الاثنين، 14 ديسمبر 2020

“جوانتانامو” أوروبي، ووجه صليبي كالح

 

“جوانتانامو” أوروبي، ووجه صليبي كالح

لا يثبت الطلاء الغربي طويلا عندما ترتطم شعاراته الأخلاقية الكاذبة بالمصالح أو بالخلاف العقدي. 

كل خلق لا يعود للإيمان بالله واليوم الآخر لا ينفع في الآخرة ولا يثبت في الدنيا.

الخبر

“اتهم تقرير شديد اللهجة الحكومة البريطانية ودولا أوروبية أخرى، بإنشاء “غوانتانامو أوروبي” في معسكرات اعتقال شمال شرق سوريا.

وقال التقرير الصادر عن منظمة “الحقوق والأمن” الدولية لحقوق الإنسان، إن هذه المعسكرات تحتجز حوالي (35) طفلا بريطانيا (15) امرأة بريطانية متهمين بدعم تنظيم الدولة الإسلامية، من دون توجيه الاتهام إليهم رسميا أو إمكانية محاكمتهم.

وذكر التقرير أن عدد الأطفال الأوروبيين المحتجزين في معسكرات الاعتقال هذه يفوق عدد سكان خليج غوانتانامو بأكمله في ذروته، وأنهم ليست لهم حقوق قانونية أو حماية، وهم يعانون من ظروف غير إنسانية ووحشية.

وبلغ إجمالي عدد الوفيات في مخيم “الهول” خلال عام (2019) ما لا يقل عن (517) وفاة، بينهم (371) طفلا، وبحلول (أغسطس/آب 2020)، تضاعَف معدل وفيات الأطفال في مخيم الهول (3) مرات”. (1)

التعليق

سريعا ما يسقط الطلاء الأوروبي المتمسح بالإنسانية وحقوق الإنسان، وبالتمدن والتحضر، وغيرها من الشعارات التي يطلقونها ـ تسقط عند أول ارتطام.

ومعضلة الغرب أن الجزء الأخلاقي والقيمي الذي يبدو خيّرا للناظر، ليس أخلاقا ربانية، ولا قيما تستند لعقيدة الإيمان بالله واليوم الآخر. ويجب ألا يستهين امرؤ بغياب هذا الرابط، ولا ينبغي لقائل أن يقول لا يهم المستند الأخلاقي طالما وجد من الأخلاق ما يحقق للحياة البشرية وللمجتمع أن ينجح في علاقاته..!

هذا خطأ فادح؛ فالأخلاق والقيم وإن بدت شعاراتها خيّرة لكنها لا تستند للإيمان بالله واليوم الآخِر؛ فإنها أولا ـ وهو الأعظم ـ  لا تنفع في الآخرة فهي ﴿مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لَا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ﴾ [إبراهيم: 12] وثانيا فإنها لا تصْلُح بها الحياة إلا وريثما تسقط عند الارتطام بالمصالح والعقائد. وهنا إذا نظرت داخل مجتمعاتهم، ثم في مجالات هيمنتهم على المجتمعات البشرية التي تبتلى بهيمنتهم وتدخلهم ترى وحشية حيوانية وهبوطا قذرا تأنف منه الفطرة، بل وفي داخل مجتمعاتهم نفسها..

ففي مصالح المال والثروات والسرقات فشركاتهم وحكوماتهم تذبح أمما كاملة بإفريقيا للحصول على ثرواتهم المخلتفة، وتقيم الحروب الأهلية بين الناس، وتحافظ على تخلف الشعوب، وتبقيها جائعة مستضعفة فيموت أهلها من الجوع بينما  يموت الرجل الأوروبي من التخمة..! وكذلك يفعلون مع شعوب المسلمين.

وفي مجال العقائد فالخبر أعلاه مثال فادح، كمئات الأمثلة على سقوط أخلاقهم في حروبهم ضد المسلمين.. فوحشيتهم في أفغانستان وشن حروبهم ضدها، ثم قتل أهلها بلا عدٍّ ولا التفات الى ضحاياهم، ومؤخرا كشف الأستراليون، المشاركون في الحلف الغربي ضد بلاد المسلمين الأفغان؛ أن جنودهم كانوا يقتلون رجالا وأطفالا أفغانا للتسلية..! وللتدريب على إطلاق النار؛ حيث لم يرض الجنود أن يحملوا السلاح للحراسة بدون استعمال فقرروا استعماله للتدريب والتسلية والمزاح..! هكذا الإنسان في نظرهم وما تربّوا عليه.

والغرب هو من أرسل من قبل صواريخه على العراق في السنين العشر من (1991) الى (2001) في أول أيام رمضان مكتوبا عليها “هدية رمضان” باللغتين العربية والإنجليزية، ليشاهد أهل العراق ضحاياهم وجثثهم وبجوارها غلاف الصواريخ المحملة بالرسائل للإهانة الدينية المقصودة.

وفي هذا السياق قتلوا مليون عراقي أكثرهم أطفالا بالحصار الذي منع حليب الأطفال وعلاجهم..! ثم قتلوا مثلها عند احتلاله عام (2003).

وفي فلسطين فالكيان الصهيوني ذراع غربي للقتل والحرق ومصادرة البيوت وقتل الأطفال وتدمير البيوت فوق رؤوس أهلها وتهجير الناس من قراهم، وفي المنطقة من حولها نشر الرذيلة والفساد والمخدرات والحروب والانقسامات..

وفي مصر تمت مذابح رابعة والنهضة وغيرها، وامتلأت السجون وأقبية التعذيب بإشراف من الاتحاد الأوروبي، ولا ينسى المسلمون سيئة الذكر “كاترين أشتون” وهي تطلب من المسلمين الركوع للانقلاب العلماني وتهديدهم بالذبح ثم تنفيذ ذلك.

والآن يمارس الأوروبيون ما عابوه على أمريكا سابقا من معتقل “جوانتانامو” ليأتي دورهم هم لكن أسوأ وأكثر سقوطا إذ يحتجزون أُسرا بأكملها ويسجنون أطفالا بأمهاتهم، ويموت على أيديهم الأطفال فيسقط الوجه الأوروبي الذي يعلن عن نفسه بريئا يحترم الأمومة والطفولة؛ ليظهر القبح الغربي وأنه ما هو إلا امتداد للشخصية المنحطة التي أقامت محكام التفتيش وأقامت جدران كنائس من جماجم وهياكل عظام المسلمين وتحتفظ بها الى اليوم..! بل وتفتح ابوابها للزوار ليشاهدوا الجريمة..!

خاتمة

إن سقوط الوجه الأوروبي المكذوب أمر مهم لتوقّف الخديعة، وللتنبُّه لما يتم تحت شعاراتهم الكاذبة من جرائم وخسائر مروعة للمسلمين، ولتنبيه المسلمين لضرورة عودة دورهم الواضح الذي يتسم بالإيمان بالله واليوم الآخر، وإقامة منهج الله وتمثله وتطبيقه؛ باعتزاز وثقة، وهو الدور أيضا الذي يجب أن يتسم بالقوة وردع العدو ومكافأة القوة بالقوة ومنع المذلة عن المسلمين.

لا نقول هذا انحيازا لتيار أو تنظيم أو جماعة؛ بل نقول هذا انحيازا للأمة التي تذوق، بأطيافها المختلفة، من العدو المذلة والإهانة والموت ألوانا وأشكالا بلا رادع؛ ثم يخرج الذئب الغربي يتباكى ويضع المساحيق التي لم تعد تواري وجها كالحا وقبيحا.

هوامش:

  1. موقع “الجزيرة”: اتهام بريطانيا ودول أوروبية أخرى بإنشاء “غوانتانامو أوروبي” في سوريا.

اقرأ أيضا:

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق