الثلاثاء، 15 ديسمبر 2020

التصعيد الفرنسي

 التصعيد الفرنسي


ناصحون

مقدمة

ما زال الرئيس الفرنسي “ماكرون” سادرا في غيّه، متحديًا أمة الإسلام وجموع المسلمين بإصدار قرارات حمقاء ضد المسلمين في فرنسا؛ بل وفي العالم كله، وقد كان آخر حماقاته استقبال مغتصب السلطة في مصر “عبد الفتاح السيسي” استقبال الرؤساء ذوي القدْر والاحترام؛ بل ويصرح تصريحات تؤيد نهجه القمعي فيقول:

“مبيعات الأسلحة لـمصر لن تكون مشروطة بتحسين حقوق الإنسان لأن هذا سيضعف حربها ضد الإرهاب”..!

فأعطى “ماكرون” الأحمق، “السيسي” ـ الذي قتل المعتصمين السلميين ـ مشروعية محاربة شعب مصر المسالم بحجة محاربة الإرهاب..

بيان لعلماء ومفكرين وهيئات إسلامية

وفي الأيام القليلة الماضية أصدرتْ طائفة عظيمة من المسلمين بيانًا إلى الأمة الإسلامية والعالم بشأن الإجراءات الحكومية الفرنسية القمعيَّة ضد المسلمين ومقدَّساتهم؛ تجاهلته كالعادة وسائل الإعلام الفاسدة رغم توقيعه من قبل علماء كبار ومفكرين وإعلاميين وهيئات زادت عن خمسين ألف شخصية وهيئة وما زال العدد في ازدياد..

وفيما يلي نص البيان:

“بيانٌ عامٌّ إلى الأمَّةِ الإسلاميةِ والعالَمِ

بشأنِ الإجراءاتِ الإرهابيةِ ضِدَّ المسلمينَ ومُقَدَّساتِهِمْ في فَرنسا

بِسْمِ اللهِ، والحمدُ للهِ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على نَبِيِّنا محمَّدٍ رسولِ الله..

يَشْهَدُ العالَمُ منذُ أسابيعَ عدوانًا متواصلًا على المقدَّساتِ الإسلاميَّةِ منْ قِبَلِ الحكومَةِ الفَرَنْسيَّةِ، مَقْرونًا بالتَّحريضِ على المسلمينَ في فَرنسا؛ لأغراضٍ عِدَّةٍ منها أيديولوجيَّةٌ عميقةٌ ومنها انْتخابيَّةٌ عاجلَةٌ، بما يخدُمُ الحاقدين على الإسلامِ في أوروبَّا. وقدْ بدأَ الأمرُ بدعمِ حكومَةِ ماكْرونَ الإساءةَ لرسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، ثمَّ توسَّعَ العدوانُ ليشملَ حياةَ المسلمينَ في فرنسا وعامَّةَ عقائدِهِمْ، وذلِكَ منْ خلالِ:

  • الإساءةِ إلى نبيِّنَا صلّى اللهُ عليهِ وسلَّم والِاسْتمرارِ في العملِ على نشْرِ الرُّسومِ المسيئَةِ وحُسبانِها حريَّةَ تعبيرٍ..
  • إغلاقِ أعدادٍ كبيرةٍ منَ المساجِدِ والمراكِزِ الإسلاميَّةِ في فرنسا والمفاخَرَةِ بذلِكَ.
  • سنِّ قوانينَ مجحفَةٍ تحتَ ذريعَةِ “محارَبةِ الِانفصالِيَّةِ الإسلاميةِ” كمَا يُسَمُّونَها؛ وهذهِ القوانينُ اعْتداءٌ صارخٌ على حريَّةِ المسلمينَ حصرًا في اعتقادِهِمْ وممارَسَةِ شعائِرِ دينِهِمْ وهوَ ما يهدُفُ إلى تجريدِ المسلمينَ منْ معتقداتِهِمْ وقِيَمِهِمْ وأخلاقِهِمْ بسلطانِ الإرهابِ القانونِيِّ وعقوباتِ التَّهجِيرِ.
  • تهديدِ الرئاسَةِ الفَرنسيَّةِ المسلمينَ وإمهالِهمْ أسبوعَيْنِ لتوقيعِ ميثاقٍ يُعَلْمِنُ الإسلامَ ويَفْرِضُ على المسلمينَ قيودًا إضافيَّةً تَحْرِمُهُمْ مِنْ ممارسةِ دينِهِمْ.
  • اسْتهدَافِ أطفالِ المسلمينَ في المدارِسِ وترهيبِهِمْ بمجرَّدِ امتعاضِهِمْ منَ الإساءةِ إلى دينِهِمْ ونَبِيِّهِمْ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ومعاقَبَةِ أولياءِ أمورِهِمْ إذا طلبوا ـ مجرَّدَ طلبٍ ـ عدَمَ عرضِ الرُّسومِ المسيئَةِ على أطفالِهِمْ.
  • مشروعٍ لسَنِّ قوانينَ تُجَرِّمُ تصويرَ أفرادِ الشُّرْطَةِ للتَّغطيَةِ على ممارَساتِهِمُ القمعيَّةِ.
  • التعدِّي على أطفالِ المسلمينَ وترويعِهِمْ بمداهَمَةِ الشُّرطَةِ لبيوتِهِمْ والتَّحقيقِ معهَمُ بتهمَةِ الإرهابِ بسببِ رفضِهِمْ للصُّوَرِ المسيئَةِ إلى نَبِيِّنا الكريمِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ.

مما سبَقَ، وأمامَ هذا كُلِّهِ، فإنَّنا ـ الموقِّعينَ على هذا البيانِ:

  • ندعو جميعَ المسلِمينَ إلى مقاطَعَةِ المنتجاتِ الفَرنسيَّةِ نُصْرَةً للنَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ والمسلمينَ في فَرنْسا، ونُذَكِّرُهُمْ بقولِ اللهِ تعالَى في سورةِ الصَّفِّ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ﴾. ونَحُثُّهُمْ على تشجيعِ ودعْمِ المؤسَّسَاتِ التي تلتزِمُ المقاطَعَةَ.
  • ندعو رجالَ الأعمالِ والتُّجَّارَ المسلمينَ حولَ العالَمِ إلى المشاركَةِ الفاعلَةِ في المقاطَعَةِ.
  • ندعو إخوانَنا المسلمينَ في فرنسا إلى اللجوءِ الى اللهِ والثَّباتِ، والصَّبْرِ، والإصرارِ على حقوقِهِمْ.
  • نؤَكِّدُ للمسلمينَ في فرنسا بأنَّنا نقِفُ معَهُمْ في مِحْنَتِهِمْ، ونُذَكِّرُهمُ بألَّا يَلينُوا ولا يتخَلَّوْا عنْ دينِهِمْ أمامَ هذهِ الهَجْمَةِ. فإنَّ قَبُولَهُمُ الشُّروطَ المجحِفَةَ التي تُملَى عليهِمْ يَعْنِي بوضوحٍ انْسِلاخَهُمْ عنْ دينِهِمْ. وإنْ لَمْ يَظْهَرْ ذلِكَ كاملًا في جيلِ الآباءِ فهُوَ متوقَّعٌ تمامًا في جيلِ الأبناءِ. ويجِبُ عليهِمُ البراءَةُ منْ كُلِّ منْ يوافِقُ على هذهِ الشُّروطِ.
  • تحقيقًا لقوْلِ اللهِ تعالى في سورَةِ آلِ عِمْرانَ: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾ يجِبُ على كُلِّ مسلِمٍ في أوروبَّا وفي العالَمِ المبادَرَةُ إلى دعوةِ النَّاسِ إلى دينِ الإسلامِ بكُلِّ الوسائِلِ والطَّرائِقِ المتاحَةِ؛ كُلٌّ حُسَبَ مَقْدِرَتِهِ.
  • نُحَذِّرُ المسلمينَ مِنْ أَنْ يُستدرَجُوا إلى أعمالٍ مِنَ الممكنِ أنْ يستَغِلَّها الإعلامُ الفَرنسِيُّ والعالَمِيُّ لتشويهِ حملَةِ نُصْرَةِ الرسولِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ والمقاطَعَةِ.
  • ندعو المسلمينَ حولَ العالَمِ إلى توحيدِ الجهودِ وتنسيقِها على مواقِعِ التَّواصُلِ الِاجْتماعِيِّ عَبْرَ النَّشْرِ على الوسومِ “الهاشتاجاتِ” التَّالِيَةِ:
    الوَسْمِ العَرَبِيِّ: للوصولِ إلى حدِّ الانتشارِ “الترند” العالمِيِّ.
    #قاطع_فرنسا
    الوسْمِ العربِيِّ المرقومِ: للوصولِ إلى حدِّ الانتشارِ “الترند” المحلِّيِّ·
    مقاطعة_المنتجات_الفرنسية[رقم اليوم]
    الوسْمِ الإنجليزِيِّ: للوصولِ إلى حدِّ الانتشارِ “الترند” العالمِيِّ.
    BoycottFrance#

وفي الختامِ..

إذا تقاعَسْنَا عنْ نصرَةِ دِينِنَا ومقاطَعَةِ فرنسا فنَجَحَتْ في تمريرِ مخَطَّطاتِها، فإنَّ ذلِكَ قدْ يُشَجِّعُ الآخرينَ لِيَحْذُو حَذْوَها في اسْتهدافِ المسلمينَ في بلادِهِمْ ممَّا يُهَدِّدُ كِيانَنَا نحنُ المسلمينَ، فإنْ لَمْ نَمْتَثِلْ قولَ نبيِّنَا صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: «مَثَلُ المؤمنينَ في توادِّهِمْ وتراحُمِهِمْ وتعاطُفِهِمْ كمثلِ الجَسَدِ الواحِدِ»، فالبديلُ هوَ: أُكِلْتُ يومَ أُكِلَ الثَّوْرُ الأَبْيَضُ..!

نسألُ اللهَ عزَّ وجَلَّ أنْ يَنصُرَ دينَهُ ويجمَعَ كلِمَةَ المسلمينَ ويُعِزَّهُمْ.

انتهى البيان، ونقول وبالله التوفيق:

لا شكَّ أنَّ تأييد هذه الدعوة ومساندتها بكل سبيل واجب على كل مستطيع لذلك، ولو بقلبه؛ فسكوت المستطيع على إجرام وطغيان الحكومة الفرنسية يشجع غيرها على تجاوز الخطوط الحمراء، والتنكيل بالمسلمين ومقدساتهم..

كما ينبغي على الدعاة إلى الله عزَّ وجلَّ استغلال هذه الفرصة لتحريك مشاعر المسلمين نحو التزام دينهم والمنافحة عنه في زمن انتشار الإلحاد والهجمات المتتابعة على ثوابت الإسلام، وربَّ ضارَّة نافعة..

ونود أنْ ننبه على أنَّ المقاطعة يجب ألا تكون قاصرة على فرنسا وحدها؛ فمقاطعتها تصب في مصلحة بلدان أخرى عدوّة للإسلام والمسلمين، وبعضها قد يكون أشد عداوة من فرنسا؛ كالصين مثلًا التي تُجري عملية واسعة لتغيير دين أكثر من “ستين مليون” مسلم في تركستان الشرقية..

فمفهوم المقاطعة يجب أن يتحول للشمول؛ فكل دولة تعادي الإسلام يجب أن تندرج مع فرنسا..

كما ينبغي استغلال هذه الفرصة لتشجيع منتجات البلاد الإسلامية، والحث على شرائها، واستنهاض همم الناس في بلاد الإسلام لزيادة وتحسين الانتاج الصناعي والزراعي وغيرهما لسدِّ فراغ غياب منتجات بلاد الكفر المعتدية على المسلمين ومقدَّساتهم..

وكذلك مما يجب أنْ ننبه عليه أنَّ على المسلم ألا يتصوَّر أنه بنشر البيانات والمقالات والمقاطع وتأييد المقاطعة أنه قد فعل ما عليه لنصرة دينه وحسب؛ فالكثير من المشاركين في حملات تأييد المقاطعة يجعلون ذلك منتهى الجهد، بل على الدعاة والمربين والآباء والأساتذة جهدٌ كبير في انتشال الأمة من انغماسهم في شهوات وشبهات لا ساحل لها.. فإنَّ من الأدواء التي انتشرت في الأمة داء الوهن “حب الدنيا وكراهية الموت” كما في حديث ثوبان رضي الله عنـه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «يُوشِكُ الأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ كَمَا تَدَاعَى الأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا». فَقَالَ قَائِلٌ: وَمِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذ ٍ؟ قَال َ: «بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ، وَلَيَنْزِعَنَّ اللَّهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمُ الْمَهَابَةَ مِنْكُمْ وَلَيَقْذِفَنَّ اللَّهُ فِى قُلُوبِكُمُ الْوَهَنَ». فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْوَهَنُ؟ قَالَ: «حُبُّ الدُّنْيَا وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ». (1)

بمَ نغلبهم؟

فعندما تمتلئ القلوب بحب الدنيا والتمسك بها وتؤثِرُها على دينها، وتكره الموت وتفر منه، يستهين بها العدو ويتلاعب كما هو حال عموم المسلمين الآن..

وواقع الحال أنَّ القوة المادية هذه الأيام هي للكفار؛ فمن أراد اللحاق بهم في أسباب القوة والنصر والتمكين فعليه أن يأخذ بكل مُستطاع من الأسباب المادية مع الأخذ بالأسباب الإيمانية، وليس في المنظور القريب اللحاق بهم في القوة المادية، لكن يكفينا بذل الوسع والمستطاع من ذلك ثم التوكل على الله، وهي كافية لتحقيق النصر، قال تعالى: ﴿فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ * وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ * فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ..﴾ [البقرة:249-251].

«وما أجمل ما رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق عن ابن إسحاق قال: كان أصحاب رسول الله صـــلى الله عليه وسلم لا يثبت لهم العدو فواقًا عند اللقاء، فقال هرقل ـ وهو على أنطاكية لما قدمت منهزِمة الروم ـ قال لهم: أخبروني ـ ويلكم ـ عن هؤلاء القوم الذين يقاتلونكم أليسوا هم بشرا مثلكم..؟!! قالوا: بلى. قال: فأنتم أكثر أم هم..؟ قالوا: بل نحن أكثر منهم أضعافًا في كل موطن. قال: فما بالكم تنهزمون كلما لقيتموهم..؟ فقال شيخ من عظمائهم: من أجل أنهم يقومون الليل ويصومون النهار ويوفون بالعهد ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويتناصفون بينهم، ومن أجل أنا نشرب الخمر ونزني ونركب الحرام وننقض العهد ونغضب ونظلم ونأمر بما يُسخط الله وننهى عما يُرضي الله ونفسد في الأرض. قال: أنت صدقتني». اهـ (2)

فلما تميز المسلمون على الكفار بالطاعات وترك المعاصي كانت لهم الغلبة رغم تفوق الكفار المادي..

ولكن إذا كانت معاصي المسلمين قد ملأت الأرض ـ كما هو حالنا اليوم ـ وزادوا عليها تخلفًا في شتَّى ميادين التقدُّم المادي؛ فأنَّى لنا النصر والتمكين..؟!!

ولا يخفى أنَّه يجب على المسلمين تَبَصُّر أحوال المجرمين ومؤامراتهم للحذر منها، كما قال الله عزَّ وجلَّ: ﴿وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ﴾ [الأنعام: 55].

كما يجب عليهم تتبع والتزام سبيل المؤمنين؛ قال الله تعالى: ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾ [النساء: 115].

فللمؤمنين سبيل كما أنَّ للمجرمين سبيلًا، والعلم بهذا من أنفع العلوم؛ إذ العلم يشرف بشرف المعلوم ونتائجه، بل قال الإمام الشافعي: “ليس العلم ما حفظ، العلم ما نفع”. اهـ (3)؛ فجعل العلم هو النافع، وما ليس كذلك فلا يستحق أن يوصف بالعلم.

وهذا الذي قاله الإمام الشافعي في مفهوم العلم هو الذي دل عليه الكتاب والسنة فمن ذلك ما رواه أبو الدرداء قال: «كنا جلوسًا مع رسول الله صلـى الله عليه وسلم فَشَخَصَ ببصره إلى السماء ثم قال: «هذا أوان يختلس العلم من الناس حتى لا يقدروا منه على شيء» قال: فقال زياد بن لبيد الأنصاري: يا رسول الله وكيف يختلس منا وقد قرأنا القرآن، فوالله لنقرأنه ولنقرئنه نساءنا وأبناءنا، فقال: «ثكلتك أمك يا زياد، إني كنت لأعدك من فقهاء أهل المدينة، هذا التوراة والإنجيل عند اليهود والنصارى فماذا يغني عنهم؟». قال جبير: فلقيت عبادة بن الصامت، فقلت له: ألا تسمع ما يقول أخوك أبو الدرداء وأخبرته بالذي قال، قال: صدق أبو الدرداء. إن شئت لأحدثنك بأول علم يُرفع من الناس؛ الخشوع، يوشك أن تدخل مسجد الجماعة فلا ترى فيه رجلًا خاشعًا». (4)

خاتمة

من أراد مثل ما كان لجيل الصحابة والرعيل الأول من النصر والتمكين فليحرص على مثل ما كانوا عليه رضي الله عنهـم وأرضاهم.

ثبَّتنا الله وعموم المسلمين على الحقِّ حتى نلقاه وهو راضٍ عنَّا..


هوامش:

  1. أخرجه أبو داود (4299)، وصححه الألباني في صحيح أبي داود.
  2. تاريخ دمشق (2/ 97).
  3. نقله عنه النووي في بستان العارفين.
  4. رواه الترمذي والحاكم (338) وصححه، ووافقه الذهبي وهو كما قالا.

اقرأ أيضا:

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق