السبت، 5 ديسمبر 2020

فتنة النت..!!

 

فتنة النت..!!

د.عبدالعزيز كامل
لما دخلت الإذاعة مع ماصاحبها من أغاني ومسلسلات مسموعة على بيوت المسلمين في منتصف القرن العشرين ..استشعر كثير من الغيورين خطرا قادما على الدين، ولما تحولت المسموعات من الممنوعات الى مرئيات..زاد الشعور بالخطر، مع أن التلفاز وقت ظهوره كان محدود البث قليل الأثر ، ومحكوما بضوابط تحد من انفلات شروره وانتشار عيوبه، حتى ظهرت ظاهرة(اشرطة الفيديو) القبيحة، التي لم يكن لها انتشار إلا بين الأشرار ..
★.. ماهي إلا سنوات حتى انفجرت فتنة (البث المباشر) للتلفزيونات الأجنبية، ومع شدة التحذير منها؛ اصبحت الأطباق الهوائية أشبه بأوعية استقبال لصنوف المساخط الإلهية ..ثم مالبثت تأثيرات بث الخبث في بيئات خاصة أن تتحول إلى ظواهر عامة.. وصارت غالبية الأسر في بيوتها تعايش أو تتعايش مع مجتمعات المجون والضياع ، دون العيش فيها أو الهجرة إليها..
★.. ثم كانت كائنة الكوائن بظهور ( الإنترنت) ، ثم ذيوعه ثم شيوعه في بضع سنوات ، ليتحول بعدها بخيره وشره إلى نمط معيشة وضرورة حياة.. لا يستطيع تجنبها إلا من اراد مخاصمة الدنيا وتجنب الأحياء.
ومع أن الانترنت بغالب تطبيقاته..فيه الطيب الحسن والشر الخبيث .. إلا أن شروره سهلة المداولة ..صعبة المقاومة والمصاولة على الأكثرين.. غير أن تلك الشرور تحولت إلى فتنة..بالمعنى الكامل للفتنة،
دعك من فتن الفساد الأسوأ والأسود المبثوث في الفضاء الأزرق .. فأصحاب القلوب الحية يستطيعون الحياة باعتزالها قدر استطاعتهم، لكن ماذا عن المباحات المضيعة للواجبات، أو المكروهات الموصلة للموبقات، أو المحرمات التي قد تصير بريدا للكفريات..؟!
★ .بل ماذا عن إضاعة الأعمار في متابعة كل جديد مما ليس بجديد..؟! ثم ماذا عن (وسائل التواصل) التي صارت إحدى وسائل تقطيع الأواصر داخل البيت الواحد؟ حيث أصبح كل واحد فيه يعيش وحده عالمه( الافتراضي) الذي تمكنت فيه ماكينة الشبكة العنكبوتية من اصطياد جميع فرائسها من الذكور والإناث صغارا وكبارا ، لينزلوا ضيوفا شبه دائمين.. راضين أو كارهين؛ في أوهى البيوت ( وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) [ العنكبوت/41 ]
..لا أظن أن جيلا ممن سبق ؛ شهد ذلك التتابع المذهل لفتن السراء والضراء كما شهده جيلنا الستيني والسبعيني، فكان الله في عون أجيال ناشئة ، وأجيال ستنشأ..فعلى أي شئ ستنشأ.. ؟!
المسؤولية جسيمة.. والأخطار عظيمة..وقد حذر منها من وصفه ربه بأن (حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم) حيث قال عليه الصلاة والسلام: ( إنَّهُ لمْ يكنْ نَبِيٌّ قَبلي إِلاَّ كان حَقًّا عليهِ أنْ يَدُلَّ أُمَّتَهُ على ما يَعْلَمُهُ خيرًا لهُمْ ويُنْذِرَهُمْ ما يَعْلَمُهُ شَرًّا لهُمْ، وإِنَّ أُمَّتَكُمْ هذه جُعِلَتْ عَافِيَتُها في أولِها، وإِنَّ آخِرَهُمْ يُصِيبُهُمْ بَلاَءٌ وأُمُورٌ تُنْكِرُونَها، ثُمَّ تَجِيءُ فِتَنٌ يُرَقِّقُ بَعْضُها بَعْضًا ، فيقولُ المؤمنُ هذه مُهْلِكَتِي ، ثُمَّ تَنْكَشِفُ ثُمَّ تَجِيءُ فِتْنَةٌ فيقولُ المؤمنُ هذه مُهْلِكَتِي ، ثُمَّ تَنْكَشِفُ . فمَنْ سَرَّهُ أنْ يُزَحْزَحَ عَنِ النارِ ويُدْخَلَ الجنةَ فَلْتُدْرِكْهُ مَوْتَتُهُ وهوَ يُؤْمِنُ باللهِ واليومِ الآخِرِ ولْيَأْتِ إلى الناسِ الذي يحبُّ أنْ يَأْتُوا إليهِ ) رواه ابن ماجه، وصححه الألباني برقم (3210)
فاللهم نجنا من الفتن..ماظهر منها وما بطن

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق