تحية البابا فرانسيس بعيد الميلاد.. أ. د. زينب عبد العزيز أستاذة الحضارة الفرنسية |
ألقي البابا فرنسيس معايدته السنوية أمس (23/12/2020) بمناسبة "عيد الميلاد"، إلى المتحدثين باللغة الفرنسية قائلا: "ليحفظكم طفل بيت لحم في السعادة والآمال.. أيها الإخوة والأخوات، بمناسبة عيد الميلاد. لدي بعض التأملات لأهديها لكم: "إن البُعد العالمي لهذا العيد هو أنه حدث حاسم، شعلة خالدة أشعلها الرب في العالم.. تأملوا طيبة الرب الذي أتي للقائنا ليمنحنا الحقيقة التي تنقذ وتجعلنا مساهمون في صداقته وفي حياته.. فهناك مضاد للتشاؤم الناجم عن أزمة العالم الحالية. إننا نتلقى هذه الهبة من خلال بساطة وإنسانية عيد الميلاد اللتان يمكنهما نزع التشاؤم من قلوبنا ونفوسنا بسبب الجائحة.. ولمقاومة هذه الإحباطات علينا ألا نغرق فيها ونفكر في ذلك الطفل المتواضع الفقير، المخبأ بلا دفاع والذي هو الرب شخصيا وقد أصبح إنسانا من أجلنا. (أي إن الطفل يسوع هو ربنا شخصيا وقد أصبح إنسانا من أجلنا وبالتالي بعد ما "صُلب" كما يقولون عاد الي ربوبيته!). "وتوافقا مع المجمع الفاتيكاني الثاني، (ومجمع الفاتيكان الثاني هو الذي قرر سنة 1965 تنصير العالم) فإن كل إنسان معني بهذا الحدث ويمنحنا السعادة والشجاعة. فالرب لم ينظر إلينا من أعلي، ولم يمر بعيدا عنّا ولم يخرج من بؤسنا. ان غموض الحب والتجسد يهم تاريخ الإنسانية جمعاء. فعيد الميلاد هو عيد الحب المتجسد من أجلنا في يسوع. أنه نور البشر الذي ينير الظلمات ويعطي معني للوجود الإنساني عبر كل التاريخ.. ثم يواصل قائلا: "ولكي نتأمل هذا الغموض علينا أن نقف صامتين أمام مزْوَد المسيح لأن يسوع يشير لنا إلى طريق العطف لنتقارب، لنكون آدميين. عيد ميلاد سعيد". (وكأن غير المسيحيين غير آدميين)! وبعد أن قرأ مونسنيور چان لاندوزي هذه التهنئة، قام البابا بتحية المتحدثين باللغة الفرنسية، وذلك باللغة الإيطالية، داعيهم إلى "الفرحة والأمل". مضيفا: "تحية للمتحدثين بالفرنسية. وإليهم جميعا أتمنى لهم جميعا عيد ميلاد سعيد. ليحفظكم طفل بيت لحم في السعادة والأمل. ليحفظكم الرب". وبعد قراءة تحية البابا إلي المتحدثين بالفرنسية، قام قس آخر (لم يُذكر اسمه) بتلخيص خطاب البابا باللغة العربية، ثم قرأ تحية البابا للمتحدثين بالعربية قائلا: "سلام. سعادة. وحياة جديدة. أحيّي أتباع اللغة العربية. وأطلب من الرب أن يمنحكم عفوه لتعيشوا رسالة عيد الميلاد، التي هي رسالة سلام، وفرحة، وحياة جديدة. أتمنى للجميع عيد ميلاد سعيد". ولو قمنا بتحليل هذا الخطاب لأدركنا أن الخطاب موجه إلي المتحدثين باللغة الفرنسية وليس إلى الفرنسيين كشعب فرنسا كالمعتاد أو باسم رئيسها. وهو العرف المتبع. وعدم إتباع هذا التقليد الديبلوماسي يعني أحد أمرين: أن هناك مشكلة ما بين فرنسيس وماكرون، خاصة أن البابا الذي زار أبعد بلدان العالم لم يقم بزيارة فرنسا للآن. والإشارة الي مجمع الفاتيكاني الثاني الذي قرر تنصير العالم يؤكد هذا المعني دون الإشارة إليه، ويشجع أتباعه على مواصلة ما يقومون به من عمليات تنصيرية متعددة لتنصير العالم حاليا. ثم يؤكد أن هذا الطفل الذي يحتفلون بمولده "هو الرب شخصيا وقد أصبح إنسانا من أجلنا".. وأن غموض هذه المسألة تخص الإنسانية جمعاء، أي بما فيهم المسلمين.. ومن الواضح أنه فَعَل ذلك لكيلا ينكشف موقفه أمام المسلمين، على أنه اتّبع معهم نفس الحياد الشكلي وتوجيه المعايدة إلى المتحدثين اللغة الفرنسية واللغة العربية. وإن كان هذا الاختيار به مغالطة واضحة، وهي أن العديد من متحدثي الفرنسية ليسوا مسيحيين، ونفس الشيء بالنسبة للغة العربية، فالعديد من المتحدثين بالعربية ليسوا مسلمين. فهو في حقيقة الأمر تفادى مشكلة ذكر كلمة الإسلام أو المسلمين، كما كان يحدث سابقا، وإنما هو يواصل الموقف الذي تبناه منذ الوثيقة المشؤومة المسماة "الأخوّة الإنسانية" التي وقّعها العام الماضي في 17/2/2020 مع الإمام الأكبر وتفادي فيها ذكر الإسلام والمسلمين. لأن ذلك لا يتمشى مع قرار تنصير العالم الذي يمارسه بشراسة. أما المونسنيور چان لاندوزي، الذي قرأ خطاب البابا إلي المتحدثين بالفرنسية، فهو نفس الشخص الذي بدأ حياته بأمانه علمية، إذ كانت رسالة الدكتوراه التي تقدم بها للجامعة اللاهوتية بعنوان "هبة أرض فلسطين" (Le don de la Terre de Palestine)، وهي الرسالة التي أثبت فيها عدم أحقية الصهاينة في أرض فلسطين، بناءً على الوثائق الكنسية وما بها من أدلة قاطعة. ورغمها فقد قام مجمع الفاتيكان الثاني بتبرئة اليهود من دم المسيح، بعد أن ظلت الكنيسة تلعنهم لمدة ألفي عام تقريبا. وقد تناولت رسالته آنذاك في إحدى مقالاتي. وحينما يكون الوضع بهذا الوضوح لا يسعني إلا أن اكرر، رغم اليأس، ليتنا نفيق! زينب عبد العزيز 24 ديسمبر 2020 (العبارات التي تحتها خط من عندي). |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق