الأربعاء، 25 يناير 2023

أعوذ بالله من الغرب ومناهجه

أعوذ بالله من الغرب ومناهجه

 بسم الله الرحمن الرحيم

لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم 




محمدجلال القصاص


في أحد حلقات #بودكاست_فنجان (#ثمانية) قدّم 

 الضيف (د. عبد الله السفياني) رؤية شديدة الانحياز لعلم الاجتماع الغربي، ويتضح ذلك من أمور، منها: أنه جعل الدين أحد ظواهر المجتمع، وهذا واضح في كلامه كله، وشديد الوضوح في دعوته لفرض موازنات، يقول: لابد من موازنات دينية، واجتماعية، وسياسية، فهو لا يفرق بين تديُّن الفرد (العبادات الفردية كالأذكار والفرائض والنوافل)، وتدين المجتمع (حركة المال، وحركة المعلومات/ الثقافة، وتفاعلات الأفراد مع بعضهم في المجال العام، والمجال الخاص)،  وتديّن السلطة (السياسة، أو إدارة المجتمع)، ولله أمر ونهي في كل هذا فالصحيح أن الدين منطلق وضابط لتفاعلات الجميع. الصحيح أن الدين حاضر في كل شيء. يقول الله تعالى: 

﴿قُلۡ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحۡيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ١٦٢ لَا شَرِيكَ لَهُۥۖ وَبِذَٰلِكَ أُمِرۡتُ وَأَنَا۠ أَوَّلُ ٱلۡمُسۡلِمِينَ ١٦٣ ﴾. 

وهذا الفصل من التأثر بخطاب الكافرين، والمنافقين: ﴿كَمَآ أَنزَلۡنَا عَلَى ٱلۡمُقۡتَسِمِينَ ٩٠ ٱلَّذِينَ جَعَلُواْ ٱلۡقُرۡءَانَ عِضِينَ٩١ فَوَرَبِّكَ لَنَسۡـَٔلَنَّهُمۡ أَجۡمَعِينَ٩٢ عَمَّا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ٩٣ فَٱصۡدَعۡ بِمَا تُؤۡمَرُ وَأَعۡرِضۡ عَنِ ٱلۡمُشۡرِكِينَ٩٤ إِنَّا كَفَيۡنَٰكَ ٱلۡمُسۡتَهۡزِءِينَ٩٥﴾

ومنها: ظهور الدعوة لتطوير الدين (الخطاب الديني) من أجل مواكبة ما حدث في المجتمع من تطورات. يقول: انتقل المجتمع نقلة كبيرة وعلى أصحاب المذاهب والأفكار أن يهرولوا خلفه ليدركوا ما حدث من تطورات.

وإن التطور، بدعوى تغير الزمان والمكان أو بدعوى أن لكل زمان ومكانٍ (بيئة) ما يناسبه من خطاب، هو الفكرة المحورية عند الكافرين والسمّاعين لهم. والتطور فكرة عارية تمامًا عن الصواب العقلي قبل النقلي. وذلك أن كل واقع جديد يمثل انتصارًا لفكرة عملت لسنوات عدة في العقول والقلوب ثم تحولت رويدًا رويدًا إلى واقع في حس أفراد ثم مجموعات ثم جاءتها قوة/ سلطة فحولتها لواقع، أو شكّلت هي قوة وفرضت نفسها واقعًا.

وحال سيادة فكرةٍ ما وتمكنها من الواقع.. وصياغتها لتفاعلات الناس (مدخلاتهم وعملياتهم ومن ثم مخرجاتهم) فإن أفكارًا أخرى تعمل في الزوايا البعيدة ضعيفة متخفية، ويومًا ما ستتحول إلى واقع. فكل سلطة نتاج معرفة وفي ذات الوقت مدعومة بمعرفة. وكل سلطة تحتها معرفة تقاومها وتسعى للتمكن من واقع الناس وإعادة صياغته وفقًا لرؤيتها للحياة الدنيا وما بعد الحياة الدنيا. وقد غير الله برسوله والذين آمنوا بالله واتبعوا محمدًا، صلى الله عليه وسلم، واقع العالم كله تغيرًا شاملًا؛ وكذلك تحول الغربيون من الفضيلة للرذيلة كلية حين تمكنت نخبة الشر من أسباب مادية. فالحديث عن حتميات الواقع يُصْغَى إليه في التفاصيل لا في السياقات الممتدة. وهذه الغطرسة في الطرح لا يفهم منها سوى خفة في التفكير وغفلة عن هذه الحقائق الساطعة.

ومنها: دعوته للفصل بين الدين والتدين. وفي القرآن الكريم جعل الله السخرية من المتدينين (القراء/ العلماء) سخرية من الدين ﴿وَلَئِن سَأَلۡتَهُمۡ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلۡعَبُۚ قُلۡ أَبِٱللَّهِ وَءَايَٰتِهِۦ وَرَسُولِهِۦ كُنتُمۡ تَسۡتَهۡزِءُونَ٦٥﴾. وأوضح الصور على هذه السخرية ما يحدث في المسلسلات والأفلام، فما يقدمه من اشتهروا بالخنا والرذيلة ليس نقدًا للمتدينين، وإنما كرهًا للدين وأهله.

ومنها: دعوته لتدريس العلوم الاجتماعية الغربية في المدارس، وهذا يعني تحول منهجي حاد. بهجر الدين كمصدر للقيم الاجتماعية وإحلال القيم الغربية (العلوم الاجتماعية) محله. بل وقراءة النص الديني من خلال القيم الغربية. ويسخر من تدخل الديني في التربية وعلم الاجتماع، ومن استخراج مفاهيم التربية والتفاعل الاجتماعي من التراث الإسلامي، وهذا عجيب. أنتعلم من نيتشه، وفرويد، ودوركايم، ونترك ما أنزل الله به جبريل على محمد، صلى الله عليه وسلم، وأحدث به أرقى نموذج في حياة البشرية؟؟!!

أيعقِل هؤلاء؟!!

ومنها: دعوته لهيمنة الاجتماع الغربي على العلوم الشرعية، ما يسميه: علم اجتماع الفقه. علم نفس الفقه!! وندائه على المبتعثين من أجل النهوض بهذه المهمة. ولا أدري أيهما حاكم على الآخر، فغاية ما يفعله المختصون في العلوم الطبيعية هو المساعدة في تحقيق المناط، وأما التوقيع عن رب العالمين فهو مهمة علماء الشريعة. وإن غيابهم من شأنه أن يشحذ الهمم لصناعتهم لا لاستبدالهم بمن تربوا على مناهج الكافرين. إن ضعف المتدين المعاصر يستدعي تقويته لا استدعاء الأعداء بديلًا. ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَقُولُواْ قَوۡلٗا سَدِيدٗا٧٠﴾

ومنها تأثره بالمدرسة السلوكية، وذلك في استدعائه لعمليات القياس للظواهر الاجتماعية (قياس التدين مثلًا). والمدرسة السلوكية ظهر محدوديتها في فهم وتحليل الظواهر الاجتماعية ولذا تراجعت بشكل كبير في تحليل الظواهر الاجتماعية والسلوكية. والسلوكية منهج أكثر منها أداة تحليل، وهذا ملحظ مهم. السلوكية مرتبطة بشكل كبير بالإلحاد الصلب.. الوضعية. فلينتبه المغرمون "بدقة" الأرقام.

وفي ادعائه أن الصحوة تتكئ على الخطاب الوعظي محدودية شديدة في الرؤية، وذلك أن الصحوة حاضرة في البعد السياسي، والاجتماعي بشقيه: الثقافي (المناظرة مع العلمانيين والمخالفين لها، والمدارس الإسلامية الخاصة، والحضانات، والكتاتيب/ المحاظر،،،)،  والفعلي (العمل الخيري من خلال الجمعيات)، وحاضرة في البعد الاقتصادي برؤية في إدارة المال وفتاوى تشتبك مع حركة المال،،،. والخطاب الوعظي الصادر من الصحوة خطاب تأصيلي وخطاب تغييري ويتضح ذلك من تبنيه للتعريف بأسماء الله وصفاته وأثر ذلك في سلوك الإنسان، وهو هو خطاب النبي، صلى الله عليه وسلم، وخاصة في مكة. وليس خطاب أصحاب الرويات المكذوبة في القرون الأولى، فالوعظ الحالي يعتمد على القرآن الكريم والصحيح من السنة النبوية. وعامة وعّاظ الصحوة من علماء التفسير والحديث أو دارسيه أو من الأكاديميين: (كالشيخ عائض القرني، والشيخ العريفي،،،). ربما ينطبق كلامه على بعض المتصوفة.

ألا إن هذه الإطلالة نذير شؤم، وأمارة على تمكن المناهج الغربية من عقول الجيل الجديد.

أعوذ بالله من الغرب ومناهجه. 

اللهم إني أسألك حبك، وحب من يحبك، وحب كل عملٍ يقربنا إلى حبك. لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين.

حلقة بودكاست فنجان

نقد الخطاب الديني



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق