برنامج: تأمـــــلات
ماذا قال الجاحظ عن الشتاء؟ وكيف استعمل البخلاء المنطق في الدفاع عن البخل؟
فقد قال الجاحظ "الشتاء عند الناس هو الكلْب الكلِب، والعدو الحاضر، يُتأهّب له كما يُتأهّب للجيش، ويُستعدّ له كما يُستعدّ للحرق والغرق".
وقال الثعالبي "الشتاء عذاب وبلاء وعقاب ولَأْواء، يغلظ فيه الهواء ويستحجر له الماء، وتنحجر الفقراء. وما ظنّك بما يذوي الوجوه، ويعمش العينين، ويُسيل الأنوف، ويغيّر الألوان، ويُقشِّف الأبدان، ويميت كثيرا من الحيوان. فكم فيه من يوم أرضه كالقوارير اللامعة، وهواؤه كالزنابير اللاسعة، وليل يحول بين الكلب وهَريره، والأسد وزئيره، والطير وصفيره، والماء وخريره".
بخيل يترافع عن البخل
نقل إلينا الجاحظ "قلتُ: لرجل قد رضيتَ بأن يقال عبد اللّه بخيل؟ قال: لا أعدمني اللّه هذا الاسم.
قلت: وكيف؟ قال: لا يقال فلان بخيل إلا وهو ذو مال، فسلِّم إليّ المال، وادعني بأيّ اسم شئت.
قلت: ولا يقال أيضا فلان سخيّ، إلا وهو ذو مال، فقد جمع هذا الاسم الحمد والمال، واسم البخل يجمع المال والذم، فقد اخترتَ أخسَّهما وأوضعهما.
قال: وبينهما فرق. قلت: فهاته. قال: في قولهم بخيل تثبيت لإقامة المال في ملكه، وفي قولهم سخيّ إخبار عن خروج المال من ملكه. واسم البخيل اسم فيه حفظ وذمّ، واسم السخيّ اسم فيه تضييع وحمد. والمال زاهر، نافع، مُكرِم لأهله، معزّ، والحمد ريح وسخرية، واستماعك له ضعف وفُسولَة. وما أقلَّ غناء الحمد، واللّه، عنه، إذا جاع بطنه، وعَريَ جلده، وضاع عياله، وشمتَ به مَن كان يحسده".
وضمت حلقة "تأملات" فقرات متنوعة، منها: أصل الكلمة، وطرائف لغوية، وفرائد الأبيات، وقصة مثل، وفصيح العامة، وتأملات لغوية، ووقفات، كما عرّفت بعميد الأدب العربي طه حسين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق