الاثنين، 7 ديسمبر 2020

للقصة بقية - أوقاف مصر المهدرة


برنامج: للقصة بقية
 أوقاف مصر المهدرة

فساد بالمليارات ونهب ممنهج.. هكذا سرقت أموال الأوقاف المصرية

قدرت هيئة الأوقاف المصرية وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2018 قيمة إجمالي الأوقاف تحت إدارتها بنحو تريليون و37 مليار جنيه مصري، وتضم خريطة الأوقاف في عموم مصر نحو 114 ألف وقف.

برنامج للقصة بقية في حلقته بتاريخ (2020/12/7) سلط الضوء على قضية أوقاف مصر المنهوبة التي تعتبر الأكبر في العالم بعد الأوقاف في أرض الحرمين، وتتوزع بين أراض زراعية وأخرى للبناء، وعقارات ومصانع وشركات وأسهم في البورصة، كما تشمل أكثر من 256 ألف فدان زراعي.

بالإضافة إلى 420 ألف فدان معروفة باسم وقف مصطفى عبد المنان ويمتد على 3 محافظات هي دمياط والدقهلية وكفر الشيخ، وهي محل نزاع بين هيئة الأوقاف والمحافظات، كما تضم الخريطة نحو 200 ألف وحدة عقارية متنوعة بين وحدات سكنية وتجارية وإدارية.

وتمتلك الأوقاف 22 مصنعا وشركة وبنكا، والعديد من المناطق الأثرية أشهرها سوق وميدان العتبة، ومنطقة الأزهر، وشارع عبد العزيز، والغورية، ومنطقة فاطمة النبوية، وسوق السلاح، وقصور الأمير محمد علي، والملك فؤاد بكفر الشيخ، والمنطقة الأثرية بالمسلا، وغيرها من القصور والمساجد الأثرية.

ويعود تأسيس هيئة الأوقاف المصرية إلى العام 1971، بموجب قانون رئاسي يقضي بقيام رئيس الوزراء بتعيين رئيس وأعضاء إدارة الهيئة المنوط لإدارة واستثمار كل ممتلكات الأوقاف.

ومع أن وزارة الأوقاف في مصر تعتبر الأغنى بين مؤسسات الدولة، بسبب هذه الأوقاف، وأنها كانت تساهم في تلبية الكثير من حاجات أبناء المجتمع المصري، فإن الأرقام كشفت في السنوات الأخيرة عن حقائق مذهلة، حيث أصبحت الوزارة التي كانت تقرض الدولة المصرية وتدعم المصريين، مدينة للدولة وتلجأ للقروض للقيام بالتزاماتها.

وقد كشف الواقع المالي المتردي للوزارة عن قضايا فساد ضخمة مورست بحق أموال الأوقاف التي كانت في عهدة الوزارة ومسؤوليها في السنوات العشر الأخيرة.

وقال نقيب الصحفيين المصريين الأسبق ممدوح الولي إن خسارة هيئة الأوقاف على مدار الأعوام بين 2010 و2018 بلغت نحو 226 مليون جنيه مصري، كما أنها لم تنشر أي بيانات مالية للعام 2019، ولم تحقق أي أرباح طوال السنوات العشر الماضية، وهو ما يشير إلى أنها لم تقم بأي مشروع خيري خلال هذه الفترة.

وحظيت هيئة الأوقاف المصرية بنصيب كبير في تقارير الهيئات الرقابية، من بينها تقرير للجهاز المركزي للمحاسبات الصادر عام 2016، اتهم أن فيه أجهزة الحكم المحلي بالاستيلاء على أكبر الأوقاف بمصر، وقد بلغت وقائع الفساد في الهيئة نحو 1895 قضية في عام 2016 فقط.

وكانت المستشارة أماني الرافعي رئيسة هيئة النيابة الإدارية قد أحالت أحمد عبد الحافظ رئيس هيئة الأوقاف السابق و9 من معاونيه إلى المحاكمة العاجلة، على خلفية ارتكابهم لمخالفات في عمليات بيع وشراء أسهم مملوكة للهيئة في بعض الجهات.

كما أحال النائب العام المصري اللواء ماجد غالب رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية الأسبق في يونيو/حزيران 2019، إلى محكمة الجنايات مع 3 آخرين من قيادة الهيئة بتهمة تسهيلهم الاستيلاء على أراض للدولة بقيمة 336 مليون جنيه مصري، وقد اشتهرت القضية باسم الأربعة الكبار في هيئة الأوقاف.

وطالت المخالفات الإدارية والمالية وزير الأوقاف المصري نفسه، وبحسب تقرير صادر عن إدارة التفتيش المالي بوزارة المالية عام 2015، فقد قامت الوزارة بفتح حسابات في بنوك تجارية مخالفة للقانون، وصلت قيمتها إلى 275 مليون جنيه، منها صرف 5 ملايين جنيه لحرس الوزير وسائقه.

ويؤكد المحامي الحقوقي محمد عادل سليمان أن الفساد في هيئة الأوقاف لا يختلف عن الفساد في باقي الهيئات والمؤسسات الحكومية، وأن ما حرك القضية هو اكتشاف تلاعبهم بسعر إحدى الأراضي التابعة للهيئة أثناء بيعها لمستثمر، متسائلا عن أسباب تولي ضباط في الجيش رئاسة هذه الهيئة.

بدوره، قال محمد الصغير وكيل وزارة الأوقاف سابقا إن المسجد الأزهر في مصر يمتلك ثاني أكبر وقف في العالم بعد الحرمين الشريفين، وإن من أبرز أوجه الفساد داخل هيئة الأوقاف المصرية هي حجج الملكية، أي صكوك الأراضي الزراعية، وتحويلها من أراض للإيجار إلى أرض مملوكة لشخص ما.

في حين يؤكد أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر أحمد ذكر الله أن وزارة الأوقاف كانت قادرة على تحقيق عوائد من الأوقاف لتساعد بها الحكومة المصرية، لكن إهمال الدولة والوزارة وتولي غير المختصين لها أدى إلى خسارتها.

ويدور صراع حول محاولات السلطة الاستيلاء على أموال الأوقاف وممتلكاتها، رغم أن أصحابها أوقفوها لأعمال الخير، ففي ديسمبر/كانون الأول 2017 اجتمع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بوزير الأوقاف محمد مختار جمعة، بحضور رئيس هيئة الأوقاف حينها أحمد عبد الحافظ، بالإضافة إلى رئيس المخابرات العامة، وتحدث السيسي حينها عن حق الدولة في الحفاظ على ممتلكات الأوقاف.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق