السبت، 19 ديسمبر 2020

مقال عن كورونا بين العالم و الجاهل والغبي ومعدوم الضمير والمختل!

مقال عن كورونا 

بين العالم و الجاهل والغبي ومعدوم الضمير والمختل!



بقلم الدكتور محمد عباس

 

بالأمس، في برنامج بلا حدود شاهدت حلقة رائعة عن الكورونا ولأول  مرة منذ عام أسمع طبيبا عالما عاقلا معلوماته حديثة يلقى محاضرة رفيعة شاملة عن المرض دون أخطاء علمية ودون طريقة الجهلة في أن يكون الأمر أبيض أو أسود، بينما العلم الحقيقي يحتاج لكل درجات الطيف ولا تكفيه.

كان هذا هو البرناج الوحيد الذي احترمته عن الكورونا فيما شاهدته منذ عام.

ما شاهدته قبل ذلك كان تهريجا بلا حدود : لم أشاهد سوى بعض ما عرض  بالطبعليس من الإعلاميين فقط، بل من كثيرين من الأطباء أيضا.

في الأسبوع الماضي شاهدت حلقة تلفازية  استضافت أطباء -أو بالأحرى استأجرت-. ذلك أن  معظم الأطباء الكبار في الواقع يحصلون على أجر كبير للظهور لكن بعض الأصغر منهم قد يدفعون رشوة في سبيل الظهور كي يحصلوا على الشهرة من مثل هذه البرامج.

كانوا أربعة أطباء، أحدهم شككت أنه يعاني من مرض عقلي، واختلفوا، والخلاف طبيعي تماما ومطلوب، فالعلم أوسع من أن يحيط به أحد. لكن بشرط التساوي في المواقف، فلا يقبل اختلاف بسبب معلومات قديمة ثبت خطؤها وتغيرت وألغيت لتقارن مع معلومات حديثة، ولا تتساوى المواقع بين مؤسسات طبية محترمة وبين إعلاميي (وأطباء) الشوارع على وزن أطفال الشوارع. لا يمكن المقارنة بين القصر العيني ومستوصف الأمل. 

في الطب، كما في كل شيء في هذا العالم الذي فقد دينه ثم أخلاقه وضميرة ينتشر الفساد رهيبا جدا بين المؤسسات الصحية وشركات صناعة الأدوية بل وجامعات كثيرة. وعلى سبيل المثال فقد قدمت شركات صناعة السجائر رشاوى هائلة تحت عنوان منح للبحث إلى أساتذة كبار وجامعات كبرى وكان طلبهم عدم التركيز في أبحاثهم عن أضرار التدخين. وبعد انهيار القيم المعنوية في العالم أصبح هؤلاء الأساتذة  شخصيا وجامعات لا يمكن تخيلها تتلقى هذه الرشى وتوهم نفسها أنها تفعل ذلك في سبيل الحصول على منح للبحث في مجالات غير التدخين، وأنهم إن رفضوها فسوف تذهب إلى شركات أخرى لتنفذ رغبات شركات التدخين بينما يفقدونها هم أو جامعاتهم سدى: هذا بالنسبة للأقل فسادا منهم، أما الأفسد فيتلقونها رشى مباشرة.

لا تندهشوا من الأسماء الكبيرة.

هل تعرفون مثلا أن الكاتب الشهير جدا والرائع جدا أرنست هيمنجواي كان عميلا للمخابرات الأمريكية مقابل 90 دولارا في الشهر كما كتبت فرنسيس ستونز في كتابها من يدفع أجر العازف.

نعود إلى الندوة التلفازية:

الثلاثة كان في كلامهم خطأ كثير وصواب كثير

كانوا ثلاثة رابعهم (وأظنه هولنديا) فقد ذكرني بتوفيق (وأحمد)عكاشة وعبد الرحيم على وسيد القمني.

 جهل وغرور وادعاء الحقيقة المطلقة وقلة أدب.

ولقد نشر معلومات خاطئة تماما وتشبث بها وهاجم من يرفضها وتكلم بعنجهية وكبرياء كما لو كان رأس الطب في العالم.

كانت كل معلوماته تقريبا خطأ، وكل أرقامه خطأ، ومع حسن الظن  الساذج قد يكون سبب خطأ هذه المعلومات أنه يعمل في مركز شديد التخصص تُحوّل إليه الحالات بالغة الخطورة. أعطى رابعهم هذا إحصائيات عن نسبة الوفيات في الموجة الأولى فقد كانت 30% من الحالات وفي الموجة الثانية 60% وقد تصل إلى 90% إذا كان المريض مصابا بأمراض مزمنة أو فشل في أحد الأجهزة.

سأله زملاؤه في دهشة لأن معلوماتهم أن نسبة الوفيات الآن من كورونا أقل من 1% وتتضاعف بنسية 1.91% مع وجود كل الأمراض المزمنة أو بعضها. صرخ فيهم بل 60% فقالوا له ربما بسبب أن الحالات المستعصية فقط هي التي تحول لمعهده، رفض تفسيرهم وقال أنه معهده أكبر معهد في العالم في تخصصه. ولم يكن أحد من الأطباء الثلاثة يعرف شيئا عن هذا المعهد!!  ولا شيئا عن الطبيب نفسه! قال أيضا أن المرض يظل معديا لشهور. وهذا غير صحيح، فهو في الغالب الأعم يكف عن العدوى حتى لو وجد الفيروس في الدم  بعد 7-10 أيام من ظهور الأعراض. وأن ترامب خرج من العزل بعد أقل من أسبوع وصرحوا بأنه لم يعد معديا. قد تكون هناك نسبة ضئيلة جدا من حاملي الميكروب لكنها لا تؤثر على التيار العام. إن حادثة سيارة لا تدفعنا لإلغاء المواصلات ولا طبيبا مجنونا يدفعنا لإلغاء الطب.

ملحوظة: بعد كتابة المقال أصيب ماكرون بالكورونا لا شفاه الله، وتم حجزه وسيخرج من الحجر بعد أسبوع ليمارس نشاطه.

إن الأرقام الصارمة الصادمة غير موجودة في العلم كله كما هي غير موجودة في الطب. فعندما نتحدث عن الأعراض والمضاعفات لا يكفي أن نقول مثلا أن هبوط القلب يزيد المخاطر بنسبة 15% وبغض النظر عن خطأ الرقم فكيف لم يتحدث عن درجة الهبوط ودرجة السيطرة عليه واستجابته للعلاج ومصاحبته لأمراض أخرى.

قالوا له أن 80% من الحالات قد تمر دون أن سشعر بها المريض أو بأعراض خفيفة جدا كنزلة البرد  وأن 15% تحتاج علاجا خفيفا كالأكسيجين أو متوسطا كمضادات التجلط وأن 5% تحتاج إلى العناية المكثفة منهم 3% يحتاجون إلى التنفس الصناعي وأن نسبة الوفيات في هذه ال 3% أقل مما يقوله بكثير جدا. فرفض كل حقائقهم واعتز بباطله.

عندما سألوه عن علاقة النسب التي يذكرها بالنسب بين الجماهير والتي تعلنها المراكز العلاجية والبحثية الأخرى قال في استعلاء أن الجماهير لا تهمه وإنما يتكلم عما يراه بعينيه ولا علاقة له بالباقي، قال له أحدهم أن أرقامه خاطئة قطعا وأنه بهذا يروع المجتمع كله وينشر الهلع  فنظر إليهم كأنه هو الشجاع  الوحيد الذي يواجه المجتمع بالحقيقة بينما هم جبناء وجهلة.

لقد غضبت بشدة من هذا الطبيب لأنه نصاب وإن كان أستاذا في أكبر

 معهد علمي في العالم!

ولقد غضب منه زملاؤه لكنه كان غضب الخواجات البارد

ولو كنت من مقدم الحلقة لطردته. ففي الطب وفي كل مهنة هناك أطباء 

عصابيون ومختلون عقليا يتوهمون أشياء غير موجودة ويعتبرونها 

حقيقة مطلقة فإذا عارضته فيها كنت تنتقص من كرامته. مثل هؤلاء 

الأطباء يفرزون توترهم الداخلي على آرائهم العلمية، وقد يكون منها 

كراهية المجتمع أو الرغبة في موت الناس أو جنون الريبة والشك 

والاضطهاد وجنون العظمة  وعقد النقص أو مئات الدوافع 

والعوامل الأخرى.

نبهني هذا الطبيب المجنون لفداحة الأمر عند الإعلاميين فقررت أن أكتب فيه ووعدتكم بذلك منذ أيام عدة، خاصة أن هذه النماذج منتشرة في العالم كله ويزيدها النصابون سوءا!

بعدها، ومنذ أسبوع كتبت محذرا القنوات الرصينة من الاستدراج نحو الغوغائية والابتذال وطالبتهم بإبعاد مرض خطير مثل كورونا عن الخلافات السياسية والمذهبية والعرقية فالأمر أخطر من أن نخدع الناس لأسباب غير طبية.

في البداية أغرقونا بالأكاذيب التافهة: لا يوجد كورونا أصلا، إنهم يضحكون على الناس لإلهائهم.

والمرض ينتشر.

ثم الكورونا مجرد نزلة برد بل إن الإنفلونزا تقتل أكثر منها (وهذا يشبه أن تقول أن عدد حوادث المرور في ميت أبو الكوم أو كفر المصيلحة أقل من الحوادث في القاهرة) أو أن وفيات السرطان أقل من وفيات الإنفلونزا!

ثم قالوا أنها مؤامرة على الإسلام. 

حسنا يا جهلة يا جبناء.

أنا مقتنع تماما أنها كانت مؤامرة

لكنها مؤامرة لم تصطنع من أجل الإسلام بل وجدت فاستغلوها.

نعم: مؤامرة.

 فماذا فعلتم ضد المؤامرة على الإسلام سوى الهروب في قفص الدجاج الأبيض تنتظرون الذبح في استسلام كما تفعلون دائما. 

والمرض ينتشر وهم يطلقون هلاوسهم كستائر الدخان التي تخفي تقدم العدو. لكأنهم طابور خامس يعمل لمصلحة كورونا.

بعد ذلك وبعد أن شغلوا الناس بهلاوسهم اعترفوا أن كورونا مرض حقيقي.

استسلموا للقيود على الحرمين وعلى المساجد.

حتى إسرائيل لم تغلق المسجد الأقصى.

وبدا ثمة شعور بالنشوة والتشفي بين النخب، وبدلا من أن يبكي بعض الشيوخ ألما وحسرة كانوا من أشد الشامتين مزايدين على العلمانيين.

نعم : استغلها الخارج والداخل للحرب على الإسلام.

ولقد كتبت قبل أعوام أربعة أنني قرأت بعيني رأسي تصريحات ترامب وهو يبدي استياءه من الزحام في الحرمين والمساجد. وأن هذا الزخم لابد أن يقل. وأن يوافق المسلمون على أن القرأن قابل للحذف والإضافة والتنقيح والتغيير، فإن أبوا فهم إرهابيون، وقال جملة لن أنساها أبدا: إن لم يقبلوا بذلك فسوف نقصفهم بالصواريخ.


لولم يكن الأمر مقصودا لكن الحظر شاملا لكنه كان على المساجد فقط، أما الكنائس فقد تركت لإدارتها الخاصة، ولم يكن هناك زنيم مجرم يهددهم بالويل والثيور ويقطع المياه كي يمنع الوضوء وبفصل القسس أو تحويل قارع الأجراس للنيابة..

والمرض ينتشر.

ثم انتقلت الحكاية هل الفيروس مصنّع أم طبيعي؟. 

كورونا بالقطع موجودة: مصنعة أو طبيعية، وهي مؤامرة على العالم 

وقد استغلوها أبشع استغلال للقضاء على الإسلام بمعونة حكام بلاد 

المسلمين. وفي كل البلاد الإسلامية إلا قليلا لم يحكموا فرض الحظر إلا

 على المساجد وعلى الحرمين الشريفين

أنا كطبيب أظن أن الفيروس  مصنع وقبل أن ينطلق العصابيون أقول لهم أن عددا كبيرا من العلماء لا يعتبرون الفيروسات كائنات حية بل جمادات لأنها لا تتنفس، ولا تتكاثر ذاتيا  دون الاعتماد على الخلية التي تغزوها. وحتى لو كانت كائنات حية فهم لا يخلقونها من جماد أو عدم، بل من كائنات حية أخرى، كتخصيب البويضات.

 ثم ماذا يفيدنا هذا كله في مواجهة الكارثة، أيها التافهون!

 ماذا ستستفيدون إن عرفتم إن كان الفيروس طبيعيا أو مخلقا من ثلاثة فيروسات هي الإيدز والإنفلونزا وسارس كي يجمع صفاتها الرهيبة المروعة المتحدية لكل القواعد والقوانين العلمية فلا أعراض ثابتة ولا تشخيصات ثابتة ولا علاج فعال.

طبيعي أم مصنع؟ هل وصلتم إلى استنتاج يا عباقرة. هذه قضية لن نعرف الإجابات عنها أبدا إلا ياعتراف أحد الأطراف أو كشفه كشفا مؤكداسيتسبب في حرب نووية، وقد لمح ترامب أن الصين هي الفاعلة واتهمت الصين فريق كرة أمريكي أنه هو الذي نشره في الصين. هل وصلتم؟ لكنكم شغلتم الناس بتفاهاتكم.

لا تملكون إلا السفسطة يا سفهاء.

ومرة أخرى كتبت أنني مذهول مما ينشره الإعلام، ومنهم إعلامي أحبه كان يشكك في اللقاح بحجة أن الشركات تقول أنه ممنوع لمن عندهم حساسية. كدت أصرخ فيه عبر الشاشة يا جاهل وهل هناك دواء في الدنيا لا تحذر الشركة من استعماله عند وجود حساسية،حتى الأدوية المضادة للحساسية. إن القاعدة الطبية تقول: كل ما تحت الشمس بما فيه الشمس نفسها يمكن أن يسبب الحساسية.

بعد كل ماذكرته عن اختبارات الأدوية واللقاحات هناك فرع هام جدا

الطب اسمه:

iatrogenic diseases

وهي أخطاء كثيرة هائلة يتسبب فيها الأطباء والمستشفيات والدواء لكن هذا لا يدفعنا للعزم على  أن نوقف الدواء.

بل أن هناك كوارث صحية يتسبب فيها الدواء عبر عنها أمير الشعراء بقوله: وأخف من بعض الدواء الداء.

هذه كلها حقائق معروفة فمن هو الشيطان الذي أثارها وأعاد اختراع العجلة بها كي نبدأ من تحت الصفر في كل شيء و نضيع كما نحن ضائعون في التيه ونظل نضيع ونضيع ونضيع ونفقد المنهج العلمي للتفكير وليسود الفكر الغوغائي المبتذل السوقي فلا نصل إلى شيء أبدا ونظل ندور في التيه، وبدلا من أن ننقذ أطفال الشوارع إذا بالنخب تتحول إلى نخب شوارع أشد تفاهة وسفاهة بل سفالة، وهي بالطبع أكثر قدرة على الضرر .

والمرض ينتشر

تكلموا بعدها عن الرجل الذي أصيب بالصرع، وعن الستة الذين ماتوا بعد التطعيم، وثبت أن أربعة منهم قد تلقوا لقاحا وهميا (محلول ملح) والإثنان الباقيان ماتا لأسباب لا علاقة لها بالتطعيم.

 يا إلهي

كيف وصلنا إلى هذا الحال

كيف تركنا الشيطان يحرك كل شيء

أتذكر كلمة للفقيه الشهيد عيد القادر عودة رضي الله عنه وهو يتحدث عن أهمية الضمير الديني في حراسة المجتمع من الجرائم، قال أنه لا يوجد جهاز شرطة في العالم يستطيع أن يضع جنديا ليراقب كل مواطن، لكن الإسلام يفعل ذلك حين يعين جنديا يقظا على كل إنسان، جندي غير قابل للرشوة (باستثناء بعض الشيوخ!). جندي اسمه الضمير.

مع المرحلة الأخيرة من العلمانية وتجلياتها في الحداثة الكاملة أصبحت المجتمعات في حالة سيولة لا يحفظها إلا توازن القوى بين أطراف المجتمع ومؤسساته المختلفة. انظروا إلى أمريكا على سبيل المثال، وتوازنات القوى فيها، حيث لا يتغول جهاز على جهاز بسبب نبل أو أخلاق أو طهارة، إنما بسبب رعب كل جهاز منهم من الجهاز الآخر إن تجاوز حدوده ، وذلك موجود في المجتمعات المتقدمة، في البلد التي لا توجد فيها سوى قوة واحدة  تكون السيولة كاملة والضياع تاما والتيه أعمى لا يرى الطريق أبدا.

لذلك كله فأن 95 % مما ينشر في الميديا عن الكورونا ( وعن كل شيء آخر)  معلومات مزيفة خاطئة بلا علم ولا مسئولية ولا ضمير تزيد النسبة في البلاد المتخلفة وتقل في المتقدمة. 

وينتشر الجهل والخرافة بل والشعوذة.

إن الأبحاث العلمية خاصة في الطب تتغير سريعا جدا لدرجة أنه توجد مشكلة في طباعة الكتب الطبية، لأنه في زمن قصير شهور معدودة يستغرقها الطبع والنشر تكون معلومات الكتاب قد أصبحت قديمة، لذلك فإن كل معلومة طبية لابد أن تكون معرفة المصدر وأن يكون مصدرا معترفا به عالميا وألا نسمح للسفهاء بالفتوى ونشر المعلومات المغشوشة.

أحدهم مهرج لكنه إعلامي كبير يصرخ: إن اللقاح لم يأخذ الوقت الكافي للاختبار، وأن بعض اللقاحات فقط هي التي حصلت على التصريح النهائي.

يا جاهل لا يوجد لقاح واحد حصل على تصريح نهائي، كلها تصريحات عاجلة طارئة. أما التصريح النهائي فربما يستغرق عشرة أعوام أو أكثر- ولكي أفصل لكم الصورة: يستغرق التصريح النهائي لأي دواء أو إجراء طبي كالموجات الصوتية أو الليزرأعواما طويلة. لكن هذا لا يحسم الأمر تماما، إذ يجب متابعة المريض الذي تلقى العلاج حتى يموت ويقوم العلماء بتحليل منظومة  الأمراض التي أصيب بها في في حياته ثم تبحث أسباب موته وهل لها علاقة بهذا الدواء. وبعد موته ولو ب 60 أو 70 عاما لا ينتهي الأمر، بل يجب أن نبحث في أبنائه وهل هم مختلفون عن الأبناء الذين لم يتعاط آباؤهم هذا الدواء.

هذه هي قصة التصريح التهائي الذي يطلبه السفهاء قبل التصريح بالتطعيم.

ثم: بعد كل هذا هل ينتهي الأمر؟ إن تقدم الطب كله يعتمد على أن مافعلناه كان خطأ أو أن هناك ما هو أصوب منه. لقد عملت جراحا لوقت ما، وكنا بعد استئصال سرطان القولون نضع مادة لقتل الخلايا السرطانية المتناثرة حتى لا يعود السرطان مرة أخرى. بعد خمسين عاما اكتشفوا أن هذه المادة تسبب السرطان!!

جاهل آخر يقول أنهم يجعلوننا حقل تجارب: وهذا كذب. إنهم يجربونها في المعمل ثم على الحيوانات ثم على المتطوعين. هل تريدهم أن يجربوها على العفاريت؟ لابد أن تجرب على بشر. الجريمة ليست في إعطاء اللقاح لبشر ولكن في خداع هؤلاء البشر وإيهامهم بأنه فحص خال من المضاعفات. والأكثر خسة أن بعض الهيئات تحصل على مبلغ على رأس كل متطوع، المفروض أن يأخذه المتطوع نفسه إن شاء مقابل احتمال الخطر الذي قد يتعرض له لكنه يُسرق منه.

يتصرف البعض بسذاجة وجهل أو سوء نية. يتصرف كما لو كان اللقاح مادة كمالية ترفيهية أو قطعا من العلك  أو كحلاوة المولد من الأفضل عدم استعمالها إلا بعد التيقن الكامل من عدم وجود ضرر لها. علما بأنه لا يوجد دواء في الدنيا خال من المضاعفات، عشرات المضاعفات بل مئاتها، لكن الطب يقارن بين النفع والضرر

إن حقنة النوفالجين بل قرص دواء واحد يمكن أن يقتل.

ولا توجد مستشفى في الداخل أو في الخارج تجري إجراء هاما للمريض دون الحصول على إقرار منه بعدم مسئولية المستشفى عن المضاعفات التي تحدث له.

يحدث ذلك في حالات لا تمس إلا أفرادا.

فما بالك باللقاح الذي يؤثر في الملايين حياة وموتا.

الإعلاميون وحتى بعض الأطباء يتصرفون بحماقة وجهل وانعددام مسئولية مروعة.

إن كلمة جاهلة قد تقتل المئات، وتحذيرا بلا ضمير قد يضيع فرصة حياة 

ثم تطلبون الأمان المطلق.

هل الكهرباء في بيتك أمان مطلق؟ هل النزول على السلم أو عبور الشارع أو شرب ماء الصنبور أو حتى المياه المعدنية أمان مطلق؟

هل الهواء الملوث بأدخنة المصانع والمزروعات الملوثة بالكيماويات أمان مطلق؟

هل تعاملنا مع المرضى ومنهم مريض الكورونا أمان مطلق؟

ثم يأتي جاهل أو غبي أومنعدم الضمير ليطالب بالأمان المطلق قبل إعطاء اللقاح. هل تدرى كم من الممكن أن تقتل كلمتك هذه من الناس الذين يصدقونك يا جاهل.

إن هذا الجاهل المستهتر يشبه مختلا اشتعل الحريق في بيته لكنه طلب من المطافئ عندما أتت الأمان المطلق: صرخ فيهم: لا تكسروا الباب لكي تنقذوا الأطفال! إياكم وكسر زجاج النافذة للدخول بدلا من الباب المغلق، إياكم وأن تبللوا الأثاث بماء الإطفاء. إياكم إياكم إياكم. 

أقول لكم ما يدهشكم: في حالات السكتة القلبية و تدليك القلب يجب أن يدلك الطبيب الصدر بقوة ولو تكسرت بعض الضلوع وجرحت الرئة وكسرت الأسنان!

أرأيتم كيف أن الطوارئ تبرر كل هذا.

لكن أخانا يريد الأمان المطلق!

هل يدرك ذلك المستهتر معدوم الضميركم يمكن أن تتسبب شائعة أو رأيا يقوله بلامبالاة واستهتار من أضرار؟

***

هل تتصورون أن هناك أفحش وأشد كذبا من كل ماذكرت؟

نعم كلام الساسة واستغلال المرض سياسيا.

كلام الإعلاميين السفهاء الذين يقلبون الحقيقة تقلب التنفس بين الشهيق والزفير.

أو ككلام الشيوخ ومسئولي الإفتاء.

أو

أو

حاشية: لابد أن أشير إلى مدرسة طبية هامة محاصرة  إعلاميا بل وقتل يعض قياداتها وهذه المدرسة  ضد كل أنواع اللقاحات ، لكنها ليست ضدية مطلقة بل ضد الغش والاحتيال والفساد والرشاوى التى تدفع للجامعات كي تصدر تقارير تخفي الحقائق. ولقد كتب العلامة محمد يوسف عدس كتابا هاما وعميقا وجادا  في هذا الصدد، لكنني عمليا لا أستطيع موافقته عليه ليس لخطئه بل لأنه لم يقدم بديلا. لم يقدم بديلا يمكن الاعتماد عليه. إنه رفض أكل لحم الميتة للمضطر ثم تركه دون طعام.

تناول العلامة الكبير محمد يوسف - والكتاب والمقالات على موقعه- هذه القضية برصانة شديدة.

لكن هناك فارقا كبيرا بين الرصين وبين من ((معه)) !

راجع لغة الدكتور الجوادي لفهم المقطع الأخير


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق