جعلوا من الامة مضحكة العالم
حكام العرب الديكتاتوريين وعلى رأسهم ديكتاتور ترامب المفضل
الجوع وسياسة العصا والجزرة وخصوصا فى مصر
بقلم الخبير السياسى والإقتصادى
د.صلاح الدوبى
لو اشتمت كلاب السلطة الحاكمة من”ضباط الجيش والشرطة“التي تحمي الزعماء العرب بأن مواطناً ما ألمح بشكل غير مباشر إلى استيائه من رئيس الدولة، فإنها تلفق له على الفور تهماً ما أنزل الله بها من سلطان، كأن تتهمه مثلاً بجناية النيل من هيبة الحاكم أو الدولة، أو الإساءة للوطن وغير ذلك من الاتهامات السخيفة والتافهة التي لا تنطلي حتى على المعتوهين عقلياً.
وتكون العقوبة فلكية بكل المقاييس، إذا يقضي المسكين بقية حياته خلف القضبان. وحتى لو خرج من السجن سالماً بعد عشرات السنين فيقضي ما تبقى له من العمر منبوذاً. لماذا؟ لأنه تجرّأ على شخص الزعيم فقط بكلمة أو بكلمتين، أو لأنه كان حاضراً عندما انتقد أحدهم الحاكم ولم يدافع عنه. لاحظوا الفرق بين رد الأنبياء والرسل ورد الحكام العرب على منتقديهم. أيّهما أقدس بربكم البطلجية ومغتصبوا السلطة في بلادنا أم الرسل والأنبياء؟ وبالمناسبة فإن بعض القوانين العربية قد تسامحك إذا شتمت الذات الإلهية أو الأنبياء، وتنزلك إلى أسفل السافلين إذا تجرأت حتى على نشر خبر عن صحة الرئيس.
حكام العرب الطغاة الذين أعانتهم أمريكا على ظلم شعوبهم فلن يجدوا لهم غداً نصيراً بعد أن تعود سيدتهم أمريكا مهزومة باذان الله، ويومها سيجدون أنفسهم وجهاً لوجه مع شعوبهم المظلومة التي اضطهدوها وقهروها.
التجويع كسلاح رادع للهيمنة وإخضاع الشعوب
حين وضع عالم النفس الشهير أبراهام ماسلو، هرم الاحتياجات الأساسية للإنسان، خلال ورقته البحثية التي قدمها عام 1943، وضع في قاعدة الهرم الحاجات الفسيولوجية للإنسان كالطعام والشراب والمسكن، وجعلها سباقة على غيرها من الاحتياجات الأخرى كالأمن والمكانة الاجتماعية وخلافه، فالطعام والشراب هما جدار الإنسان الحامي من الموت، وهما القاعدة الأولى التي بنيت عليها كل العلوم الإنسانية التي وضعت الجوع وتهديد الأمن الغذائي على قائمة المخاطر التي يجب التصدي لها، لأنها إحدى الجرائم ضد الإنسانية، وما أقبح أن يتحول الطعام الذي هو بمثابة الحد الأدنى من ضرورات الحياة للإنسان إلى سلاح يُشهر في وجه صاحبه، يُخضعه تحت سلطة الابتزاز، ويقيده بسلاسل الخضوع والخنوع لخدمة أغراض وأجندات سياسية لأنظمة وحكومات مستبدة.
وبعيدًا عن أسباب تفشي هذا الجوع، سواء كانت سياسية أم اقتصادية أم أمنية، فإن ما يقرب من ثلث سكان المنطقة، أي 141 مليون شخص، عانوا خلال 2020 من انعدام الأمن الغذائي المعتدل أو الشديد، بزيادة قدرها 10 ملايين عن العام الذي سبقه، ووفق تلك المتوالية فشعوب المنطقة على أبواب كارثة محققة إن لم يتم تدارك الأمر، وعالميًا فتشير التقارير إلى معاناة نحو 811 مليون شخص من الجوع حول العالم، فيما يقبع أكثر من 41 مليون شخص على قوائم انتظار الموت جوعًا.
ما لم تستطع القوى الاستبدادية الدولية أن تحققه بسلاحها وعتادها وجبروتها يمكنها أن تحققه بكسرة خبز
الجوع وسياسة العصا والجزرة وخصوصا فى مصر
وبعيدًا عن شعارات الأخلاق والمبادئ التي ما باتت تنطلي إلا على السذج، فإن المصلحة العليا قبلة التوجهات، ولو كانت حياة الملايين هي الثمن، ومن هنا جاء مصطلح “العصا والجزرة” كمفهوم جامع مانع لكيفية استخدام سلاح الجوع لإخضاع الشعوب وترويض البلدان النامية، بحسب ما ذكرت الباحثة الفلسطينية في مقالها.
وعليه كان إغراق الدول المستهدفة في دوامة الديون والمجاعات الإستراتيجية الأبرز حضورًا على قائمة الخطط الاستعمارية الجديدة للدول الاستبدادية، وهو ما يمكن قراءته في سياسة الحصار التي تتبعها القوى الكبرى ضد بعض الدول بهدف التركيع، ولعل في المشهد الفلسطيني الدليل الأبرز على تلك الحالة الفجة.
وتحول الجوع إلى أداة ضغط تهدد استقلال الدول وقرارها السيادي، إذ تلجأ القوى الكبرى إلى ممارسة التهديدات والضغوط على بعض الدول الأخرى لضمان دعمها المطلق في المحافل الدولية، ولعل ما حدث في الجمعية العامة في 2017 أكبر دليل على ذلك، حين هددت أمريكا و”إسرائيل” بقطع المساعدات عن الدول التي ستصوت ضد قرار اعتبار القدس عاصمة لـ”إسرائيل”، ليتأكد بما لا يدع مجالا للشك أن المنح والمساعدات التي تقدمها تلك الدول لغيرها ليست إلا رشوة سياسية ذات مقابل وليست من قبيل إنساني كما يعزف إعلام وساسة تلك الدول.
إلغاء الدعم في مصر.. “القرار الخاطئ والدواء المرّ؟!
أن “الدّعم ضرورة وبند أساسي في موازنات الدول المتقدِّمة، بما فيها الأنظمة الرأسمالية، وهو حقّ لمن لا يعمل أو يمكنه دخله الشهري من العيش في مستوى آمن (الكفاف) طِبقا لمعايير كلّ دولة. أما في مصر، فإنني أستعير مقولة المفكّر الكبير العالِم د. جلال أمين “الدّعم في مصر هو عبارة عن رشْوة للفقراء تُساهم في الصمت على فساد الكِبار”؛ أن “الدعم لا يستفيد منه أصحابُه بقدْر استفادة الفاسِدين”.
“في غياب التنمية واستمرار سلطة الدولة الأبوية التي تُعاير المواطن بفقره وتقول له “أجيب لك منين” كما يصرح دائما عبد الفتاح السيسى شهبندر التجار، فإن هذا يعني بوضوح عدم وجود رؤية واضحة ولا تخطيط مستقبلي. فمصر بها موارد طبيعية وبشرية، لو أحسن استغلالهما صارت من الدول المتقدّمة.
اللافت للنظر أن الأنظمة الاستبدادية العربية استعانت بهذا السلاح الخطير “سلاح الجوع” لترسيخ حكمهم في بلدانهم وإخضاع شعوبهم، فمارسوا كل أنواع وصور التجويع، حتى وضعوا الملايين من أبناء وطنهم على حافة الهاوية، لاهثين خلف لقمة العيش، لا متسع أمامهم للتفكير فيما هو أعمق، وليس لديهم رفاهية الاختيار قبولًا ورفضًا.. وهو المطلوب إثباته.
لا يختلف الوضع كثيرًا
انتهاج التجويع كسياسة لكسر الإرادة وفرض الهيمنة، لم تغب عن المشهد المصري واللبناني وربما العراقي والسوداني كذلك، وهو ما يمكن قراءته في ضوء تعامل الأنظمة الحاكمة هناك مع ملف الغذاء والدعم المقدم للشعب، ولعل ما تترجمه الأرقام بشأن معدلات الفقر أبلغ دليل على تصدر تلك الإستراتيجية قائمة أدوات السلطة للسيطرة على شعوبها.
ففي الحالة المصرية بلغ معدل الفقر 29.7% في السنة المالية 2019-2020، أي أن هناك قرابة 30 مليون مواطن بالكاد يجدون لقمة العيش، هذا الرقم رغم انخفاضه عن الرقم الفعلي، كارثيًا، إذ يقدم صورة أولية عن كيفية أداء هذا العدد من الناس لحياتهم اليومية التي باتت محصورة في البحث عن لقمة العيش، فلا يهمهم حقوق سياسية أو اقتصادية، إسكات صوت الأمعاء التي تصدح جوعًا هو الهدف الأسمى.
وتتعامل السلطات مع الشعب بسياسة العصا والجزرة، تقليل مستمر للدعم ورفع للأسعار والزج بالملايين إلى أتون الفقر، مع تهديد وجبة محدودي الدخل اليومية عبر التلويح بالاقتراب من منظومة الخبز التي لم يجرؤ أي رئيس على المساس بها طيلة السنوات الماضية، كل هذا جعل الشعب أسير كسرة الخبز التي باتت تحتل أكثر من 20 ساعة من يومه، لمن يعمل في وظيفتين لضمان الحد الأدنى من الحياة.
والظلم دائماً يرتبط بالفساد ويقوى في ظل الاستبداد ولذلك نهب الفاسدون ثروات البلاد وتركوا العباد نهباً للجوع والفقر.
يتساءل البعض لماذا بلاد العرب متخلفة، والإجابة واضحة لأصحاب الألباب إنه الظلم والطغيان والاستبداد والفساد والقهر.
لقد ساد الظلم فزاد الفقر والتخلف والجهل والرشوة والأمية، وعلا الطواغيت وحكموا ففشلت التنمية وخاف الناس قسوة الظالمين فآثروا الفقر مع السلامة سياط الجلادين التي ألهبت ظهور العباد قللت قدرة الناس على التفكير والإبداع والابتكار والاختراع فتقدمت الأمم وتخلفنا، واغتنى الناس وافتقرنا.
والظلم سبب الهزائم التي لحقت بنا.. استأسد حكامنا علينا وكانوا في ميادين القتال كالنعامة.
الأعوان والخائفون وأعوان الظالم وجنوده يحملون على ظهورهم أوزار ظلمه فلولا عونهم ما تمكن الظالم من رقاب الناس أعوان الظالم يبيعون دينهم بدنياه.
أعوان الظالم مسؤولون عن ظلمه، يحملون على ظهورهم وزر هذا الظلم وإثمه، وفي العصر الحديث هناك الكثير من الإعلاميين والمطبلين والمثقفين الذين لوثوا أقلامهم بإثم الدفاع عن الظالمين، وتبرير ظلمهم، وخداع الناس وتضليلهم مقابل دنيا يصيبونها من يد الظالم أي بضع درهم قليلة، والدنيا تزول والدفاع عن الظالمين يظل عاراً على صاحبه، وإثماً على ظهر كاتبه.
الخائفون أيضا يتحملون وزر الظلم، فلولا سكوتهم وخوفهم ما تجرأ الظالم على حماهم واستباحة، واستبد بهم وقهرهم.. الذين لم يقولوا للظالم: لا، عندما سامهم الخسف أعانوا الظالم على ظلمه بصمتهم، كان الخوف على الدنيا هو سبب استسلامنا للظلم فزاد خوفنا خوفاً، وازداد ذلنا ذلاً.
يقول ابن الجوزي: الظلم يشتمل على معصيتين: أخذ مال الغير، ومبارزة الرب بالمخالفة، والمعصية فيه أشد من غيرها لأنه لا يقع غالباً إلا بالضعيف الذي لا يقدر على الانتصار، وإنما ينشأ الظلم عن ظلمة القلب.
الذين أظلمت قلوبهم يبارزون الله بالمعصية والله هو المنتقم الجبار اللهم حرر أقلامنا من الخوف حتى تكون سلاحاً للمظلومين، تدافع عن الحق، وتساهم في إقامة العدل فإنه أساس الملك والنهضة والتنمية والتقدم وخصوص في “البلدان النامية” دول العالم الثالث وفى القمة مصر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق