لا ربيع بعد اليوم!
هذا هو قرار القوى الصليبية المهيمنة على العالمين العربي والإسلامي، فهذه القوى لن تقبل بتكرار تجربة ثورات الربيع العربي ولا التجربة التركية اللتين هزتا أركان النظام الدولي وأفشلت الخطط الغربية لإعادة تشكيله من جديد بعدما انتهت فعالية المنظومة الدولية التي قامت على أنقاض الأمبراطوريات القديمة الخلافة العثمانية والنمساوية والقيصرية الروسية بعد الحرب العالمية الأولى.
فكل شعب من شعوب الأمة سيثور على نظامه ولو بشكل سلمي وهدد بقاء هذا النظام سيواجه تدخلا عسكريا مباشرا من القوى الصليبية، وهذا ما نشاهده هذه الأيام في كازاخستان من تدخل عسكري روسي مباشر لمواجهة الحراك الشعبي السلمي الرافض للاستبداد والفساد.
فبعد عقد من ثورات الربيع العربي وما مرت به الشعوب من تآمر دولي واختراق من القوى والجماعات الوظيفية لم يعد الربيع خيارا مسموحا به دوليا، فالقوى الصليبية أصبحت هو المتحكم المباشر بالمشهد السياسي في كل بلد عربي وعاد السفير الغربي سواء الأمريكي أو الأوربي ليمارس دور المندوب السامي الاستعماري بشكل مباشر في كل الملفات السياسية والإقتصادية حتى لا يتركوا أي فراغ سياسي أو مساحة تسمح للشعوب بالتحرك.
لتنكشف حقيقة الصراع جلية بين الأمة وأعدائها من القوى الصليبية التي لم تنس هذا العداء التاريخي معها منذ معركة مؤتة والحروب الصليبية إلى عصرنا هذا بينما فقدت الشعوب وقواها الثورية ذاكرتها التاريخية وبوصلتها العقائدية وجعلت النظام الدولي ومؤسساته المرجعية والضامن للحقوق والسلام، وقامت الأنظمة والجماعات والأحزاب الوظيفية بالترويج لهذه المرجعية الصليبية باسم الديموقراطية وحقوق الإنسان مغيبة تماما الحقيقة القرآنية والأصل العقائدي بالولاية الإيمانية لأهل الإسلام والنهي عن موالاة الكفار ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ ۘ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾، لينتهي بها الحال إلى أنها تستجدي الحرية والحقوق من هذه القوى الصليبية وتعدها الضامن للأمن والسلام في مشهد بائس لم تذهب فيه الحقوق فقط بل وذهبت معها الأرض والمقدسات كما في فلسطين التي تجلت فيها الهزيمة والإنكسار والتوظيف!
فهذا الزيف الفكري والسياسي الذي مورس بحق الأمة وشعوبها منذ سقوط الخلافة لم يعد يجدي مع انكشاف أمر هذه الأنظمة والجماعات الوظيفية وسدنتها، ولا بد يوما ستواجه فيه شعوب الأمة الحقائق على أرض الواقع كما هي بعيدا عن هذا الدجل الوظيفي وحينها ستدرك من عدوها الحقيقي وستواجهه وجها لوجه بعد عقود من الغيبة والوهم والتمني بتحصيل الحرية باسم الديموقراطية وحقوق الإنسان والقانون الدولي، وستعود أيام بدر واليمامة والقادسية واليرموك وحطين وعين جالوت وموهاكس وكوت العمارة وغاليبولي من جديد، حينها سيرى العالم الوجه الحقيقي للأمة وشعوبها وهذا ما يرعب القوى الصليبية فهم يرون ما رأى وليهم الشيطان من قبل في يوم بدر وهو يرى الملائكة نازلت نصرة للنبي ﷺ وأصحابه ﴿فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكُمْ إِنِّي أَرَىٰ مَا لَا تَرَوْنَ﴾.
فليس أمام الأمة وشعوبها إلا طريق ذات الشوكة فهذا قدرها منذ فجر الإسلام ﴿وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَن يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ﴾ فمن أخذ بهذا الطريق نصره الله، ومن تولى فسنن الله لا تحابي أحدا ﴿وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُم﴾.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق