"حربُ الجَبَّار"
د.جمال الباشا
(مَن عادى لي وليًّا، فقد آذنتُه بالحرب.. )
هذا جزءٌ من حديثٍ قدسيٍّ شريف أخرجه البخاريُّ في صحيحه، وهو حديث عظيم القدر عميقُ التأثير، يضخُّ في وجدان المؤمن جرعةً إيمانيةً ونفسيةً عالية غالية، تشدُّ من عزيمته، وترفعُ من همَّته، وتعينه على الثبات في أمره، حيث يشعُرُ أنَّ الله تعالى معه، يؤيده وينصرُه على من عاداه وآذاه، فإنَّ مَن كان الله تعالى معه لن يُبالي بشيء، ولن يُخيفَه أحد، وسيصغرُ في عينه ما يعظُمُ في عين غيره.
أما معنى "الولي" في الحديث؛ فهو كلُّ مؤمن أطاع الله واستقام على أمره مخلصًا في عبادته. قال سبحانه: (ألا إنَّ أولياء الله لا خوف عليهم ولاهم يحزنون * الذين آمنوا وكانوا يتقون).
فليست الولايةُ - كما يعتقدُ بعضُ الجهلة - وصفًا محصورًا في أفرادٍ صالحين ماتوا فأقام لهم الناسُ أضرحةً ومقاماتٍ ومشاهدَ يعظمونها ويقدسونها، بل كلُّ مؤمنٍ تقيٍّ هو لله وليّ !!
والحديث فيه تحذير ووعيد لكل من تُسوِّلُ له نفسُه أن يتعرَّض للمسلم الصالح بأي نوع من الأذى القولي أو الفعلي، بأنه سيُعرِّض نفسَه لحَربٍ من الله تعالى عليه.
والله سبحانه إذا حاربَ عبدًا أهلكه، فمن ذا يُطيق حربَ الله؟!
وإنَّ من صور هذه الحرب؛ الخذلان وقلة التوفيق، وحرمان الرزق، وذهاب البركة، وسوء الخُلق، وكثرة المشاكل، ونفور الخَلق، وسقوط الهيبة، وسواد الوجه، وضيق الصدر، ووحشة النفس، وسفاهة الرأي، وأمراض البدن في النفس والأهل والولد، واختلال العقل، وضعف البصيرة، والكسل عن الطاعة، وسلب الهداية، ومن ثمَّ سوء الخاتمة عياذا بالله.
اللهم اجعلنا سِلمًا لأوليائك، حربًا على أعدائك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق