أسامة جاويش
السبت، 13 يونيو 2020
"حُق لك يا قلب أن تسعد، رزقك الله شهيدين وأسيرا وملايين القلوب تدعو لنا، كل عام وأنتم بخير يا أحرار العالم"..
بهذه الكلمات استقبلت السيدة نجلاء، زوجة الرئيس الراحل محمد مرسي، عيد الفطر الماضي لتذكر العالم بزوجها، أول رئيس مدني منتخب في تاريخ مصر القديم والحديث، ونجلها عبد الله، أول أبنائه لحاقا به، وولده أسامة، المحامي السجين بلا تهمة اللهم إلا أنه نجل الرئيس المنقلب عليه.
عام "مر"، يمكنك أن تقرأها بفتح الميم أو بضمها، فقد كان عاما مُرا مَر بقسوة على كل من آمن يوما ما بثورة الخامس والعشرين من يناير، وأحلامها بدولة فيها كرامة إنسانية وعيش وحرية وعدالة اجتماعية. من انتخبوا محمد مرسي ومن عارضوه عاشوا مرارة القهر برحيله، وتجرعوا قسوة الظلم مع الطريقة التي انتقم النظام من الثورة ورجالها في شخص الرئيس مرسي. خبر وفاته كان مفاجئا صادما على كافة الأصعدة، فالرجل كان معتقلا منذ ظهيرة الثالث من تموز/ يوليو في عام 2013 ثم رحل هكذا بشكل مفاجئ.
كانت كلمة واحدة تخرج منه تصريحا أو تلميحا بقبول الانقلاب كفيلة بخروجه معززا مكرما دون تهمة واحدة، كان الرجل يستطيع أن ينحني للموجة العسكرية العالية ويفكر قليلا في زوجته التي حملت المسؤولية معه أربعين عاما دون تذمر، كان بإمكانه التفكير في أحمد وأسامة وعبد الله وشيماء ومرافقتهم طيلة حياته في هدوء وسعادة، ولكنه أبى لأنه ببساطة محمد مرسي.
كتب الكثيرون تقييما لمحمد مرسي وحقبته الرئاسية القصيرة، انتقده الكثيرون (وكنت منهم في أوقات كثيرة"، واختلف معه مستشاروه وانسحبوا من حوله، ولكن هذا ليس بيت القصيد، فالرجل وعد بالصمود فأوفى، وقف شامخا يوم الثاني من تموز/ يوليو يطمئن الجميع أنه باق على العهد ما بقيت أنفاسه، وأن حياته ستكون ثمنا لتمسكه بالشرعية، فكان رجلا صدق ما عاهد الله عليه، فقضى نحبه شامخا صامدا ثابتا ولم يبدل تبديلا.
صمود الرئيس محمد مرسي على ما عاناه من اعتقال ومنع من الزيارة وحرمانه من العلاج ورؤية أهله؛ هو شيء يدعو للافتخار بهذا الرجل الطيب. فلو كان في الهند غاندي وفي جنوب أفريقيا مانديلا، فهنا في مصر لدينا محمد مرسي الذي سنحكي لأبنائنا وأحفادنا عن صموده على المبدأ وثباته على الطريق الذي آمن به.
ألم يفكر أحد قيادات الجماعة قبل نشره هذه الدراسة في الإهانة التي وجهتها تلك التفاصيل لشخص الرئيس الراحل، والمساهمة دون قصد في إعادة تدوير الاتهامات التي كانت توجه له رحمه الله عن ضعفه في مواجهة الجيش؟
في الأيام الماضية نشر موقع "عربي21" دراسة أعدتها جماعة الإخوان المسلمين عن كواليس اتخاذ قرار الجماعة الدفع بالرئيس مرسي للانتخابات الرئاسية، وهالني ما قرأت.. كيف للجماعة أن تتحدث في ذكرى وفاة الرئيس عن ذهابه للمجلس العسكري قبل انتخابه وهو رئيس لحزب الحرية والعدالة، وانتظاره من صلاة الظهر إلى قبل صلاة العشاء دون أن يقابله أحد من قيادات المجلس العسكري؟ أنا لا أعلم تفاصيل الواقعة، ولكن ألم يفكر أحد قيادات الجماعة قبل نشره هذه الدراسة في الإهانة التي وجهتها تلك التفاصيل لشخص الرئيس الراحل، والمساهمة دون قصد في إعادة تدوير الاتهامات التي كانت توجه له رحمه الله عن ضعفه في مواجهة الجيش ومؤسسات الدولة؟ كتابات الجماعة أحيانا تكن كالدابة التي قتلت صاحبها، ولو صمتوا لكان خيرا لهم.
في ذكرى رحيل الرئيس الشهيد، المقتول غدرا وقهرا وتنكيلا، عظموا شهيدكم بالحديث عن مآثره الحسنة، ذكّروا الناس بمواقفه الطيبة، اذكروا محاسن حكمه وانشروا عن ثبات الرجل داخل محبسه.. في مثل هذه الأيام واجب الجميع أن يواسي أسرة الرئيس الراحل بما استطاع من جهد، فبرسالة أو باتصال أو حتى بمنشور على مواقع التواصل الاجتماعي.
سيحاول النظام العسكري وأذرعه الإعلامية الخبيثة أن تجعل من السابع عشر من حزيران/ يونيو ذكري استشهاد الرئيس مرسي حدثا عاديا، وسيحاولون مثلما فعلوا يوم وفاته العام الماضي؛ أن يتجاهلوا الرجل ويذكروه باسمه، دون لقب الرئيس أو أن يكتبوا قبله كلمة المدعو.
في العام الماضي عندما بلغ الفجور في الخصومة مداه من أتباع النظام العسكري ومنعوا صلاة الجنازة عليه، صلى عليه يومها الغائب والحاضر، صلى عليه القريب والبعيد، صلوا عليه في المسجد الأقصى وفي مساجد تركيا وماليزيا وفي أوروبا وفي معظم الدول العربية، وفي هذا العام أيضا أرجو أن ترفع صور الرئيس الراحل في كل محفل، وأن يكون السابع عشر من حزيران/ يونيو في هذا العام وكل عام ذكرى تذكير العالم بصمود الرئيس وباستمرار الحلم، وبأن محمد مرسي لم يذهب دمه سدى.
فلنجعل من هذا الأسبوع أسبوع الرئيس الراحل محمد مرسي، فلنتحدث في كل القنوات عن حياة الرجل، ولنكتب عنه مقالات ومنشورات وتغريدات يومية.. فلنخلد ذكرى أول رئيس مدني منتخب بعد ثورة يناير المجيدة، ولتهنأ روح الرجل في سلام.
فسلام على محمد مرسي حيا وميتا ويوم نلقاه.
كتبه: أسامة جاويش
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق