المقالات ولم يدعوا شخصية تاريخية أو فترة تاريخية إلا وتعرضوا لها بالتزوير والبهتان بدأ من خير خلق الله محمد صل الله عليه وسلم وصولًا إلى أواخر الخلافة العثمانية وشخص الخليفة عبدالحميد الثاني
-الشيعة: الشيعة التي شوهت العلاقة بين علي بن أبي طالب وصحابة رسول الله صل الله عليه وسلم وقامت بتصوير العلاقة على أنها علاقة صراع على مُلك ومشاحنات بين آل البيت وبين بني أمية، ولا يزالون إلى اليوم على ما عهدناهم فما دخلوا بلدة إلا وأفسدوها وأفسدوا عقول أبناء المسلمين فيها.
-الجُهّال:  تأثر العديد من الكتاب العرب بأفكار المستشرقين وبحملات التغريب للحضارة الإسلامية فهم كالجيفة في جسد الأمة، والمضحك أن قسم منهم لم يطلع أصلًا على تاريخ المسلمين بالكم الذي يسمح له أن يتحدث، ولكنه التقليد والتبعية والإنجراف مع التيار، فقد قال أحد الفلاسفة فيهم: حقدهم على الإسلام أنساهم أن يقرأو عن الإسلام!

2-الفترات التاريخية:

لم تسلم فترة تاريخية من الهجوم ولم يدع الغزاة خرم إبرة دون النظر فيه فجميع الدول الإسلامية نالت نصيبها، ومن النماذج على ذلك:
-الخلافة الراشدة: وأكثر من كتب التاريخ مُختلقًا فيه الأكاذيب في فترة الخلافة هم الشيعة ويقال لهم الروافض؛ لرفضهم الإقرار بخلافة أبو بكر الصديق رضي الله عنه وعمر بن الخطاب رضي الله عنه وعثمان بن عفان رضي الله عنه، وفيهم من الغلو ما وصل بهم إلى سب عِرض رسول الله صل الله عليه وسلم وأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وهذه بعض أقوالهم ومؤلفاتهم:
يقول الخميني في كتاب ((الطهارة)) الجزء الثالث صفحة 337: 
فلو خرج سلطان على أمير المؤمنين عليه السلام لا بعنوان التدين بل للمعارضة في الملك أو غرض آخر كعائشة وزبير وطلحة ومعاوية وأشباههم أو نصب أحد عداوة له أو لأحد من الأئمة عليهم السلام لا بعنوان التدين بل لعداوة قريش أو بني هاشم أو العرب أو لأجل كونه قاتل ولده أو أبيه أو غير ذلك لا يوجب ظاهرا شئ منها نجاسة ظاهرية. وإن كانوا أخبث من الكلاب والخنازير لعدم دليل من إجماع أو أخبار عليه.
-الدولة الأموية: أنطلق الأمويون في الفتوحات فوصلوا إلى الصين شرقًا وإلى الأندلس غربًا ودخلوا أراضي فرنسا، وقد ذكر كتاب البداية والنهاية لابن كثير سوق الجهاد الذي كان في عهد بني أمية الجزء التاسع صفحة 96 قائلا: “كانت سوق الجهاد قائمة في بني أمية ليس لهم شغل إلا ذلك، قد علت كلمة الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها، وبرها وبحرها. وقد أذلوا الكفر وأهله، وامتلأت قلوب المشركين من المسلمين رعبا، لا يتوجه المسلمون إلى قطر من الأقطار إلا أخذوه.
فأورثت الفتوحات في نفوس المستشرقين حقدًا على الدولة العظيمة التي هزمتهم في أرضهم وأنارت شمس الإسلام في شتى بقاع الأرض فهددت ملوكهم وارهبت جيوشهم، ومن ادعاءات المستشرقي في حق الخليفة عبد الملك بن مروان، يقول فليب حتي في كتابه تاريخ العرب المطول: قد ابتنى في بيت المقدس قبة الصخرة، وكان غرضه أن يحول إليها أفواج الحجاج من مكة.
-الدولة العثمانية: الدولة الإسلامية التي نالت الكم الأكبر من الأكاذيب لقرب عهدها إلينا ولوقوفها عقبة في وجه الأوروبيين لعقود طويلة، فأرادوا بعد أن استطاعوا القضاء عليها، أوهام المسلمين بأنها دولة الشيطان والغرب هم الملائكة والمُخلّصون، مبررين بذلك جميع حروبهم على العثمانيين، ومن النماذج التي تطرق إليها كتاب الدولة العليا العثمانية للمحامي محمد فريد بك صفحة 13، السلطان عبد الحميد الثاني، مطلقين عليه لقب غلادستون إشارة منهم إلى أنه المجرم الكبير، ولقب السلطان الأحمر، وآخر الأقاويل وأنا أدون هذه الكلمات ما صدر عن دار الإفتاء المصرية واصفةً فتح القسطنطينية بالإحتلال العثماني.

3-الأهداف:

  • القضاء على النموذج: تقتدي الأمم ببعضها وتستقي من تاريخها وتاريخ أمم غيرها وتتأثر الجماعات بمن سبقوهم من أجدادهم أو أسلاف غيرهم، والأمة الإسلامية لتاريخها عِبر ومسلك ونهج سار عليه من سبقوهم وإن حدثت بعض الإنحرافات فالعاقل من يسارع للعودة إلى النموذج التاريخي للسلف الصالح وكيف كانت سياستهم في الحكم وكيف استطاعت بني أمية صناعة المجد لنفسها وما قدمه السلف من كُتب ونماذج مشرقة والطاعن في هذا الموضع يسعى لإقصاء النموذج وتقديم غيره من علمانية الغرب وشيوعية السوفيات ونماذج علمانية وخلط الأوراق، فأصبح المسلم شيوعي ومسلم آخر علماني ومسلم ليبرالي ولا يرى في تاريخه نموذج  يقتدي به.
  • الإنتماء: يُصور التاريخ الإسلامي بشكل مخزي ليشعر المسلم بحالة من عدم الإنتماء لأمته وتتولد في داخله انتماءات مختلفة مشتتة فلا يعد نفسه مع أي أمة وإن إدعى ذلك فأفعاله وأقواله توحي إلى غير ذاك، والناظر في أحوال بعض المسلمين لا يجد في نفس أحدهم غضبة ولا صيحة إذا ما تهجم أحدهم على العقيدة الإسلامية أو أساء للدين بقول أو فعل، وعند ذكر العباسيين أو الأمويين لا تجد في بعض النفوس حالة الفخر والإعتزاز مقارنة مع ذكرك للفراعنة وما يتبادر للذهن من حضارة الأهرامات والتحنيط، فالصورة الذهنية للتاريخ الإسلامي صورة مشوهة.
  • التبعية:  التبعية التاريخية وإقناع دهماء الناس بالتجربة التاريخية لأوروبا وعلمانيتها والنظر إليهم وإتباع الطريق الذي سلكوه وإقصاء الدين جانبًا وتمرير الشعارات الزائفة والإعتقاد التام بصحة ما هو غربي التاريخ فجيفارا بطل لا خلاف عليه وغاندي أسطورة لا غبار عليها وماركس مُنظر عالمي ونأخذ عنهم دون تردد ونرفع شعاراتهم ونتخذ من صورهم أغلفة لصفحاتنا على مواقع التواصل، أما البخاري فهو شخصية مختلف عليها والسنة النبوية واقوال الرسول صل الله عليه وسلم هي أقوال لعصره فقط ونحن نعيش في زمن الحداثة وما بعد الحداثة!